فصلنامه مطالعات سیاست خارجی تهران
 

سلطتين في إقليم واحد حقائق الكيانات السياسية في كردستان العراق

د.محمودعثمان
سياسي مخضرم و مستقل في إقليم كردستان العراق

 

ولد الدكتور محمود عثمان عام 1938 م في قضاء بنجوين بكردستان العراق من أسرة فقيرة. كان في السابعة عشرة من عمره و على مقاعد الدراسة الثانوية حين انضمّ إلى عضوية الحزب الديمقراطي الكردستاني. في عام 1956 م كان يدرس في كلية الطب بجامعة بغداد فأصبح السكرتير العام لاتحاد الطلبة الأكراد. في عام 1961 م أنهى دراسته الطبية بتقديرٍ عال٬ و بعد ذلك بسنتين ارتقى جبال كردستان و انخرط بصفة طبيب في صفوف قوات البيشمركة للملا مصطفى البارزاني أول زعيم للحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي. حظي بمكانة خاصة لدى الملا مصطفى٬ فاختير كأحد زعماء الثورة الكردية العراقية في عام 1964 م. في الفترة من 1965 إلى 1967 م سافر إلى أوروبا و  الولايات المتحدة كممثل للحركة الكردية. لازم الملامصطفى حتى عام 1975 م مترجماً و طبيباً و مستشاراً. اختير رئيساً للوفد الكردي المفاوض مع بغداد٬ و أجرى عدة مرات محادثات مع صدام حسين و نوابه. سافر سرّاً مع المرحوم إدريس البارزاني النجل الأكبر للملا مصطفى إلى الولايات المتحدة٬ ليصوغ إطار العلاقة للحركة الكردية مع واشنطن. لكنّه عاد إلى كردستان بعد انهيار حركة الملا مصطفى٬ ليواصل نشاطه في الساحة السياسية كما في السابق. عمل لمدة سبع سنوات كوسيط لإنهاء الخلافات الداخلية القائمة بين الأحزاب الكردستانية العراقية. في عام 2002 م شارك في مؤتمر قوى المعارضة العراقية بلندن٬ و كان له دور مهم في تمهيد الطريق لإزاحة النظام البعثي. في عام 2003 م أصبح عضواً في مجلس الحكم العراقي. منذ العام 2005 م و الدكتور عثمان يواصل نشاطه في بغداد كأحد أعضاء التحالف الوطني الكردستاني في مجلس النواب العراقي٬ لكنّه في الوقت الراهن ابتعد عن النشاط السياسي و الحزبي الرسمي.


الکلمات الأساسیة: الحزب الديمقراطي الكردستاني، الملا مصطفى البارزاني، استفتاء، إقلیم کردستان

 

فصلية طهران: قبل عدّة عقود كنتم كبير المفاوضين ضمن الوفد السياسي الكردي إلى بغداد و التقيتم عدّة مرات بصدام حسين و المسؤولين في حكومته آنذاك، و تفاوضتم معهم بشأن حقوق الأكراد و مطاليبهم. لو أردتم المقارنة بين هاتين المرحلتين التاريخيتين بعد عدّة عقود فما هي النتائج التي ستظهر أمامكم؟ كيف ترون طبيعة العلاقة بين المطاليب التي طرحتموها خلال مفاوضاتكم في بغداد مع نظام صدام حسين و بين الأوضاع الراهنة للأكراد في العراق؟


*محمود عثمان:  فرق كبير جداً بين المرحلتين، في تلك المرحلة لم يكن على الساحة العراقية سوى حزب البعث كحزب أوحد، و كان يتفرّد بالسلطة، و في داخل الحزب كان شخص واحد يتحكّم بقراراته اسمه صدام، و ربما كان أحمد حسن البكر يدلي برأيه في بعض الأحيان. أما الآن، فالأوضاع مختلفة تماماً، فلا يمكن مقارنة وضع الوفود السياسية الكردية التي تذهب إلى بغداد لإجراء مفاوضات مع الحكومة المركزية، مع وضع وفدنا في تلك المرحلة. فالعاصمة العراقية في ظلّ الأوضاع الراهنة تحتضن عدّة أحزاب كبيرة و صغيرة، و الأكراد يذهبون للتفاوض مع جميعها، و لم يعد القرار بيد شخص واحد فقط. في كردستان أيضاً تغيّر الوضع، ففي أيامنا كان هناك حزب واحد فقط هو الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي)، و كان الملا مصطفى بارزاني هو صاحب القرار في كردستان، و صدام حسين هو صاحب القرار في بغداد. طبعاً آلية اتخاذ القرار في تلك الظروف كانت أسهل و أكثر مرونة. و لكن تنفيذ القرارات بالتأكيد لم يكن بنفس السهولة. فعندما كنّا نتفاوض مع الحكومة المركزية في العراق في مرحلة البعث،كانوا يتفاوضون ظاهرياً و تراهم أحياناً يقدّمون بعض التنازلات، لكنّهم عملياً و بشكل خفي و جليّ لم يكونوا يعيروا تلك الحقوق و المطاليب أيّ أهمية. كانوا يوقّعون على الوثائق و الأوراق، و لكن حبر على ورق، دون أن تترجم تلك الاتفاقيات إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، و طبعاً نحن أيضاً لم نكن نثق بهم مطلقاً. أما الآن فالوضع مختلف تماماً، فهناك حكومة مختلفة على رأس السلطة، و طبعاً أصبح مسار المفاوضات و اتخاذ القرارات أكثر تعقيداً نوعاًما. في كردستان هنالك العديد من الأحزاب السياسية، و في بغداد أيضاً نفس الشيء، و طبعاً عملية التفاوض بين هذه الأحزاب و تحقيق نتائج ملموسة و نهائية يتطلّب وقت أطول حتى نصل إلى المحطة النهائية. فرق آخر بين المرحلتين هو أنّنا في عراق اليوم لدينا وثيقة عليا نرجع إليها، أعني الدستور العراقي، و طبقاً استناداً لهذه الوثيقة نبرم اتفاقاتنا و من ثم نعمل على تطبيق ما اتفقنا عليه. و لكن في تلك المرحلة لم يكن الأمر على هذا النحو، كما قلت، كان هناك حزب البعث و صدام حسين فقط، يتخذان القرارات بتفرّد و دون الاستناد إلى وثيقة أو قانون.


فصلية طهران: أحياناً نسمع عتباً من بعض السياسيين و زعماء الأحزاب الكردية في إقليم كردستان بأنّه تمّت إزاحة البعث و حكومة البعث عن العراق و لكن عقلية البعث و أفكاره ما تزال تعشعش في عقول بعض المسؤولين العراقيين، لأنّهم ينظرون إلى المطاليب الكردية من زاوية بعثية. ما هو تحليلكم لهذا الرأي؟ هل تعتقدون أنّه انتقاد واقعي؟


*محمود عثمان:  كلا، أنا أعتقد أنّ البعث و فكره قد ولّيا، و ليس بإمكاننا أن نقول بأنّ عقلية البعث ما تزال حاكمة. لكنّ المشكلة هي أنّه بعد إسقاط حكومة البعث و طيّ صفحته من العراق، تولّت مقاليد السلطة حكومة أكثر أعضائها من المسؤولين و المدراء غير الأكفاء، الذين لا يتوفرون على الكفاءة و الخبرة و القدرة اللازمة على إدارة البلاد. معظم هؤلاء هم أشخاص لا يملكون المهارة و التخصّص المطلوب في مجال مسؤوليتهم. أضف إلى ذلك، إنّ هناك خلافات و فُرقة في صفوف الأحزاب الحاكمة. أحياناً نجد أنّ عدم كفاءة بعض المسؤولين تثير السخط لدى أبناء الشعب لدرجة تجعل حتى الأشخاص العاديين الذين لا يملكون رؤية سياسية دقيقة يترحّمون على أيام البعث. لكنّنا في الحقيقة عشنا تلك المرحلة التاريخية و نعلم جيداً أنّها كانت مرحلة مريرة و سيئة، ذاق العراقيون خلالها أنواع الاضطهاد و الظلم. و لكن مع ذلك، ينبغي أن تكون إدارة البلاد و طريقة الحكم بالشكل الذي يؤمّن حقوق الشعب و يلبّي متطلباته. أعتقد أنّ المشكلة تكمن في عاملين، العامل الأول، اختيار المسؤولين و الكوادر المتخصصة، فالأحزاب العراقية عجزت عن إناطة المناصب بأشخاص أكفاء و جديرين، و العامل الثاني هو الولايات المتحدة التي خلقت، في الحقيقة، مشاكل خطيرة للغاية. فبعد سقوط حكم البعث في العراق، لم تستطع الولايات المتحدة تغيير الأوضاع إلى الأفضل، بل إنّها من خلال خططها غير الدقيقة و غير المدروسة و المرتجلة و الخاطئة وضعت على كاهل العراق و العراقيين مشاكل جديدة. إنّ فكرة إدارة الحكم و البلاد تتضمن شرطاً مسبقاً و هو وجوب أن يتمتّع المسؤولون بالكفاءة و الجدارة و القدرة اللازمة على إدارة شؤون البلاد، و أن تسود على الأقل أجواء الوحدة و الانسجام النسبي بين الأحزاب. و غياب هذه العوامل في الوقت الراهن أدّى إلى شيوع شعور بالإحباط و اليأس بين شرائح كبيرة من المجتمع العراقي.

 

فصلية طهران: كيف تقيّمون تجربة الحكم و العمل السياسي الكردي في إقليم كردستان العراق في الفترة الأخيرة؟ في السنوات التي كان إقليم كردستان يدار من قبل زعماء الأحزاب الكردية، كيف تقيّمون إدارتهم للحكم في الإقليم؟


*محمود عثمان:   تعلمون أنّه منذ خروج القوات الحكومية العراقية من مناطقنا في السليمانية و أربيل و دهوك في عام 1991م، أي منذ 28 سنة حتى اليوم و نحن ندير هذه المناطق إدارة ذاتية، و في فترة ما بعد سقوط الحكم البعثي أيضاً حيث تبلور نظام سياسي و تنفيذي جديد، استطعنا أن نكتسب تجربة مهمة عن العمل السياسي و إدارة شؤون الحكم، و لكن ممّا يؤسف له أنّ طريقتنا في الحكم و أسلوب المسؤولين و الأحزاب في إدارة أمور الإقليم لم تكن مرضية. فبدل أن تسلك الأحزاب السياسية مساراً توافقياً و التفاوض بصورة مفصلة و واضحة لتشكيل الحكومة و دفعها إلى الإمام بما يحقّق أهداف الشعب و مصالحه و ترجيحها على المصالح الحزبية، تحصّنت في إطار إداري حزبي، و راحت تتعاطى مع المشاكل و القضايا المطروحة من زاوية المصالح الحزبية الضيقة. لهذا السبب أقول إنّ طريقة إدارة أمور الإقليم لم تتوفر على معايير الكفاءة و القبول. 
كما أنّ هذه الأحزاب لم تنجح في إدارة ملف علاقات إقليم كردستان مع الحكومة المركزية في بغداد بشكل جاد، و حل المشاكل و الاختلافات القائمة. و قد تسبّبت هذه القضية بأضرار كثيرة.
في الحقيقة، إنّ سقف توقعاتنا كان أعلى ممّا هو موجود حالياً حيث الخلافات الحزبية مستمرة. فأنتم ترون أنّه قد مضى على إجراء الانتخابات في إقليم كردستان عدّة شهور، لكنّهم لم يتوصّلوا لحد الآن إلى اتفاق لتشكيل الحكومة. و لم يبدأ البرلمان الجديد فصله التشريعي، فهذه إشكاليات و نواقص مهمة تسجّل على الأداء السياسي لأحزاب إقليم كردستان.


فصلية طهران: في ضوء ردود الأفعال على إجراء استفتاء الاستقلال في إقليم كردستان، و المشاكل الاقتصادية و السياسية التي أعقبت إجراءه، هل لنا أن نقول بأنّ مسار أو حلم تأسيس الدولة المستقلة في إقليم كردستان قد ذهب مع الريح؟


*محمود عثمان:  من الناحية القانونية و السياسية و الاجتماعية، للأكراد الحق في تحديد مصيرهم، و هذا أمر بديهي. و من الناحية النظرية هذه إرادة الشعب الكردي نفسه في أن يقرّر بنفسه الصيغة التي يرغب أن يكون عليها موقعه في النظام السياسي في العراق. هل يرغب في البقاء ضمن الدولة المركزية أم يؤسّس دولة أخرى. أمّا إذا نظرنا إلى الأمر من الناحية العملية، فالأمر ليس بهذه البساطة. فعندما نريد أن ننتقل بهذه الفكرة والمطلب الاجتماعي من المرحلة النظرية إلى مرحلة التطبيق، فسوف نصطدم بموانع عديدة، وهناك فرق و مسافة كبيرة تفصل بين مرحلة اتخاذ القرار و مرحلة إمكان التطبيق. لقدرأيتم حجم ردود الأفعال التي أعقبت إجراء الاستفتاء، فدول المنطقة كلّها لم‌تكن موافقة على هذه الخطوة، كما لم‌تؤيّدها سائر بلدان العالم مثل أمريكا و الدول الأوروبية و بقية البلدان. كان وجهة نظرهم تتلخص في عدم تقسيم العراق و الدول الأخرى التي يتواجد فيها الأكراد، و أن يطرح الأكراد مطاليبهم في إطار الأنظمة السياسية لبلدانهم. نعم، من حق الأكراد أن يقيموا دولتهم المستقلة، و لكن تطبيق هذا الحق و نقله إلى أرض الواقع ليس بهذه البساطة فدونه صعاب جمّة، و علينا أن نقبل بهذه الحقيقة و هي أنّ عوامل كثيرة تلعب دوراً في هذه القضية، بعضها يتعلّق بالنظامين الإقليمي و الدولي، وبعضها يخصّ الأكراد أنفسهم. فهل كان للأكراد في هذه القضية صوت واحد و رؤية مشتركة أم لا؟ يجب أن نناقش هذه الأمور بدقة، فالقرائن تدلّ على أنّ المطالبة بالحقوق العامة ضمن الأنظمة القائمة للبلدان أكثر سهولة و يسراً. 
أعتقد أنّ لجميع الشعوب الحق في إجراء الاستفتاء، و لكن ربما يُستشكل على الفكرة أنّها لم تستوفِ شروط التوقيت أو طريقة الإجراء. لقد اتحدت مواقف جميع البلدان في العالم على عدم إجراء الاستفتاء. كان المفروض أن يخضع الموضوع لحسابات دقيقة و تتم دراسة النتائج المترتبة عليه بصورة جدية، و كان ينبغي لنا أن نأخذ في حسباننا ردود الأفعال التي ستصدر عن بلدان المنطقة و دول الجوار و العالم، و أن نقوم بدراسات مستفيضة بشأن الاستفتاء. و أعتقد أنّ هذا لم يتم، و لذلك كانت التنبؤات خاطئة. في الأصل، كان توقيت الاستفتاء و طريقة إجرائه خاطئة، و كان لابد أن يبادر القائمون عليه إلى إجراء حسابات دقيقة و دراسات واسعة.

 

فصلية طهران:  الخارطة السياسية لإقليم كردستان العراق ذات وضع خاص، و يبدو أنه تتنازعها سلطتان سياسيتان متباينتان. منطقة تحت سلطة الاتحاد الوطني الكردستاني و تضم حلبجه و السليمانية، و أخرى تخضع لسلطة الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي) و تشمل أربيل و دهوك. لماذا تفتقد العلاقة بين المنطقتين إلى التفاهم و التعامل السياسي و التنفيذي؟


*محمود عثمان:  يؤسفني أن أقول أنّنا في إقليم كردستان العراق نعيش انقساماً و تشرذماً، إذ نعيش في الواقع في ظلّ سلطتين فعليتين. فمحافظتا حلبجه و السليمانية وتمثلان المنطقة الخضراء تخضعان لسلطة حزب الاتحاد الوطني، و المنطقة الصفراء و تضمّ محافظتي دهوك و أربيل، بزعامة الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي). و طبعاً ينطوي هذا الانقسام على عواقب و أعراض سياسية و اقتصادية و أمنية كثيرة، و مع الأسف لم يستطع الطرفان حتى اليوم أن يوحّدا المنطقتين بصورة عملية، و خلق أوضاع متساوية في كلا الجانبين. القوات العسكرية أيضاً مستقلة في كلتا المنطقتين. فقوات البيشمركة منقسمة عملياً إلى قسمين، كل قسم يأتمر بأوامر أحد الحزبين، و نفس هذه الحالة تنطبق على قوات الشرطة و عناصر الأمن. أرجو أن تُحل هذه المشكلة في الحكومة القادمة، و يتم تنظيم القوات الدفاعية أو قوات البيشمركة و كذلك الوحدات المرتبطة بالشرطة و الأجهزة الأمنية و الاستخباراتية و دمجهما في حكومة واحدة، و عدم ترجيح المصالح الحزبية على القضايا الحكومية، و أن نشهد تبلور إقليم واحد و سلطة واحدة، و أن لاتتعمق الخلافات الموجودة أكثر ممّا هي عليه الآن. لا إشكال أبداً في أن تمارس الأحزاب نشاطها، و لكن هناك فرق بين عمل وموقع الحزب و بين عمل الحكومة. يجب السماح للأحزاب بممارسة نشاطاتها، مع الحفاظ في نفس الوقت على الوحدة. إحدى الأمثلة الواضحة على تفكك الحكومة بسبب الاقتدار الحزبي هو الاتحاد السوفيتي. فقد رأينا المشاكل التي خلقها في إطار الحزب الشيوعي، و علينا أن نقوم بتحليل هذا المثال بشكل صحيح و دقيق.

 

فصلية طهران: ما يزال إقليم كردستان بلا دستور، لماذا؟


*محمود عثمان:  في عام 2005 م كنت في بغداد و من بين الأشخاص الذين شاركوا في كتابة دستور العراق الفدرالي أو العراق الجديد. في ذلك الوقت بذلنا جهداً في كتابة نص الدستور العراقي، وقد كُتب على نحوٍ يحفظ للأكراد حقّهم في تدوين دستور خاص لإقليم كردستان. و لحسن الحظ أثمرت جهودنا عن نتائج إيجابية، و حصل الأكراد على هذا الحق القانوني، أي أن يكون لديهم دستور يستندوا إليه في إدارة شؤون إقليم كردستان. و لكن الآثار  السلبية للنهج الحزبي في الحكم لم‌توفّر، للأسف، الظروف المناسبة لذلك طيلة السنوات الـ 14 الماضية، و حالت الخلافات الحزبية دون تدوين نص الدستور. وقدحصلت مفاوضات عديدة في هذا الشأن، و في كل مرة كانت خلافات الفرقاء تتصاعد في منتصف الطريق، فيتعطّل مشروع تدوين الدستور. و هي خلافات كانت و ماتزال تتعلق بحصص الأحزاب و توزيع السلطة فيما بينها. في الحقيقة هناك أشخاص خبراء و ذوومقدرة و كفاءة كان بمقدورهم أن يدوّنوا دستوراً جيداً و صالحاً للإقليم، و لو لم‌تصبح الخلافات الحزبية مشكلة إلى هذا الحد، لكانوا أنهوا تدوين هذه الوثيقة. و طبعاً، هذه ليست قضية يمكن للأكراد أن يلوموا الآخرين على تعطيلها. إنّها إشكالية متعلقة بنا وحدنا، و لالوم على الآخرين. فنحن الذين تنقصنا الإرادة لطرح خلافاتنا جانباً و الشروع في تدوين الدستور.

 

فصلية طهران: أيّ صيغة للحكم ترونها أنسب و أفضل لإقليم كردستان العراق، الرئاسي أم البرلماني؟


*محمود عثمان:  الصيغة الحالية المعمول بها في إقليم كردستان هي النظام السياسي البرلماني. إنّ وجود عدد كبير من الأحزاب السياسية في الإقليم يجعل من مسألة تعيين رئيس أو زعيم واحد ينقاد له الجميع أمر مشكل. و من المعلوم أنّ هذه الأحزاب فشلت في التوافق على ترشيح زعيم مشترك. لقد تولّى الكاكا مسعود بارزاني منصب رئاسة الإقليم لمدة طويلة، لكنّه واجه مشاكل كبرى و عملياً لم ينجح في بسط سلطته إلّا على جزء من الإقليم. و من غير المعلوم إن كان سيتم في الظروف الحالية انتخاب رئيس للإقليم أم لا. و على أيّ حال، فالمسألة المهمة هي أن يكون البرلمان مصدر اتخاذ القرارات في النظام السياسي و صيغة الحكم المنشودة، و أن يجتمع سياسيو الطراز الأول للأحزاب و زعماؤها في هذا البرلمان ليتّخذوا القرار. و لكن هذا لم يحدث كما ترون، إذ لم ترسل الأحزاب كوادرها العليا و الصف الأول من أعضائها إلى البرلمان كممثلين عنها، ممّا دفع  بكوادر الصف الثالث و الرابع لتمثيل أحزابهم في البرلمان، و طبعاً هؤلاء لا حول لهم و لا قوة في اتخاذ القرارات التي تخصّ القضايا المصيرية و المهمة، فكانت النتيجة تبعية البرلمان للأحزاب. 

 

فصلية طهران: كيف تقيّمون مسألة التوارث و الحكم الأسري داخل الأحزاب في إقليم كردستان ؟ 


*محمود عثمان:  الآلية السليمة لانتقال السلطة في الأحزاب هي اتّباع الأساليب الديمقراطية مثل عقد المؤتمرات و إجراء الانتخابات الداخلية في الحزب. هذه الآلية المثمرة المتّبعة في جميع ديمقراطيات العالم.
 و هذا الأسلوب غير متّبع، للأسف، في إقليم كردستان العراق، فالتوارث الأسري للسلطة داخل الأحزاب أصبح من وقائع التشكيلات السياسية في الإقليم. 
وبالطبع، لا بدّ أن نذكر بأنّها ليست مشكلة خاصة بإقليم كردستان فقط، بل هو نهج سائد في جميع بلدان الشرق الأوسط تقريباً، فانتقال السلطة في بلدان المنطقة يتمّ على هذا النحو، للأسف. أنا شخصياً أعتقد أن لا إشكال في توريث زعيم الحزب السلطة لابنه شرط أن يتمتّع بالمؤهلات اللازمة و أن يتمّ ذلك عبر انتخابات داخلية حزبية نزيهة و حصوله على أصوات أعضاء المؤتمر الحزبي، فالحق الطبيعي لكل شخص أن يصل إلى السلطة عن هذا الطريق القانوني. و لكن ما نراه في الوقت الحاضر، مع الأسف،  هو تدخل عوامل المحسوبية و القرابة في انتقال السلطة، و ما يترتّب على ذلك من بروز مشاكل صغيرة و كبيرة، بما يقتضي بذل الجهد لتنساق الأحزاب وراء آليات ديمقراطية و إيلاء المؤتمرات الحزبية الأهمية التي تستحق، لضمان انتقال السلطة داخل الحزب بأساليب ديمقراطية و سياسية، و أن نسعى أيضاً على مستوى أوسع لتحقيق صيغة برلمانية حقيقية للنظام السياسي في إقليم كردستان.

 

فصلية طهران:   كيف تنظرون إلى المنظومة الاقتصادية في إقليم كردستان العراق؟ ما هي المشاكل و المعوّقات التي تعترض أسلوب الإدارة الاقتصادية في الإقليم؟


*محمود عثمان:  الاعتماد على المداخيل النفطية و الاقتصاد الأحادي (اقتصاد النفط) هو بمثابة خطأ كبير. نحن بحاجة ماسة إلى إدخال تغييرات جوهرية و حقيقية على البنية الاقتصادية لإقليم كردستان، عبر زيادة الاهتمام بقطاعات أخرى، بالإضافة إلى النفط، مثل الزراعة و الصناعة و المعادن و السياحة و سائر القطاعات الأخرى. بيد أنّنا في إقليم كردستان و في العراق عموماً، ارتهنت كل حساباتنا بعامل النفط. و بالنتيجة فأيّ تذبذب في أسعار النفط ينعكس سلباً أو إيجاباً على جميع القضايا الاقتصادية و الميزانية العامة، وقد ينجم عن ذلك بروز مشاكل صغيرة و كبيرة في إدارة الإقليم. من ناحية أخرى، يجب أن نضع في حسباننا بأنّ النفط ليس مصدراً أبدياً، ممّا يحتّم علينا التفكير في مستقبل بلانفط. لذا، من الضروري أن يُوَجَّه الاهتمام في العراق و في إقليم كردستان إلى القطاع الخاص و العمل على تطويره عبر فتح المجال أمامه لخوض غمار النشاطات العظيمة، و توفير المناخ المناسب ليستطيع هذا القطاع أن يدخل إلى عالم المشاريع الاقتصادية الكبرى.
من الإشكاليات الجوهرية الخطيرة الأخرى التي تعاني منها البنية الاقتصادية في العراق و الإقليم هي التضخم الخطير في حجم القطاع الحكومي، و اعتماد شريحة واسعة من الناس في تأمين قوتها على الرواتب التي تؤمّنها الدولة لهم. فانفلات عقال الدرجات الوظيفية، و الترهّل الحكومي و البيروقراطية الشديدة المكبّلة، كلّ ذلك أدّى إلى أن يذهب الجزء الأعظم من ميزانية الدولة و الأموال العامة إلى الميزانية التشغيلية لسدّ رواتب الموظفين و العاملين في القطاع العام، ممّا ساهم في بطء حركة عجلة التنمية الاقتصادية. إنّ تأمين رواتب هذا العدد الهائل من الموظفين أمر صعب للغاية، و في مرات عديدة اندلعت اضطرابات و احتجاجات واسعة بسبب التأخير أو عدم الانتظام في دفع الرواتب، إذن، لا مفرّ من أن‌نقوم، إلى جانب القطاع العام و هذا الجيش من الموظفين الحكوميين، بتقوية القطاع الخاص و تحفيز سوق العمل و الإبداع و استحداث المصانع و الورش و المشاغل الصغيرة و الكبيرة و الصناعات الصغيرة و الكبيرة من أجل إدخال تحوّلات جذرية على البنية الحالية للاقتصاد.

 

فصلية طهران:  بالتوازي مع موضوع الاقتصاد و المداخيل النفطية، يجري الحديث دائماً عن آفة الفساد المالي التي تنخر في النظام الاقتصادي في العراق و إقليم كردستان ، و يبدو أنّ هذا الموضوع أضحى من المعضلات الخطيرة في إقليم كردستان، ممّا أثار نقمة قطاع واسع وعريض من الناس على هذه الحالة.  برأيكم ما العمل؟ ما هي الآليات المتاحة لاجتثاث الفساد المالي من إقليم كردستان العراق؟


*محمود عثمان:  يؤسفني أن أقول، بأنّه في السنوات الأخيرة، ضرب الفساد بجذور عميقة في العراق و في إقليم كردستان على السواء، و أصبح معضلة خطيرة للغاية. من البديهي أنّ أيّ نقطة في العالم تتوفر على مصدر مالي و دخل عظيم، و لا يوجد إلى جانب هذه المنابع المالية منظومة رقابية صارمة أو نظام تحقّق الأرصدة، فإنّ حصيلة هذه المعادلة، بالقطع، هي الفساد المالي. في العراق كما في إقليم كردستان نشهد وقوع مثل هذه الحالة، فبسبب غياب منظومة رقابية حقيقية، فرّخ الفساد المالي لدرجة خطيرة.
و في كل يوم تنشر الصحف و وسائل الإعلام و الشبكات الافتراضية في العراق و إقليم كردستان أخباراً عن اتهامات بالفساد المالي لأشخاص على مستوى رئيس أو مدير عام أو معاون وزير أو حتى وزير، قاموا باختلاس الأموال العامة، و جمعوا ثروات طائلة بغير وجه حق، و أغرقوا أسرهم في بحر من النعيم و الرخاء. قد تكون بعض تلك الأخبار عبارة عن شائعات و افتراءات لا أساس لها من الصحة، إلّا أنّ الحقيقة هي أنّ نشر مثل هذه الأخبار يترك تأثيره السيء على نفسية الناس و يجرح مشاعرهم، فيفقدوا ثقتهم بالمسؤولين و الحكومة، ثم ينعكس ذلك بشكل سلبي للغاية على سلوكهم السياسي و الاجتماعي. ومالم‌تُتّخذ تدابير عملية لمحاربة الفساد المالي، و طرد المفسدين و معاقبتهم و سجنهم، ومادامت الاستجابة و ردود الأفعال في حدود الكلام و الإعلام و المواقف الانفعالية، فلن‌يطرأ أيّ تغيير على الأوضاع القائمة. إنّ الآلية المنطقية و المعقولة هي أن يقوم الجهاز الرقابي بواجباته بصورة جدية، و يتم التركيز على ضرب الرؤوس الكبيرة. لأنّه لو تمّ الاكتفاء بمعاقبة الأشخاص و الموظفين من الدرجات الدنيا فلن يحدث تغيير يذكر في موضوع الفساد المالي. المهم هو التصدّي للرؤوس الكبيرة و الشخصيات المختلفة، و ما لم يحدث ذلك، فالفساد مستمر و راسخ.

 

فصلية طهران:  شهدنا في السنوات الأخيرة استمرار موجات الهجرة غير الشرعية للعديد من شباب إقليم كردستان صوب البلدان الأوروبية، حتى أنّ عدداً كبيراً منهم، للأسف، غرق في بحر إيجه. في الماضي كان الشباب يهاجر من ظلم البعث و اضطهاده، فماباله اليوم يفعل ذلك و قد أصبح النظام السياسي و الاقتصادي بيد الأحزاب الكردية؟ لماذا لم تتوقف هجرة الشباب؟ أين المشكلة؟


*محمود عثمان:  لا بدّ في البداية أن أشير إلى نقطة و هي، ثمّة تصوّر خاطئ في أذهان بعض الشباب يدفعهم إلى الهجرة. إذ يعتقد الكثير منهم أنّ الفرص ستكون متاحة أمامهم بسرعة في أوروبا، و أنّهم سيحصلون على مستلزمات حياة الرخاء و الرفاهية بسهولة و دون مقابل. و لكن هذا غير صحيح، فالعوائق كثيرة في طريق المهاجرين، و عدد كبير من هؤلاء الشباب المهاجرين إلى بعض البلدان الأوروبية يعاني ظروفاً غاية في الصعوبة و من شظف العيش. كما أنّ البعض الآخر تمّ طرده و إعادته إلى كردستان، و هناك من فقد حياته في بحر إيجه و  البحر المتوسط أو في أماكن أخرى في بلاد الغربة و في ظروف قاسية. 
صحيح أنّ شباب إقليم كردستان ينعم بحرية التعبير و الحريات السياسية و الاجتماعية، و يعيش في بلد يحكمه حكام من بني جلدته، و قد لا توجد مشكلة على هذا الصعيد، إلّا أنّ الحقيقة هي أنّ عدداً كبيراً منهم يعاني من البطالة و لا يستطيع أن يؤمّن قوته اليومي. فالشاب الذي لا يتوفّر على العمل و المستقبل، و لا يستطيع تأمين احتياجاته المادية، يضطرّ إلى اللجوء لأيّ وسيلة تساعده على الهجرة من البلاد و تحقيق حلمه في الرخاء. أعتقد أنّ علينا أنّ نفكر ملياً في موضوع عمالة الشباب، و أن نضع الخطط و البرامج المدروسة لتأمين مستقبلهم و تحقيق أحلامهم، و لا بدّ أن تتّخذ خطوات حكيمة في هذا المجال. من المهم أن نعرف الطريقة المناسبة للتعامل مع الشباب، و أيّ مستقبل نخطّط لهم، و كيف نلبّي متطلباتهم و احتياجاتهم. إذا لم نفهم الأسلوب المناسب للتعامل مع الشباب، سوف نفشل في تأمين مستقبلهم بشكل جاد و واضح، و بطبيعة الحال، لن يكون هناك أسباب تحفّز الشباب على البقاء في بلادهم، و سوف تستمر موجات الهجرة إلى الخارج.

 

فصلية طهران: ما هو تقييمكم للمقاربة السياسية للولايات المتحدة إزاء التطورات السياسية ذات الصلة بالأكراد، لا سيّما في إقليم كردستان؟ على أثر التطورات التي حدثت بعد إجراء استفتاء الاستقلال، اتّهم بعض زعماء الأحزاب الكردية و جزء من الرأي العام في الإقليم الولايات المتحدة على شبكات التواصل الاجتماعي بالخيانة، و أحياناً نسمع من الأكراد السوريين نفس هذه الاتهامات. ما رأيكم بهذه القضية؟ هل توافقون هذا الرأي بأنّ الولايات المتحدة خانت الأكراد؟


*محمود عثمان:  لدي تجارب عديدة فيما يتعلّق بالتفاوض مع السياسيين و المسؤولين الأمريكان. أول تجربة لي كانت في عام 1965 م عندما سافرت إلى واشنطن ممثلاً عن الملامصطفى بارزاني للتفاوض مع المسؤولين الأمريكان، و بعد ذلك أيضاً كانت لي جولات أخرى من المفاوضات في الولايات المتحدة في مراحل تاريخية لاحقة، و النتيجة التي خرجت بها من هذه اللقاءات والتجارب هي عدم حدوث أيّ تغيير في سياسات أمريكا و مقارباتها إزاء الأكراد. فالأمريكان ينظرون إلى المشكلة الكردية كقضية داخلية مرتبطة ببلدان المنطقة و ليس مشكلة مستقلة في الشرق الأوسط. و قد قالوها صراحةً للأكراد: أنتم جزء من العراق و إيران و تركية و سورية، و عليكم أن تحلوا مشاكلكم في إطار حدود تلك البلدان، و أن تطرحوا مطاليبكم في العواصم الأربعة لتلك البلدان.
بعبارة أوضح، الأمريكان لا ينظرون إلى الأكراد كأمة واحدة مشكلتها واحدة، و لهذا السبب لم تقدّم الولايات المتحدة أبداً دعماً حقيقياً للأكراد. لذا، فأنا بالاستناد إلى قناعاتي و تجاربي توصلت إلى نتيجة مفادها، أنّ الولايات المتحدة ليست جديرة بثقة الأكراد مطلقاً. ما من دولة في العالم تحقّق مقاصدها عبر نهج البراغماتية و حسابات الربح و الخسارة كما تفعل الولايات المتحدة. تراها في فترة معينة تتابع قضية خاصة، و تقيم لأجل تلك القضية علاقات خاصة، ثم فجأة تنفصل و تنأى بنفسها عنها. و لهذا السبب تجد شعوباً كثيرة راحت ضحية للسياسات الأمريكية، لا ينبغي للأكراد أن يتصوروا أنّهم وحدهم ضحايا سياسة واشنطن، بل إنّي أؤمن بوجوب ألّا يعتمد الأكراد على أيّ دولة أجنبية. لاالولايات المتحدة و لا روسية و لا أيّ دولة أجنبية جديرة بالثقة، نحن لا ننتظر منهم أن‌يحلّوا مشاكلنا، فدائماً مصالحهم لن تتطابق مع مصالحنا. و الحل الأمثل هو أن‌نتفاوض مع حكوماتنا و نطرح مطاليبنا عليهم.


فصلية طهران:  في السنوات الأخيرة، لعبت تركية دوراً كبيراً في الملف الكردي أكبر من أي مرحلة تاريخية سابقة. رأيتم كيف استقبل أردوغان الكاكا مسعود بارزاني في مدينة ديار بكر الكردية في عام 2013 م، و في سابقة كسر فيها كل التابوهات ذكر لفظة كردستان في خطابه. لكنّه في المراحل اللاحقة اتّخذ مواقف متشدّدة إزاء أكراد سورية و سائر التحولات الكردية. ما هو رأيكم إجمالاً في سياسات أنقرة حيال الأكراد؟


*محمود عثمان:  أعتقد أنّ الاستراتيجية السياسية العامة لتركية في جوهرها معادية للأكراد، و كانت دائماً ضدّ الحركات الكردية. و لم يختلف هذا الموقف بعد وصول أردوغان إلى الحكم، فقد صدرت عنه مواقف و آراء متطرّفة عديدة إزاء الأكراد. فهو ينظر إليهم جميعاً كإرهابيين، و لذلك تتّسم مواقفه بالضدّية إزاءهم. في حين أنّ جميع الأكراد يسعون إلى التعاطي و الحوار مع تركية. لا يعرف أردوغان غير لغة الحرب و الحملات العسكرية، و بحسب اعتقادي إنّ السياسة التي تنتهجها أنقرة مع الأكراد خاطئة. و لولا بعض الاعتبارات المحيطة مثل الولايات المتحدة و بعض القضايا الدولية، لشنّت تركية حملة عسكرية على جميع أكراد سورية. منذ عقود و تركية تتبع هذه السياسة التي لم تحقّق لها أيّ نتيجة ملموسة، و مع ذلك فهي مستمرة على نفس النهج. و أنا أقول بأنّ مواصلتها لهذه السياسة سوف تضرّ بشدّة بالأكراد و بها أيضاً.


فصلية طهران:  سؤالنا الأخير هو، برأيكم ما الذي يجب فعله بالنسبة لمسألة مصير محافظة كركوك؟ 


*محمود عثمان:  لطالما كانت كركوك جزءاً من كردستان من الناحية التاريخية و الثقافية و الاجتماعية. لكنّ الواقع يقول بأنّ المدينة تضمّ قوميات أخرى مثل العرب و التركمان و آخرين، و لا بدّ أن نأخذ بعين الأهمية التعدّد الاجتماعي و الإثني في كركوك. أعتقد أنّ أفضل حل هو تفعيل المادة 140 من الدستور و اتّخاذ قرار بإجراء استفتاء لتحديد مصير هذه المنطقة. يجب أن يناط بشعب كركوك مسألة اتخاذ قرار واضح حول مستقبل هذه المدينة، و أن يجرى استفتاء شامل قانوني و رسمي، تُحترم بموجبه إرادة الناخبين. يجب أن نسأل الشعب في كركوك ماذا يريد؟ هل يريد أن يبقى جزءاً من العراق، أو أن يكون جزءاً من إقليم كردستان؟ أو أن يكون منطقة مستقلة؟ يجب أن نسمع رأي الناس أنفسهم. الحقيقة إنّ قضية كركوك قضية حساسة، و لا تتعلق فقط بأكراد إقليم كردستان و الحكومة المركزية العراقية، فالولايات المتحدة و تركية و الآخرين لهم رأي أيضاً في القضية. لهذا السبب يجب التفتيش عن حلول تتطابق مع مبادئ الدستور العراقي، و في نفس ترضي الأكراد و سائر القوميات التي تقطن مدينة كركوك.


فصلية طهران: شكراً لكم مرة أخرى لمشاركتكم في هذا الحوار.


قراءة: 1046