فصلنامه مطالعات سیاست خارجی تهران
 

الإنتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2016م؛ مدخلٌ إلـى الإستراتيجية الحـكومة الأمريكية المقبلة في منطقة غرب آسيا

تدوین: رضاداد درویش

الملخّص

 السؤال المطروح في هذا المقال هو ما هي مكانة غرب آسيا في السياسة الخارجية الأميركية الجديدة، و ما هو برنامج الرئيس الأميركي الجديد و اتجاهه نحو غرب آسيا؟

للرد علی هذا السؤال يجب التركيز و التدقيق على برامج المرشحين الحزبية و مواقف و وجهات نظر هذين الحزبين الأساسيين في الولايات المتحدة الأميركية حول الأزمات و المسائل الأساسية في السياسة الخارجية الأميركية اتجاه غرب آسيا. إذ تبيّن النتائج أن مكانة غرب آسيا في استراتيجية أميركا حالة تراجع.

فأميركا لاتستطيع و لنتكون مستعدة أيضا لمتابعة السياسة التدخلية العسكرية في المنطقة علي نمط حكومة كلينتون و جورج دبليو بوش، بل تفضّل أن توازن بين القوى الفعالة في المنطقة للوصول إلى الأمان و الاستقرار في المنطقة.و هذا لا يعني خروج القوات الأميركية من المنطقة، بل هو انطلاق لتقليص حضور هذه القوات في المنطقة.

 

الكلمات الأساسية: السياسة الخارجية، غرب آسيا، أميركا

 

الولايات المتّحدة الأمريكية فيها خمسون ولايةً تدار شؤونها بواسطة حكومةٍ فدراليةٍ، لذا يتمّ تقاسم السلطة في هذا البلد بين الحكومة الفدرالية والحكومات المحلّية، والنظام السياسي رئاسيٌّ، وتشرف على البلد السلطات الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية، ولكلٍّ منها صلاحيّاتٌ معيّنةٌ حيث تزاول أعمالها باستقلالٍ عن بعضها على أساس نظرية الازدواجية التي تعني الفصل بين السلطات والرقابة والتوازن.1

 رئيس الجمهورية في هذا البلد يتولّى قيادة السلطة التنفيذية وهو مسؤولٌ عن شؤون السياسة الخارجية، حيث يُنتخب لهذا المنصب وفق نظام التنافس الحزبي بعد إحراز الأغلبية الساحقة من الأصوات بين سائر مرشّحي الحزبين الجمهوري والديمقراطي؛ فحسب الدستور الأمريكي يتمّ انتخابه في كلّ ولايةٍ بواسطة الشعب ولكن بشكلٍ غير مباشرٍ، حيث يتمّ تعيينه اعتماداً على نظام لجان الانتخابات الفدرالية.2 

 وكما هو معلومٌ فالانتخابات الرئاسية في الولايات المتّحدة تقام في إطار عمليةٍ معقّدةٍ ضمن فترةٍ زمنيةٍ تدوم سنتين وتكلّف الكثير من النفقات، حيث تجرى خلال مرحلتين وفي كلّ أربع سنواتٍ مرّةً واحدةً، ففي المرحلة الأولى تقام الانتخابات التمهيدية في كلّ ولايةٍ على حدةٍ ويتنافس فيها مرشّحو كلّ حزبٍ فيما بينهم ليتمّ انتخاب واحدٍ منهم كممثّلٍ عن حزبه في الانتخابات الرسمية العامّة ليخوض صراعاً انتخابياً مع منافسه من الحزب الآخر بهدف تولّي زمام رئاسة البلاد وإدارة شؤون البيت الأبيض. وأمّا المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية فتقام فيها المؤتمرات الحزبية الانتخابية التفضيلية لكلا الحزبين بشكلٍ مستقلٍّ، حيث يعلن فيها كلّ حزبٍ بشكلٍ رسميٍّ اسم مرشّحه لرئاسة الجمهورية واسم مساعده؛3 وفي الانتخابات الأخيرة أعلن الحزب الجمهوري دونالد ترامب رئيساً ومايك بينس مساعداً له، والحزب الديمقراطي أوكل الرئاسة لهيلاري كلنتون ومنصب المساعد إلى تيم كين.

 المرشّحون للانتخابات الرئاسية المنصرمة أعلنوا الخطوط العريضة لسياستهم الداخلية والخارجية، فالسياسة الداخلية ولا سيّما ما يرتبط منها بالاقتصاد، تحظى بأهمّيةٍ أكثر من السياسة الخارجية في الأوساط السياسية الأمريكية وخلال الانتخابات الرئاسية، لذا عادةً ما يبادر المرشّحان إلى بيان المعالم الرئيسية لبرامجهما المستقبلية على هذا الصعيد وغالباً ما يكون الخطاب المطروح متبايناً أو متضادّاً أحياناً، وهذا الأمر بطبيعة الحال ضروريٌّ وينعكس إيجابياً على واقع السياسة الأمريكية؛ إلا أنّ التباين في الآراء لا يعكس بالضرورة أولويات المرشّحين على صعيد سياستهما الخارجية بعد الإقامة في البيت الأبيض، وذلك لأنّ المسائل المتعلّقة بالأمن القومي والاقتصاد والمصالح الوطنية مرتبطةٌ مع بعضها ارتباطاً وثيقاً في المجتمع الأمريكي.

 الحكومة المنبثقة عن الانتخابات الأمريكية يمكن اعتبارها بمثابة شركةٍ عامّةٍ مساهمةٍ مترامية الأطراف ويمكن لكلّ فئةٍ أن تخصّص رأسمالاً حسب قابلياتها ومن ثمّ تلعب دوراً في تعيين مسؤولي السلطة التنفيذية وتحديد الخطوط العريضة للسياسة العامّة من بوّابة الكونغرس؛ فضلاً عن ذلك لا يمكن اعتبار هذه الانتخابات بأنّها استفتاءٌ وطنيٌّ، لأنّ انتخاب رئيس الجمهورية يتمّ عن طريق جمع مجمل الأصوات في خمسين ولايةً ومن ثمّ طرح نتائجها النهائية على أساس آراء أعضاء اللجان الانتخابية- المجمع الانتخابي4- الذين يبلغ عددهم 538 شخصاً على المستوى الفدرالي.

 من المؤكّد أنّ الحزبين الجمهوري والديمقراطي وسائر التكتّلات ذات النفوذ الواسع على الساحة الأمريكية، لها تأثيرٌ مشهودٌ على المنافسات الانتخابية وتوجيه أفكار الشعب وصياغة سلوكياته السياسية لأجل كسب أصواتٍ انتخابيةٍ أكثر للمرشح الذي تدعمه والذي هو بطبيعة الحال يعمل على تلبية أهدافها وتحقيق مصالحها.

 ولا شكّ في أنّ السياسة الداخلية للرئيس الأمريكي الذي يدخل البيت الأبيض والأصول التي يسير عليها في سياسته الخارجية الشخصية، لا يقتصر تأثيرها على الذين أدلوا بأصواتهم لصالحه أو للشعب الأمريكي حوده، وإنّما تنعكس نتائجها بنحوٍ أو بآخر على مصير سائر الشعوب في مختلف بلدان العالم.

الهدف من تدوين هذه المقالة بيان آثار السياسة الخارجية الأمريكية على ملفّات منطقة غرب آسيا والأزمات التي تعصف بها على ضوء البرامج السياسية لمرشّحي الحزبين، وقد تمحور البحث بشكلٍ أساسيٍّ حول الإجابة عن الأسئلة التالية:

1) ما مدى أهمّية منطقة غرب آسيا في السياسة الخارجية الأمريكية؟ وما هي مكانتها بالنسبة إلى الأمريكان؟

2) ما هي البرامج المستقبلية والأهداف والأولويات للسياسة الخارجية الأمريكية في منطقة غرب آسيا برؤية كلّ واحدٍ من مرشّحي الانتخابات الرئاسية؟

3) ما هي البرامج التي وضعها المرشّحان والسياسات التي سيتّبعانها بهدف وضع حلولٍ للقضايا العالقة في منطقة غرب آسيا؟ وما هو الأسلوب الذي سيعتمدان عليه لتنفيذها؟

 وللإجابة عن الأسئلة المذكورة أعلاه، تطرّق الباحث إلى دراسة وتحليل خلفية السياسة الخارجية الأمريكية في منطقة غرب آسيا بشكلٍ عامٍّ، وسلّط الضوء على البرامج السياسية للحزبين الجمهوري والديمقراطي، ووضّح الأهداف والأولويات والتوجّهات الإعلامية لمرشّحيهما إبّان حملتيهما الانتخابية، وكذلك بيّن مواقفهما الحزبية بالنسبة إلى هذه المنطقة الحسّاسة في العالم؛ وفي ختام البحث ذكر النتيجة النهائية لما توصّل إليه.

 

أوّلاً: مكانة منطقة غرب آسيا في السياسة الخارجية الأمريكية

 الأصول الأساسية للسياسة الخارجية الأمريكية يتمّ التخطيط لها وتنفيذها حسب مقتضيات الأمن القومي والمصالح الوطنية والقيم الأمريكية، والساسة الأمريكان بدورهم يعتبرونها ذات صبغةٍ عالميةٍ، ومن هذا المنطلق فهم يدّعون أنّهم يحملون رسالةً عالميةً هدفها إقرار الأمن وتنظيم شؤونه في شتّى أنحاء العالم؛ وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ أهمّ مرتكزٍ للأمن القومي الأمريكي يتمثّل في السيطرة المباشرة على العالم ولا سيّما على الصعيد العسكري،5 لذلك نجد أنّ الشعار الذي يرفعه مرشّحا الحزبين عادةً ما يكون واحداً ألا وهو إعادة عظمة أمريكا وتقوية شوكتها.6 وحسب الثوابت السياسية الأمريكية فالقوّات العسكرية هي التي تتولّى مهمّة تمهيد الأرضية اللازمة لتحقّق الأمن القومي لدى مواجهة سائر البلدان، وذلك بما لديها من إمكانياتٍ تسليحيةٍ ضخمةٍ وبالأخصّ في مجال التجهيزات البحرية.

 المصالح الوطنية الأمريكية هي في الحقيقة حصيلةٌ للارتباط الوطيد بين السياسة والاقتصاد في داخل الولايات المتّحدة وخارجها، وساسة البيت الأبيض يدّعون أنّهم يحملون على كاهلهم رسالةً عالميةً تدعو إلى الحرّية والانفتاح الاجتماعي والاقتصاد الحرّ والديمقراطية وحقوق الإنسان حسب القيم والمبادئ الأمريكية، وهم في هذا الصدد يحاولون بشتّى الوسائل ترويجها في شتّى البلدان، أو بالأحرى فرضها بالقهر والإجبار؛ لذا نلاحظ أنّ تغيير رؤساء الجمهورية لا يؤثّر كثيراً على واقع السياسة الخارجية في هذا البلد، وفيما لو حدث تعارضٌ بين المصالح الوطنية للأمريكان وأمنهم القومي مع القيم المشار إليها في أيّة بقعةٍ من العالم، فالأولوية دائماً تكون للأمن والمصالح الأمريكية.

 أحد الباحثين الأمريكان من المختصّين بالسياسة ونظام الحكم في الولايات المتّحدة، كتب حول هذا الموضوع ما يلي: «الأمريكان يتبنّون نزعةً ديمقراطيةً، ولكنّ نزعتهم هذه تشوبها صبغةٌ راديكاليةٌ، إذ يمكن وصفهم بأنّهم ثوريون يعارضون الثورات!».7 هذا الكلام يعني أنّ الأمريكان ليس دائماً يحبّون لغيرهم ما يحبّون لأنفسهم.

 وحسب الدستور الأمريكي فإنّ رئيس الجمهورية هو الذي يتولّى تعيين الخطوط العريضة للسياسة الخارجية، ولكن مع ذلك: «إلى جانب السلطة التنفيذية، هناك العديد من المؤسّسات الأخرى التي لها دخلٌ في صياغة مبادئ السياسة الخارجية وتدوين مقرّراتها وحتّى تنفيذها، ولا سيّما الكونغرس والولايات الخمسون».8 وهذا الدور يبلغ الذروة حينما تكون الأغلبية الساحقة في الكونغرس للحزب المنافس، ففي هذه الحالة يتاح لأعضاء هذا المجلس بأن يضيّقوا نطاق السياسة الخارجية التي يشرف عليها رئيس الجمهورية، بل وبإمكانهم تعطيلها بالكامل؛ كما أنّ الولايات الخمسين لديها صلاحياتٌ في تعيين معالم السياسة الخارجية والتدخّل في بعض ملفّاتها ومن ثمّ التأثير على مواقف السلطة التنفيذية وبالأخصّ فيما يتعلّق بالحظر، وذلك حسب سطوة كلّ واحدةٍ منها وقدرتها الاقتصادية. إضافةً إلى المؤسّسات الداخلية والمصالح والأهداف الأمريكية وطريقة التعامل، هناك لاعبون دوليون لهم تأثيرٌ على توجّهات السياسة الخارجية الأمريكية من حيث الأهداف والأولويات والوسائل التنفيذية؛ وبناءً على هذا فإنّ أكبر تحدٍّ يواجهه رئيس البلاد يكمن في التنسيق بين مختلف هذه العوامل التي لها تأثيرٌ على واقع السياسة الخارجية وكيفية تطبيقها بشكلٍ منسجمٍ في الساحة الدولية.

 عشيّة انتهاء الحرب العالمية الثانية، قرّرت الولايات المتّحدة الأمريكية أن تجعل على رأس أولوياتها ثلاث مناطق حسّاسة في العالم، وهي بالترتيب قارّة أوروبا والشرق الأقصى وغرب آسيا، وإبّان الحرب الباردة كان للقوّات الأمريكية تواجدٌ كبيرٌ في الخليج الفارسي وسائر الممرّات المائية الاستراتيجية المرتبطة به؛ وحسب التوجّهات الأمريكية فالاستقرار والأمن في منطقة غرب آسيا إنّما يتحقّق في ظلّ توازن القوى بين إيران والعراق، ومن هذا المنطلق كانت بعض البوارج الحربية الأمريكية تستقرّ في المنطقة لمدّةٍ من الزمن حسب مقتضيات الضرورة ومستقبل الاستراتيجية التي تتبنّاها واشنطن، وبعد ذلك تتركها لتتّجه نحو منطقةٍ أخرى.

 بعد انتهاء الحرب الباردة وزوال نظام القطبين، حدثت تغييراتٌ جذريةٌ في النظام العالمي وكذلك سرت هذه التغييرات إلى أروقة السياسة الخارجية الأمريكية وأثّرت على أولوياتها الإقليمية، فمنذ عام 1980م أغلقت العديد من القواعد العسكرية الأمريكية قارّة أوروبا وبلدان منطقة الشرق الأقصى لتحلّ محلّها قواعد جديدة في منطقة غرب آسيا؛ لذا نشاهد في عصرنا الراهن وجود الكثير من القواعد البرّية والجوّية والبحرية في معظم البلدان المحاذية للخليج الفارسي وسائر المناطق القريبة منها، وإلى جانب هذا التواجد العسكري فإنّ واشنطن تتبّع سياساتٍ تتقوّم على فرض حظرٍ وضغوطٍ سياسيةٍ وتعتمد على العنف في إقرار الديمقراطية في شتّى أرجاء العالم، كما أنّها تسعى إلى تغيير خارطة منطقة غرب آسيا.

 السياسة الخارجية الأمريكية في غرب آسيا ليست مستقرّةً وحتّى إنّها تكون متضادّةً أحياناً مع المبادئ والقيم التي يدّعيها المسؤولون الأمريكان، لأنّها متقوّمةٌ بشكلٍ أساسيٍّ على المصالح التي تروم واشنطن تحقيقها؛9 وهناك أمرٌ آخر له تأثيرٌ مشهودٌ عليها وهو يتجلّى في الخصائص الشخصية لمن يتولّى منصب رئاسة الجمهورية، فهذا الأمر له تأثيرٌ على مسألة استعراض القدرة العسكرية الأمريكية في مجال وضع أُسس السياسة الخارجية والعمل على تطبيقها بنجاحٍ.

 إذن، أهمّ محورين في السياسة الخارجية الأمريكية بالنسبة إلى منطقة غرب آسيا هما المصالح الوطنية وقرارات رئيس الجمهورية، وهي بطبيعة الحال تتعارض مع طموحات شعوب المنطقة.

 بعد فشل السياسة الخارجية التي اتّبعها الرئيسان بيل كلنتون وجورج بوش الابن في منطقة الشرق الأوسط والعواقب الوخيمة التي ترتّبت على ذلك والتي أثقلت كاهل الاقتصاد الأمريكي، بادر الرئيس اللاحق باراك أوباما إلى إجراء تغييراتٍ شاملةٍ في السياسة الداخلية والخارجية بالاعتماد على الأسلوب الدبلوماسي والحوار مع الأعداء، ومواجهة الإرهاب بأساليب غير عسكرية، وترويج الأصول الديمقراطية بدلاً عن فرضها على الشعوب بالإجبار. وضمن حملته الانتخابية في عام 2008م قطع للشعب الأمريكي وعوداً بسحب القوّات العسكرية الأمريكية من أفغانستان والعراق، وهذا الأمر يعدّ أهمّ دعايةٍ انتخابيةٍ له، وقد بادر إلى تنفيذ وعوده هذه بشكلٍ تدريجيٍّ منذ عام 2011م، أضف إلى ذلك فقد حدثت في فترة حكمه تغييراتٌ استراتيجيةٌ هامّةٌ على صعيد السياسة الخارجية في المنطقة وسائر بقاع العالم، حيث تضاءلت حاجة واشنطن إلى مصادر الطاقة في المنطقة وغادر الكثير من الجنود الأمريكان أفغانستان والعراق، كذلك حدث اتّفاقٌ نوويٌّ بين إيران والبلدان الستّة، وتمّ احتواء الصحوة الإسلامية فتزعزع الاستقرار في بلدان المنطقة واندلعت حروبٌ داخليةٌ فيها، ومن ثمّ وضع برامج سياسية جديدة لإعادة التوازن أو ما يسمّى بالعودة إلى آسيا؛10 وهذه الأمور بأسرها تدلّ على أنّ أهمّية هذه المنطقة قد تضاءلت بالنسبة إلى السياسة الخارجية الأمريكية إبّان العقدين الماضيين ليصبح عليه الحال كما كان عليه في فترة الحرب الباردة، وهذا الأمر بطبيعة الحال لا يعني أنّ الولايات المتّحدة الأمريكية ستقلّص من تواجدها العسكري في الخليج الفارسي، وكذلك لا يدلّ على أنّها ستغادر المنطقة.11 ومن جملة التحوّلات الأخرى التي شهدتها المنطقة، ظهور الصين كقوّةٍ اقتصاديةٍ عظمى تنافس الولايات المتّحدة على صعيد الاقتصاد العالمي، وكذلك انتهجت روسيا مسيراً جيوسياسياً جديداً في شرق أوروبا؛ وهذه الأمور كان لها تأثيرٌ ملحوظٌ على التوجّهات الحالية للبيت الأبيض.

 يعتقد بعض الخبراء وكذلك عددٌ كبيرٌ من مسؤولي بلدان المنطقة أنّ التغييرات الاستراتيجية التي طرأت على السياسة الخارجية الأمريكية لا تعني التقليل من أهمّية منطقة الشرق الأوسط بالنسبة إلى واشنطن أو تغيير مكانتها في الأولويات الأمريكية، فهي اليوم تعتبر مادّةً دسمةً ومحوراً أساسياً في الدعايات الانتخابية لمرشّحي الرئاسة في هذا البلد؛ ولكنّ المجال لا يسعنا هنا لتسليط الضوء على هذا الموضوع بشكلٍ مفصّلٍ،12 لذا سوف نستعيض عن ذلك ببيان مكانة المنطقة في الوثائق الحزبية والمواقف التي يتّخذها المرشّحون على هذا الصعيد.

 

- مكانة منطقة غرب آسيا في الحملات الانتخابية

 من المؤكّد أنّ منطقة غرب آسيا تعتبر محوراً أساسياً في الدعايات الانتخابية لمرشّحي منصب الرئاسة الأمريكية، فكلّ واحدٍ منهما قد انتقد النهج الذي اتّبعه باراك أوباما في هذا المجال، وعلى الرغم من أنّ السيّدة هيلاري كلنتون تعتبر شريكةً حزبيةً لأوباما وكانت واحدةً من الطاقم الحكومي في السنوات الأربعة الأولى من حكمه، لكنّها اتّبعت أسلوباً ذكياً للغاية لتنأى بنفسها بعيداً هذه السياسات التي لا ترتضيها حول مختلف الملفّات في المنطقة،13 وتوجّهاتها على خلاف توجّهات جورج بوش الابن الذي تدخّل عسكرياً بشكلٍ مباشرٍ في شؤون المنطقة، حيث تدعو إلى بسط نفوذ واشنطن فيها بأسلوبٍ ذكيٍّ ومرنٍ، ومقارنةً مع أوباما فهي تدعو إلى التعاون العسكري الحثيث مع الحلفاء التقلييدين للولايات المتّحدة الأمريكية في المنطقة. وأمّا دونالد ترامب فهو ينتهج سياسةً متباينةً معها، فقد أكّد على أنّ تأزّم أوضاع المنطقة يعدّ نتيجةً للسياسات الخاطئة التي انتهجها أوباما وجورج بوش الابن، وكذلك هو نتيجةٌ للتدخّل المباشر أو غير المباشر من قبل السيّدة كلنتون.

 منطقة غرب آسيا في الوقت الراهن تعاني من أزماتٍ وتحدّياتٍ عديدةٍ، وبإمكاننا الاطّلاع على بعض المشاريع المستقبلية والأهداف الأمريكية في هذه المنطقة فيما لو تأمّلنا بطبيعة التوجّهات السياسية التي يتبنّاها قادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي ونوع مواقفهم بالنسبة إلى مختلف الأزمات التي تعصف بالمنطقة؛ وهذه الأمور بمجملها تعدّ معياراً مناسباً لبيان مدى أهمّية هذه المنطقة ومكانتها في السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي المقبل.

 والجدول التالي يوضّح مواقف المرشّحين دونالد ترامب وهيلاري كلنتون بالنسبة إلى شتّى القضايا المرتبطة بالسياسة الخارجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط:14 

 

البرامج السياسية والمواقف

کلنتون (الحزب الديمقراطي)

ترامب (الحزب الجمهوري)

قيادة أمريكا للعالم

لوّحت إلى هذا الأمر

أكّد على هذا الأمر

الحلفاء التقليديون

الدفاع عنهم ودعمهم

الدفاع عنهم ودعمهم 

الأزمة السورية

توحيد صفوف المعارضة المعتدلة وتأسيس حكومةٍ انتقاليةٍ وكذلك تنحية الرئيس بشار الأسد عن السلطة

إبقاء الرئيس السوري بشار الأسد ومن ثمّ إقالته وإقامة حكومةٍ انتقاليةٍ

تنظيم داعش

القضاء على هويته شبه الدولية، وقيادة الائتلاف الدولي ضدّه ورفع مستوى التعاون الاستخباري مع الحلفاء

القضاء عليه بالكامل، وتأسيس تحالفٍ شاملٍ ورفع مستوى التعاون مع الحلفاء في الحرب ضدّه

احتواء نشاطات الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنطقة

وجوب تحقّق هذا الأمر

وجوب تحقّق هذا الأمر

الاتّفاق النووي مع طهران

تنفيذه بحذافيره وعدم التسامح فيه

موضـوع ليـس إلـزامياً، والأفضـل إجراء مباحثاتٍ جديدةٍ حوله

سعـي الجمهـورية الإسـلامية الإيرانية لامتلاك سلاحٍ نوويٍّ

لم تعرب عن رأيها بوضوح

الجمهورية الإسلامية الإيرانية تسعى إلى الحصول عليه 

طهران والإرهاب

طهران تدعم الإرهاب

طهران تدعم الإرهاب

البرنامج الصاروخي الإيراني

لم تعرب عن رأيها بوضوحٍ

هذا البـرنامج يعـدّ تهديداً للأمن

حقوق الإنسان في الجمهورية الإسلامية

الجمهورية الإسلامية تنقض حقوق الإنسان

الجمهورية الإسلامية تنقض حقوق الإنسان

الهجمات الإلكترونية من جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية

هناك تهديدٌ إلكترونيٌّ من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية

هناك تهديدٌ إلكترونيٌّ من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية

تنفيذ جميع الخيارات المحتملة في التعامل مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية

لا يمكن الاعتماد على الخيار العسكري إلا بعد أن تقوم بتصنيع سلاحٍ نوويٍّ

جميع الخيـارات المحتلمـة مطروحة على الطاولة

سبب عدم استقرار المنطقة

الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي السبب

الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي السبب

الطاقة الإلكترومغناطيسية

لم تعرب عن رأيها بوضوحٍ

هنــاك تهـديدٌ مـن جـانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية على هذا الصعيد

الخطر المحدق بإسرائيل

الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعدّ خطراً يهدّد أمن إسرائيل

الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعدّ خطراً يهدّد أمن إسرائيل

عملية السلام بين الفلسطينيين والصهاينة

لم يخطّط لها بشكلٍ مناسبٍ

لم يخطّط لها بشكلٍ مناسبٍ

 

 

 

 ولا شكّ في أنّ القضايا المشار إليها في هذا الجدول والتي ترتبط بالجمهورية الإسلامية الإيرانية والحلفاء التقليديين لواشنطن ولا سيّما إسرائيل، تدلّ على أهمّية منطقة غرب آسيا لدى قادة الحزبين الرئيسيين في الولايات المتّحدة الأمريكية والمنظّرين لاستراتيجية البيت الأبيض، فضلاً عن ذلك فالديمقراطيون يعتقدون: «ضرورة وجود إسرائيل قويةٍ وآمنةٍ بالنسبة إلى الولايات المتّحدة الأمريكية، فهناك مصالح مشتركة ومبادئ مصيرية تربط الجانبين؛ لذا يجب وأن تبقى تل أبيب متفوّقةً عسكرياً في المنطقة ولا بدّ من التصدّي لكلّ إجراءٍ يُتّخذ ضدّها عبر تجريده عن أيّة صبغةٍ شرعيةٍ اعتماداً على قرارات منظّمة الأمم المتّحدة وكذلك من خلال اتّخاذ إجراءاتٍ خارجةٍ عن نطاقها».15

 في الرابع عشر من شهر كانون الأوّل / ديسمبر عام 2015 م استضافت مؤسّسة بروكينغز السيّدة هيلاري كلنتون التي أكّدت على أنّ العلاقات مع إسرائيل تعدّ واحدةً من الأهداف الاستراتيجية في برنامجها الرئاسي، وصرّحت قائلةً: «إنّ تعزيز الالتزامات الأمنية الأمريكية على صعيد تعزيز أمن إسرائيل لا يتحقّق إلا بواسطة الحفاظ على التفوّق العسكري الإسرائيلي في المنطقة».

 الجمهوريون بدورهم لوّحوا باعتراضهم على سياسة باراك أوباما بالنسبة إلى الملفّ الإسرائيلي، وأعلنوا ما يلي: «سياستنا الداعمة لإسرائيل يجب وأن تكون واضحةً وصريحةً على الدوام دون أن يكتنفها أيّ غموضٍ، فنحن نعتبر القدس عاصمةً دائمةً للدولة اليهودية الإسرائيلية ولا يمكن تقاسمها مع أيّ طرفٍ آخر، لذا نرغب بنقل السفارة الأمريكية إليها».16 ومرشّحهم لمنصب الرئاسة دونالد ترامب صرّح قائلاً: «أيّ برنامجٍ مشتركٍ بيننا وبين الفلسطينيين يجب وأن يشترط بقبول إسرائيل كدولةٍ يهوديةٍ عاصمتها القدس»، ولكنّه خالف النهج المتّبع من قبل أعضاء حزبه ووجّه نقداً لاذعاً للسعودية التي تعتبر حليفاً تقليدياً لواشنطن، ويمكن اعتبار موقفه هذا غير مسبوقٍ بين أعضاء الحزب الجمهوري، فهو يعتقد بأنّ: «السعودية تعتمد في وجودها على الولايات المتّحدة، وبالتالي تحمّلها نفقاتٍ طائلةً».17 وقد أكّد ترامب وفريقه الأمني على أنّ الحكومة الأمريكية ارتكبت أخطاءً استراتيجيةً فادحةً من جملتها الهجوم على العراق والانسحاب منه بسرعةٍ والتدخّل في ليبيا، فهذه الإجراءات لم تنصبّ في مصلحة الولايات المتّحدة الأمريكية، ناهيك عن أنّها تسبّبت في اتّساع رقعة الإرهاب في العالم. ويمكن القول بأنّ المسألة الأساسية في مواقف هذا الرجل هي عدم سيره على نهج السياسة الإعلامية التي اتّبعتها الحكومات السابقة بالنسبة إلى منطقة غرب آسيا في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، كما أنّه لا يؤيّد توجّهات السياسة الخارجية الأمريكية التي تنصّ على أنّ واشنطن مكلّفةٌ بترويج مبادئها في سائر البلدان وفرضها عليها بالإجبار؛ وهذه التوجّهات كانت محرّكاً أساسياً للحكومات الأمريكية السابقة تجاه المنطقة بعد أن وضعت الحرب الباردة أوزارها، ولكن رغم ذلك فالمواقف التي اتّبعها ترامب قد تجلّت بوضوحٍ في وثيقة البرنامج السياسي للحزب الجمهوري18 والذي دوّن حول بلدان منطقة غرب آسيا التي لها مشاكل سياسية مع واشنطن.

 

ثانياً: البرامج والأهداف للسياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة

 يمكن تلخيص أهمّ الأهداف الاستراتيجية العامّة التي تروم واشنطن تحقيقها على صعيد سياستها الخارجية، في النقاط التالية:

1) الإبقاء على سلطة الولايات المتّحدة وتفوّقها في شتّى أرجاء العالم.

2) التصدّي لمن يحاول التعدّي على قيادة واشنطن للعالم.

3) السيطرة على مصادر الطاقة والممرّات المائية في شتّى أنحاء العالم.

4) ترويج مبادئ العولمة وفق معايير أمريكية.

 وعلى ضوء الأصول التي ذكرت أعلاه، فأهمّ معالم السياسة الخارجية الأمريكية في منطقة غرب آسيا تتمحور حول تحقيق الأهداف التالية:

1) السيطرة على مصادر الطاقة في المنطقة وضمان نقل ثرواتها إلى الأسواق العالمية.

2) التصدّي لكلّ بلدٍ أو حركةٍ تعارض السياسة الأمريكية في المنطقة.

3) الحفاظ على أمن إسرائيل والعمل على تفوّقها عسكرياً.

 الوثائق الحزبية والمواقف الإعلامية التي يتّخذها مرشّحا الانتخابات الرئاسية على صعيد تمهيد الأرضية اللازمة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية، تفرض على الرئيس الأمريكي الجديد أخذ المسائل التالية بنظر الاعتبار:

 

* محاربة تنظيم داعش

 تنظيم داعش هو حركةٌ إرهابيةٌ متطرّفةٌ ظهرت للوجود بعد انعدام الاستقرار الذي عصف بالمنطقة إثر هجوم أمريكا على العراق، وبعد مرور أكثر من 13 عاماً على هذه الهجمة العسكرية التي لها ارتباطٌ مباشرٌ بظهور الدواعش، أكّد جميع المرشّحين على أنّ واشنطن قد ارتكبت خطئاً استراتيجياً تأريخياً، ونظراً لأهمّية هذا الموضوع فقد أصبح محوراً أساسياً للدعايات الانتخابية.

 زعماء الحزب الجمهوري ذكروا في وثيقة برنامجهم السياسي ما يلي: «يجب التعاون مع الحكومة العراقية بغية التصدّي للتطرّف، ولا بدّ من تأسيس تحالفٍ دوليٍّ ضدّ القاعدة وداعش»،19 وقد أكّدوا على هذا الأمر إلى حدٍّ كبيرٍ وطالبوا بدعمٍ وطنيٍّ ودوليٍّ لتحقيقه، لذلك أعربوا عن رغبتهم في مشاركة قوات البيشمركة الكردية إلى جانب القوّات الأمريكية في هذا المجال، كما أكّدوا على أنّ طرد الدواعش من المناطق التي يسيطرون عليها لا يعني هزيمتهم النهائية،20 ومن هذا المنطلق دعوا إلى العمل على اجتثاث الصبغة شبه الحكومية التي يتّصف بها هذا التنظيم.

 مواقف المرشّح الجمهوري دونالد ترامب بالنسبة إلى تنظيم داعش مختلفةٌ نوعاً ما عمّا يتبنّاه سائر أعضاء الحزب، فهو يعتقد بأنّ عدم استقرار منطقة غرب آسيا وظهور هذا التنظيم الإرهابي نتيجةٌ طبيعيةٌ للهجمة العسكرية الأمريكية على العراق،21 كما يعتبر هذا التنظيم وجميع أشكال التطرّف في العالم الإسلامي خطراً مباشراً يهدّد الولايات المتّحدة الأمريكية، حيث أكّد على ضلوع باراك أوباما وهيلاري كلنتون في ظهور داعش باعتبار أنّهما من المؤسّسين لهذه الحركة المتطرّفة، وقال إنّهما لم يدركا مدى خطورة هذه الخطوة الطائشة على بلدنا، ومن هذا المنطلق دعا إلى تغيير استراتيجية البيت الأبيض في هذا الصدد عبر اتّخاذ إجراءاتٍ سريعةٍ ومؤثّرةٍ ضدّ أعضاء تنظيم داعش. واقتراحه هذا متقوّمٌ على ضرورة إقحام القوّات الخاصّة الأمريكية في الحرب ضدّ الإرهاب بالتعاون مع الحلفاء في المنطقة إضافةً إلى روسيا، ووجوب وضع عقباتٍ أمام هجرة المسلمين إلى الولايات المتّحدة عبر تغيير المقرّرات الخاصّة بمنح تأشيرات الدخول وإعادة النظر في قوانين الهجرة، كما طالب بقصف الحقول النفطية التي يسيطر عليها تنظيم داعش في كلٍّ من سوريا والعراق.22 وقد عارض قرار فرض حظرٍ للطيران في النواحي الشمالية من سوريا وطالب بدلاً عن ذلك بإيجاد مناطق آمنة للنازحين السوريين تتكفّل البلدان العربية بنفقاتها، ففي هذه الحالة تتوقّف حملات الهجرة المتواصلة إلى الولايات المتّحدة والبلدان الغربية؛ وفي مقابلةٍ أجراها معه مراسل صحيفة نيويورك تايمز قال في هذا الصدد: «هدفي هو الحفاظ على أمن الولايات المتّحدة الأمريكية قبل كلّ شيءٍ».

 وأمّا مسؤولو لجنة الأمن الوطني في الحزب الديمقراطي فقد طالبوا بمكافحة تنظيمي داعش والقاعدة وسائر التيّارات المتطرّفة في المنطقة عن طريق التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضدّ داعش،23 وفي وثيقة البرنامج الحزبي أصدروا بياناً حول محاربة تنظيم داعش، جاء فيه: «يجب أن نهزم داعش والقاعدة وسائر التنظيمات المرتبطة بهما، كما ينبغي لنا الحيلولة دون تشكيل تنظيماتٍ أخرى على غرار داعش»، وأعلنوا بأنّ هذا الإجراء يقتضي الاعتماد على قوّات التحالف وسائر الحلفاء في المنطقة لأجل تدمير مقرّات هذا التنظيم في العراق وسوريا، كما أكّدوا على ضرورة تجفيف المصادر المالية والإنسانية للتنظيم في المنطقة والعراق، وطالبوا الكونغرس بتعديل القوانين التي تسوّغ لواشنطن استخدام القوّة العسكرية بهدف زيادة فاعليتها وتأثيرها؛ كما رفضوا برامج دونالد ترامب وبما فيها الحيلولة دون هجرة المسلمين إلى الولايات المتّحدة الأمريكية والاستخدام المفرط للقوّة العسكرية ضدّ داعش، معتبرين أنّ هذه الإجراءات تنصبّ بمصلحة هذا التنظيم الإرهابي.24 

 المرشّحة الديمقراطية السيّدة هيلاري كلنتون خلال حملتها الانتخابية وصفت القرار التي اتّخذ في مجلس السنا حول الهجمة العسكرية على العراق حينما كانت واحدةً من أعضائه بالقول: «صوتي في مجلس السنا لصالح القرار الخاصّ بالهجوم على العراق عام 2003م يمثّل موقفاً خاطئاً».25 

 وأمّا بالنسبة إلى برنامجها المقترح لمحاربة داعش فهو متقوّمٌ على ثلاثة أركانٍ أساسيةٍ، هي:

1) هزيمة تنظيم داعش عن طريق جهودٍ استخباريةٍ وغاراتٍ جوّيةٍ والاعتماد على القوّات الخاصّة الأمريكية إلى جانب قوّات البشمركة الكردية والقوى السنّية العراقية والحلفاء الأوروبيين والبلدان العربية المجاورة للعراق.

2) العمل على تجفيف المصادر المالّية والإنسانية لتنظيم داعش اعتماداً على حظرٍ دوليٍّ والحيلولة دون انضمام أتباع البلدان الجنوبية المحاذية للخليج الفارسي إليه.

3) العمل على تعزيز الأمن الوطني والحدودي في كلٍّ من سوريا والعراق للحيلولة دون انضمام أعضاءٍ جددٍ لتنظيم داعش.26 

 مؤيّدو هيلاري كلنتون من أعضاء مجلس الأمن القومي لأمريكا الجديدة اقترحوا على الرئيس الذي سينتخب أربع استراتيجياتٍ أساسيةٍ لمحاربة تنظيم داعش، كما يلي:

1) دعم القوى الوطنية المعتدلة في كلٍّ من سوريا والعراق وتزويدها بما تحتاج إليه في مواجهة داعش من استشاراتٍ عسكريةٍ من قبل الضبّاط الأمريكان على مستوى الفصائل المسلّحة وساحات القتال.

2) رفع مستوى النشاطات العسكرية والاستخبارية ضدّ قادة تنظيم داعش في المناطق التي تخضع لسيطرتهم ومنع الطائرات السورية والروسية من قصف هذه المناطق.

3) مطالبة بعض الدول المعنية في المنطقة كالسعودية وتركيا بإيفاء دورٍ أكثر فاعليةً للسيطرة على حدودها والتعاون مع روسيا وإيران في إقرار عملية السلام بسوريا.

4) دعم المؤسّسات الخدمية المحلّية وتقويتها إلى جانب تهميش دور المؤسّسات المتطرّفة، وإجراء محادثاتٍ بين مختلف الأطراف للحفاظ على وحدة الأراضي السورية والعراقية في إطار بنيةٍ سياسيةٍ شاملةٍ متعدّدة الأطراف.27 

 

* الاتّفاق النووي الشامل

 الاتّفاق النووي الشامل بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمجموعة السداسية هو أحد أهمّ المسائل التي دار النقاش حولها في الحملات الانتخابية للحزبين الجمهوري والديمقراطي ومرشّحيهما، فالجمهوريون اعتبروه لا ينصبّ في مصحلة الولايات المتّحدة ضمن إطار استراتيجيةٍ شاملةٍ لمواجهة انتشار أسلحة الدمار الشامل،28 لأنّه لا يوقف النشاطات النووية الإيرانية، وإنّما يقوّيها ويضفي عليها مشروعيةً؛ ناهيك عن أنّ إيران طوال 15 سنةً سوف لا تقيّد بأيّة قيودٍ تقلّص من نشاطاتها على هذا الصعيد، وهذا هو السبب الذي دعا باراك أوباما إلى عدم طرحه على مجلس السنا، وعلى هذا الأساس اعتبروه اتّفاقاً شخصياً بينه وبين حلفاء أمريكا الدوليين، لذا فهو لا يعتبر ملزماً للرئيس المقبل الذي سيخلف أوباما كما أنّه لم تتمّ المصادقة عليه من قبل ثلثي مجلس السنا.29 وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ دونالد ترامب له وجهات نظرٍ عديدةٍ حول هذا الموضوع وقد أعرب عنها في العديد من المناسبات، ومـمّا قاله في هذا المجال: «الهدف الأساسي والنهائي للولايات المتّحدة يجبّ وأن يتمثّل في القضاء على أطماع إيران النووية ... لا بدّ وأن يتوقّف البرنامج النووي الإيراني ... لا يحقّ لإيران صناعة سلاحٍ نوويٍّ، فهو سلاحٌ قد تستخدمه بنفسها أو تزوّد الإرهابيين به».30 كما اعتبره بأنّه أسوأ اتّفاقٍ في التأريخ وأعلن بشكلٍ صريحٍ عدم التزامه به مستقبلاً أو إجراء محادثاتٍ جديدةٍ مع طهران؛ ويرى بعض الخبراء في الشأن أنّ ترامب حينما يؤكّد على أنّ ملف إيران النووي يمكن التفاوض عليه، فهذا يعني تقارب وجهة نظره مع توجّهات أوباما حول إيران.31 

 وأمّا الديمقراطيون فيعتبرون الاتّفاق النووي إنجازاً هامّاً في سياستهم الخارجية، فهو برأيهم خطوةٌ استراتيجيةٌ تحول دون انتشار الأسلحة النووية في العالم، حيث قالوا: «سوف نواصل الجهود للتأكّد من عدم قدرة إيران على صنع سلاحٍ نوويٍّ».32 إضافةً إلى ذلك فهو برأي هيلاري كلنتون يعتبر مقدّمةً لتطبيع العلاقات بين واشنطن وطهران بعد قطيعةٍ دامت 36 عاماً، لذلك قالت: «يجب أن نعيش أياماً سعيدةً أكثر كي نسير نحو تطبيع العلاقات».33 

 

* الجمهورية الإسلامية الإيرانية

 ملفّ إيران بعد انتصار الثورة الإسلامية هو أحد المواضيع الساخنة التي تطرح للنقاش في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهذا الأمر قد تجلّى في انتخابات عام 2016م أكثر من أيّ وقتٍ آخر بسبب ما تمخّض عن الاتّفاق النووي من نتائج انعكست على الساحة الإيرانية والمنطقة بأسرها، وهذا الأمر حظي باهتمام الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين.

 في وثيقة برامج الحزب الجمهوري أُدرج ملفّ إيران إلى جانب أهمّ المواضيع في السياسة الأمريكية، ومنها: ترويج الديمقراطية، تعزيز قيادة الولايات المتّحدة للعالم، الدفاع عن حقوق الإنسان، إقرار الأمن والسلام، التصدّي للبلدان التي تصنّع أسلحة الدمار الشامل، التأكيد على الإجراءات الوقائية لمواجهة أيّ تهديدٍ عسكريٍّ أو إرهابيٍّ، الرقيّ بالقابليات اللازمة لمواجهة المخاطر الجديدة، مواجهة الإرهاب الإلكتروني والحروب غير المتعارفة، التصدّي للبلدان الداعمة للإرهاب.34 إضافةً إلى ما ذكر، فقد صرّح أعضاء هذا الحزب في إحدى مصادرهم الموثٌقة بما يلي: «إيران تمكّنت من جني مئات المليارات من الدولارات قبل الاتّفاق النووي الشامل، وهي تعمل على تطوير برنامجها النووي والصاروخي والأمواج الإلكترومغناطيسية، كما أنّها تدعم الإرهاب في المنطقة وتنقض حقوق الإنسان».35 

 والجدير بالذكر هنا أنّ مواقف المرشّح الجمهوري دونالد ترامب بالنسبة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تكن دائماً على نسقٍ واحدٍ، ومن جملة ما قاله في هذا المضمار: «إيران تريد التغلغل في السعودية، ولديها نشاطاتٌ في اليمن؛ والسعودية بدورها ستنهار دون دعم أمريكا، ولو أردنا إنقاذها فينبغي لنا التصدّي لإيران، ولكن كم سيدفع لنا السعوديون مقابل ذلك؟».36 ونستشفّ من مواقفه الحزبية وخطاباته التي ألقاها حول إيران أنّه لا يخفي العداء لها، حيث يسعى مع سائر أعضاء حزبه إلى تلقين الرأي العامّ بوجود ارتباطٍ بين إيران وأسلحة الدمار الشامل والإرهاب.

 وأمّا وثيقة برنامج الحزب الديمقراطي، فقد وصفت إيران كما يلي: لا بدّ من الحيلولة دون حصول إيران على أسلحة دمارٍ شاملٍ،37 إيران في مقدّمة البلدان الداعمة للإرهاب، وهي تسعى للقضاء على إسرائيل، وهي ضالعةٌ في جميع الصراعات الجارية في المنطقة، وسوف نحدّد من قدرتها في دعم حزب الله وحماس إلى أن نطمئنّ من امتلاك إسرائيل قدرةً كافيةً للدفاع عن نفسها، وسوف نتصدّى للقدرات الصاروخية الباليستية الإيرانية.38 

 وقد اعتبرت هيلاري كلنتون الحظر المفروض على الجمهورية الإسلامية بأنّه كان قاسياً ومدمّراً للاقتصاد الإيراني بحيث أرغم المسؤولين في هذا البلد للجلوس على طاولة المفاوضات، لذلك قيّمت مشاركة طهران في عملية السلام بشأن الأزمة السورية وعدم مقاطعتها لها بأنّها إيجابيةٌ، وفي الرابع عشر من شهر كانون الأوّل / ديسمبر عام 2015م أعلنت عن أهمّ معالم استراتيجيتها مقابل تنامي قدرة إيران كما نشرته مؤسّسة بروكينغز:

1) تعزيز الالتزامات الأمنية الأمريكية تجاه إسرائيل عن طريق الحفاظ على تفوّقها عسكرياً في المنطقة.

2) التأكيد مرّةً أخرى على الدور الحسّاس للخليج الفارسي بالنسبة إلى المصالح الأمريكية.

3) التصدّي للحركات المرتبطة بإيران ورفع مستوى التعاون مع تركيا وقطر لأجل قطع ارتباط هذه الحركات بطهران.

4) ممارسة ضغوطٍ على إيران بسبب نقضها لحقوق الإنسان ومواصلة برنامجها الصاروخي.

 الاختبارات الصاروخية الإيرانية برأي هيلاري كلنتون تعتبر استفزازاً ويراد منها تقييم ردّة فعل واشنطن ومعرفة موقفها الحازم تجاه هذه النشاطات، لذا طالبت بالردّ عليه بشتّى السبُل، أي أنّها سوّغت الخيار العسكري أيضاً عند الضرورة.

5) التعاون مع البلدان العربية لأجل اتّخاذ استراتيجيةٍ إقليميةٍ موحّدةٍ ضدّ إيران.39 

 هذه المواقف التي تبنّاها الحزب الديمقراطي تعكس المعالم الأساسية لسياسة هيلاري كلنتون فيما لو تمكّنت من تولّي زمام الأمور الرئاسية في البيت الأبيض، كما أنّها عودةٌ إلى فترة ما قبل الاتّفاق النووي واحتدام الأزمة من جديدٍ بين طهران وواشنطن.

 

* سوريا

 أحد أعضاء الحزب الجمهوري وصف الأحداث التي طرأت على الساحة العربية كما يلي: «الربيع العربي انحرف عن مسيرته إثر سوء تدبير حكومة باراك أوباما، فبشار الأسد قتل مئات الآلاف من السوريين وتسبّب بنزوح أعدادٍ كبيرةٍ منهم؛ وأوباما لم ينجح في تحقيق إجماعٍ دوليٍّ ضدّه الأمر الذي أذهب ماء وجه الولايات المتّحدة في المنطقة، لذا فإنّ حلفاءنا قلقون بشأن ما ستؤول إليه الأحداث مستقبلاً».40 بينما دونالد ترامب أكّد على أنّ محاربة داعش مقدّمةٌ على أيّ إجراءٍ عسكريٍّ ضدّ الرئيس السوري بشار الأسد.

 وجاء في وثيقة البرنامج الحزبي الديمقراطي ما يلي: «لو أردنا إقامة حكومتين شاملتين لكلّ الأطراف في العراق وسوريا، فلا بدّ لنا من ممارسة ضغوطٍ سياسيةٍ أكثر على القوى السياسية الداخلية في هذين البلدين لكي يتسنّى لنا إيجاد حكومتين تراعى في ظلّهما حقوق جميع المواطنين».41 

 وكما هو معروفٌ فهيلاري كلنتون ووزير الدفاع السابق في حكومة أوباما روبرت غيتس بالتعاون مع مدير الاستخبارات العامّة السي آي أي ديفيد بتريوس هم الذين بادروا إلى تسليح المجاميع المعارضة السورية التي توصف بأنّها معتدلة بهدف ضرب حكومة الرئيس بشار الأسد في الفترة الرئاسية ألاولى لحكومة أوباما، حيث وقّع بشكلٍ رسميٍّ على هذا المشروع بعد مرور عامٍ من المصادقة عليه لينزل حيّز التنفيذ بشكلٍ عمليٍّ، ويؤكّد الخبراء والمتابعون للشأن الأمريكي على أنّ: «هيلاري كلنتون تعتبر أكثر المرشّحين تحمّساً لاستخدام القوّة العسكرية، كما تؤيّد إقامة منطقة حظرٍ للطيران في سوريا».42 وأمّا مستشار هيلاري كلنتون في السياسة الخارجية جيرمي باش فقد صرّح في مقابلةٍ أجرتها معه صحيفة التلغراف: «لو أنّ السيّدة كلنتون تمكّنت من الفوز في الانتخابات الرئاسية فأوّل إجراءٍ سوف تتّخذه هو إعادة النظر في الاستراتيجية الأمريكية الحالية حول سوريا، فهي تعتبر نظام الأسد قد تسبّب في مقتل مئات الآلاف من المواطنين السوريين وبمن فيهم الأطفال، وأنّ نظامه ينقض حقوق الإنسان، حيث استخدم الأسلحة الكيمياوية ضدّهم؛ فضلاً عن ذلك فالسياسة الخارجية الأمريكية في عهد كلنتون سوف تتركّز بشكلٍ أساسيٍّ على الخيار العسكري».43 وفي السياق ذاته نشر باحثون وخبراء مؤيّدون لهيلاري كلنتون تقريراً استراتيجياً أشرفت عليه السيدة فلورنوي، وقد تضمّن أحد الخيارات الأساسية لوزارة الدفاع البنتاغون في رئاسة كلنتون المرتقبة، وعنوانه (هزيمة داعش). أكّد مدوّنو هذا التقرير أنّ الخطأ الاستراتيجي في الحرب التي يخوضها التحالف الدولي ضدّ داعش هو أنّ نشاطات هذا التحالف تركّزت بشكلٍ أساسيٍّ على المناطق الغربية في العراق والشرقية في سوريا فقط، في حين أنّ تحقيق هذا الهدف يقتضي تفعيل الجهود ضدّ داعش في المناطق الغربية من سوريا أيضاً، فتلك المنطقة تعدّ ساحة قتالٍ داخليٍّ بين قوّات الرئيس بشار الأسد والقوّات الموالية لواشنطن. إذن، الخطوة الأولى في محاربة داعش يجب وأن تعيّن نتيجة القتال في غربي سوريا ولا بدّ أيضاً من إشراك المجاميع المسلّحة في الهيكلية السياسية المقبلة لسوريا، ومن ثمّ يجب اتّخاذ إجراءاتٍ عسكريةٍ جوّيةٍ وبرّيةٍ لهزيمة داعش بالاعتماد على القوى المسلّحة المعتدلة في كلٍّ من العراق وسوريا على ضوء كسب دعمٍ من جانب أهمّ القوى الدولية في المنطقة مثل تركيا والسعودية وروسيا وإيران.44 

 

* حركات المقاومة

 جاء في وثيقة البرنامج الحزبي للجمهوريين ما يلي: «حزب الله يمتلك مئات الآلاف من الصواريخ، لذا لا بدّ من العمل على تهميشه كي ينال لبنان استقلاله مرّةً أخرى».45 وجاء في وثيقة البرنامج الحزبي للديمقراطيين ما يلي: «إيران هي السبب في زعزعة استقرار المنطقة، وهي تدعم الحركات الإرهابية مثل حزب الله وحماس».46 

 إذن، كلا مرشّحي الرئاسة الأمريكية يعارضان حركات المقاومة في لبنان وفلسطين، حيث يعتقدان بأنّ هذه الحركات تغذّي الأطفال منذ نعومة أظافرهم بالعنف ومناهضة اليهود، فالسيّدة كلنتون تعتبر حزبالله وسائر مجاميع المقاومة تهديداً جادّاً لكونها تتبنّى استراتيجية الحرب ضدّ إسرائيل، وهي مدعومةٌ من جانب إيران وسوريا.

 يرى هؤلاء بأنّ سوريا ليست فقط منطقةٌ استراتيجيةٌ لنشاطات حزب الله، وإنّما تعتبر عمقاً استراتيجياً له؛ وهذا الحزب في الحقيقة هو الذراع المقتدر والاستراتيجي لإيران وسوريا في التصدّي للنفوذ الإسرائيلي في المنطقة، لذا فالقضاء على حكومة الأسد في سوريا يعني وضع حدٍّ لهذا الخطر المحدق بإسرائيل.47 

 

* الحفاظ على أمن إسرائيل وتفوّقها في المنطقة

 أعضاء كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي دائماً ما يؤكّدون على الترابط العميق بين القيم والمصالح المشتركة الأمريكية الإسرائيلية، ولا يطرحون مشروع حلّ الدولتين في الأراضي الفلسطينية المحتلّة سوى بشكلٍ ضمنيٍّ، كما يعتبرون القدس عاصمةً لإسرائيل؛ ومع ذلك قال أحد الباحثين: «السلام بين فلسطين وإسرائيل لم يعُد موضوعاً مطروحاً في الحملات الانتخابية، بل إنّ الدفاع عن إسرائيل48 أصبح هو الموضوع الأساسي الذي يؤكّد عليه مرشّحو الانتخابات الرئاسية».49 

 وتمّ التأكيد في الوثيقة الحزبية للجمهوريين على ما يلي: «لا بدّ من العمل على تثبيت أمن إسرائيل وتفوّقها العسكري على سائر بلدان المنطقة».50 وأمّا الديمقراطيون فقد قالوا: «يجب أن تتمتّع إسرائيل بتفوّقٍ عسكريٍّ دائمٍ، ويجب تجريد كلّ إجراءٍ يتّخذ ضدّها من أيّة صبغةٍ شرعيةٍ بالاعتماد على قرارات منظّمة الأمم المتّحدة وسائر القرارات».51 

* دعم الحلفاء التقليديين

 من جملة الأمور التي يؤكّد عليها أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الوثيقتين الحزبيتين لكلٍّ منهما، ما يلي: «ضرورة مواصلة التعاون الأمني الحثيث مع البلدان المحاذية للخليج الفارسي، والعمل على إعادة تأهيل جيوش البلدان الحليفة للولايات المتّحدة الأمريكية، وتزويدها بالسلاح،52 وكذلك لا بدّ من العمل على تحقيق استقلالها في مجال الطاقة لأجل الحفاظ على حرّيتها وضمان مستقبلٍ زاهرٍ لها».53 وجاء في الوثيقتين أيضاً: «يجب دعم هذه البلدان والدفاع عنها قبال المخاطر المحدقة بها من ناحية إيران التي تعدّ سبباً أساسياً في زعزعة استقرار المنطقة».54 ورغم هذه المقرّرات الحزبية، إلا أنّ المرشّح الجمهوري دونالد ترامب انتقد في حملته الانتخابية حكومات البلدان المحاذية للخليج الفارسي معتبراً إيّاها سبباً لتحميل واشنطن نفقاتٍ إضافيةً، كما وافق رأي باراك أوباما باعتبار أنّ حكّام الرياض لا يمكنهم البقاء في السلطة دون دعم واشنطن لهم، وأنّهم يكلّفون الحكومة الأمريكية نفقاتٍ ماليةٍ طائلةً.55 وحسب اعتقاد المسؤولين الأمريكان في حكومة باراك أوباما فإنّ: «البلدان المحاذية للخليج الفارسي يجب أن تتولّى مهمّة الحفاظ على كيانها بأنفسها، ولا بدّ لها من العمل على إقرار الأمن في أراضيها وفي المنطقة. الولايات المتّحدة قد تكفّلت بهذه المهمّة في الوقت الراهن لكنّها غير مستعدّةٍ للتوقيع على اتّفاقياتٍ معها تناظر تلك الاتّفاقيات التي أُبرمت في منطقة شرق آسيا وبين أعضاء حلف شمال الأطلسي الناتو».56 هذا البرنامج السياسي الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي باراك أوباما وطاقمه الوزاري، أسفر عن حدوث سباقٍ تسليحيٍّ محمومٍ واستثماراتٍ لا سابق لها على الصعيد العسكري من البلدان المحاذية للخليج الفارسي، حيث خصّصت ما يتراوح بين 5 إلى 13 بالمئة من إجمالي ناتجها المحلي للقضايا العسكرية، في حين أنّ بلدان الشرق الأدنى لا تخصّص لهذا الأمر سوى 1 إلى 2,5 بالمئة من إجمالي ناتجها المحلي.57 

 بلدان الخليج الفارسي تطلب من الولايات المتّحدة الأمريكية بأن تساندها ضدّ الخطر المحدق بها من قبل إيران حسب ما يزعم مسؤولوها، في حين أنّ باراك أوباما يعتقد بأنّ الخطر الحقيقي الذي يهدّدها ذو منشأ داخلي وليس خارجياً.

 هذه التصريحات التي تضمّنتها وثيقتا برنامجي الحزبين لم تشر بشكلٍ مباشرٍ إلى السعودية وسائر إمارات الخليج الفارسي، والسبب في ذلك واضحٌ غاية الوضوح، فدولارات النفط السعودي تعتبر مصدراً أساسياً لتوفير نفقات الزمر المتطرفة التي ترتكب أعمالاً إرهابيةً وغير إنسانيةٍ، فهذه الزمر الإرهابية تسخّرها واشنطن لصالح سياستها الخارجية في العالم والمنطقة؛ أضف إلى ذلك لو أنّ القناع أُزيح عن وجه حكّام الرياض وشاهد الرأي العامّ الأمريكي والعالمي بأمّ عينيه هويتهم الشيطانية الحقيقية، سوف لا تجد واشنطن بعد ذلك وسيلةً بديلةً عن الزمر الإرهابية المدعومة من السعودية لتحقيق أهداف سياستها الخارجية.58 

 ومن جملة توجّهات دونالد ترامب على هذا الصعيد ما يلي: «اشترط دعم حلفاء الولايات المتّحدة الأمريكية في منطقة الخليج الفارسي بما يحقّق المصالح الأمريكية، كما طالبهم بأن يدفعوا نفقات هذا الدعم؛ ناهيك عن أنّه أكّد على عدم ضرورة اتّخاذ إجراءاتٍ عمليةٍ للإطاحة بالأنظمة الدكتاتورية التي لها القدرة على توفير الأمن والاستقرار لبلدانها ولا تلحق ضرراً بالمصالح الأمريكية».59 

 المرشّحة الديمقراطية هيلاري كلنتون ألقت كلمةً في العام الماضي بمؤسّسة بروكينغز، قالت فيها: «السعودية اليوم هي المصدر الأساسي لدعم التطرّف في العالم مالياً ولوجستياً».60 ورغم هذا التصريح الخطير الذي يفضح حكّام الرياض، إلا أنّها قالت: «السعودية تعدّ منطلقاً لمحاربة داعش والقاعدة، وهي المرتكز الأساسي في التصدّي للنشاطات الإيرانية المخرّبة في المنطقة، لذا يمكن الاعتماد عليها لإقرار الأمن والاستقرار في المنطقة، وعلى هذا الأساس بإمكان واشنطن إقناعها وإقناع سائر البلدان المحاذية للخليج الفارسي بأن تقدّم معوناتٍ ماليةً أكثر في ميدان الحرب ضدّ تنظيم داعش وتجفيف مصادره المالية.

 الولايات المتّحدة الأمريكية تدعم السعودية في حربها ضدّ اليمن، حيث تقدّم لها دعماً على صعيد التخطيط للهجمات الجوّية وتوفير المعلومات الاستخبارية؛ كما تدافع عنها في المنظّمات الدولية مثلما تدافع عن إسرائيل مهما كانت شدّة النقد الموجّه لسياساتها ومهما كانت طبيعة هذه السياسات ناهيك عن أنّها تعمل على إفشال كلّ قرارٍ يتّخذ ضدّها.

 وأكّد دونالد ترامب على أنّ جميع المغامرات السعودية المحمومة قد حظيت بدعمٍ من واشنطن، وبما في ذلك قمع المواطنين الشيعة في داخل البلاد، وقمع شيعة البحرين، والهجمة العسكرية ضدّ اليمن، ودعم المسلّحين المتطرّفين والإرهابيين في كلٍّ من سوريا والعراق.

 طرح ترامب هذه المعلومات الخطيرة في حملته الانتخابية، بينما السفير الأمريكي في الرياض طالب المسؤولين الأمريكان بشكلٍ صريحٍ بأن يصونوا سمعة الولايات المتّحدة الأمريكية من لوث المغامرات السعودية وأن لا ينفقوا الأموال لأجلها».61 ولكنّ المخطّطين للعمليات العسكرية والمسؤولين السياسيين الأمريكان، يعتبرون مغامرات نظام آل سعود كأنموذجٍ للاعتماد على القوّة العسكرية في السياسة الخارجية الأمريكية وميدان اختبارٍ لمدى كفاءتها، وهذا الأمر بطبيعة الحال لا يعني أنّ حكّام السعودية لا يسعون إلى تحقيق أهدافٍ مضمرةٍ من وراء نشاطاتهم العسكرية.62 

 

* أفغانستان و باكستان

 مرشّحا الانتخابات الرئاسية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لا يعيران للمسائل المتعلّقة بأفغانستان وباكستان أهميةً كبيرةً كما هو الحال لبعض المسائل الأخرى، وحسب رأي الجمهوريين: «الهدف من التواجد العسكري الأمريكي في أفغانستان هو إقرار الأمن، وكذلك يراد منه إيجاد أواصر تعاونٍ شاملٍ مع باكستان في مجال محاربة طالبان والإرهاب».63 هيلاري كلنتون التي كانت وزيرةً للخارجية في الفترة الرئاسية الأولى لباراك أوباما، صرّحت قائلةً: «أوباما كان يعارض سحب القوّات العسكرية الأمريكية من الأراضي الأفغانية».64 وأمّا مساعدها في الانتخابات الرئاسية تيم كين فقد قال في هذا الصدد: «لقد تمكّنت الولايات المتّحدة من تحقيق أهدافها في أفغانستان والتي تمثّلت في القضاء على تنظيم القاعدة، لذا ينبغي لها سحب قوّاتها في أسرع وقتٍ».65 

 والجدول التالي يوضّح نقاط الاشتراك والافتراق في وجهات النظر للحزبين ومرشّحيهما حول منطقة غرب آسيا:

 

تشابه وجهات النظر

الحفاظ على التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة

إقامة علاقاتٍ قويةٍ وفاعلةٍ مع بلدان مجلس التعاون في الخليج الفارسي

احتواء النفوذ الإيراني الروسي الصيني المتواصل

إيران تعتبر خطراً يهدّد بعض البلدان الجنوبية في الخليج الفارسي

الحفاظ على تفوّق إسرائيل عسكرياً والعمل على توفير الأمن لها

التدخّل العسكري ضدّ كلّ خطرٍ مباشرٍ يهدّد المصالح الأمريكية

بيع الأسلحة لبلدان المنطقة

هيلاري کلنتون

دونالد ترامب

العمل على ترويج الديمقراطية ودعمها

عدم إنفاق الأموال الأمريكية لأجل ترويج الديمقراطية

الدفاع عن البلدان التي تواجه الخطر الإيراني

يجب على بلدان المنطقة تحمّل نفقات الدفاع عنها

السعودية تعتبر لاعباً أساسياً في التصدّي لداعش

يجب إعادة النظر في المعاهدات التجارية

السعودية تعدّ كفّة توازنٍ مقابل إيران

السعودية مدينةٌ في بقائها للولايات المتّحدة الأمريكية

لا بدّ من إيجاد منطقة آمنةٍ في سوريا عن طريق حظر الطيران في أجوائها

اقتراحٌ ضمنيٌّ حول إيجاد منطقةٍ آمنةٍ في سوريا عن طريق حظر الطيران في أجوائها

الالتزام بتنفيذ مقرّرات الاتّفاق النووي المبرم مع إيران

إعادة النظر في الاتّفاق النووي المبرم مع إيران

لو لم يدفع الحلفاء نفقات الدفاع عنهم، فواشنطن هي التي تتحمّلها

يجب على البلدان العربية تأمين النفقات العسكرية الأمريكية في المنطقة، ولا سيّما على صعيد الأزمة السورية

إيران سببٌ لزعزعة استقرار المنطقة

 إيران سببٌ لزعزعة استقرار المنطقة / باراك أوباما وهيلاري كلنتون ضالعان في تأسيس تنظيم داعش

 

 

 

ثالثاً: أولويات السياسة الخارجية الأمريكية

 يمكن تلخيص المسائل التي لها الأولولية في السياسة الخارجية الأمريكية حسب ما ذكر في وثيقتي برامج الحزبين الجمهوري والديمقراطي ومواقف المرشّحين للرئاسة، بما يلي:

1) الحفاظ على زعامة واشنطن للعالم.

2) التصدّي للبلدان التي تثير تحدّياتٍ في العالم مثل الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران، والعمل على تغيير نهجها.

3) محاربة الإرهاب ورفع القابليات على صعيد مواجهة أيّة تهديداتٍ جديدةٍ.

4) الحيلولة دون انتشار أسلحة الدمار الشامل.

5) التصدّي لما من شأنه التقليل من مكانة أمريكا وقيمها الثابتة.

 وأمّا أولويات السياسة الخارجية الأمريكية على صعيد التقسيمات الجيوسياسية في العالم، فهي بالترتيب: الشرق الأقصى وأوروبا وغرب آسيا.

 هذه الأولويات في منطقة غرب آسيا تتقوّم على القضايا التالية:

1) العمل على إبقاء الزعامة الأمريكية في المنطقة.

2) التصدّي للذين يتسبّبون بإيجاد تحدّياتٍ لقيادة واشنطن سواءٌ كانوا تابعين لجهاتٍ رسميةٍ أو غير رسميةٍ.

3) استمرار العلاقات الاستراتيجية مع إسرائيل والحفاظ على تفوّقها عسكرياً وتطوّرها تقنياً.

4) الإشراف على مصادر الطاقة في المنطقة وعرضها في الأسواق العالمية.

5) التقليص من النفقات الأمريكية والتزاماتها تجاه البلدان العربية.

6) السعي الحثيث لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والبلدان الجنوبية في الخليج الفارسي.

رابعاً: الأساليب التنفيذية في السياسة الخارجية الأمريكية

 الساسة الأمريكان يؤكّدون على ضرورة اتّباع سياسةٍ أمنيةٍ منسجمةٍ ومؤثّرةٍ في داخل البلاد و خارجها بغية تحقيق الأولويات التي أُشير إليها أعلاه، وأهمّ المحاور التي يجب أن ترتكز عليها تتلخّص بما يلي:

1) تنمية الاقتصاد وتقوية الجيش الأمريكي عن طريق إيجاد تلاحمٍ بين الدبلوماسية والقابليات الاستخبارية والاقتصادية وطرح مبادئ وتوجّهاتٍ أمريكيةٍ تستقطب أنظار الآخرين.

2) النهوض بمستوى التحالف مع الناتو والهند وسائر الحلفاء، والعمل على إجراء تحسيناتٍ عليه.

3) الترويج لمبادئ الديمقراطية والقيم الأمريكية، وتقديم الدعم لها.

4) تحديث جيوش البلدان الحليفة.

5) الاعتماد بشكلٍ أساسيٍّ على العمليات العسكرية التي تقوم بها القوّات الخاصّة والطائرات المسيّرة، و رفع مستوى كفاءتها.

6) العمل على تحقيق استقلالٍ في مجال الطاقة لأجل الحفاظ على الحرّية وضمان مستقبل البلد.

 وكما ذكرنا آنفاً، فالقوى الوطنية والمحلية في منطقة غرب آسيا تصنّف في السياسة الخارجية الأمريكية إلى قوى صديقة وعدوّة، كما يلي:

1) إيران وسوريا وحركات المقاومة.

2 ) داعش والقاعدة وسائر التنظيمات التي تتفرّع عليها.

3 ) الحلفاء التقليديون والمجاميع المسلّحة المعتدلة.

 وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ محاربة تنظيم داعش سوف تطرح في أولويات السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي المقبل ضمن استراتيجيةٍ عالميةٍ شاملةٍ ذات جوانب عديدة، حيث تشمل إجراءاتٍ عسكريةً واستخباريةً ومشاريع سياسيةً لحلحلة الخلافات في كلٍّ من سوريا والعراق. ولو تمكّن دونالد ترامب من تولّي زمام الأمور في البيت الأبيض وأصبح صاحب القرار على صعيد السياسة الخارجية الأمريكية، سوف يمنح الأولوية للتدخّل العسكري والاستخباري في العراق وسوريا بالتعاون مع الجهات التي لها دورٌ مباشرٌ في الأزمة التي تعصف بهذين البلدين في إطار عمليةٍ سياسيةٍ بغية إيجاد حكومتين تعدّديتين في كلٍّ من دمشق وبغداد؛ وفي غير هذه الحالة فإنّ المرشّحة الديمقراطية هيلاري كلنتون ستمنح الأولوية للحلّ السياسي وترجّحه على الحلّ العسكري في مواجهة تنظيم داعش، أي أنّ الاستراتيجية الأمريكية على الساحتين العراقية والسورية في عهدها ستتركّز بشكلٍ أساسيٍّ على النشاط السياسي، لأنّها تعارض ترامب في وجهات النظر، حيث تعتبر واشنطن ملزمةً بالدفاع عن حلفائها في المنطقة وتزعم أنّ الرئيس السوري بشار الأسد قد ارتكب مجازر بحقّ شعبه لذا لا بدّ من إزاحته عن السلطة بالقوّة العسكرية ولكن في إطار عمليةٍ سياسيةٍ؛ وهذا التوجّه بطبيعة الحال يروق لحلفاء البيت الأبيض التقليديين في المنطقة ويحظى بدعمٍ منهم.66 

 إذن، هيلاري كلنتون تدعو إلى وضع حلولٍ سياسيةٍ للأزمة التي تجتاح العراق وسوريا، والخطوة الأولى تتمحور حول إيجاد حكومتين شاملتين في هذين البلدين، والتالية تهدف إلى محاربة تنظيم داعش في المناطق التي يتواجد فيها تحت مظلّة تحالفٍ يضمّ أطرافاً عديدةً وبما فيها الجهات الإقليمية والدولية التي لها دورٌ أساسيٌّ في هذا المضمار.67 والنتائج التي ستتمخّض عن برنامج كلنتون على المدى البعيد تتمحور بشكلٍ أساسيٍّ على إضعاف القوى الاستراتيجية التي تهدّد إسرائيل والتي تتمثّل في إيران وتيّار المقاومة الإسلامية، فهذا البرنامج يهدف إلى احتواء سلطة طهران وتضييق نطاق نفوذ تيّار المقاومة إقليمياً خلال المشروع السياسي الرامي إلى إنهاء الأزمة في العراق وسوريا عن طريق تحويل تنظيم داعشٍ إلى حركةٍ طيّعةٍ يمكن التحكّم بها وتسييرها حسبما تقتضي المصلحة.68 

 وكما ذكرنا آنفاً، فهذه الأهداف الاستراتيجية تلبّي طموحات حلفاء واشنطن التقليديين في المنطقة، حيث يعتبرونها خطوةً إيجابيةً تطمئنهم بالتزام الحكومة الجديدة بوعودها وعدم تخلّيها عنهم.69 

 وفيما يخصّ الديمقراطية وحقوق الإنسان، هناك اختلافاتٌ أساسيةٌ في وجهات النظر على هذا الصعيد بين مرشّحي الحزبين للانتخابات الرئاسية، فدونالد ترامب يعتبر المصالح الوطنية بأنّها المحور الأساسي للسياسة الخارجية الأمريكية في منطقة غرب آسيا ومن هذا المنطلق طالب بالعمل على تحقيق الاستقرار فيها لأجل أن تخدم مصالح واشنطن، وقد أكّد على هذه الرؤية لدرجة أنّه أعلن عن استعداده للتعاون مع الأنظمة الدكتاتورية في مواجهة الإرهاب الذي يعدّ السبب الأساسي في زعزعة الاستقرار، كما انتقد السياسات الخارجية التي انتهجها الرؤساء الأمريكان من أمثال كلنتون وبوش وأوباما حينما حاولوا فرض الديمقراطية بالقهر على شعوب المنطقة، لذلك اعتبرهم سبباً أساسياً في انعدام الاستقرار في غرب آسيا وظهور الجماعات الإرهابية المتطرّفة.

 إن تمكّن دونالد ترامب من التربّع على عرش البيت الأبيض، سوف يجعل المصالح الأمريكية منطلقاً له للتدخّل في شتّى الملفّات الدولية وسيتخلّى عن السياسة السابقة التي تمحورت حول الشعور بالمسؤولية تجاه مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان لكونها لا تلبّي مصالح واشنطن إلا على المدى القريب، وأمّا على الصعيد الداخلي، سوف يركّز جهوده على القضايا الاقتصادية وإعادة هيكلة القوّات العسكرية بهدف إعادة هيبة الولايات المتّحدة التي تضاءلت إلى حدٍّ كبيرٍ.70 

 وخلال المؤتمر الوطني الذي أقامه الحزب الجمهوري، ألقى ترامب كلمةً أكّد فيها على أنّ الحرب والدمار وجهان لعملةٍ واحدةٍ، وعلى هذا الأساس رفض التشبّث بالحلول العسكرية، كما اعتبر الأوضاع المتأزّمة في منطقة غرب آسيا بأنّها غير مسبوقةٍ وتشكّل خطراً على الشعب الأمريكي، ووصف هيلاري كلنتون بكونها أحد أعضاء الطاقم الحربي في حكومة باراك أوباما التي تسبّبت في موت الكثير من البشر ودمار بلدان بأسرها وترويج الإرهاب وضعف أمريكا في العالم. ونستشفّ من هذا الكلام أنّ وجهات نظر ترامب لا تتناغم مع آراء أعضاء الحزب الجمهوري سواءٌ التقليديين منهم والجدُد، فوثيقة البرنامج الحزبي للجمهوريين تؤكّد على وجوب التشبّث بأيّة وسيلةٍ لأجل إقرار الأمن في الولايات المتّحدة والإبقاء على قيادتها للعالم والسير على خطى الرئيس السابق رونالد ريغان الذي طرح مشروع تحقيق السلام عن طريق الاعتماد على القوّة؛71 وكما هو معلومٌ فاستراتيجية هذا الحزب تفرض على الجيش الأمريكي بأن يكون في حالة تأهّبٍ دائمةٍ لخوض معارك دولية وإقليمية،72 وهؤلاء بطبيعة الحال يتوقّعون أن تكون سياسة دونالد ترامب الخارجية أكثر هزالةً من سياسة باراك أوباما لكونه يعارض تغيير الأنظمة ولا يكترث بالحلفاء الذين يمكن الاعتماد عليهم لتقليل نفقات واشنطن،73 وهذا هو السبب في قلّة عدد مؤيّديه في حزبه.74 

 وأمّا هيلاري كلنتون فلم يؤازرها سوى الراديكاليين البارزين في الحزب الديمقراطي من الذين لهم ثقلٌ على الساحة الأمريكية بصفتهم نخبةً اجتماعيةً، ومن الناحية السياسية والإدارية فهذه المرشّحة تختلف عن دونالد ترامب، حيث تولّت مناصب رسمية طوال سنواتٍ متماديةٍ وكانت السيّدة المسؤولة الأولى في ولايتها وفي أمريكا بأسرها، وتولّت منصب سيناتور وتصدّت لوزارة الخارجية ومن ثمّ شاركت في بسطت نفوذ الولايات المتّحدة الأمريكية في العالم، لذا فهي ليست غريبةً على الأروقة السياسية.

 الخبير ستيفان وولت الذي يعتبر أحد المنظّرين البارزين على صعيد المسائل الدولية، وصف السياسة الخارجية لهيلاري كلنتون كما يلي: «هيلاري كلنتون وفريق مستشاريها يعتبرون أنفسهم أصحاب الحلّ الناجع بالنسبة إلى دور أمريكا الثابت، لذا من الممكن أن ترتكز دعائم حكومتها على هذا المبدأ لأجل وضع الخطوط العريضة للعالم حسب التطلّعات الأمريكية».75 

 الوجهة التي تبنّتها السيّدة هيلاري كلنتون ترتكز على أساس الشعور بالمسؤولية في فرض الديمقراطية على شعوب العالم وبلوغ الذروة في الاعتماد على القوّة في السياسة الخارجية لدى التعامل مع البلدان المناهضة للولايات المتّحدة الأمريكية، والتأريخ المهني لهذه المرشّحة أحيت الأمل لدى الحكّام العرب في بلدان الخليج الفارسي وكذلك أنعشت آمال حكّام إسرائيل، حيث شجّعوها على اتّباع سياسةٍ أكثر تطرّفاً من سياسة أوباما قبال إيران وسوريا؛ إضافةً إلى ذلك فهي ستبذل كلّ ما بوسعها لأجل تعزيز قدرات الجبهة السعودية - الإسرائيلية ضدّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتأصيل العداء لطهران، ومن خلال مساعيها السابقة قد أثبتت بالبرهان القاطع بأنّها تقف في الصفّ الأوّل لدعم حلفاء واشنطن في المنطقة ولا سيّما تل أبيب بعد أن لجأت إلى سياسة ضغطٍ ضد إيران؛ وأحد الأمثلة على ذلك تصريحها الذي أدلت به إبّان الحملة الانتخابية التمهيدية حين منافستها مع غريمها الديمقراطي باراك أوباما عام 2008م، حيث قالت: «لو أنّ الإيرانيين يطمحون إلى شنّ هجومٍ على إسرائيل خلال الأعوام العشرة المقبلة، فإن أصبحت رئيسةً للجمهورية ... فنحن قادرون على طمسهم بالكامل76».77 

 

* الاتّفاق النووي الشامل

 أعضاء الحزب الجمهوري الأمريكي يعرّفون الجمهورية الإسلامية الإيرانية كما يلي: «بلدٌ يسعى إلى امتلاك سلاحٍ نوويٍّ وصواريخ، ويدعم الإرهاب وينقض حقوق الإنسان، ويفي بدورٍ مخرّبٍ في المنطقة؛ لذا يجب اعتماد جميع الخيارات ضدّه للدفاع عن المصالح الوطنية وكسب ثقة حلفائنا في المنطقة».78 

الاتّفاق النووي الشامل بين إيران والمجموعة السداسية حسب برأي الجمهوريين ومرشّحهم لمنصب رئاسة الجمهورية، لا يلبّي مصالح الولايات المتّحدة الأمريكية ولا يخدم أمنها القومي؛ وعلى هذا الأساس اعتبروا الإجراءات التي اتّخذها باراك أوباما إزاء التجارب الصاروخية الإيرانية وسائر القضايا المرتبطة بالملفّ الإيراني بأنّها هزيلةٌ ومحبطةٌ لكونها جعلت حلفاء واشنطن يفقدون الثقة بساسة البيت الأبيض؛79 لذلك جاء في وثيقة برنامجهم الحزبي ما يلي: «الرئيس الأمريكي الذي سينوب عن الحزب الجمهوري في أروقة البيت الأبيض، مكلّفٌ بإعادة ماء الوجه للولايات المتّحدة ومؤازرة الأصدقاء، ومناهضة الأعداء».80 

 توجّهات هيلاري كلنتون في سياستها الخارجية تجاه الاتّفاق النووي المشترك بين إيران والمجموعة السداسية، تتناغم بشكلٍ عامٍّ مع سياسة باراك أوباما وتسير على نحوها؛ إلا أنّ الاختلاف يكمن في كيفية تطبيقها والسبُل التي يجب الاعتماد عليها في ذلك، حيث تؤكّد كلنتون على أنّها ستتعامل بحزمٍ أكثر مع هذه القضية؛ وهذا الموقف في الحقيقة يتناسب إلى حدٍّ ما مع مقرّرات وثيقة البرنامج الحزبي للديمقراطيين والتي جاء في جانبٍ منها: «لو حاولت إيران تصنيع سلاحٍ نوويٍّ، فسوف لا نتردّد في اللجوء إلى القوّة العسكرية ضدّها».81 

 هيلاري كلنتون تعتقد بأنّ طهران قد اضطرّت للجلوس على طاولة المفاوضات النووية إثر الضغوط التي تعرّضت لها جرّاء العقوبات القاسية المفروضة عليها، وعلى هذا الأساس اعتبرت تطبيق هذا الأنموذج في جميع المشاكل العالقة مع الجمهورية الإسلامية يسفر عن حدوث تأثيرٍ سلبيٍّ على تنفيذ مقرّرات الاتّفاق النووي الشامل. ومن جملة مواقفها الأخرى تجاه إيران أنّها تؤازر حلفاء واشنطن في المنطقة إلى حدٍّ كبيرٍ يفوق مواقف باراك أوباما، كما أنّها تنظر بعين الريبة إلى تنامي قدرات إيران؛ وهذا الأمر أيضاً ينطبق مع ما جاء في وثيقة البرنامج الحزبي للديمقراطيين، حيث أكّدت هذه الوثيقة على ما يلي: «الإجراءات التي تتّخذها إيران في المنطقة مخرّبةٌ، ولو اقتضت الضرورة يجب فرض عقوباتٍ عليها خارج إطار العقوبات التي طبّقت ضدّها بسبب نشاطها النووي».82 ولو أنّها تصدّت لمنصب رئاسة الجمهورية، لربّما تلجأ إلى هذا القرار بغية التصدّي لطهران وفي الحين ذاته إقناع الحلفاء الساخطين على سياسات أوباما بأنّ واشنطن ملتزمةٌ بوعودها التي قطعتها معهم بالنسبة إلى التعامل مع الملفّ الإيراني؛ ولكنّ هذا الأمر بطبيعة الحال سوف يخلق لها مشاكل.

 وتضمّنت الوثيقة أيضاً ما يلي: «يجب القيام بتعاونٍ أمنيٍّ شاملٍ مع أعضاء مجلس التعاون في الخليج الفارسي»،83 وأكّدت كذلك على ضرورة النهوض بالقابليات العسكرية الدفاعية والهجومية لحلفاء الولايات المتّحدة الأمريكية في المنطقة.84 وجهات النظر هذه والتي تبنّتها هيلاري كلنتون تنمّ بوضوحٍ عن عدائها المكنون للجمهورية الإسلامية الإيرانية بشكلٍ يفوق عداء باراك أوباما.

 

- نتيجة البحث

 منطقة غرب آسيا مقارنةً مع المنطقتين الأخريين، تحتلّ المرتبة الثالثة من حيث الأهمّية الاستراتيجية على صعيد الأمن القومي الأمريكي، وبعد انهيار الاتّحاد السوفييتي لم تنضوِ هذه المنطقة ضمن أصول نظرية نهاية التاريخ، كما أنّها في رحاب نظرية صراع الحضارات اعتبرت ميدان حربٍ جديدٍ بالنسبة إلى واشنطن.

 الضرورات الاستراتيجية ألزمت الأمريكان بالسعي لإيجاد تغييراتٍ في منطقة غرب آسيا من حيث الأصول التي يتبنّونها والتي تتناغم مع منظومتهم الثقافية، إلا أنّ الحربين اللتين خاضوهما في كلٍّ من أفغانستان والعراق أثبتتا أنّ شعوب المنطقة لا تتقبّل الأصول التي يفرضها عليها الأجانب، وأنّها مستعدّةٌ للتصدّي إلى المعتدين عسكرياً دفاعاً عن نفسها.

 إبّان الصحوة الإسلامية التي انطلقت في المنطقة أو ما يسمّى بالربيع العربي، فالساسة الأمريكان بدل أن يبادروا إلى مساعدة الشعوب على أن تقود بلدانها في إطار حكوماتٍ متقوّمةٍ على سيادةٍ شعبيةٍ حقيقيةٍ، بادروا إلى دعم الحركات المناهضة للثورات ومؤازرة الحكومات الدكتاتورية؛ وثمرة هذه السياسة الخارجية أنّ السعودية حملت راية مناهضة الثورات وبذلت الغالي والنفيس في سبيل قمع الحركات الشعبية التي انبثقت ضدّ الحكّام الموالين لواشنطن في المنطقة، وحينما لم تتمكّن من ذلك سارعت إلى تغيير مسار الثورة بأساليب شتّى وبما فيها دفع أموالٍ لاغتيال قادتها الحقيقيين أو إعدامهم على أساس أحكامٍ قضائيةٍ أو اعتقالهم. ونتيجة هذه الإجراءات التعسّفية أنّ المنطقة اليوم أمست تواجه اضطراباتٍ غير مسبوقةٍ في تأريخها، ولا سيّما في سوريا وليبيا والعراق وأفغانستان واليمن والبحرين ومصر وباكستان ولبنان.

 كلا المرشّحين لرئاسة الجمهورية طالبا بإحياء دور واشنطن في السياسة الخارجية والعمل على إعادة ريادتها للعالم، فدونالد ترامب يحاول تحقيق هذا الهدف بأسلوبٍ غير مباشرٍ عن طريق رفع الكفاءات الاقتصادية وترقية القدرات العسكرية؛ في حين أنّ هيلاري كلنتون تحاول بلوغه بأسلوبٍ مباشرٍ بالاعتماد على بسط نفوذ الولايات المتّحدة في العالم على نطاقٍ أوسع وبجدّيةٍ أكثر.

 السياسة الخارجية لدونالد ترامب أقرب ما تكون إلى أصول النزعة الواقعية،85 لذا يمكن اعتبار متبنّياته الفكرية على هذا الصعيد بأنّها تتناغم مع الأسلوب الذي يتّبعه باراك أوباما؛ إلا أنّ هيلاري كلنتون تنحو منحى آخر، فهي تتبنّى مواقف أكثر تشدّداً من حيث التدخّل في شؤون سائر البلدان وتمثيل دور الشرطي في شتّى الملفات العالمية.

 ترامب وساندرز لديهما توجّهاتٌ متشابهةٌ إلى حدٍّ ما، لكن كلّ واحدٍ منهما يمثّل شريحةً معيّنةً من المجتمع الأمريكي، حيث يطالبان بإجراء تغييراتٍ في أولويات الحكومة الأمريكية؛ وكما فشلت الحملة الانتخابية لساندرز قبال كلينتون، هناك احتمالٌ كيبرٌ أيضاً بأن يفشل ترامب في الانتخابات النهائية، ولكنّ هذا الفشل لا يعني أنّ برامجه المستقبلية لا تتناغم مع توجّهات البيت الأبيض، فالمرشّحون بشكلٍ عامٍّ ليسوا سوى ممثّلين أوائل لتيّارٍ جديدٍ تطرح فيه فكرة أنّ السياسة الأمريكية لا تسير في مجراها الصحيح في داخل البلاد وخارجها؛ ورغم أنّ قبول هذه الفكرة ليس يسيراً بالنسبة المسؤولين النافذين في الحكومة والذين اعتادوا عليها، لكنّهم غير قادرين على تجاهلها من الناحية العملية، لذا وصف أحد المفكّرين الأمريكان هذه الحقيقة كما يلي: «العهد الذي كانت الولايات المتّحدة الأمريكية فيه قادرةً على إدارة معظم نواحي العالم حسب إرادتها، قد ولّى وانتهى».86 ولكن ليس من المستبعد أنّ هيلاري كلنتون ستحذو حذو الساسة الأمريكان الذين يبذلون ما بوسعهم لفرض سلطة واشنطن على العالم ويصرّون على أحطائهم.87 

 من المؤكّد أنّ منطقة غرب آسيا باعتبارها منطقةً استراتيجيةً، ستحظى مستقبلاً بأهميةٍ بالغةٍ في السياسة الخارجية الأمريكية كما كان عليه الحال سابقاً، والسبب في ذلك واضحٌ، فهناك العديد من الأمور التي تزيد من هذه الأهمّية، وبما فيها ما يلي:

- الكيان الصهيوني.

- عدم وجود أنظمةٍ سياسيةٍ متقوّمةٍ على مبدأ سيادة الشعب في البلدان العربية، وانعدام الأمن فيها.

- تأثير دولارات النفط الخليجي على الاقتصاد الأمريكي.

- الممرّات المائية الهامّة في المنطقة والتي لها تأثيرٌ على الاقتصاد العالمي.

- وجود العديد من القواعد العسكرية الأمريكية.

 فهذه الأمور تدلّ على أنّ منطقة غرب آسيا تعدّ عصباً حيوياً ينعش الاقتصاد الأمريكي، وفضلاً عن ذلك لا يمكن تغافل الدور الكبير للّوبي الصهيوني - السعودي في تأزيم أوضاع المنطقة، فهذا اللوبي لديه نفوذٌ في باطن مراكز اتّخاذ القرار في الولايات المتّحدة الأمريكية ويسخّر جلّ جهوده للإبقاء على التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة.

 ورغم كلّ ما ذكر، فإنّ أهمّية غرب آسيا والتواجد العسكري الأمريكي فيها قد شهدت سيراً تنازلياً في العقد الثاني من القرن الحالي، وهذه الحركة النزولية سوف تبقى متواصلةً مستقبلاً.

 ويمكن القول إنّ ثمرة الانتخابات الرئاسية الأمريكية على صعيد السياسة الخارجية - بغضّ النظر عمّن سيفوز فيها - هي أنّ واشنطن سوف تقلّص من مدى اعتمادها على القوّة العسكرية المباشرة وتعمل على تفعيل دور بلدان المنطقة في إقرار النظم والأمن اعتماداً على مبدأ توازن القوى؛ إلا أنّ هيلاري كلنتون أكثر تحمّساً من دونالد ترامب للتدخّل العسكري المباشر، لذلك قالت: «الولايات المتّحدة الأمريكية بإمكانها وضع حلولٍ للمشاكل والأزمات التي تعصف بالعالم في الوقت الراهن اعتماداً على قدراتها الفائقة وقيادتها للعالم، وهذا الأمر طبعاً مشروط بالتدخّل المباشر فيها».88 ومن هذا المنطق دافعت عن جميع الإجراءات العسكرية التي اتّخذتها واشنطن في منطقة غرب آسيا خلال العقدين الماضيين، وفي الفترة الرئاسية الأولى لباراك أوباما رجّحت الخيار العسكري على الحلّ الدبلوماسي للأزمات العالمية، حيث أيّدت اقتراح شنّ هجماتٍ جوّيةٍ ضدّ سوريا بعد أن وجّهت اتّهامات للحكومة السورية باستخدام الأسلحة الكيمياوية ضدّ الإرهابيين.89 هذه التوجّهات الفكرية تنمّ عن أنّ هيلاري كلنتون تعتبر مصداقاً جلياً للتيّار الديمقراطي الراديكالي في الولايات المتّحدة، وأعضاء هذا التيّار يتبنّون أفكاراً مشابهةً لما يتبنّاه الراديكاليون الجدُد من أعضاء الحزب الجمهوري، ونتيجة هذا التقارب الفكري أنّ الكثير منهم إلى جانب زملائهم من الجمهوريين المتطرّفين يعتبرون أصدقاء ومستشارين غير رسميين لهيلاري كلنتون؛ لذلك وصفها البعض بأنّها السيّدة الديمقراطية الراديكالية الجديدة التي تتبنّى نزعةً هجوميةً وتطمح في إحداث تغييراتٍ عالميةٍ حسب المعيار الأمريكي. ولكن يجب على هذه السيّدة أن تلتفت إلى أنّ عهد الصولات والجولات في العالم قد اندثر، كما أنّ الاقتصاد الأمريكي لم يعُد قادراً على تحمّل نفقات حربٍ شاملةٍ في المنطقة، ناهيك عن أنّ الشعب الأمريكي لا يرغب بهذه الحروب وحكومته تحمل على كاهلها عبء قروضٍ تبلغ 20 ترليون دولارٍ؛ فهذه الأسباب إضافةً إلى أسباب أخرى كلّها تعدّ عائقاً أمام كلّ رئيسٍ أمريكيٍّ مقبلٍ بحيث يمنعه من التفكير بأيّة حربٍ محتملةٍ.

 ولا شكّ في أنّ الأزمتين السورية واليمنية لا يمكن وضع حلٍّ لهما إلا في إطار إجراءاتٍ سلميةٍ، لذا سوف تتّبع الحكومة الأمريكية المقبلة هذا الأسلوب في سياستها الخارجية؛ كما أنّ مسألة السلام بين فلسطين وإسرائيل قد استُعيض عنها بجهود تطبيع العلاقات بين تل أبيب والبلدان الجنوبية في الخليج الفارسي بقيادة الرياض، وهذه الجهود تتركّز بشكلٍ أساسيٍّ على مناهضة الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

 الرئيس الأمريكي المقبل سوف يتّبع سياساتٍ عدائيةً ضدّ طهران أشدّ بطبيعتها مـمّا تبنّاه باراك أوباما، وهناك احتمال قويٌّ بأنّه سينفّذ ما تمّ الاتّفاق عليه حول الملف النووي عبر اتّباع سياسةٍ ملائمةٍ لكونه اتّفاقٌ يتّصف بطابعٍ دوليٍّ ناهيك عن أنّ عدم الالتزام به ستكون له عواقب وخيمة؛ ولكن مع ذلك فهو سيتّبع سياسةً أكثر عدائيةً وتأزّماً في سائر المواضيع غير النووية، وهذه المواقف في واقعها ترتبط بطبيعة شخصيته لأنّ كلا المرشّحين - كلنتون وترامب - تربطهما علاقاتٌ حميمةٌ مع غرماء إيران في المنطقة خلافاً لعلاقات باراك أوباما. ومع ذلك، فلو تمكّنت هيلاري كلنتون من الفوز في الانتخابات، سوف تتّخذ تدابير أمنيةً أكثر تشدّداً إزاء الجمهورية الإسلامية الإيرانية وستتعامل معها وكأنّها عدوٌّ لدودٌ للولايات المتّحدة؛ ناهيك عن أنّ سائر المؤسّسات الرسمية الأمريكية سوف تتّخذ قراراتٍ أشدّ تعصّباً تجاه طهران ومن جملتها السلطة القضائية التي صادقت على مصادرة أموالها والكونغرس الذي أصدر قراراتٍ مناهضةً لها، والسبب في ذلك وجود قوى نافذة90 في البنية السياسية الأمريكية تعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية عدوّاً لبلدهم، ومن هذا المنطلق تطالب بتسخير جميع الإمكانيات المتاحة ضدّها.

 وفي مقابل هذا التيّار، هناك تيّارٌ آخر91 يتبنّى أفكاراً على العكس مـمّا ذكر تماماً، حيث يطالب أعضاؤه بإزالة التوتّر مع طهران عن طريق التعامل معها وفق المصالح الأمريكية على المدى البعيد، ولكنّ هذا التيّار أضعف من نظيره وإمكانيّاته المالية أقلّ بكثيرٍ مـمّا يمتلكه أتباع التيّار الأوّل.

 وبشكلٍ عامٍّ فإنّ الرئيس الأمريكي المقبل الذي سيقيم في أروقة البيت الأبيض ابتداءً من 20 كانون الثاني / يناير عام 2017م، لا مناص له من العمل على إجراء تغييرين أساسيين على الملّف الإيراني، ومن ثمّ ينبغي له اتّخاذ قراراته اللاحقة حول العلاقات مع الجمهورية الإسلامية على أساسهما؛ وهذان التغييران يتمحوران حول الاتّفاق النووي الشامل ونفوذ إيران في المنطقة.

 من المؤكّد أن الآثار الاستراتيجية لهذين الموضوعين مرتبطةٌ ارتباطاً وطيداً مع سائر العوامل التي يجب الاعتماد عليها في وضع الأُسس الارتكازية للاستراتيجية الأمريكية الشاملة على المستويين الدولي والإقليمي، إذ يجب على واشنطن أن تغيّر وجهتها وتضع قارّة آسيا في جدول أولوياتها وتقيم علاقاتٍ فيما وراء بلدان الأطلسي وتشرف على بؤر التوتّر في منطقة غرب آسيا؛ فهذه الملفّات تلزم الرئيس الأمريكي المقبل بأن يتعامل مع الجمهورية الإسلامية بعقلانيةٍ وحذرٍ ومرونةٍ.

 

ملاحظات

1- checks and balances.

2- رضا داد درویش، کتاب امریکا: ویژه نظام انتخاباتي امریکا (باللغة الفارسية)، طهران، منشورات المؤسّسة الثقافية للدراسات والبحوث الدولية (أبرار معاصر)، 1383 ه ش.

3- أقيم المؤتمر الحزبي الانتخابي التفضيلي لانتخابات عام 2016م في شهر آب / أغسطس عام 2015م.

4- Electoral Collage.

5- جميع الوثائق الرسمية الأمريكية والخطابات التي ألقاها الرؤساء الأمريكان السابقون، تؤكّد بشكلٍ أساسيٍّ على هذين الأمرين، أي قيادة العالم والسيطرة عليه عسكرياً.

6- Clinton: Stronger Together. Trump: Make America great again.   

7- Vile M.J.C, (1999), Politics in the USA, 5th Edition, London & New York: Routledge, p 16.

8-  McMahon, Robert, (2013), Balance of Powers: The U.S President and Congress, 1 September, p 52.

9- يمكن تشبيه السياسة الخارجية الأمريكية بالقطار الذي يغيّر طريقه ويتوقّف في محطّاتٍ غير التي تمّ تحديدها له حسب البرنامج المقرّر رغم عدم التخطيط لذلك سابقاً، ومصاديق هذا الأمر تتجلّى في دعم الانقلابات العسكرية والحكومات الدكتاتورية ومؤازرة السلطات التي تحارب الحركات الوطنية المطالبة بالاستقلال والحرّية، وكذلك كبح تطلّعات شعوب المنطقة والعمل خلافاً لرغباتها.

10- Pivot to Asia.

11- Sick, Gary, (2016), Regional Implications of the JCPOA, July 15, 2016. P 2.

www.loblog.com

12- للاطّلاع أكثر، راجع:

Freeman W. Chas, (2016), U.S. Policy and geopolitical Dynamics of the Middle East, Remarks to the Center for the National Interest. 9 June, p 1 - 10.

13- كانت هيلاري كلنتون تظهر إلى العلن أحياناً برفقة القائد العسكري السابق للقوّات الأمريكية في المنطقة ورئيس جهاز المخابرات السابق ديفيد بتريوس، و وزير الدفاع في السنوات الأربع الأولى من حكومة باراك أوباما روبرت غيتس.

14- المصادر المعتمدة في هذا الجدول:

Republican Platform (RP) & Democrat platform (DP), 2016.

Republican National Committee (RNS), Democratic National Committee (DNC), 2016.

15- Democratic Party Platform, July 21, 2016, p 49.

16- Republican Platform 2016, p 47.

17- Keiswetter l. Allen, (2015), Recalibration and Surprises: A Primer on the Middle East and the 2016 President Election, The Middle East Institute, Nov 03, 2015, p 8.

18- Republican Platform.

19- Republican National Convention (2016), We Believe In America, Committee on Arrangements for the 2016 Republican National Convention, p 49.

www.gopconvention2016.com

20- Republican Platform 2016, p 46 - 47.

21- وجّه دونالد ترامب سؤالاً حول هذا الأمر لنظيره جيب بوش لكنّه لم يتمكّن من ذكر جوابٍ مقنعٍ.

22- Meet the Press, (2015), Meet the Press Transcript,  Aug 16. www.nbcnews.com

23- Republican National Committee (RNS), Democratic National Committee (DNC), 2016, p 21.

24- Republican Platform (RP) & Democrat platform (DP), 2016, p 42.

25- Keiswetter l. Allen, (2015), Recalibration and Surprises: A Primer on the Middle East and the 2016 President Election, The Middle East Institute, Nov 03, 2015, p 11.

26- Hudak, Jhon, (2016),  what the U.S. Presidential Election Means for the Middle East, Brookings Institute, p 15.

27- Goldenberg, Ilan, & at. all, (2016), Defeating The Islamic State: A Bottom-Up Approach, Center for New American Security, July 8, 2016, p 10 - 50.

www.cans.org

28- Republican National Convention (2016), We Believe In America, Committee on Arrangements for the 2016 Republican National Convention, p 49.

    www.gopconvention2016.com

29- Republican Platform 2016, p 46.

30- Trump J. Donald, (2015), Time To get Tough: Making America Again, New York, p 1 - 5.

31- Vatanka, Alex,(2016), U.S.- Iran Relations: Recommendations for The Next president, Middle East Institute, July 2016, p 7.

32- Democratic Party Platform, July 21, 2016, p 43.

33- www.bbc.com,2016.1.18.

34- Republican National Convention (2016), We Believe In America, Committee on Arrangements for the 2016 Republican National Convention, p 9 - 42.

www.gopconvention2016.com

35- Republican Platform 2016, p 46.

36- Vatanka, Alex,(2016), U.S.- Iran Relations: Recommendations for The Next president, Middle East Institute, July 2016, p 7.

37- Republican National Committee (RNS), Democratic National Committee (DNC), 2016, p 21.

38- Democratic Party Platform, July 21, 2016. P 43.

39- Hudak, Jhon, (2016),  what the U.S. Presidential Election Means for the Middle East, Brookings Institute, p 16.

40- Republican Platform 2016, p 46.

41- Republican Platform (RP) & Democrat platform (DP), 2016, P 49.

42- Keiswetter l. Allen, (2015), Recalibration and Surprises: A Primer on the Middle East and the 2016 President Election, The Middle East Institute, Nov 03, 2015, p 6.

43- Sherlock, Ruth, (2016), Hillary Clinton will rest Syria Policy against Murderous Asad regime. The Telegraph, 29 July 2016, p 6.

www.telegraph.co.uk

44- Goldenberg, Ilan, & at. all, (2016), Defeating The Islamic State: A Bottom-Up Approach, Center for New American Security, July 8, 2016, p 5 - 8.

www.cans.org

45- Republican Platform 2016, p 46.

46- Republican Platform (RP) & Democrat platform (DP), 2016, P 43.

47- هذه المعلومات نشرت في موقع ويكيليكس وهي مقتبشة من رسائل إلكترونية.

48- كما هو معلومٌ فالقضية الفلسطينية قد طويت في أروقة النسيان من قبل بعض البلدان الموالية للسعودية، وحصار غزّة خير مثالٍ على هذه الحقيقة، فالرياض أيّدت هذا الحصار الجائر ولم تشجب الصهاينة مطلقاً، كما أنّها اليوم تعلن وبشكلٍ صريحٍ عن علاقاتها السرّية السابقة مع تل أبيب.

49- Keiswetter l. Allen, (2015), Recalibration and Surprises: A Primer on the Middle East and the 2016 President Election, The Middle East Institute, Nov 03, 2015, p 3.

50- Republican Platform 2016, p 47.

51- Republican Platform (RP) & Democrat platform (DP), 2016, P 49.

52- في شهر تمّوز / جولاي عام 2016م صرّح المسؤول الأمريكي البارز وليام لويرز في ندوةٍ عقدها حلف شمال الأطلسي بأنّ السعودية اشترت من الولايات المتّحدة الأمريكية معدّات عسكرية بمبلغ 111 مليار دولار طوال سبعة أعوامٍ ونصف العام من حكومة باراك أوباما.

53- Republican National Convention (2016), We Believe In America, Committee on Arrangements for the 2016 Republican National Convention.

www.gopconvention2016.com

54- Republican Platform (RP) & Democrat platform (DP), 2016.

55- Keiswetter l. Allen, (2015), Recalibration and Surprises: A Primer on the Middle East and the 2016 President Election, The Middle East Institute, Nov 03, 2015, p 8.

راجع أيضاً: موقع وكالة أنباء فارس www.farsnews,com، حيث دوّن في هذا الموقع الخبري تقريرٌ بتأريخ 24 مرداد 1395 ه ش. تحت عنوان: (ترامب: ليس بإمكاننا مواصلة دعم البلدان العربية مجّاناً).

56- Chollet, Derek & at.all, (2016), Dose the Middle East Still Matter? The Obama Doctrine and U.S. Policy, Policy Watch 2606, April 2016, p 2.

57- Waltz, Michael & Gordon Michael,(2016), Middle East Arms Race and Regional Balance of Power, Panel one, June 22, 2016.

58- جون جاكوب نوتر، عملیاتهای سیاه سازمان جاسوسی امریکا (باللغة الفارسية)، طهران، إدارة البحث العلمي في كلّية الإمام الباقر (ع)، 1384 ه ش، ج 7، ص 484.

59- Hudak, Jhon, (2016),  what the U.S. Presidential Election Means for the Middle East, Brookings Institute, p 23.

60- حسين موسویان، السعوديون هم حماة داعش والمنافقين، تقرير نشر في موقع الدبلوماسيا الإيرانية، 1 مرداد 1395 ه ش، ص 3. www.irdiplmacy.ir

61- Freeman W. Chas, (2016), U.S. Policy and geopolitical Dynamics of the Middle East, Remarks to the Center for the National Interest. 9 June.

62- صرّح وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت غيتس في هذا الصدد قائلاً: «السعودية هيّأت نفسها لخوض حربٍ مع إيران لكي تحافظ على التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة».

63- Republican National Convention (2016), We Believe In America, Committee on Arrangements for the 2016 Republican National Convention, p 48.

www.gopconvention2016.com

64- Keiswetter l. Allen, (2015), Recalibration and Surprises: A Primer on the Middle East and the 2016 President Election, The Middle East Institute, Nov 03, 2015, p 10.

65- Ibid.

66- Inbar, Efraim, (2016), Implications of US Disengagement From the Middle East, Mideast Security and Policy Studies No.122, The Begin-Sadat Center for Strategic Studies, June 2016, p 11 - 12.

67- Democratic Party Platform, July 21, 2016, p 49.

68- Ibid, p 11.

69- Goldenberg, Ilan, & at. all, (2016), Defeating The Islamic State: A Bottom-Up Approach, Center for New American Security, July 8, 2016.

www.cans.org

70- سوف يستعرض ترامب قدرة واشنطن العسكرية المدمّرة فيما لو تولّى منصب الرئاسة.

71- Peace through strength.

72- Republican Platform 2016, p 42.

73- Beauchamp, Zack, (2016), Democrats don’t have a foreign policy vision other than “not Trump”,  July 29, p 1.  www.vox.com

74- أحد الشواهد على امتعاض أعضاء الحزب الجمهوري من برامج دونالد ترامب، أنّ 121 من الخبراء في السياسة الخارجية والأمن في هذا الحزب أصدروا بياناً أعربوا فيه عن معارضتهم لترشيحه كممثّلٍ عن حزبهم في الانتخابات الرئاسية.

75- ستيفان وولت، لا فرق بين فوز كلنتون أو ترامب، تقريرٌ نشر في موقع الدبلوماسيا الإيرانية، 23 مرداد 1395 ه ش، ص 1. www.irdiplmacy.ir

76- Totally obliterate.

77- Morgan, David, (2008), Clinton says U.S could “ totally obliterate” Iran, Reuters &  an interview on ABC’s Good Morning America, p 1.

78- Republican Platform 2016, p 46.

79- Inbar, Efraim, (2016), Implications of US Disengagement From the Middle East, Mideast Security and Policy Studies No.122, The Begin-Sadat Center for Strategic Studies, June 2016, p 4 - 13.

80- Republican Platform 2016, p 46.

81- Democratic Party Platform, July 21, 2016, p 43.

82- Ibid.

83- Ibid, p 49.

84- Ibid, p 43.

85- دونالد ترامب ليس انزوائياً، وإنّما يدعو إلى رفع الميزانية الدفاعية للولايات المتّحدة لكي تبقى أفضل قوّةٍ عسكريةٍ واقتصاديةٍ في العالم.

Zalmy, Khalizad, (2016), The Emerging Trump Doctrine? The National Interest, July 28, 2016, p 2.

 www.nationalinterest.org

86- ستيفان وولت، لا فرق بين فوز كلنتون أو ترامب، تقريرٌ نشر في موقع الدبلوماسيا الإيرانية، 23 مرداد 1395 ه ش، ص 1. www.irdiplmacy.ir

87- وقد أوصى ستيفان وولت الرئيس الأمريكي المقبل الذي سيتربّع على عرش البيت الأبيض بأن يقرأ كتاب (السياسة الخارجية والإصرار على الخطأ) للباحث تشارلز هيرمان، قبل أن يصبح رئيساً رسمياً للبلاد في عام 2017م، فهذا الكتاب يسلّط الضوء على العديد من الأخطاء التي ارتكبها الحكّام الأمريكان في تعاملهم مع مختلف الملفّات العالمية.

88- Sherlock, Ruth, (2016), Hillary Clinton will rest Syria Policy against Murderous Asad regime. The Telegraph, 29 July 2016, p 3.

www.telegraph.co.uk.

89- Panetta, Leon, (2016), Leon Panetta Address’ Obama Doctrine, U.S.-Israel Relations, Presidential Campaign, Washington Institute, June 15, 2016.

90- هذه القوى النافذة مكوّنةٌ من عدّة تيّاراتٍ فاعلةٍ على الساحة الأمريكية، مثل غالبية أعضاء الحزب الجمهوري والديمقراطيين الراديكاليين واللوبي الصهيوني والأيادي السعودية.

91- هذا التيّار يتمثّل في المواقف التي اتّخذتها بعض التجمّعات والشخصيات الفكرية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والاستخبارية التي هي النخبة في المجتمع الأمريكي.

 

مصادر البحث

1- رضا داد درویش، کتاب امریکا: ویژه نظام انتخاباتی امریکا (باللغة الفارسية)، طهران، منشورات المؤسّسة الثقافية للدراسات والبحوث الدولية (أبرار معاصر)، 1383 ه ش.

2- تشارلز هيرمان، سیاستگذاري خارجي و پافشاری بر خطا (باللغة الفارسية)، ترجمه إلى الفارسية: عليرضا طيّب، منشورات المؤسّسة الثقافية للدراسات و البحوث الدولية (أبرار معاصر)، 1392 ه ش.

3- جون جاكوب نوتر، عملیاتهای سیاه سازمان جاسوسي امریکا (باللغة الفارسية)، طهران، إدارة البحث العلمي في كلّية الإمام الباقر (ع)، 1384 ه ش.

4- حسين موسویان، السعوديون هم حماة داعش والمنافقين، تقرير نشر في موقع الدبلوماسيا الإيرانية، 1 مرداد 1395 ه ش.  www.irdiplmacy.ir

5- ستيفان وولت، لا فرق بين فوز كلنتون أو ترامب، تقريرٌ نشر في موقع الدبلوماسيا الإيرانية، 23 مرداد 1395 ه ش. www.irdiplmacy.ir

6- موقع وكالة أنباء فارس www.farsnews,com، حيث دوّن في هذا الموقع الخبري تقريرٌ بتأريخ 24 مرداد 1395 ه ش. تحت عنوان: (ترامب: ليس بإمكاننا مواصلة دعم البلدان العربية مجّاناً).

 

1- Beauchamp, Zack, (2016), Democrats don’t have a foreign policy vision other than “not Trump”,  July 29. www.vox.com

2- Chollet, Derek & at.all, (2016), Dose the Middle East Still Matter? The Obama Doctrine and U.S. Policy, Policy Watch 2606, April 2016.

3- Democratic Party Platform, July 21, 2016.

4- Freeman W. Chas, (2016), U.S. Policy and geopolitical Dynamics of the Middle East, Remarks to the Center for the National Interest. 9 June.

5- Goldenberg, Ilan, & at. all, (2016), Defeating The Islamic State: A Bottom-Up Approach, Center for New American Security, July 8, 2016. www.cans.org

6- Hudak, Jhon, (2016),  what the U.S. Presidential Election Means for the Middle East, Brookings Institute.

7- Inbar, Efraim, (2016), Implications of US Disengagement From the Middle East, Mideast Security and Policy Studies No.122, The Begin-Sadat Center for Strategic Studies, June 2016.

8- Keiswetter l. Allen, (2015), Recalibration and Surprises: A Primer on the Middle East and the 2016 President Election, The Middle East Institute, Nov 03, 2015.

9- McMahon, Robert, (2013), Balance of Powers: The U.S President and Congress, 1 September.

10- Meet the Press, (2015), Meet the Press Transcript,  Aug 16, www.nbcnews.com

11- Morgan, David, (2008), Clinton says U.S could “ totally obliterate” Iran, Reuters &  an interview on ABC’s Good Morning America.

12- Panetta, Leon, (2016), Leon Panetta Address’ Obama Doctrine, U.S.-Israel Relations, Presidential Campaign, Washington Institute, June 15, 2016.

13- Republican National Convention (2016), We Believe In America, Committee on Arrangements for the 2016 Republican National Convention, www.gopconvention2016.com

14- Republican Platform 2016.

15- Sherlock, Ruth, (2016), Hillary Clinton will rest Syria Policy against Murderous Asad regime. The Telegraph, 29 July 2016. www.telegraph.co.uk

16- Sick, Gary, (2016), Regional Implications of the JCPOA, July 15, 2016. www.loblog.com

17- The Democratic National Committee (2016), Moving America Forward, Democratic National Platform, www.democrats.org

18- Trump J. Donald, (2015), Time To get Tough: Making America Again, New York.

19- Vatanka, Alex,(2016), U.S.- Iran Relations: Recommendations for The Next president, Middle East Institute, July 2016.

20- Vile M.J.C, (1999), Politics in the USA, 5th Edition, London & New York: Routledge.

21- Waltz, Michael & Gordon Michael,(2016), Middle East Arms Race and Regional Balance of Power, Panel one, June 22, 2016.

22- Zalmy, Khalizad, (2016), The Emerging Trump Doctrine? The National Interest, July 28, 2016. www.nationalinterest.org


قراءة: 1000