فصلنامه مطالعات سیاست خارجی تهران
 

مقتل جمال خاشقجي؛ مشروع بوظائف معكوسة

هادی محمدي

محلل سياسي و باحث في الشؤون الاستراتيجية لمنطقة غرب آسيا

الخلاصة
على الرغم من كون الواقعية التهاجمية و العدوانية لترامب و ابن سلمان تطرح نموذجاً جديداً لسلوكهما على صعيد العلاقات العالمية و السياسية، لكنّها بنفس المقدار الذي تغدو فيه غريبة و ربما مفاجئة على المستوى العالمي، فهي من جهة أخرى تقترن بنفقات غير متوقعة. يتماهى جوهر آل سعود و شخصية ابن سلمان مع تاريخ الوهابية في شبه الجزيرة العربية و هذه الشخصية هي تعبير عن استمرارية هذا التاريخ. فبعد حادثة مقتل الصحفي جمال خاشقجي و اتباع سياسة الهروب إلى الأمام، واجه آل سعود ردود أفعال عالمية، لا سيّما من قبل رعاته الغربيين و الرأي العام. و قد وقع هذا الفعل الوحشي الذي لا يعدو عن كونه أمراً عادياً بالنسبة لابن سلمان و النظام السعودي في ظلّ أوضاع داخلية و إقليمية و عالمية خاصة و كانت له آثار مدمرة على مستقبل النظام السعودي و ولي عهده ابن سلمان و حلفائه الإقليميين و الدوليين. هذه المقالة محاولة لسرد وقائع مقتل خاشقجي ثم استعراض العواقب و التداعيات الظاهرة المترتبة عليها و الخارجة عن السيطرة، و رصد الأبعاد السلبية لهذه التداعيات على مختلف اللاعبين و الأجواء الداخلية و الإقليمية و الدولية، و استشراف الأبعاد و الفرص الناجمة عن هذه الفاجعة للبلدان المستقلة.
والنتيجة التي سوف تترتب على هذه السياسة الدموية هي وظائف معكوسة على عكس ما كان ابن سلمان يتوقعه، كما تنتظر ترامب كلفاً متعدّدة سيتوجّب عليه دفعها كنتيجة لمقارباته ومواقفه.

الكلمات الأساسية: خاشقجي، ابن سلمان، أردوغان، تركية، العربية السعودية، ترامب.

 

مقدمة:
تكون بعض الحوادث الاجتماعية و السياسية و الأمنية «كاشفة» عن جوهر الفعل، بغضّ النظر عن كونها حوادث مقصودة أم عفوية. و الاطلاع على حقيقة الأشخاص و الأنظمة السياسية مباشرة دونما حجاب أو ستار هو بالضبط الشيء الذي يسعي معظم الأشخاص و الأحزاب و الأنظمة السياسية إلى كتمانه و التغطية عليه و إن كلّفهم ذلك تكاليف باهضة. و أحياناً تختبئ هذه الصورة التجميلية وراء شعارات براقة و قيم إنسانية و أحياناً دينية سامية، و لتقديم صورة أخرى مغايرة لجوهرهم الحقيقي، أو تقمّص صورة مزيفة، يقومون بتحقيق أهداف مختلفة أخرى.
من بين هذه الشعارات التي يتم الترويج لها في المحافل العالمية و العلاقات الدولية و توظيفها بمهارة و مكر الديمقراطية و حقوق الإنسان و الدعوات إلى السلام و الحقوق الاجتماعية و السياسية و الثقافية و الاقتصادية و حقوق المرأة و الطفل و محاربة العنف و الإرهاب و التطرّف و الحرب و سفك الدماء، أو الشعار المقدس العدالة و الإنسانية، و كذلك أمن البشرية و الأمن العالمي و المساعي الحميدة ... و غير ذلك من الشعارات المطروحة. و أحياناً تمتد هذه القيم إلى المجالات الدينية و المذهبية لتشمل الدفاع عن أتباع الأديان و المذاهب و الأقليات أيضاً، لتترجم جميعها عبر إجراءات قانونية و حقوقية ويتم تنظيم الاتفاقيات و القوانين الدولية الخاصة بذلك، و كلّها بمثابة غطاء للخديعة و وسيلة لممارسة الضغوط على الآخرين أو الاستحواذ على مقدرات المجتمعات.
أحياناً يتساءل المرء كيف يمكن إماطة اللثام عن هذه الممارسات المشبوهة، و ما هي الوسائل و بأيّ ثمن يتسنّى الكشف عن هذا الزيف، و فضح هذه الوجوه الكالحة. هذا الكلام يعود بنا إلى فترة الرئيس الديمقراطي كارتر، ففي الوقت الذي كان يسعى فيه جاهداً إلى تقديم صورة مشرقة عن الولايات المتحدة في العالم مناهضة للحرب و محبة للسلام، تناقلت وسائل الإعلام فضيحته المدوّية في مدينة طبس الإيرانية و فشل الحملة العسكرية الأمريكية السرية على إيران، و في أول تعليق له على هذه الحملة صرّح الإمام الخميني (رحمه الله)  قائلاً:«لو كنّا نريد الكشف عن الطبيعة المعتدية الآثمة للولايات المتحدة لاحتجنا إلى الكثير من الجهد و التكاليف». و الحقيقة، إنّ وصول ترامب إلى رأس هرم السلطة في الولايات المتحدة هو من قبيل هذه الوقائع التي تعرّي العديد من الوجوه المختبئة وراء الأقنعة، و تسلّط الضوء على الجوهر الحقيقي للنظام السياسي الأمريكي. ربما اعتقد ترامب و مناصروه أنّ هذه السياسات الجديدة سوف تحقق منافع كثيرة للولايات المتحدة، لكنّها في المقابل ستحطّم الإرث التاريخي العظيم الذي تكلّف بناؤه تكاليف باهضة من أجل تحسين صورة الولايات المتحدة و خداع العالم، ممّا يتعذّر عليهم مواصلة حركاتهم الاستعراضية الأنيقة.
إنّ النظام السعودي الذي حاول جاهداً إخفاء علاقاته العضوية بالكيان الصهيوني و النظام الإمبريالي العالمي وراء واجهة دينية خيّرة ... إلخ، يعيش في الوقت الراهن، و لعوامل عدّة، ظروفاً لم يعد يستطيع معها التستّر وراء أقنعة جديدة، حتى أنّ الدعم العلني لرعاته الغربيين قد وضع على كاهله أعباءً و تكاليف عالية لا يقوى على تحمّلها1.
لقد كشف هذا النظام للعالم عن وجهٍ لا إنساني و وحشي متعطش للدماء و يلهث وراء الحروب و يحتضن الإرهاب، جوهرٌ غير طبيعي و مجنون يفتقد للتعقل و لا يمكن بأيّ شكل تحمّله. و قد بلغ «قبح الحقيقة الذاتية» لهذا الوجه مبلغاً بحيث لن تنفع جميع محاولات الاستعمار العجوز على مدى قرون متمادية أو الخدمات الاقتصادية و المالية و الاستراتيجية التي قدّمها النظام السعودي للولايات المتحدة، أو توفير الغطاء الأمني للكيان الصهيوني، لن تنفع في أن تقدّم تفسيراً أو عذراً لترامب لكي يعتذر به عن دعمه لابن سلمان و النظام السياسي السعودي و العلاقات معه2.
ويشكّل مقتل جمال خاشقجي من بين هذه الوقائع التي عرّت هذا النظام و فضحته، فلم تعد التكاليف الباهضة المترتبة على هذه الفضيحة مقبولة بالنسبة للنظام السعودي أو ابن سلمان أو ترامب أو الأنظمة الاستعمارية الأوروبية.
نحاول في هذه الورقة سبر أغوار هذا الحدث و إضاءة زواياه و أبعاده و شرح التداعيات و الإفرازات المختلفة المترتبة على هذه الجريمة البشعة. لا شكّ في أنّ أي خطة أو برنامج شامل و مضاد للنظام السعودي لم يكن بمقدوره أن يخلق الأوضاع الراهنة و ما نتج عنها بالنسبة للداعمين الغربيين و ترامب و حتى الكيان الصهيوني بحيث أصبح من غير الممكن تقريباً منع الأضرار التي لحقت بسمعة المسؤولين عن هذه الجريمة و بتاريخهم و فضح نفاقهم و خداعهم. لذا من الطبيعي أن يشكّل هذا الحدث معلماً بارزاً في التاريخ السياسي للنظام السعودي بل و المحافل الدولية و رعاة هذا النظام الغربيين، و بموازاة ذلك، فرصة ذهبية لخصومه أو المتضرّرين من سياسات النظام السعودي. و في كل الأحوال هناك توقعات بأن نشهد محاولات من داخل نظام المملكة السعودية و في أوساط حماته الغربيين على السواء لتجاوز الشرخ العميق الذي أصاب كرامة و سمعة النظام في الصميم، و لذلك سوف نختم هذه الورقة باستعراض الآفاق و نطرح السيناريوهات المحتملة في هذا المجال.

ضوء على حادثة مقتل جمال خاشقجي
جمال خاشقجي هو ابن أخ عدنان خاشقجي تاجر الأسلحة الشهير و أسطورة المال و الثروة في العالم العربي في عقد الثمانينات من القرن الماضي، والد عدنان هو من أصول تركية و حاملاً الجنسية السعودية و كان الطبيب الخاص للملك عبد العزيز. شبّ جمال خاشقجي على سيرة عمّه عدنان فعاش حياة مليئة بالصخب و المغامرات. استغلّ عدنان خاشقجي قربه من البلاط السعودي فأنشأ علاقات وثيقة مع مراكز السلطة و القرار العلنية و السرية في الغرب و الكيان الصهيوني، فأصبح تاجراً كبيراً و وسيطاً للأسلحة بين النظام السعودي و العديد من البلدان العربية و غير العربية، كما لعب دوراً في خطة روبرت ماكفارلين، و قام بالتخطيط و التنسيق في مزرعته لتنفيذ عملية نقل اليهود الأثيوبيين (الفالاشا) إلى إسرائيل بالتعاون مع شارون و جعفر نميري (رئيس السودان الأسبق)3.
وانطلاقاً من هذه الخصوصيات التي تميزت بها أسرة خاشقجي، أصبح جمال خاشقجي مستشار تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودي الأسبق في قضايا حساسة معينة مثل شبكة القاعدة و قضية أفغانستان و المشاريع الاستخباراتية الخاصة، و لهذا أطلق عليه البعض «الصندوق الأسود» للعائلة المالكة السعودية. ترك العربية السعودية بسبب خلافه مع بعض أعضاء الأسرة الحاكمة ليبدأ حياة جديدة في الولايات المتحدة. كان جمال خاشقجي على وفاق مع النظام السعودي في استراتيجياته العامة مثل دعم التكفير و الملف السوري و مواجهة إيران و العديد من الرؤى الأخرى، على الرغم من معارضته لبعض السياسات السعودية، لكنّه على أي حال كان قد خرج من عباءة النظام و التبعية العمياء له و صار ينتقد النظام علناً4. 
تشير التقارير إلى أنّ جمال خاشقجي كان بصدد استكمال معاملات قنصلية و إدارية خاصة بزواجه من خطيبته التركية خديجة جنكيز فراجع سفارة المملكة العربية السعودية في واشنطن، غافلاً خطط حكام الرياض الجدد لإسكات كل صوت معارض للنظام في العالم. و هكذا، سافر جمال خاشقجي إلى تركيا بعد نصيحة من خالد بن سلمان شقيق محمد بن سلمان و سفير السعودية لدى الولايات المتحدة. في ضوء السيطرة المعلوماتية لأجهزة الاستخبارات الأمريكية و اعتراض جهاز الاستخبارات البريطاني MI6 مكالمات البعثتين السياسيتين السعوديتين في الولايات المتحدة و تركية و التي قامت وكالة رويتر بنشرها بمهارة في الأخبار ذات الصلة، يرجّح أن تكون النصيحة بضرورة مراجعة جمال خاشقجي للقنصلية السعودية في تركيا قد تمّت باطلاع و تنسيق مسبق مع وكالة الاستخبارات المذكورة، دون أن يكون لديها تصوّر دقيق لحجم الفضيحة التي ستنجم عن ارتكاب هذه الجريمة. لقد لمّح جهاز الاستخبارات البريطاني MI6 و المسؤولون الأمنيون البريطانيون إلى أنّهم قد حذّروا المسؤولين السعوديين مسبقاً من تبعات ذلك5.
وتعتقد المصادر الأمنية أنّ مسار تطور هذه القضية و الذي انعكس جزء كبير منه في وسائل الإعلام الأمريكية و البريطانية و التركية كان على النحو التالي:
في 28 سبتمبر/ أيلول 2018 م قام جمال خاشقجي بمراجعة قنصلية بلاده، حيث تم التعامل معه بصورة هادئة و سلسة وفقاً لتخطيط مسبق، و طُلب منه العودة إلى العربية السعودية، و حدّدت له القنصلية موعداً للمراجعة هو الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول لاستكمال تطبيق الإجراءات القنصلية و استخراج أوراقه الثبوتية في الرياض و لذلك طُلب منه الحضور إلى مبنى القنصلية في إسطنبول لاستلام الأوراق.
وبموازاة هذه الإجراءات من واشنطن إلى إسطنبول، قامت لجنة مؤلفة من اللواء أحمد العسيري و سعود القحطاني و محمد الرميح و ماهر المطرب و اثنين من ضباط الحرس الملكي السعودي (وليد عبد الله الشهري و مشعل سعد البستاني) و جميعهم أعضاء فريق الإعدام، قاموا بدراسة ملف خاشقجي و وضع الخطط اللازمة.
وقد اتّخذت هذه اللجنة المؤلفة من ستّة أشخاص 5 قرارات لتحقيق هدفين اثنين هما: إعادة جمال خاشقجي إلى المملكة العربية السعودية أو قتله، و القرارات هي:
التفاوض بشأن ترتيب عودة سلمية لخاشقجي إلى الرياض.
إعادته بالقوة في حال أبدى مقاومة.
قتله إن اعترض أو تعذّرت إعادته.
تعيين القنصل السعودي في اسطنبول كمسؤول عن تنفيذ القتل.
تكليف عنصر الاستخبارات السعودية أحمد عبد الله المزيني بالسفر إلى اسطنبول لإبلاغ القنصل بالقرار و التنسيق معه.
ولتنفيذ العملية شُكل فريقان مؤلفان من 9 و 6 أشخاص سافرا على متن طائرتين خاصتين و من جهتين مختلفتين إلى اسطنبول، و ضمّت الطائرتان الفريق المسؤول عن المفاوضات، و طبيب مختص و عناصر للحراسة و المراقبة و عناصر لتطهير مسرح الجريمة، و عناصر للقتل و النقل و الإسكان، و تمّ اختيار الأسماء التالية لتنفيذ العملية:
صلاح محمد الطبيقي، وليد عبد الله الشهري، نايف حسن العريفي، مشعل سعد البستاني، ثائر غالب الحربي، خالد عائض العتيبي، فهد شبيب البلوي، منصور عثمان البوحسين، ماهر المطرب، مصطفي المدني، سيف القحطاني، محمد سعد الزهراني، بدر لطيف العتيبي، عبد العزيز الهوساوي، تركي مشرف الشهري.
سبعة من هذه الأسماء المذكورة هم أعضاء في الحرس الخاص للأمير محمد بن سلمان، و تتضمن خطة التنفيذ كيفية إخفاء الجثة أو نقلها إلى السعودية، و التأكيد على ضرورة إيقاف كاميرات المراقبة في مبنى القنصلية عن العمل في يوم وصول فريق الاستجواب و القتل و تنفيذه لمهمته و مغادرته القنصلية. كما لم ينس واضعو الخطة أن يمنحوا العاملين الأتراك في القنصلية إجازة في نهار اليوم الذي وصل فيه خاشقجي إلى القنصلية للحفاظ على الجوانب الأخرى للعملية، و يتم تحديد محل إقامة الفريقين المذكورين في فندقين منفصلين، بينما يقيم أربعة عناصر رئيسية منهم في مبنى القنصلية للتحضير للمهمة. في اللقاء الأول لجمال خاشقجي مع القنصل السعودي بتاريخ 28 سبتمبر̸ أيلول تم تسجيل ما دار من حوارات بين الطرفين بالصوت و الصورة و قام أحد العناصر و هو أحمد عبد الله المزيني بنقلها إلى الرياض. في هذا اللقاء يطلب العتيبي من خاشقجي الكفّ عن اتّخاذ مواقف متشدّدة ضدّ السعودية و العودة إلى بلاده و إعلان ولاءه للملك و لولي العهد. و ينتهي هذا اللقاء الذي استغرق زهاء ساعة واحدة دون نتيجة و يرفض خاشقجي طلب القنصل و يغادر مبنى القنصلية.
في 28 سبتمبر̸ أيلول يعود المزيني إلى الرياض حاملاً معه التسجيلات الصوتية و الفيديوية لهذا اللقاء ليضعها في متناول لجنة ثلاثية مؤلفة من أحمد العسيري (نائب رئيس الاستخبارات العامة السعودية السابق) و سعود القحطاني (المستشار السابق في الديوان الملكي) و محمد الرميح (مساعد رئيس الاستخبارات العامة لشؤون الاستخبارات)، و قد شكّلت هذه اللجنة من قبل ابن سلمان لاطلاعه على آخر تطورات ملف خاشقجي و مساراته. في البداية أصرّ ابن سلمان على إعادة خاشقجي إلى السعودية أو قتله إن رفض. و بناءً عليه سافر المزيني في الأول من أكتوبر̸ تشرين الأول برحلة سعودية إلى إسطنبول و وصلها في الساعة الثانية عشرة، و التقى بالقنصل العتيبي في مبنى القنصلية و أبلغه أوامر ولي العهد. و قد سلك المزيني بوصفه أمين اللجنة الثلاثية المشكّلة في الرياض مسيراً غير الذي سلكه الفريق المؤلف من 15 عنصراً، و كان يرفع تقاريره حول مسار تنفيذ العملية إلى أحمد العسيري. و جدير بالذكر أنّ هذه اللجنة الثلاثية بمثابة الذراع التنفيذي لولي العهد في العمليات الخاصة و الاغتيالات الصامتة. كما أنّ ثلاثة عناصر من أفراد الفريق المؤلف من 15 عنصراً كانوا من المقرّبين جداً لولي العهد و هم ماهر المطرب (رئيس الحرس الخاص بولي العهد و قد كان ملحقاً أمنياً في السفارة السعودية بلندن في عام 2007 م) و الدكتور صلاح محمد الطبيقي (وهو طبيب شرعي مختص بالأدلة الجنائية في جهاز الاستخبارات السعودي حيث كان يصدر تراخيص الوفاة و الدفن و كان يستعمل مواد كيميائية خاصة و فايروسات لتنفيذ الاغتيالات الصامتة) و محمد سعد الزهراني (وهو أحد العناصر الأمنية و قد شوهد دائماً إلى جانب ولي العهد). و ذكرت تقارير عديدة لمصادر غربية أنّ ماهر المطرب و أحمد المزيني، و هما حلقتا الوصل مع الرياض، قد اتصلا عدة مرات بالمسؤولين في الرياض بتاريخ الثاني من أكتوبر̸ تشرين الأول لإرسال التقارير. فالأول و خلال تواجده في إسطنبول الذي لم يستغرق أكثر من 14 ساعة اتصل بالرياض 19 مرة ، أربعة من هذه الاتصالات كانت مع مدير مكتب ولي العهد.
إذن، بحسب الخطة الموضوعة، اتّصل الموظف في القنصلية السعودية بجمال خاشقجي في الساعة الحادية عشرة صباحاً و أبلغه أنّ أوراقه الرسمية جاهزة و بمقدوره مراجعة القنصلية في الساعة الواحدة بعد الظهر لاستلامها بينما تم ترخيص جميع الموظفين الأتراك في القنصلية في الساعة الثانية عشرة و عشرين دقيقة. و بالفعل جاء خاشقجي في الموعد المذكور، و فور دخوله مبنى القنصلية تحدّث إليه القنصل العتيبي و طلب منه أن يجهّز نفسه للعودة إلى الرياض، و هنا أبدى خاشقجي استغرابه و رفضه للطلب. و في غضون لحظات قليلة جداً دخل عدد من عناصر فريق القتل إلى غرفة القنصل و بدأوا بتوجيه الإهانات و اللكمات إلى خاشقجي بحضور القنصل العتيبي و من ثمّ حقنه بإبرة مخدرة بجرعة كبيرة. هنا اعترض القنصل على عناصر الفريق بألّا يكملوا العمليات الفيزيائية للقتل في غرفته فواجه سخرية ماهر المطرب الذي قال له: «إن كنت تريد أن تصل للسعودية و تريد العيش هناك فاصمت!!».
في هذه الأثناء تم نقل جثة خاشقجي إلى غرفة مجاورة كانت قد أعدّت لهذا الغرض ليقوم الطبيب الشرعي صلاح الطبيقي بتقطيعها بمنشار كهربائي و تكون جاهزة لنقلها إلى مكان آخر. و يُعتقد أنّ قتل جمال خاشقجي استغرق بين عشرة إلى خمسة عشرة دقيقة منذ دخول فريق الاغتيال إلى الغرفة، أما تقطيع جثته و تعبئتها في أكياس و حقائب خاصة فقد تمّ في أقل من ساعة.
ولأغراض التغطية و التمويه خرج شخص من الباب الخلفي لمبنى القنصلية يرتدي ملابس جمال خاشقجي، و تمّ عرض الفيديو الخاص بذلك على وسائل الإعلام، و لكن فات هذا الشخص أن يلبس حذاء خاشقجي. بعد ذلك قام عدد من عناصر فريق القتل بإخراج جثة خاشقجي المقطعة إلى خارج القنصلية و نقلها في ستّة عشرة سيارة إلى مكان آخر، و بقي في القنصلية بعض العناصر المتخصصة لتطهير المكان ببعض المواد المطهرة الخاصة بهدف طمس معالم الجريمة. و يبدو أنّ التحريات الأمنية و القضائية قادت إلى العثور على بعض بقايا جثة خاشقجي و قد تمّ تذويبها و إلقاؤها في بئر قديمة للصرف الصحي على بعد 300 متر من مبنى القنصلية. بعد ذلك انطلقت السيارات الستة عشرة في اتجاهات مختلفة، بعضها باتجاه الفندق الذي يقطن فيه بعض عناصر الفريق السعودي، و بعضها الآخر باتجاه المطار و قد قامت الكاميرات المنصوبة في شوارع المدينة برصد هذه التحركات و تسجيلها، عدا سيارتين لم تتمكن هذه الكاميرات من رصدها اتجهتا إلى جهة غير معلومة، و بحسب ادّعاء النائب العام السعودي، تم تسليم بعض الحقائب لمتعاون محلي. في الساعة الخامسة عصراً وصلت طائرة سكاي برايم إلى مطار إسطنبول لتقوم بإخراج أول مجموعة من الفريق و عددها تسعة عناصر إلى خارج تركية، و أقلعت في الساعة الخامسة و أربعين دقيقة متجهة إلى دبي و من ثمّ إلى الرياض.
هذا، و كان جمال خاشقجي قد أوصى خطيبته خديجه جنكيز أنّه إذا لم يعد إليها لأي‌سبب كان فعليها الاتصال فوراً بياسين آكتاي (صاحب امتياز مجلة تذكره و عضو حزب آك بارتي-العدالة والتنمية-)، و بالفعل تتصل خديجة بالمذكور فيما بين الساعة الرابعة و النصف إلى الخامسة عصراً، ليتّصل بدوره بوسائل الإعلام و المسؤولين الحزبيين و الأمنيين لاطلاعهم على الموضوع.
وبعد أن علمت السلطات الأمنية بالموضوع حوالي الساعة السادسة عصراً تصدر أمراً فورياً بمنع الطائرة الثانية من المغادرة، بيد أنّها لم تفتش الحقائب الموجودة فيها و ذلك لظنّ المسؤولين أنّها تتعرّض للاختطاف، بعد ذلك أقلعت الطائرة إلى القاهرة و منها إلى الرياض وجهتها الأخيرة.
أمّا أحمد المزيني فغادر ليلة الحادث الأراضي التركية في الساعة التاسعة و 31 دقيقة مساءً على متن طائرة سعودية و بجواز سفر دبلوماسي حاملاً معه حقيبة كبيرة سوداء اللون، و طبعاً مرّت هذه الحقائب بدون تفتيش. و كشف المدعي العام التركي في بيان لاحق أنّ السيارتين اللتين اختفتا من رصد عدسات كاميرات المراقبة في المدينة عادتا إلى القنصلية في الساعة العاشرة مساءً، و طرحت ثلاثة احتمالات لوجهتيهما هي غابات بلغراد و منطقة بنديك و مدينة يالوا، الواقعة على بحر مرمرة، و كان الاحتمال الثالث هو الأقوى، بعدما تبيّنت هوية المتعاون المحلي الذي قام بإخفاء بعض بقايا جثة خاشقجي. و قامت السلطات الأمنية بتفتيش منزل من ثلاثة طوابق في يالوا، في منطقة سامانلي، يملكه تاجر سعودي كانت له علاقة بأحد عناصر فريق الاغتيال الذي تأكّد اتصاله به تلفونياً، و هذا العنصر يدعى عثمان البوحسين حيث اتّصل بالتاجر السعودي المدعو محمد أحمد الفوزان و نسّق معه.
مسار ردود الأفعال على قتل خاشقجي
1-تركية؛
 في البدء، كان المسؤولون الأتراك و السلطات التركية تطرح احتمال اختفاء أو اختطاف جمال خاشقجي، لذا، انطلاقاً من هذه الفرضية، بدأت باتخاذ عدد من الإجراءات و طلبت تفتيش مبنى القنصلية السعودية، و بعد بضعة أيام و على أثر إطلاق المسؤولين الأتراك تحذيراتهم، غادر القنصل السعودي (العتيبي) إسطنبول، و سُمح للسلطات التركية بتفتيش مقر إقامة القنصل و مبنى القنصلية عدّة مرات، و لكن لم يُعثر على أي أثر لجمال خاشقجي، حينئذ دأبت السلطات التركية بصورة أكثر جدية على البحث في احتمالات القتل، فطلبت من السعودية القيام بتحقيق مشترك، و في المقابل كثّفت إجراءاتها الأمنية لتسليط مزيد من الضوء على هذا الحدث. وافق السعوديون على إجراء مثل هذا التحقيق و سافر النائب العام السعودي إلى إسطنبول، إلّا أنّ الأتراك لم يحصلوا على أيّ معلومات تفيد في دفع مسار التحقيق.
كانت لحادثة اختفاء جمال خاشقجي وقع خاص على الرأي العام في تركية و العالم، و أثارت في الوقت نفسه ردود أفعال واسعة، فعمل المسؤولون الأتراك، لأسباب مختلفة، على استمرار الضغوط الإعلامية و الرسمية على السعوديين و الإبقاء على جذوة الحادثة متّقدة. فكانت خطتهم تتلخص في كسب المزيد من المعلومات و استكمالها بصورة تدريجية، و التأكّد من مسألة القتل، و الحصول على تفاصيل أخرى عن كيفية إخفاء الجثة. 
في الأيام الأولى لوقوع الجريمة حصل اتصال هاتفي بين أردوغان و الملك سلمان أكّد خلاله الجانبان على أهمية العلاقات الثنائية، بيد أنّ أردوغان و المسؤولين الأتراك كانوا يلمّحون دائماً إلى مسؤولية محمد بن سلمان الرئيسية في الجريمة. في هذه الأثناء، و في رواية ثالثة متناقضة عن الجريمة، أصدر النائب العام السعودي بياناً وجّه فيه الاتهام إلى خمسة أشخاص لعلاقتهم بقتل جمال خاشقجي و طالب بإعدامهم6، و عُدّت هذه الرواية من قبل المسؤولين الأتراك و وسائل الإعلام و الرأي العام العالمي رواية مضلّلة للتغطية على دور محمد بن سلمان و طالبت هذه الجهات بالكشف عن الحقيقة كاملة. و هنا صعّد أردوغان لهجته و هدّد بعرض جميع الحقائق المرتبطة بالجريمة الأمر الذي دفع السيدة هاسبل رئيسة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) إلى القيام بزيارة عاجلة إلى كل من الرياض و إسطنبول، للحصول على ما لدى الأجهزة الأمنية التركية من معلومات حول القضية، و لتحول بذلك دون اتّساع نطاق التوتر بين السعودية و تركية و الكشف عن الحقائق من قبل المسؤولين الأتراك. كنتيجة لهذه التطورات، ترسّخ الاحتمال بأنّ ثمّة صفقة ما وراء هذه التحركات الدبلوماسية الرسمية و السرية، أطرافها الولايات المتحدة و تركية و السعودية، لدرجة أنّ بعض الأخبار تحدّثت عن أنّ العربية السعودية عرضت على تركية رشوة بمبلغ خمسة مليارات دولار للتغطية على الموضوع، و أنّ تركية رفضت العرض الذي تضمّن أيضاً وعوداً بإجراء تغييرات تدريجية على هيكل السلطة في العربية السعودية و تنحية ابن سلمان و جاء ذلك بالتزامن مع رحلة مفاجئة لكوشنر، صهر ترامب، إلى الرياض. و قد عزّز تصريح ابن سلمان الذي أعلن فيه أنّه لن ينسى هذا الانقلاب الأمريكي عليه الاحتمال القائل بوجود خطة سرية أمريكية في السعودية. لا سيّما بعد إعلان السلطات التركية عن إطلاق سراح القس الأمريكي المتهم بالتجسس قبيل زيارة السيدة هاسبل إلى إسطنبول، و بذلك تعزّزت الشكوك حول التمهيد لاتفاق تركي أمريكي فيما يتعلق بقضايا المنطقة انطلاقاً من جريمة مقتل خاشقجي7.
ويلاحظ هنا أنّ السلطات الأمنية و السياسية التركية اتبعت سياسة ذكية تمثّلت في تسريب المعلومات حول قضية مقتل خاشقجي إلى وسائل الإعلام بالتدريج و قطرة بعد قطرة، و كذلك فعلت في تواصلها مع الأطراف الأوروبية و الأمريكية، فهي لم تقدّم إليهم جميع ما لديها من معلومات، باستثناء السيدة هاسبل مديرة وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) التي تلقت معلومات وافية عن القضية، و قد أعلن المسؤولون البريطانيون، بحسب صحيفة الغارديان، عن عدم ارتياحهم بل و قلقهم من عدم تلقيهم تفاصيل وافية و كاملة عن ملف الجريمة8.
لم يطرح أردوغان في خطابه أيّ معلومات جديدة، لكنّه أكّد على برنامجه السابق و ضرورة تقديم كل الذين تسبّبوا في هذه الجريمة أو أصدروا الأوامر بتنفيذها إلى العدالة، و مناقشة دور الدول الأخرى المشاركة في هذه الجرائم، مبيناً أنّ معاهدات جنيف أمام امتحان صعب، و كذلك تأكيده على ضرورة إجراء تحقيق محايد و أنّ السلطات السعودية لا تبدي تعاوناً كافياً في هذه القضية. و يبدو أنّ الرسالة الجوهرية التي أراد أردوغان إرسالها من وراء إلقائه هذا الخطاب هو وضع علامة استفهام كبرى حول الرواية السعودية عن مقتل خاشقجي.
لقد كتبت صحيفة الغارديان البريطانية بأنّ المناخ المتبلور عن مقتل خاشقجي يبرز جدلاً مصيرياً بين أردوغان و ابن سلمان حول زعامة المنطقة و ترسيخ النفوذ في الشرق الأوسط و الاضطلاع بدور ريادي في تنفيذ سياسات الولايات المتحدة الإقليمية، و هو بلا شك وصف دقيق عن جوهر هذه الأزمة، لكنّه، في نفس الوقت، وصفٌ للقفز على موضوع الجريمة و تحويله إلى صراع جيوسياسي و صراع نفوذ بين تركية و السعودية.
بعد القطع بمقتل خاشقجي و التمثيل بجثته، قام أردوغان و بقية المسؤولين الأتراك بشكل مكرّر بتسريب معلومات بشكل تدريجي، حيث زعمت صحيفة فرارو الحكومية، على سبيل المثال، «إنّ الحقائب التي كانت بحوزة فريق الاغتيال السعودية تحتوي على مقص كبير، و مشرط، و جهاز صعق كهربائي، و حُقن كبيرة تمّ استعمالها لقتل خاشقجي». و كذلك تصريح وزير الخارجية التركية تشاويش أوغلو الذي أكّد فيه على أنّ مبنى القنصلية و بيت القنصل تمّ تنظيفهما بعناية، أو التصريح بامتلاك السلطات لملفات صوتية آمادها 4 و 7 و 15 دقيقة تحتوي على تفاصيل أكثر عن كيفية اغتيال خاشقجي و تمّ نشرها.
لقد تسنّى للسلطات التركية الحصول على أسماء و صور عناصر الفريق السعودي الخمسة عشرة عبر معلومات المطار و كاميرات المراقبة المنصوبة فيه و كذلك في أنحاء متفرقة من مدينة إسطنبول، إلّا أنّ الملفات الصوتية تشكّل العمود الفقري لهذه المعلومات. هناك ثلاث نظريات مطروحة حول مصدر هذه الملفات:
1-قيام فرق التجسّس التركية بزرع أجهزة تنصت في غرفة القنصل و سائر الغرف الأخرى في القنصلية.
2-الهواتف المحمولة الذكية للقنصل أو إنّ هاتف أحد عناصر فريق الاغتيال ارتبط عن طريق السهو بشبكة الإنترنيت و تمّ تسجيل هذه الملفات الصوتية.
3-ساعة أبل التي كان خاشقجي يضعها في يده قامت بتسجيل الأصوات و نقلتها إلى الهاتف المحمول لخطيبته خديجة جنكيز، و تم ذلك عبر نظام آيكلود في ساعة أبل و الهاتف المحمول أبل، حيث قام جمال خاشقجي بتفعيله منذ لحظة دخوله للقنصلية و ذلك لدواعي القلق و الخشية على حياته9.
ربما كانت النظرية الثالثة الأقرب إلى الواقع فنياً لجهة نقل الملفات الصوتية لمقتل خاشجي، و المهم هو أنّ هذه الملفات الصوتية موجودة، و في حوزة الولايات المتحدة و ثلاث دول أوروبية نسخاً منها، و لم يستطع أيّ من هذه الدول إنكار صحّتها، لا بل إنّ ترامب و بولتون و وزير الخارجية بومبيو كانوا قد تحدّثوا في تصريحات لهم عن هذه الملفات و استندوا إليها. كما أشارت صحيفة الواشنطن بوست إلى امتلاك الـ CIA تسجيل لمكالمة تلفونية تمّ التنصّت عليها يخاطب فيها ولي العهد محمد بن سلمان شقيقه خالد بن سلمان (سفير المملكة في و اشنطن) و يأمره بإسكات خاشقجي. و الحقيقة إنّ معظم الأطراف ذات الصلة بالموضوع و غالبية وسائل الإعلام الأمريكية بل و حتى تقييم وكالة الاستخبارات المركزية CIA يؤكّد على أنّ ابن سلمان هو من أعطى الأوامر المباشرة بالقتل، و تشكّل هذه المسألة أولوية بالنسبة للمسؤولين الأتراك، أعني، أن تعترف السعودية بالمسؤول الرئيسي و الشخص الذي أصدر الأوامر بقتل جمال خاشقجي10.
2-المملكة العربية السعودية؛
 التي حاولت منذ البداية إنكار دخول جمال خاشقجي إلى قنصليتها، ثم أكّدت على خروجه منها، في الرواية التالية بيّنت أن مقتله جاء نتيجة لعراك داخل القنصلية و محاولة إسكاته، بعد ذلك اعترف النائب العام السعودي في بيان رسمي أنّ مقتل خاشقجي كان متعمداً و حدث نتيجة لحقنه بمادة قاتلة و كان قراراً فردياً من قبل مسؤول فريق التحقيق. لووضعنا هذه الاعترافات المتناقضة إلى جانب رسالة التعزية التي أرسلها الملك سلمان و ولي العهد محمد بن سلمان إلى نجل خاشقجي، و من ثم تصريحات ابن سلمان للمسؤولين الأمريكيين التي وصف فيها جمال خاشقجي بأنّه إخواني خطير، سنجد حالة من الإرباك و التخبّط سادت أوساط المسؤولين السعوديين. هذا و طبقاً لتقرير مراسل طاولة إيران فإنّ صحيفة الغارديان ذكرت بأنّه قبل عدة أيام من مقتل الصحفي جمال خاشقجي قدّم الأمير محمد بن سلمان دعماً مالياً مقداره 250 مليون دولار إلى شبكة إيران إنترناشنال المعارضة للحكومة الإيرانية و التي تغطّي نشاطات الجماعة الأحوازية الإرهابية و سائر الجماعات المعادية المرتبطة بالسعودية. صحيح أنّ هذا الإجراء لا يشكّل دليلاً قاطعاً على هذا العمل، إلّا أنّ تقارير أخرى لوسائل الإعلام تتحدّث عن أنّ خطة جريمة قتل خاشقجي تمّ الإعداد لها قبل 12 يوماً من موعد الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول، لأنّ خاشقجي، بحسب تحليل صحيفة هاآرتس الإسرائيلية كان يملك وثائق و معلومات كثيرة حول الممارسات غير القانونية و الإرهابية للنظام السعودي و كانت تشكل لهذا الأخير مصدر قلق كبير و من هنا جاء القرار بتصفيته و التخلّص منه. في نفس السياق، أكدت صحيفة معاريف الإسرائيلية في تقرير لها حول الموضوع بأنّ وكالة الاستخبارات المركزية CIA حصلت على معلومات من مصادرها الخاصة عن هوية خديجة جنكيز التي تعمل لصالح جهاز الاستخبارات التركي و نقلتها إلى السلطات السعودية، ممّا دفع المسؤولين السعوديين إلى محاولة إعادة خاشقجي إلى السعودية و تقديم ضمانات عديدة في هذا الشأن، لكنّ محاولاتهم باءت بالفشل. و بالنظر إلى أنّ جمال خاشقجي كان يعدّ الصندوق الأسود بالنسبة لأجهزة الاستخبارات المنافسة للنظام السعودي، و ذلك لملازمته الطويلة لتركي الفيصل و على اطلاع وثيق بملف أفغانستان و المساعدات المالية للجهاديين و علاقة تركي الفيصل بابن‌لادن و العلاقات السرية بين الولايات المتحدة و العربية السعودية ... إلخ، و كان يملك وثائق عديدة في هذا المجال، أقول، بالنظر إلى كل هذا، فإنّ مسألة التخلص منه فيزيائياً كانت ضمن قائمة أولويات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ولكي نقف على أبعاد هذا التحليل الذي قدّمته الصحيفة الإسرائيلية لا بأس من الاطلاع على مجمل آراء و مواقف جمال خاشقجي عدا سوابقه الأمنية الاستخباراتية. فبالإضافة إلى التقارير التي كتبها في عام 1988 م حول جهاد الشباب العرب (العرب الأفغان) في أفغانستان ضد الجيش السوفيتي، كان يدافع عن العمليات العسكرية التركية ضدّ الأكراد في مدينة عفرين، و يدعم السياسات المعادية للأكراد، و يعارض التواجد الإيراني في سورية، و يتجاهل بل و يبرّر جرائم الإرهابيين في سورية و نهبهم و تدميرهم لهذا البلد، و كان يؤكد على ضرورة إخراج إيران من سورية، و كسب السعودية دعم أمريكا للضغط على إيران، بالإضافة إلى تبريره ذبح الإرهابيين التكفيريين للجنود السوريين تحت ذريعة أنّها ردود أفعال على حملات الجيش السوري، كما كان خاشقجي يوجّه النقد لبعض انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، أو تفعيل العلاقات مع إسرائيل أو إظهارها للعلن!!
وفي آخر تصريح له و الذي أثار سخرية و استهجان العالم مرة أخرى قال النائب العام السعودي أنّ قتل خاشقجي كان متعمداً و عملاً فردياً قام به نائب الاستخبارات السعودي و رئيس فريق الاغتيال، و أنّه كان بصدد إعادته إلى بلاده لكنّه فجأة قرّر قتله، و بعد حصول عراك بين الطرفين و حقنه بمادة مخدرة قام بتقطيع جثته و سلّم هذه القطع إلى متعاون محلّي تركي، و بناءً على ذلك، فقد وجّه الاتهام إلى أحدعشر شخصاً و طالب بإعدام خمسة منهم. و المثير في الأمر، أنّ ترامب صرّح قبل صدور بيان النائب العام السعودي أنّه ربما كان قتل خاشقجي عملاً فردياً، ما يشي بوجود تواطؤ و تنسيق بين البيت الأبيض و بين المسؤولين السعوديين. و عُدّ هذا البيان دليل آخر على عدم المسؤولية التي تحلّت بها السعودية، إذ إنّ رواية النائب العام تلك لم تقنع أيّ من الدول أو الرأي العام و وسائل الإعلام العالمية، عدا ترامب طبعاً.
من ناحية أخرى، تمّ اعتقال القنصل السعودي في تركية محمد العتيبي فور عودته إلى بلاده و خضع لاستجواب السلطات هناك، و عُزل سعود القحطاني من منصبه كمستشار في الديوان الملكي و مُنع من السفر خارج البلاد، كما عُزل أحمد العسيري المسؤول الرئيسي في هذه القضية عن منصبه كنائب رئيس الاستخبارات العامة، و ذكرت الأنباء بأنّ أحد عناصر فريق الاغتيال قد قُتل في حادث مشكوك. و إنّه لأمر يدعو للتأمّل أن يعترف تركي الفيصل في مقابلة مع صحيفة سبوتنيك بأنّ أمراء سعوديين معارضين اختفوا في أوروبا و هم الآن موجودون في الرياض و تركي البندر أحدهم!!! و تحدّثت تقارير أخرى على لسان خالد بن فرحان آل سعود أنّ محمد بن سلمان و بسبب خشيته على مستقبله كان بصدد اغتيال عمه أحمد بن عبد العزيز أو اعتقاله. و قد عاد هذا الأخير إلى الرياض نتيجة لتزايد ضغوط النظام السعودي و ابن سلمان، و اتّخاذ بريطانيا بعض الترتيبات بالتنسيق بين الجانبين البريطاني و الأمريكي و تقديم الضمانات اللازمة، و استقبله الملك و ولي عهده، و هناك أخبار متداولة عن أنّه أحد الخيارات الرئيسية المطروحة ليحلّ محلّ ابن سلمان11. 
كما تحدّثت تقارير وسائل الإعلام الأمريكية أنّه خلال زيارة كوشنر إلى الرياض التي جرت بعد ثمانية أيام من مقتل خاشقجي، ناقش مع المسؤولين السعوديين وضع سيناريو مناسب للخروج من هذه الأزمة، لإنقاذ ابن سلمان من هذه الورطة و ذلك للأهمية الخاصة التي يمثّلها بالنسبة لترامب و كوشنر و لمشاريع الشرق الأوسط. و كان ممّا يحتوي عليه هذا السيناريو هو التضحية بأحمد العسيري و خمسة من أعضاء فريق الاغتيال كأكباش فداء بوصفهم المتهمين الرئيسيين في القضية. أمّا محمد العتيبي القنصل السعودي في إسطنبول و الذي كان شاهداً و شريكاً في جريمة قتل خاشقجي، فقد اتصل قبل عودته إلى الرياض بزعماء قبيلة عتيبة و خاصة فيصل بن سلمان بن جهجهاه بن حُمَيد ليطلب منهم الأمان، فاستُنْفرت القبيلة و أرسلت أفراداً منها إلى المطار لاستقبال القنصل في المطار، إلّا أنّ مسؤولين أمنيين كبار حضروا إلى المطار و أحبطوا هذه المحاولة و قاموا باعتقال القنصل و اقتياده إلى جهة مجهولة.
3-الولايات المتحدة؛
 هنا اتّخذ ترامب مساراً سلوكياً انفعالياً غير متوازن إزاء القضية تجلّى في سعيه منذ اللحظات الأولى لإعلان الجريمة إلى إنكارها أو التقليل من حجمها و من ثمّ حرفها عن مسارها وصولاً إلى ضرورة عدم إبداء أي ردّ فعل ضدّ السعودية و تبرئة ابن سلمان و ذلك عبر تبنّيه مواقف منحرفة و متناقضة أحياناً أو تسويغية. و الأمر الغريب هو أنّه بعد تصريح ترامب الأول الذي هدّد فيه بمقاطعة النظام السعودي و معاقبته إذا ثبتت مسؤولية السلطات السعودية عن جريمة قتل خاشقجي، صرّح الإعلامي السعودي تركي الدخيل مدير شبكة العربية الفضائية أنّه إذا أقدمت أمريكا على معاقبة السعودية فإنّ سعر برميل النفط سوف يقفز إلى 200دولار و أنّ السعودية سوف تعاقب العالم بالتصالح مع إيران و حزب الله و حماس، كما عبّرت وكالة الأنباء السعودية عن موقف حادّ إزاء أي تدابير بفرض حصار اقتصادي12.
و أكّد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي السابق في آخر تصريح له على أنّ قيادة بلاده ممثّلة في الملك سلمان و ولي العهد محمد بن سلمان خط أحمر، و رفض توجيه الاتهام إلى ولي العهد بمقتل خاشقجي، و شدّد على عدم السماح بالمساس بهما. الملاحظ هنا أنّ هذه المواقف ترسل برسائل مختلفة، فهي من ناحية تردّ على حملة الاعتراضات و الاتهامات العالمية الواسعة و خاصة في الكونغرس الأمريكي، و من ناحية ثانية تفتح أبواب المساومات مع ترامب على مصراعيها، و أخيراً تبيّن مدى الورطة التي وقع فيها النظام السعودي، و بالتحديد رأس السلطة.
كان ترامب على أعتاب الانتخابات النصفية للكونغرس، و كان يعي جيداً النتائج السلبية التي سوف تترتب على دعمه للسعودية و ابن سلمان، لذا حاول خلال تلك الفترة التظاهر باتّخاذ مواقف حادة في هذه القضية، خصوصاً في ظل التوظيف الأمثل لهذه الجريمة من قبل منافسه الحزب الديمقراطي، و التي يبدو أنّها كانت مؤثّرة و آتت أكلها في حصول الديمقراطيين على الأغلبية في انتخابات مجلس النواب. إلّا أنّ ترامب عاد بعد الانتخابات ليغيّر من نهجه و يتّخذ مواقف مغايرة لما قبلها تمثّلت في تبرئة ساحة ابن سلمان من هذه الجريمة و الحؤول دون الإضرار بسمعته حفاظاً على مصالحه و علاقاته بالسعودية.
يمكن أن نستشف من القرائن المطروحة أمامنا أن ثمّة سيناريو مشترك بين ترامب و ابن سلمان يلوح في الأفق يتضمّن المبادرة باتّخاذ تدابير متعددة، تضمن عدم تعرّض العلاقات مع السعودية لصدمة، و في نفس الوقت الإبقاء على ابن سلمان. و الأبعاد السرية لهذا السيناريو كانت على نحوٍ بحيث دفعت أعضاء الكونغرس الأمريكي إلى التعبير عنه بوجود علاقة مالية مشبوهة بين ترامب و كوشنر و ابن سلمان، و من الممكن أن تسبّب التحقيقات التي يزمع الكونغرس إجراؤها حول الموضوع قلقاً كبيراً لترامب13.
لقد فقد ابن سلمان و السعوديون فرصة عظيمة لعقد مؤتمر دافوس الصحراء الاقتصادي بعد أن قاطعته الكثير من الشركات العالمية الكبرى و العديد من الدول، فلجأ إلى التنسيق المباشر أو بالواسطة مع الكيان الصهيوني لاتّخاذ بعض الخطوات المشتركة نشير فيما يلي إلى بعضٍ منها:
1-زيارة بنيامين نتنياهو إلى سلطنة عمان لتغيير الأولويات في الرأي العام الإقليمي.
2-إطلاق نتنياهو عمليات عسكرية في قطاع غزة باءت بالفشل في أقل من 48 ساعة و تسبّب ذلك في أزمة وزارية في الحكومة الائتلافية للكيان الصهيوني.
3-تقديم بومبيو و ماتيس اقتراحاً بضرورة وقف الحرب في اليمن في غضون ثلاثين يوماً و البدء بمفاوضات سياسية في السويد، و البدء بعملية عسكرية جديدة للاستيلاء على ميناء الحديدة أو إطباق الحصار عليه لتكون بمثابة ورقة رابحة بيد ابن سلمان في المفاوضات السياسية في السويد.
4-إصدار ترامب بياناً يبرّر فيه أهمية المحافظة على العلاقات مع السعودية و المصالح النفطية و الاقتصادية و الأمنية على الأخص بالنسبة للكيان الصهيوني، و ذلك للحدّ من الضغوط الدولية و بالتحديد الكونغرس الأمريكي، و طرح مسألة إيران كأولوية بالنسبة للأمريكيين و العالم من خلال توجيه اتهامات عديدة إليها (الأدبيات العامة لهذه الرؤية هي من صياغة الإسرائيليين و قام ابن سلمان و المسؤولين الأمريكان باجترارها).
5-عملية توزيع للأدوار بين بريطانيا و الولايات المتحدة من أجل تسليط الضوء من جديد على الملف الإيراني عبر كيل الاتهامات الإعلامية و فرض عقوبات جديدة و توجيه اتهامات بالإرهاب ... إلخ (المسرحية المكررة حول اتهام إيران بإرسال صواريخ إلى اليمن و انتهاك القرار الأممي ذي الرقم 2231).
6-الإعداد لرحلة ابن سلمان الإقليمية - العربية إلى حلفاء السعودية في الخليج الفارسي و إلى مصر و تونس و موريتانيا و الجزائر التي لم تسفر عن أيّ نتيجة سوى إرشاء تونس بملياري دولار و إثارة موجة واسعة من الاحتجاجات ضدّه في مصر و تونس و اعتذار المغرب عن استقباله14.
7-إعداد التحضيرات اللازمة لرحلة ابن سلمان لحضور مؤتمر قمة الـ G20 و التخطيط للقاء زعماء البلدان و القوى العالمية، و لم تسفر رحلته هذه إلّا عن مزيد من العزلة و التنديد به و فتح ملف اليمن من جديد.
8-عقد تفوح منه رائحة الرشوة لابن سلمان بقيمة 15 مليار دولار لشراء منظومة صواريخ ثاد المضادة للصواريخ من الولايات المتحدة.
على الرغم من الخطوات أعلاه من قبل ترامب و الكيان الصهيوني، صادق الكونغرس على مشروع قرار بأغلبية 63 صوتاً و بمشاركة أعضاء من الحزب الجمهوري ينص على وقف الدعم الأمريكي للسعودية في حربها ضدّ اليمن (وربما وقف بيع الأسلحة لهذا البلد)، و مع ذلك هيّأ السعوديون ظروفاً استثنائية لإنتاج نفط رخيص و عرضه في الأسواق العالمية أملاً في استمالة الكونغرس و العدول عن قراره، و قد أدّت هذه الخطوة إلى انخفاض سعره بمقدار 30 دولار في غضون شهر واحد فقط.
في الحقيقة، إنّ جريمة مقتل خاشقجي ساعدت على تسليط الضوء على هزائم ابن سلمان في بقية ملفات البحرين و اليمن و المنطقة، و خلق أزمة خطيرة في هيكل السلطة في السعودية، و هو ما حذّرت منه الأوساط الصهيونية و البريطانية. لقد تحوّلت الظروف غير المستقرة في داخل السعودية إلى هاجس آخر بالنسبة لترامب و الغرب و الكيان الصهيوني سينطوي على عواقب أكثر خطورة في المستقبل.
عدا العلاقات مع السعودية، فإنّ أهمية الإبقاء على ابن سلمان ينطوي على أهمية خاصة بالنسبة لكوشنر و ترامب و الكيان الصهيوني، إذ بالإضافة إلى الرشى و المنافع الاقتصادية و المالية و مبيعات الأسلحة، فإنّ مصير صفقة القرن الترامبية الخاصة بالقضية الفلسطينية و مصير المنطقة بأكملها ستخيّم عليه ظلال من الشكوك و الغموض، و ستصطدم بقية المشاريع مثل النيتو العربي و تشكيل حلف فعال معادٍ لإيران بالكثير من العقبات و التحديات الجديدة.
بالتزامن مع الموجة العارمة الرسمية - الحكومية و الإعلامية و في أوساط الرأي العام و المنظمات الرسمية في الاتحاد الأوروبي التي تطالب بتحقيق مستقل في قضية مقتل خاشقجي، و تجميد صفقات السلاح للعربية السعودية، و ممارسة الضغوط ضدّ المتهمين من أعضاء فريق الاغتيال، فقد ارتفعت حمى الأجواء في الولايات المتحدة بسبب ردود الأفعال الصادرة عن وسائل الإعلام و النخب و الأعضاء البارزين في الكونغرس الأمريكي من كلا الحزبين الرئيسيين على السواء، الديمقراطي و الجمهوري. و مع ذلك يُنظر إلى فكرة معاقبة السعودية و تجميد أيّ علاقة للغرب معها على أنّه حلّ مكلف15.
إنّ نظرة السمسرة و المصالح التي تتبنّاها بعض الحكومات الأوروبية مثل فرنسا، أو الدعم الذكي و الماكر الذي يقدّمه الإنجليز في مقابل جنيهم أرباح طائلة من وراء العمولات و الرشى و صفقات الأسلحة مع العربية السعودية، و حمايتهم للنظام السعودي من أزمته الراهنة بإيعاز من الصهيونية العالمية، أقول إنّ هذه النظرة لم تمنع من تبلور مناخ إعلامي ساخط و ضاغط و رأي عام غربي معاد للكيان الصهيوني ما جعل هامش المناورة بالنسبة للحكومات الأوروبية المذكورة محدوداً جداً، فاضطرها إلى الرضوخ للتكاليف المترتبة على صعيد السمعة جراء مواصلة العلاقات مع السعودية. 
في خضم الضغوط الداخلية و الدولية التي تضيّق الخناق على ترامب، عارض هذا الأخير طلب الكونغرس بأن تقدّم وكالة الاستخبارات المركزية CIA تقريرها حول موضوع خاشقجي، لا سيّما و أنّ الوكالة أكّدت بوضوح في تقاريرها السابقة على دور ابن سلمان في مقتل خاشقجي، فكان ذلك سبباً مضافاً إلى معارضة ترامب لتقديم التقرير لرفع منسوب حساسية الكونغرس إزاء طبيعة العلاقة الخاصة التي تربط ترامب بابن سلمان و النظام السعودي، مع ذلك يسعى ترامب و فريقه السياسي و الأمني و العسكري إلى إظهار أنّ الأدلة و المعلومات المتوفرة لا تثبت علاقة ابن سلمان بمقتل خاشقجي، و كأنّه يريد التملّص من الموضوع. و أغلب الظن، في ظلّ مسار ردود الأفعال لترامب و البيت الأبيض و الجبهة العريضة المشكّلة من أعضاء الكونغرس و المجتمع الأمريكي و الرأي العام و وسائل الإعلام و النخب الأمريكية فإنّ هذا الجدال المحتدم سوف يكلّف ترامب غالياً. إذا كان بعض أعضاء مجلس الشيوخ تساورهم شكوك بشأن المسؤولية المباشرة لمحمد بن سلمان عن مقتل خاشقجي، فإنّ تقرير وكالة الـ CIA قد بدّد كل شكّ.
4-الكيان الصهيوني:
 في الأيام العشرة الأولى على مقتل خاشقجي، التزم الكيان الصهيوني الصمت، إذ كان يعيش حالة من الذهول و البغتة، و فجأة نزل إلى الساحة لتسجيل حضور فاعل و لإدارة الأزمة، بالأخص بعد أن بدأت تظهر بالتدريج تفاصيل أكثر عن عملية القتل و تقطيع الجثة عبر التقارير التركية و وسائل الإعلام، فقد أصدرت مؤسسة دراسات الأمن القومي للكيان الصهيوني في جامعة تل‌أبيب (INSS) في أواخر أكتوبر̸ تشرين الأول 2018 م تقريراً حلّلت فيه موضوع مقتل خاشقجي و خرجت بتوصيات و ملاحظات مهمة تمّ تبنّيها في العمل الدبلوماسي لترامب و السعودية و المسؤولين الصهاينة، كما أشارت إلى السيناريوهات المحتملة أيضاً، و يمكن تلخيص هذه التوصيات و الملاحظات بما يلي:
- استمرار التداعيات الناجمة عن القتل الوحشي لخاشقجي، و سوف تؤدّي إلى غليان الأوضاع في داخل السعودية.
- المملكة العربية السعودية مقبلة على فترة من عدم الاستقرار، ما يقتضي ضرورة التهيّؤ و الاستعداد لمواجهتها، لأنّ أيّ صدمة تصيب علاقات السعودية بالولايات المتحدة و إسرائيل، سوف تهدّد مصالح إسرائيل بخطر مباشر، و تترك آثاراً على القدرات السعودية لخلق شراكة في مواجهة إيران تحقيقاً للمصالح المشتركة.
- لا مناص من أن تتّخذ الولايات المتحدة و العالم موقفاً يطالب بتحديد المسؤولية عن قتل خاشقجي و التنديد به و ضرورة إجراء تحقيق دولي.
- لقد أعلن ترامب في لقاءاته غير العلنية أنّ علاقات كوشنر الخاصة بمحمد بن سلمان تخيّم بظلالها على السياسات الأمريكية.
- يخشى ترامب من أنّ تؤثّر معاقبة السعودية سلباً على العقود الثنائية بين البلدين، و على الرأي العام و على قاعدة ترامب الاجتماعية، و قد يزيد مقتل خاشقجي من الانتقادات بأنّ السعوديين خيّبوا آمال الولايات المتحدة في كبح جماح إيران (لا سيّما في حرب اليمن، و أزمة العلاقة مع قطر و احتجاز الحريري .. و غير ذلك).
- إنّ مقتل خاشقجي و ما ترتّب عليه من إفرازات على العلاقات الأمريكية السعودية سوف يخلق تحدياً خطيراً لم يسبق له مثيل منذ الحوادث الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر، و سيزيد من عدم الاستقرار في العربية السعودية.
- خلال حوادث الحادي عشر من سبتمبر كانت الأسرة السعودية المالكة منسجمة و متماسكة، أمّا الآن، فإنّنا نجد معارضي ابن سلمان هم من داخل الأسرة المالكة و من خارجها على السواء.
- لقد صُدمت الأسرة المالكة السعودية بردود الأفعال التي أفرزها مقتل خاشقجي، و لم تكن مستعدة للتبعات التي ترتّبت عليها.
- لقد أدرك الملك سلمان ضرورة أن يكبح جماح ولده محمد، و أن يتّخذ سياسة أكثر حكمة و حذراً، إلّا أنّه يجد نفسه مريضاً و ضعيفاً و هو بعد غير متأكد إلى متى سيتمكّن من إدارة الأزمة.
- إنّ مصالح الولايات المتحدة و إسرائيل تقتضي صيانة الاستقرار في العربية السعودية.
- كما يوصي التقرير السعوديين بمزيد من الإجراءات المعادية لإيران لمسح الآثار السلبية التي سبّبتها جريمة خاشقجي، و أن يعملوا على إقناع الآخرين بعدم وجود بدائل حالياً للقيادة السعودية الفعلية.
والجدير بالإشارة أنّ هذه الملاحظات و التوصيات سرعان ما أخذت طريقها إلى التطبيق في المواقف الرسمية للسعودية، و لا سيما عادل الجبير وزير الخارجية السعودي السابق، و تمّ تنفيذ عملية إرهابية في مدينة جابهار الإيرانية على يد جماعة أنصار الفرقان.
والمفارقة التي تستدعي الوقوف عندها هي أنّ التسويغات الأخيرة للمسؤولين الأمريكان من ترامب و مروراً بــ‌ بومبيو و ماتيس كلها و كذلك على لسان المسؤولين السعوديين إن تلويحاً أو تصريحاً، كانت تكرّر هذه الأدبيات نفسها للحؤول دون المساس بالقيادة السعودية الراهنة، و الإبقاء على الأجواء المعادية لإيران بدلاً من مواصلة الضغط على السعودية، و أن تقوم باستغلال الوضع القائم المتمثّل في ضعف ابن سلمان و عزلته أقصى استغلال. إنّ مقاربة ترامب في ربط وجود إسرائيل و أمنها بوجود السعودية، قد لا تكون من خلال تصور سطحي مقبولة من قبل الكيان الصهيوني، لكنّها في باطنها تشير إلى عمالة السعودية لإسرائيل، و تضخّم خدمات هذا النظام في عيون المعارضين و المنتقدين داخل الولايات المتحدة، من حيث أنّ الأمر الأهم بالنسبة لأعضاء الكونغرس و بعض النخب هو المحافظة على أمن الكيان الصهيوني.
تبرز أهمية هذه المقاربات و الملاحظات و التوصيات الإسرائيلية في وقت نشهد فيه تصاعد موجات الاحتجاج و التنديد بالنظام السعودي، و تتناقل ألسنة النخب و أعضاء الكونغرس و وسائل الإعلام الأمريكي الجرائم و الممارسات الإرهابية و الإجرامية السعودية المعادية لحقوق الإنسان. على سبيل المثال، يقول نيكولاس كريستوفر الصحفي الأمريكي الشهير في تقرير مفصل ينتقد فيه حكام السعودية: «ترامب هو من نصّب ابن سلمان، و لقد دافعنا في العقود الماضية عن السياسات السعودية الخاطئة في نشر الإرهاب و التطرّف و تأسيس المدارس الدينية المتطرفة في أفريقيا و سائر بلدان العالم، و قدّمنا الدعم المالي لإرهابهم و ديكتاتوريتهم المتعصبة، ثم يستشهد بجملة للرئيس الأمريكي روزفلت نعت فيها رئيس جمهورية نيكاراجوا بـ ابن‌الزنا، و يقول: اليوم، ابن‌الزنا هذا له علاقة بنا. و يضيف هذا الصحفي: «إنّ ابن سلمان يخدعنا، فهو لم يفِ بوعده فيما يتعلق بصفقة شراء الأسلحة بقيمة 110 مليار دولار و لم يلتزم بتطبيق صفقة القرن، و لم يطرح شركة آرامكو في البورصة، و في اليمن حصد نتائج معكوسة و وفّر فرصاً جديدة للقاعدة، كما أشعل مواجهة مع قطر تصبّ في صالح إيران و تركية، و احتجز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الذي تعرّض للإهانة و الضرب على يد سعود القحطاني، و أصبح حزب الله أقوى من ذي قبل، و أخيراً اختطف خاشقجي و قتله». و يعتقد المتحدّث بأنّ ابن سلمان لن يساعد أمريكا، و إحدى الهواجس المطروحة هي أن يورّط ابن سلمان الولايات المتحدة في حرب مع إيران، من هنا يقدّم نصيحة للإدارة الأمريكية أن توضّح للأسرة السعودية المالكة أنّها إذا كانت تريد العلاقة مع الولايات المتحدة، فهي بحاجة إلى ولي عهد جديد و ليس سفّاحاً.
كان هذا جانباً من النظرة إلى السعودية في الولايات المتحدة و السائدة بشكل واسع في جميع نواحي الحكومة و الشعب الأمريكيين، و لذلك تطرح أدلة كثيرة تفنّد مقاربة ترامب و فريقه في البيت الأبيض لتبرئة ابن سلمان من هذه الجريمة. لقد أصبحت هذه الفضيحة ذريعة للكشف عن الكثير من القضايا ذات الصلة بالنظام السعودي و التي كانت طيّ الكتمان بفعل الضغوط الإعلامية الماكرة، و صارت وسائل الإعلام تتداول بشكل مكثّف و بأساليب و أدبيات مختلفة قضايا هذا النظام في اليمن و البحرين و دعمه الإرهاب التكفيري و التطرّف في العالم و هزائمه الإقليمية المتلاحقة و جرائمه ضدّ الإنسانية في حرب اليمن و أبعاد النظام الديكتاتوري في السعودية و غيرها من الموضوعات.
وما يحوز على أهمية هنا هو أنّ هذه الحملات الإعلامية المعادية للسعودية و تفعيل الملفات المرتبطة بها، فتحت الباب أمام ظهور تقارير مفصلة عن الخطط و المشاريع المعادية لإيران بمشاركة الجنرال أحمد العسيري و جورج نادر (التاجر الأمريكي من أصل لبناني) و الإسرائيلي غويل زامل الذي دأب منذ عام 2016 م على القيام بأعمال إرهابية في إيران و الإخلال باقتصادها و إثارة القلاقل و الفتن فيها و إطلاق حرب نفسية و سايبرانية ... و غير ذلك عبر شركات وهمية و مسؤولين سابقين في شركة بلاك ووتر، كما كان له دور أيضاً في التذبذبات التي شهدها سعر الدولار في إيران في الأشهر القليلة الماضية، و كان الحديث يدور عن تخصيص السعودية لمبلغ ملياري دولار للقيام بهذه الأعمال، و هو ما يتيح لإيران متابعة هذه المعلومات و استكمالها و توثيقها لاستخدامها كورقة ضغط ضدّ النظام السعودي و ابن سلمان على وجه التحديد، و كشف النقاب عن الطبيعة العدوانية لهذا الرجل الذي يتبع، على غرار ترامب و الصهاينة، سياسة هجومية. و لا بدّ أن نذكر بأنّ إحدى الخطط الإرهابية التي أوكل الإسرائيلي زامل إلى أحمد العسيري بتنفيذها و أطلع ابن سلمان عليها هي اغتيال الجنرال قاسم سليماني16.

التداعيات
لم تفلح جميع محاولات ترامب و فريقه في البيت الأبيض و كذلك الكيان الصهيوني و سائر حماة النظام السعودي في التخفيف من التداعيات التي أفرزها مقتل جمال خاشقجي أو تجاوزها، ذلك أنّ عمق هذه التداعيات و النتائج المحتملة المترتبة عليها تغطّي دائرة واسعة إن على مستوى الرأي العام العالمي أو الدول الغربية أو داعمي النظام السعودي، أو داخل منظومة المملكة، أو ما يُطرح من موضوعات بصورة غير متوقعة من قبل النخب أو أعضاء الكونغرس الأمريكي أو المؤسسات الدولية حول اليمن و البحرين و الدور المدمّر لنظام آل سعود في المنطقة و بلدان العالم، أو من خلال نشره الإرهاب و التطرّف، فهذه النتائج الموضوعية يتعذّر ضبطها أو كتمانها.
وإذا كانت المقاومة الوقحة لابن سلمان و حماته الغربيين و الصهاينة قد أدّت إلى إبقاء الأول في منصبه كولي للعهد، فإنّ هذه الصورة الوحشية الدموية و غير الطبيعية و المفضوحة و التي تعدّ باعتراف وسائل الإعلام و الكثير من النخب و أعضاء الكونغرس الأميركي بمثابة خسارة مشينة لحماته الغربيين، سوف تظلّ آثارها باقية17.
كتبت صحيفة الغارديان في نهاية شهر أكتوبر̸ تشرين الأول في تقرير لها أنّ 37 مؤسسة أكاديمية أمريكية تلقت معونات مالية من العربية السعودية بمقدار 354 مليون دولار تحت عنوان منح دراسية منذ عام 2011 م، و تشمل قائمة المؤسسات هذه جامعة هارفارد و مؤسسة ماساتشوست التكنولوجية الأمريكية (تلقت هاتان الجامعتان 25 مليون دولار) و هي الآن بصدد إعادة النظر في استمرار علاقاتها بالعربية السعودية، لأنّ هذا النظام قد تحوّل إلى لطخة سوداء، و استمرار العلاقة معه لم يعد ينطوي على أيّ ميزة أو فخر بالنسبة لهم. من هنا سنحاول في هذه الفقرة أن نحلّل هذه الآثار بصورة مستقلة على مختلف الميادين.

العربية السعودية
طبقاً لتأكيدات الدوائر الأمنية الإسرائيلية أو بعض المسؤولين في الإدارة الأمريكية و وسائل الإعلام سيعاني هذا النظام من عدم الاستقرار في المستقبل، لأنّه حتى لو بقي ابن‌سلمان في منصب ولاية العهد، لعوامل مختلفة، فهناك شكوك في أن يقبل أمراء الأسرة المالكة بابن‌سلمان ملكاً بعد موت أبيه نظراً لسجله الأسود و الفاشل، و أنّ سياسة القمع الشديد التي يتّبعها ضدّ معارضيه ستفتح أبواب الاضطرابات و التناقضات الخطيرة، و في أسوأ السيناريوهات، حتى لو تجاوز ابن سلمان هذه المشاكل، لن يكون أمامه إلّا أن يتّبع رؤية متحفّظة و يمتنع عن الدخول في مغامرات، سواء على الصعيد الداخلي أم على الصعيد الخارجي18. و هذا يعني إضعاف مكانة المملكة العربية السعودية الإقليمية، و انحسار تأثيرها على التحولات و معادلات القوة في المنطقة، و فقدانها للدور المحوري و البارز في السياسات الإقليمية للولايات المتحدة. أن يكون ابن سلمان ضعيفاً هذا يعني أنّه سوف يُجبر على تقديم تنازلات أكبر لحماته الغربيين، أو أن يلعب أدواراً مكلفة ستزيد من عمق ظروف أزمته، فلن يحظى نظام آل سعود و ابن سلمان بنفس النفوذ و المكانة بين بلدان العالم و خاصة البلدان العربية الإسلامية كما في السابق، بل سيشهد مساراً انحدارياً، و سيفقد مقبوليته. و من المعلوم أنّ منافسي ابن سلمان في الأسرة المالكة لن يطيقوا هيمنته، لذا فلن يطول به البقاء في السلطة.
السيناريو الثاني هو، لو صحّت التقارير المنشورة عن رحلة كوشنر، و في الوقت نفسه، فشل ترامب في مقاومة الضغوط المتزايدة للكونغرس، فعلينا أن ننتظر حدوث تحولات في رأس السلطة في العربية السعودية التي ستدفع ثمناً باهضاً جراء الفشل و الفضيحة. و بحسب هذا السيناريو، على ابن سلمان التنحي عن السلطة بعد فترة قصيرة من محو آثار الأزمة الحالية، ليحلّ محلّه شخص آخر، و الذي لن يستطيع لفترة طويلة التخلّص من عبء المشاكل التي تسبّب بها ابن سلمان و من سجله الأسود.
ربّما يعوّل على هذا السيناريو أن يحل جزءاً كبيراً من الأزمة الداخلية في داخل الأسرة الحاكمة، و لكن من المستبعد أن يحلّ هذا التغيير في السلطة التحديات الدينية و الثقافية و الاجتماعية و السياسية و الأمنية القائمة. و الملاحظة الأهم تتمثّل في أنّ هذا النظام سوف يضطرّ إلى إحداث تغييرات جوهرية في النموذج الإرشادي لسياساته في محيطه الخارجي و لاسيّما الإقليمي علّه يتمكّن من ترقيع صورة التركيبة الجديدة للسلطة، و من حيث أنّ تقييم هرم السلطة في السعودية يكون بمقدار مكانته الوظيفية في السياسات الإقليمية للولايات المتحدة و الغرب، و أنّ الإدارة الجديدة لن يكون أمامها سوى اتباع سياسة محافظة، فإنّها سوف تخرج من موقعها المتقدّم في موازين القوة و المعادلة الإقليمية.
وستكون قضايا من قبيل حقوق الإنسان و الفكر الوهابي و نشر التطرّف و النظام السياسي الديكتاتوري في داخل السعودية على رأس أولويات الحكام الجدد في السعودية، و سوف تستمر الضغوط الغربية لإحداث نوع من الإصلاحات في السعودية.
في هذا الخضم تظلّ مشاريع الولايات المتحدة الإقليمية مثل صفقة القرن في فلسطين و مواجهة إيران و النيتو العربي و التحالف العربي الإسرائيلي واقعة تحت صدمة الأوضاع المستجدة في السعودية. كما سيتحتّم على الغرب أن يضع في صدر أولوياته، على الأقل، قضايا حرب اليمن و استمرار الجرائم و القتل و القحط، و القمع و الديكتاتورية في البحرين لحفظ ماء وجهه من الفضائح التي تسبّبت بها تلك القضايا، و سيقبل مكرهاً بالحدّ الأدنى من الانفراجات بشأنها تعبيراً عن استحالة المضي في السياسات الراهنة.
لن يكون أمام ابن سلمان أو أيّ بديل محتمل له إلّا العمل على إصلاح صورة القاتل الشرير التي انطبعت في أذهان الرأي العام العالمي عن العربية السعودية و هو أمر لن يحدث بهذه السهولة. على صعيد اللاعبين الإقليميين في منطقة غرب آسيا، يبدو أنّه مع انحسار مكانة و وظيفة حكام السعودية و الظروف المتأزمة التي يعيشونها، سوف تتعاظم، في المقابل، مكانة الإمارات في السياسات الأمريكية و الصهيونية قياساً لما هي عليها الآن.
وانطلاقاً من التصوّر الأمريكي الصهيوني المشترك الذي لا يحمل نظرة إيجابية عن تيار الإخوان المسلمين في غرب آسيا، و مادام أردوغان و هذا التيار يحكمان في تركية، فإنّ الولايات المتحدة لن تعتمد على تركية في تنفيذ سياساتها في الشرق الأوسط.

الولايات المتحدة
إنّ ما نشهده من تطورات في أروقة السلطة في الولايات المتحدة مثل الكونغرس إزاء العربية السعودية و ابن سلمان هو أبعد من أن يكون صراعاً تقليدياً بين الحزبين الرئيسيين في أمريكا، لأنّ قضايا من قبيل التطرّف و دعم الإرهاب و الجرائم في حرب اليمن و الهزائم الإقليمية و النظام الديكتاتوري و جميع الأبعاد لنظام سياسي فاسد و متهرئ ليس بالأمر الجديد على كلا الحزبين الأمريكيين. فإذا كان إصرار الكونغرس على ممارسة الضغوط على ترامب يُفسّر، بنحوٍ ما، على أنّه محاولة لكبح جماح سياساته الشاذة، إلّا أنّ هذه الضغوط في جزئها الأعظم عبارة عن ضرورة عاجلة لإحداث تغيير في السياسات الإقليمية للولايات المتحدة، و نوعاً من الحماية و الدعم للحلفاء، و التقليل من التكاليف غير المبررة و العقيمة لدعم أنظمة من قبيل النظام السعودي، و خاصة إذا عرفنا أنّ الولايات المتحدة تواجه مرحلة جديدة من موازين القوة في منطقة غرب آسيا، لن تستطيع من خلال آليات أولئك الحلفاء و قدراتهم تطبيق سياسة ناجحة، و ستضطر إلى إنقاذ نفسها من هذا المستنقع المكلف. لو نظرنا إلى الأولويات الثلاث الكبرى للولايات المتحدة و الغرب أعني أمن الكيان الصهيوني و الهيمنة على ثروات المنطقة و تسخير النفط، فإنّ استمرار السياسات الراهنة لن تضمن ديمومة لهذه الأولويات الثلاث. 
لقد تحوّل حلفاء أمريكا الإقليميون، بشكل عام، من مفهوم الرأسمال و القابلية على دفع المصالح و السياسات المنشودة للولايات المتحدة إلى ظواهر تشكّل عبئاً مُكلفاً، الأمر الذي يستدعي إدخال تغييرات جذرية على السياسات الإقليمية للولايات المتحدة. إنّ الافتراء و الكذب، و دعم القتلة طمعاً في ثرواتهم النفطية، و دعم الأنظمة الديكتاتورية المكلفة و غير الكفوءة، و انعدام الأفق لضمان أمن الكيان الصهيوني عبر حلفاء أمريكا الإقليميين و عدم تأمين مصالح أمريكا، إلى جانب اهتراء الشعارات التي كانت تشكّل الواجهة البرّاقة التي كانت الولايات المتحدة و الغرب يستران بها عورتهما أمام العالم من بين العناصر التي وضعت الإدارة الأمريكية في مأزق بسبب نقطة التحوّل المتمثلة في مقتل خاشقجي، و حراجة هذا المأزق هي من الشدّة بحيث أنّ ترامب و فريقه في البيت الأبيض يسعون إلى التغطية على مسألة تقديمهم الحماية و الدعم لفضيحة و جريمة قتل و الوقوع في حبائل رشاوى ابن‌سلمان متذرعين بالنفط السعودي الرخيص و مشتريات الأسلحة الضخمة و ضمان الأمن لإسرائيل.
في الحقيقة، إنّ عناد ترامب إزاء الكونغرس لايخرج عن حالتين، الحالة الأولى، إذا أجبر الكونغرس في قراره الأخير ترامب على التوقف عن دعم السعودية في حرب اليمن، فإنّ عليه أن يشهد وأد جميع أحلامه في اليمن، هذا إلى جانب سقوط ابن سلمان و ما سوف يترتب على ذلك من تبعات على السعودية على المستويين الداخلي و الخارجي. و بطبيعة الحال سيكون هذا النجاح بمثابة بداية لخطوات جديدة للكونغرس تحدّ من غلواء سياسات ترامب و مقارباته.
أمّا الحالة الثانية فهي أن يستخدم ترامب حق الفيتو لنقض قرار الكونغرس، فتأمين ثلثي الأصوات أمر ليس بمستبعد، و لكن من ناحية أخرى سيعقّد هذا الإجراء المشهد أكثر، و يضيف عامل توتّر و تحدٍّ آخر إلى علاقات البيت الأبيض بالكونغرس، و سوف يتحول دعم الجمهوريين لترامب إلى طاقة سلبية ضدّه، ناهيك عن اتّساع دائرة الشكوك التي تحوم حول العلاقات الخاصة التي تربط ترامب و كوشنر بابن سلمان و مصالح الرشى و عواقب إصرار ترامب على الإبقاء على ابن سلمان أو الاستمرار في دعمه.
وما يمكن أن نؤكّد عليه هنا أنّ السعودية، في جميع الأحوال، سوف تشهد أوضاعاً غير مستقرة، و على ترامب أيضاً أن يتوقّع وقوع تداعيات في الداخل جراء المواجهة مع الكونغرس و أنّ برنامجه الرئيسي في منطقة غرب آسيا سيتأثّر في الصميم، لأنّه سيفقد أهم أدوات سياسته الخارجية عندما يفقد الأمل بتطبيق صفقة القرن أو تضعف القدرات في مواجهة إيران و كبحها عبر دور سعودي فاعل أو تشكيل نيتو عربي، و من غير المعلوم إن كان الصهاينة سيواصلون حينئذ الوقوف إلى جانب ترامب بنفس الإصرار و الاندفاع السابقين. إنّ أهمية ترامب بالنسبة لنتنياهو و الصهاينة هي في تطبيقه صفقة القرن، و تنظيمه لتحالف عربي موحد مع إسرائيل، و في إمكان تعبئة و استنفار قدرات المنطقة لاحتواء إيران، إلى جانب تطبيق العقوبات الاقتصادية ضدّها. و لا شكّ في أنّ لعبة الميكانو هذه ذي الثلاث قوائم ستشهد تغيرات بعد جريمة مقتل خاشقجي و ما ستفرزه من تبعات مختلفة.

الكيان الصهيوني
يعدّ هذا الكيان أحد أكبر الخاسرين في قضية مقتل خاشقجي و النتائج التي ترتّبت عليها، ليس فقط لأنّه يرى حليفاً مبطّناً اسمه السعودية يغرق في وحل الأزمة، و إنّما صار الشك و الغموض يحيط بمعظم الخطط المجهّزة لتطبيق صفقة القرن و النيتو العربي و مواجهة إيران و احتوائها و إسقاط نظامها، و كذلك رفع معامل الأمن القومي للكيان الصهيوني. أضف إلى ذلك ميزان الخسائر الذي لحقه لأنّ إيران و محور المقاومة و البلدان المستقلة في المنطقة بل حتى روسية أصبحوا كلهم في موقع و ميزان للقوى جديد، ممّا يزيد من هواجس هذا الكيان. و هذا ما يفسّر تبلور أدبيات استراتيجية فيما يتعلق بمقتل خاشقجي على لسان فريق ترامب و الزعماء السعوديين تدعو إلى ضرورة المحافظة على القيادة الحالية في السعودية، حيث تجد هذه الأدبيبات دعماً لها من الدبلوماسية البريطانية الرسمية و الإعلامية.

المنظمات و المعاهدات الدولية
لقد استنزفت السمة الأداتية للمنظمات و القوانين و الأساليب الدولية بالنسبة لسياسات القوى الغربية، سمعة هذه المنظمات، إلّا أنّ مقتل خاشقجي الذي وضع جرائم النظام السعودي و الغرب و الصهاينة مرة أخرى في ذروة اهتمامات الرأي العام العالمي، و كذلك، اضطراراً، العديد من الدول، كان لهم بمثابة محك و اختبار جديد. فالسلوك الاستقلالي و الأداة العملية هي من المسؤوليات العالمية لهذه المنظمات و القوانين الدولية، و تحرّرها من نير السياسات الاستعمارية للقوى الغربية هو الامتحان الأكبر الذي ينتظرها اليوم. إنّ سلسلة الآثار المترتبة على صعيد الداخل الأمريكي أو السعودية و في داخل أروقة نظام آل‌سعود و على صعيد المنطقة و استمرار ضغوط الرأي العام يمكن أن تحرف الأهداف الماكرة لمحادثات السويد حول اليمن عن مسارها الأصلي. فمن المعلوم أنّ ترامب و آل سعود و إنجلترا و إسرائيل غير مستعدين أن يدفعوا بتلك المحادثات إلى غاياتها الأصلية المتمثلة بوقف الحرب و إطلاق مفاوضات حقيقية يمنية - يمنية، فهم يتّخذون هذه المحطة كمسرحية لترميم ما تبقى لهم من كرامة و توظيفها لأغراض الخداع و التآمر. بيد أنّ هزّات الآثار المتسلسلة التي تحدّثنا عنها و نهوض المنظمات الأممية بمسؤولياتها كفيل بإنهاء مسلسل الجرائم اللاإنسانية في اليمن، و أن يضع محادثات السويد على السكة الأصلية.

أوروبا
لطالما كانت سياسة أوروبا تمثّل مثالاً مصغّراً للنموذج الأمريكي، يحكمها معيار مزدوج. فعدم معارضة الرئيس الفرنسي لوقف مبيعات السلاح للسعودية كعقاب لنظام آل سعود على مقتل خاشقجي، بالإضافة إلى السلوك الإعلامي و الدبلوماسية الإنجليزية التي لجأت إلى تدوير اهتمام الرأي العام عن البوصلة الرئيسية لجريمة قتل خاشقجي، و تضخيم قضايا هامشية للتغطية على توجهات الرأي العام الذي ركّز على جريمة ابن سلمان و آل‌سعود، و أسلوب إدارتها للأزمة إعلامياً الذي أنقذ آل سعود، كل هذه أمثلة تستدعي التأمّل في السياسات الأوروبية المزدوجة التي حملت لواء خداع العالم بشعاراتها الإنسانية البراقة و حقوق الإنسان و الديمقراطية .. و غير ذلك. و على الرغم من مطالبة العديد من البلدان الأوروبية و الغربية إجراء تحقيق دولي و تعليق مبيعات الأسلحة للعربية السعودية كرد فعل على مقتل خاشقجي، غير أنّ إغراء الثروات النفطية و الدولارات السعودية و أطماع تلك البلدان لنهبها دفع معظمها إلى غضّ الطرف عن تلك الجريمة، لتقتصر مطالباتها في حدودها الدنيا. إنّ الدول الأوروبية إمّا شريكة في معظم جرائم نظام آل سعود و إمّا أنّها حصلت على مكافأتها جراء صمتها عن تلك الجرائم ، وإمّا إنّها في حالات مشابهة تحاكي النظام السعودي و آل سعود مثل الدعم الأداتي للإرهاب و إشعال الحروب و سفك الدماء و ارتكاب الجرائم و التغاضي عن جرائم الحروب و الجرائم ضدّ الإنسانية و سلوك الحكومات المستبدة بغطاء من الديمقراطية الغربية. يعدّ مقتل خاشقجي و الآثار المترتبة عليه نموذج واحد من آلاف النماذج لجرائم آل سعود أو الغرب، و هو بمثابة محك و اختبار كبير لأوروبا أيضاً أمام الرأي العام و لا سيّما الغربي. فالبلدان الأوروبية كذلك تعيش تحدياً و أزمة أصالة و التزام بالقيم المزعومة لا تستطيع الفكاك من نتائجها.

الفرص الناجمة عن مقتل خاشقجي
ثمة تفاسير و تحليلات كثيرة حول الأسباب التي استثارت هذا الكمّ الواسع من ردود الأفعال على الصعيد العالمي إزاء مقتل خاشقجي، أحد هذه التحليلات الجدية في هذا المجال هو، إنّ جرائم آل سعود و الغرب و إن كانت لا تتلخص في هذا الحدث، لكنّها القطرة التي أفاضت الكأس، أو القشة التي قصمت ظهر البعير، و أدّت إلى إماطة اللثام دفعة واحدة عن معظم الجرائم التي ارتُكبت بأساليب مختلفة و ظلّت مخفية حتى اليوم. أربع سنوات و الشعب اليمني المضطهد يعيش تحت القتل و الدمار و القحط و الجوع و المرض و الحصار، و سبع سنوات و الشعب البحريني يعاني من آلة القمع السعودية - البريطانية، و سنوات طويلة و العالم يدفع ثمن رعاية النظام الوهابي للتطرّف و الإرهاب، و لعقود مديدة و النظام الديكتاتوري لآل سعود يقيم حكمه القبلي الوحشي على أرض الحجاز، و لعقود مثلها و الولايات المتحدة و الغرب يشاركان هذا النظام جرائمه طمعاً في نهب ثرواته و مشاركته في المنظومة الاستعمارية الإقليمية الداعمة للكيان الصهيوني.
إنّ طرح قضية مقتل خاشقجي و الكشف عن جميع القضايا ذات الصلة بجرائم النظام السعودي من منظار مراكز القوى الغربية ينذر بقرب وقوع انفجار اجتماعي و سياسي أكبر، و لكن من منظار الرأي العام العالمي هو نوع من رد الفعل على حُجُب الكتمان و الخداع و التآمر التي سعت إمبراطورية الإعلام الغربي إلى التستّر عليها.
بفضل هذا الوعي الذي وسم الرأي العام العالمي، سوف تنحسر الفرص أو هامش المناورة و التضليل المتاح للبلدان الغربية و القوى و الديكتاتورية المرتبطة بها، و سوف يقلّل وجاهتهم الفارغة و يكشف زيف شعاراتهم الخداعة. إنّ رفع القناع عن وجوه آل سعود و ابن سلمان و النظام السياسي السعودي، و تعرية حقيقتهم البشعة إن على المستوى الداخلي أو في المحيط الخارجي و الدولي سوف يدخلهم في مرحلة من التصدّع و نقص المشروعية و عدم الاستقرار و غياب المشروعية و المقبولية، و ستكون لذلك آثار إقليمية و عالمية، لتشكّل بالنسبة للكيان الصهيوني و الولايات المتحدة و الغرب و الرعاة الغربيين تحدياً كبيراً يولّد المزيد من الأزمات الأخلاقية و الدبلوماسية و الخطابية. و ستضع جانباً المشاريع الخطيرة مثل صفقة القرن أو النيتو العربي، و ستتبلور فرصة جديدة لفلسطين و المقاومة و إيران و البلدان المستقلة في موازين القوى الإقليمية. و سيعيش الكيان الصهيوني إلى جانب أزماته الداخلية و الإقليمية ظروفاً صعبة و استنزافية جديدة. كما سيواجه ترامب و البيت الأبيض مرحلة جديدة من الأزمات في إطار تركيبة السلطة و صنع القرارات التي ستترك بلا شك أثرها على مجريات الأحداث في منطقة غرب آسيا.
إنّ هذه الأزمة الأخلاقية تضع أمام السمعة و الوجاهة المزعومة للولايات المتحدة و أوروبا و المنظمات الدولية علامة استفهام كبرى، و سوف تضيّق من حدود مناوراتهم السياسية و الثقافية و الإعلامية الدبلوماسية، و تضعهم في قفص الاتهام ما يحتّم عليهم تقديم الإيضاحات اللازمة.
وأخيراً، فإنّ جميع الأزمات و التحديات و النتائج السلبية و الثمن الأخلاقي الباهض و الاتهامات العلنية في الدفاع عن الإرهاب و إشعال الحروب و القتل و جرائم الحروب و جرائم ضدّ الإنسانية .. و غيرها التي كان مهندسها نظام آل سعود و الغرب ستكون بمثابة فرصاً شاملة و واعدة بالنسبة للبلدان المستقلة و الرأي العام العالمي و الشعوب المسلمة و المقاومة الإقليمية و إيران.

استنتاجات، آفاق، سيناريوهات
1-على الرغم من الجهود السعودية و الغربية للتغطية على ابن سلمان و الحؤول دون الكشف عن جميع الحقائق الخاصة بهذه الجريمة و الجرائم الأخرى، إلّا أنّ التداعيات و الانعكاسات الخاصة بهذه الجريمة و المتمثلة في الرأي العام العالمي و الأوساط الفكرية و النخب و وسائل الإعلام، و الملصقات، و صور أغلفة المجلات العالمية المهمة و الشبكات الافتراضية و التصريحات العلنية لبعض المسؤولين الغربيين و تقييم وكالة الـ CIA و الكثير من وكالات الاستخبارات الأخرى ... وغيرها تؤكّد كلّها على المسؤولية المباشرة لابن سلمان عن الجريمة.
2-على الرغم من المحاولات التي بذلها البيت الأبيض و المنظمات الصهيونية و البريطانية و آل سعود، يبقى الاحتمال الأقوى هو تنحية ابن سلمان و إجراء حدّ أدنى من التغييرات الجوهرية في الفريق الحاكم لآل سعود.
3-تمرّ العربية السعودية بمرحلة من الضعف و عدم الاستقرار في بيئتها الداخلية، و قد انعكس ذلك على ضعف موقعها الإقليمي و انحساره على صعيد توازن القوى مع الدول الأخرى أو على موقعها في السياسة الإقليمية الأمريكية.
4-إنّ توازن القوى في المنطقة يسير لغير صالح الولايات المتحدة و حلفائها، بما يتيح فرصة أكبر لإعادة فتح ملفات اليمن و البحرين و القضايا التي كان لابن سلمان و آل‌سعود دور فيها.
5-حتى لو نجح ترامب و البيت الأبيض في الإبقاء على ابن سلمان لفترة محدودة، أو الاستمرار في دعم السعودية في حرب اليمن، ستكون لهذا الفعل أثماناً باهضة داخل الولايات المتحدة و في المنطقة و الرأي العام.
6-إنّ البلدان الأوروبية المحاصرة بالموقف الأخلاقي و الشعارات الظاهرية الإنسانية و الديمقراطية ... إلخ، من حيث أنّها لا تستطيع التوقّف عن سياساتها الراهنة، فقد تنزّلت مكانتها من موقع المدّعي إلى موقع المسؤول الذي يجب أن يقدّم تفسيراً لدفاعه عن المجرم و النظام الديكتاتوري السعودي و دعمه للإرهاب و الحرب.
7-على المنظمات الدولية أيضاً التي تمرّ باختبار لمسؤولياتها الذاتية، أن تعود لأصالتها المزعومة، أو أن تدفع ثمناً باهضاً أمام الرأي العام العالمي، و تعترف بكونها أداة بيد السياسات الاستعمارية و القوى الغربية.
8-بالإضافة إلى التحديات الداخلية و الوجودية التي يعانيها الكيان الصهيوني، فإنّه سيواجه عوائق و أزمات و تحديات جديدة، و ستتعرّض أدواته الحمائية في البلدان العربية و بالأخص في العربية السعودية أو في المحافل الدولية للاهتراء و الاستنزاف.
9-لقد استندت براغماتية ترامب الهجومية و النزعة العدوانية المنفلتة لابن سلمان إلى سياسة هيمنة مكلفة بدلاً من إقامة توازن للقوى، و هما يزيدان بوقاحة غير معهودة من مستوى هذه الكلفة و في المقابل لا يحصلون جراء مقارباتهما إلّا على نتائج معكوسة و خيبات متلاحقة. و يشكّل مقتل خاشقجي بحقّ نقطة تحوّل انفجارية في خسائرهما المقارباتية و الاستراتيجية.

(الهوامش)
1 -سوزان رايس (مستشارة الأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس أوباما)، 2018 م، «شريك لا يمكن لواشنطن الاعتماد عليه»، نيويورك تايمز، ايرنا 8-8-97.
2 -معهد أبحاث الأمن القومي، جامعة تل أبيب، توقعات بعدم الاستقرار في السعودية و تصدّع العلاقات مع الولايات المتحدة و إسرائيل، inss، 22-8-2018.
3 -موقع ويكيبيديا، عدنان خاشقجي.
4 -نيكولاس كريستوفر، «يجب اعتقال محمد بن سلمان»، وكالة أنباء ميزان نقلاً عن صحيفة نيويورك تايمز، 23-7-1397.
5 -.Parstoday، موقع الخليج أونلاين نقلاً عن وسائل الإعلام الأمريكية «العسيري و القحطاني كبشا الفداء السعوديان» 28-7-1397.
6 -وكالة أنباء فارس نقلاً عن وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، «اعتراض جديد للرياض « تمّ تقطيع خاشقجي في القنصلية»، 24-8-1397.
7 -موقع آفتاب، «وسائل الإعلام التركية تنشر تفاصيل جديدة حول مقتل جمال خاشقجي»، 4-8-1397.
8- العالم نقلاً عن الاكسبرس، «الإنجليز كانوا على اطلاع»، 14-9-1397.
9 -اي تي إيران، «ساعة أبل و لغز مقتل الصحفي السعودي»، 12 أكتوبر 2018 م.
10- فارس نيوز نقلاً عن الواشنطن بوست «وكالة الاستخبارات المركزية توصّلت إلى أدلة تثبت تورّط ابن سلمان بقتل خاشقجي»، 26-8-1397م.
11 -وكالة فارس نيوز، نقلاً عن الخليج أونلاين، «ابن سلمان كان ينوي اغتيال عمّه» 3-9-1397.
12 -موقع وان الإخباري نقلاً عن وكالة أنباء إيرنا، «الردّ السعودي على العقوبات»، 24-7-1397.
13 -موقع فارس نيوز، السيناتور دك روبين «سلوك ترامب يطرح أسئلة جدية حول حقيقة الدور في مقتل خاشقجي»، 7-9-1397.
14- موقع فارس نيوز نقلاً عن جون أفريك «مساعدة بقيمة ملياري دولار كمكافأة للسكوت عن جريمة مقتل خاشقجي»، 7-9-1397.
15 -موقع فارس نيوز نقلاً عن السيناتور ليندسي جراهام، «ابن سلمان معتوه، و نحن نسعى لمعاقبته»، 5-9-1397.
16 -نادي الصحفيين الشباب نقلاً عن صحيفة نيويورك تايمز، «عقد لقاء في الرياض للنظر في قضية اغتيال الجنرال قاسم سليماني»، 21-8-1397.
17 -موقع رويداد 24 ، نقلاً عن وسائل الإعلام الغربية، «مقتل خاشقجي ملف خاسر من الجهتين لآل سعود»، 28-7-1397.
18- وكالة فارس نيوز، نقلاً عن وكالة رويترز، «أعضاء الأسرة المالكة بصدد تغيير خليفة الملك سلمان»، 28-8-1397.

 


قراءة: 834