فصلنامه مطالعات سیاست خارجی تهران
 

دراسة حول أهم القضايا في إقليم كردستان العراق

سعدي أحمد پيره
عضو المكتب السياسي و مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الاتحاد الوطني.

سعدي أحمد پيره ولد في عام 1951م بمدينة مخمور إحدى ضواحي مدينة أربيل. بدأ نشاطه السياسي في فترة الشباب. بعد التوقيع على اتفاقية الجزائر بين طهران و بغداد عام 1975 م نزح عن كردستان شأنه شأن الكثير من الناشطين السياسيين الأكراد و هاجر إلى إيران. انتمى في نفس السنة إلى الاتحاد الوطني الكردستاني. ثم سافر بعد ذلك إلى النمسا و حصل على حق المواطنة كلاجئ سياسي، بدأ دراسته في فرع الهندسة المدنية، لكنّه ترك الدراسة بعد أحداث 1991 م و عاد إلى كردستان العراق. فاز في الدورة الأولى للانتخابات النيابية في كردستان العراق و أصبح نائباً في البرلمان الكردي، بعد سنة من هذا التاريخ تقلّد منصب وزير الزراعة. بعد ذلك أصبح عضواً في الهيئة السياسية للاتحاد الوطني الكردستاني، ثم لاحقاً عضواً في الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية الدولية و حزب الاتحاد الوطني. حالياً هو أحد أعضاء المكتب السياسي لحزب الاتحاد الوطني و مسؤول العلاقات الخارجية فيه.

 

الكلمات الأساسية: حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، إقليم  كردستان، استفتاءالانفصال

 

فصلية طهران: هل لكم أن تشرحوا لنا الأوضاع الراهنة التي تعيشها الأحزاب الكردية في إقليم كردستان و رؤيتها الحزبية و السياسية؟


* سعدي أحمد پيره:  أعتقد أنّ أوضاع الأكراد في العراق و المنطقة و كذلك موقعهم في منظومة العلاقات الدولية في القرن الحادي و العشرين شهد تطوّراً مهماً و نقطة تحوّل. مع ذلك نستطيع القول بأنّ الأركان الرئيسية في النظام السياسي الحالي تمّ إرساؤها في القرن العشرين. لقد مرّ الأكراد بظروف فظيعة بسبب جرائم حكومة البعث الصدامي من القصف الكيميائي لحلبجة إلى عمليات الأنفال التي أدّت إلى إبادة 200 ألف مواطن كردي ... إلخ، و هو ما أدّى إلى إيقاظ الضمير العالمي و توجيه اهتمامه للقضية الكردية، و نزوح ملايين الأكراد عن مدنهم و قراهم و اللجوء إلى إيران و تركية، و طبعاً لم يسكت المجتمع الدولي على هذه الفجائع. 
في أوائل إبريل/نيسان 1991 م أصدر مجلس الأمن الدولي قراره المرقم 688 الذي أعلن فيه فرض منطقة حظر للطيران بين خطي عرض 32 إلى 36 ، بالإضافة إلى ذلك تقرّر أن تقوم المنظمات الدولية بإرسال مساعداتها إلى الأكراد. هذه كانت بداية مسار أدّى في النهاية إلى تغيير أوضاع الأكراد في العراق.
لقد تابعت عن كثب خلال فترة النضال السياسي الدور المهم الذي لعبه كل من مام جلال طالباني و السيد مسعود بارزاني لتعزيز أوضاع الأكراد. لقد استطاعا خلال حرب الكويت و تشكّل الجبهة المعادية للعراق أن يديرا الأوضاع على نحوٍ أدّى إلى تثبيت موقع الأكراد رويداً رويداً. طبعاً كان لدول الجوار أيضاً حصة في دعمنا، ففي إيران و تركية سمح كل من المرحوم الشيخ هاشمي رفسنجاني و المرحوم تورغوت أوزال بنزوح الأكراد نحو هذين البلدين. و بفضل التحركات الدبلوماسية للزعيمين الكرديين مام جلال طالباني و السيد مسعود بارزاني و القوات التابعة لهما و سفرهما في عام 1991 م إلى تركية و إيران، بلغ مسار النشاطات السياسية الكردية المحطة التي تمّ فيها تأسيس إقليم كردستان الذي تحوّل إلى بارقة أمل. إنّنا لا نريد أن تعمّ الفوضى و المشاكل و عدم الاستقرار في المنطقة ، و كنّا دائماً نسعى إلى تشكيل مؤتمر واسع في المنطقة و لا سيّما بين التيارات السياسية الكردية في البلدان الأربعة العراق و إيران و تركية و سورية.


فصلية طهران: ما مدى تأثير الأوضاع الجغرافية و الإقليمية على أوضاع الأكراد السياسية و موقعهم في المنطقة؟


* سعدي أحمد پيره:  رحم الله زعيمنا الخالد المرحوم مام جلال، كان دائماً يقول لنا: أبنائي! قبل اتخاذ القرارات المهمة أو القيام بالنشاطات السياسية، عليكم أن تتأملوا الخريطة الجغرافية. فالجغرافيا ظاهرة أو عامل شديد الأهمية و التأثير، و لا يمكن تجاهل دورها بتاتاً. بالنسبة لنا نحن أكراد العراق، فإنّنا، في الوقت الحاضر، عالقون بين التاريخ و الجغرافيا. من الناحية التاريخية، كنّا دائماً و ما نزال إلى جانب الأحزاب و التيارات السياسية الشيعية، فقد عانى الشيعة و الأكراد في العراق من الظلم و الاضطهاد عبر التاريخ، و انتفض كلاهما على هذا الظلم. و من الناحية الجغرافية فإنّ جيراننا كانوا من العرب السنّة. و معظم قادة جيش البعث و الضباط و المسؤولين الأمنيين كانوا من أهل السنّة، و يقيناً، لن ننسى دور التيارات السياسية السنّية في قمع الأكراد. لذا، يجب علينا الآن أيضاً أن لا نغفل في نشاطاتنا السياسية عن العوامل التاريخية و الجغرافية. بالنسبة لنا و السياسيين الشيعة، إنّنا لم نلتقِ ببعضنا على قارعة الطريق و في شوارع بغداد، و إنّما جمعتنا السجون و المعتقلات، أو مخيمات اللجوء في الغربة، أو أثناء دفن شهدائنا، أو في خندق النضال المشترك ضدّ حزب البعث، ممّا يعني أنّ مصيرنا مشترك. بالتأكيد أنّنا اليوم لا نحمّل أهل السنّة في العراق مآسي الماضي، فهذا خطأ كبير، و خاصةً بعد بروز ظاهرة داعش الإرهابية، لقد عرف الجميع بأنّ الهدف الرئيسي من هذه المحاولات هو توجيه ضربة للإسلام.

 

فصلية طهران: لم تتخلّ التيارات الكردية عن طموح الاستقلال حتى بعد تأسيس كيان سياسي و تنفيذي تحت عنوان إقليم كردستان، ما السبب برأيكم؟


* سعدي أحمد پيره:  حسناً! إنّ حقّ تقرير المصير ليس شيئاً يمكن أن يُلام عليه شعب أو طائفة. برأيي إنّه مدعاة للفخر و الاعتزاز لا ذريعة لكي نكون في مرمى النقد و افتراءات الآخرين و اتهاماتهم. لماذا يُلام الأكراد على طموحهم في تأسيس الدولة بينما نجد للفرنسيين و الإنجليز و العرب و الأتراك و الآخرين دولاً عديدة؟ إذا كانت الدولة القومية ظاهرة مذمومة، فلماذا هي مستحبة عند الآخرين؟ لا ينبغي المبالغة في هذه الحساسيات. ما زلنا نذكر ردود الأفعال التي توالت تباعاً من قبل الجمهورية الإسلامية و الجمهورية التركية و الحكومة العراقية عندما أعلنوا تشكيل جبهة موحدة و قطعوا طرق المواصلات الجوية و البرية بوجه الأكراد و فرضوا عليهم ظروفاً صعبة بمجرّد الإعلان عن قرار استفتاء الاستقلال.


فصلية طهران: في فترة التأسيس للعراق الجديد في عام 2003 م ارتضى الأكراد أن يدار العراق وفق نظام فدرالي. فهل كان قرار الأحزاب الكردية بالموافقة على النظام الفدرالي مجرّد خطوة مؤقتة و تكتيكية، بينما كان الهدف النهائي و الأخير هو الإبقاء على حلم تأسيس دولة مستقلة؟


* سعدي أحمد پيره:  كلا، ليس الأمر على هذه الصورة أبداً. لقد وافقنا في عام 2003م على صيغة النظام الفدرالي في العراق لكي نمنح فرصة للعرب، و تكون العلاقة متكافئة بين الكرد و العرب و منابع الثروات الوطنية. أما إذا لم تستطع الحكومة المركزية استيعابنا و لم يحصل أيّ توافق أو توازن في العراق الجديد الذي كان لنا دور في تأسيسه، و لم تعترف بمشروعيتنا، فكيف لنا القبول بسلطة الحكومة المركزية؟ لقد رأيتم كيف جُمّدت ميزانية إقليم كردستان في عهد حكومة نوري المالكي و نشأت أزمات كبيرة بسبب ذلك. في الحقيقة، إنّ الاستفتاء طرح سؤالاً واحداً. لقد سُئل الناس: في الوضع الراهن للعراق، ما هو خيارك المفضّل؟ طبعاً لا بدّ أن أضيف هنا بأنّ الظروف لم تكن مواتية لإجراء الاستفتاء. كما أنّنا لم نكن نعتزم الإعلان عن إقامة الدولة الكردية المستقلة غداة إجراء الاستفتاء. كانت تلك مجرّد محاولة لاستمزاج آراء الناس. أردنا أن نرسل رسالة إلى بغداد ماذا هي فاعلة إزاء المطاليب الكردية في ظلّ هذه الظروف؟ أعتقد أنّ ردّ فعل الحكومة المركزية في بغداد في ذلك الوقت و خاصة فيما يخصّ قضية كركوك و المطارات لم يكن منطقياً. مع ذلك حاول زعماء الأحزاب الكردية تطبيع الأوضاع عبر الطرق الدبلوماسية. و لحسن الحظ عادت العلاقات من جديد، و تواصلت علاقاتنا مع بغداد و العالم الخارجي مرة أخرى. يجب أن نحظى بحقوق و فرص متكافئة في العراق لكي نستطيع الدفاع عنه.


فصلية طهران: هل أفهم من هذا الكلام أنّه لو كان النظام الفدرالي مطبقاً بشكل تام لماكانت ثمة حاجة لإجراء الاستفتاء؟ 


* سعدي أحمد پيره:  نعم، لو كانت الحكومة المركزية العراقية تطبّق النظام الفدرالي و الدستور العراقي بشكل كامل لما كانت هناك حاجة أصلاً لمثل هذا الاستفتاء.


فصلية طهران: كيف تنظرون إلى تجربة الحكم في إقليم كردستان التي استمرّت لثلاثة عقود تقريباً ؟


* سعدي أحمد پيره:  لا نزعم أنّنا في إقليم كردستان حقّقنا نظاماً نموذجياً فردوسياً. و لا نزعم بأنّ كل شيء ممتاز و رائع، و لا توجد عندنا أيّ مشكلة في مجال حقوق الإنسان و الديمقراطية و الاقتصاد. و لكن مع ذلك فقد جرت محاولات قيّمة يجب أن ننظر إليها من منظار المنطق و الإنصاف. فلنعقد مقارنة منصفة بين أربيل و السليمانية و سائر مدن العراق الأخرى، و كذلك بين أربيل و السليمانية و سائر المدن الحدودية في إيران و تركية (مثلا نقارنها بمدن مثل سنندج و إيلام و أرومية و كرمانشاه في إيران، و غازي عنتاب و حكاري و شرناخ في تركية). طبعاً ليس لنا أن نقارن مدننا بطهران و أسطنبول، بل بالمدن الكردية في إيران و تركية، حينها سنجد أنّ وضعنا أفضل و أحسن. بل أعتقد أنّ مدننا لاتُقارن بمدن العراق أبداً، فأين أوضاع مدن الحلة و الديوانية و الموصل من مدننا؟ بل حتى بغداد لا تُقارن بمدننا، فهذه المدينة التي تُعتبر عاصمة العراق غارقة في بحر من النفايات. إذن، لا بدّ أن نقول أنّه على الرغم من جميع العوائق و المشاكل و الحصار و حملات داعش و الكثير من المشاكل الأخرى، فقد أبلينا بلاءً حسناً. لا شكّ في أنّه ينتظرنا عمل كثير حتى نصل إلى التطور المنشود. ما أريد قوله هو لا ينبغي أن نغض الطرف عن نقاط القوة و الأبعاد الإيجابية.


فصلية طهران: ما ذكرتموه يشمل في معظمه النواحي العمرانية و التمدّن و جوانب من التنمية، فهل حققتم بموازاة ذلك نجاحاً على صعيد السياسة و الديمقراطية في نظام إقليم كردستان العراق؟


* سعدي أحمد پيره:  تصدر الآن في إقليم كردستان 120 صحيفة و مجلة لا تخضع لأيّ رقابة. بالإضافة إلى العديد من الشبكات الإذاعية و التلفزيونية التي تمارس نشاطاتها بحرية. و تنتقد وسائل الإعلام المسؤولين بسهولة و لا توجد أيّ مشكلة في ذلك. هذه أمثلة من الحرية و الديمقراطية الموجودة.


فصلية طهران: صحيح أنّ إقليم كردستان العراق يشكّل رقعة جغرافية موحدة على الصعيدين السياسي و القانوني، لكنّه على الصُعُد السياسية و العسكرية و التنفيذية مقسّم عملياً إلى شطرين، و كل شطر يخضع لسيطرة أحد الحزبين. هل أنتم متفائلون بشأن إنهاء هذا الوضع في المستقبل؟


* سعدي أحمد پيره:  نعم، إنّها حقيقة واقعة، فكردستان مقسّمة، عملياً، من النواحي السياسية و العسكرية و التنفيذية إلى شطرين، و سبب ذلك اختلاف الرؤية العامة لدى الحزبين الكرديين الكبيرين، و لا نستطيع أن نتجاهل تأثير الدول المجاورة في بلورة هاتين الرؤيتين و ظهور هذين الشطرين. و لكن سواء أكان لهذه الدول دور في ذلك أم لا، فهذا لايقلّل من مسؤوليتنا، فقد كان علينا أن نعمل بوعي أكبر و بعد نظر، حتى لا نسمح ببروز مثل هذا الوضع. عندما كانت السيدة مادلين أولبرايت وزيرة خارجية الولايات المتحدة، توصّل حزبنا، الاتحاد الوطني الكردستاني (يكيتي) مع الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي) إلى اتفاق في واشنطن ينهي بموجبه الخلافات بين الطرفين. و قد مارست كل من إيران و تركية دوراً إيجابياً في حلّ تلك الخلافات. و مع ذلك ما يزال هناك شطران. شطر أخضر تابع لسلطة الاتحاد الوطني، و شطر أصفر تابع لسلطة الحزب الديمقراطي، و أنّ الأوضاع على نحوٍ يوحي بوجود إدارتين و كيانين متباينين. و لهذا السبب بدأت محاولات عديدة للخروج من هذا الحالة بشكل تدريجي. هناك خطة إصلاحات مؤلفة من 35 مادة تهدف إلى تغيير البنية الدفاعية لقوات البيشمركة، و الإعلان عن تشكيل قوة وطنية موحدة، و أعتقد أنّ هذه الخطوة ستؤثّر بشكل تلقائي على الوضع الإداري المزدوج في الإقليم. كما و أعددنا آلية لتنفيذ إصلاحات في مسار القضايا التنفيذية و عدم تدخل المسؤولين الحزبيين في نطاق مسؤولية المحافظين و القادة العسكريين، و معلوم أنّ هذه الآلية سوف تغلق الباب أمام الأحزاب و لن تسمح لزعمائها باستغلال القوات العسكرية (البيشمركة) لتحقيق مصالحهم الشخصية. طبعاً لا نتوقّع أن تتم هذه الإجراءات بين ليلة و ضحاها، بل ستأخذ وقتاً و عبر مراحل طويلة، فليس لدينا زر نضغط عليه لكي ننتقل من الأوضاع الراهنة إلى الأوضاع المنشودة هكذا و بكل سهولة. و لكن أستطيع القول بأنّ هناك إرادة لتغيير الأوضاع.


فصلية طهران: و ماذا بشأن تفشي الفساد المالي و استغلال المسؤولين و أسرهم في إقليم كردستان للمنابع الاقتصادية؟


* سعدي أحمد پيره:  أعتقد أنّ الفساد المالي في النظام السياسي لإقليم كردستان قدتجاوز المعدلات المتوسطة، و بات يشكّل معضلة كبيرة، و بلغ حدّاً يمكن عدّه أزمة على قدر كبير من الخطورة، بل إنّ الفساد المالي أعظم خطورة من داعش. و الحقيقة هي إنّ بعض المسؤولين في النظام السياسي و الإداري و الاقتصادي في إقليم كردستان صاروا يُستغلّون من قبل المحيطين بهم و أفراداً من أسرهم، و من هذا الطريق تمّ الاستحواذ على الثروات و المنابع الاقتصادية في الإقليم. هذا الوضع مقلق للغاية، لأنّه قد تترتّب عليه عواقب وخيمة جداً. لا بدّ من محاربة جادة لهذه الآفة. هناك رؤية مستنيرة و فكر و عزم على محاربة الفساد المالي في إقليم كردستان، و لكن نظراً لكون الفاسدين يمتلكون نفوذاً و سلطة سياسية و يتبؤون مناصب عليا في الحكومة، فإنّه لم تتّخذ بعد خطوات جادة لمواجهتهم. لا بدّ من مضاعفة الجهود في هذا المجال. من وجهة نظري، إذا كنّا في حزب الاتحاد الوطني أو في الحزب الديمقراطي الكردستاني بحاجة إلى أموال معينة لإنفاقها في المجالات الثقافية و العلاجية و الحوادث الطارئة، فهذه قضية طبيعية و لا تشوبها شائبة و بالتالي يمكن اتّخاذ التدابير المناسبة بشأنها. كأن يشكّل كل من الحزبين، على سبيل المثال، صندوقاً سيادياً لهذا الغرض، و يقوم المسؤولون بحسب تشخصيهم أو مجلس معيّن بالاستفادة من أموال هذا الصندوق، و تكون جميع حساباته شفافة و مسجّلة. هذه آلية ميسّرة يمكننا الاستعانة بها في جميع القضايا الاقتصادية. أمّا ما نراه من امتلاك بعض الشخصيات لعشرات الدور و الأبراج الفخمة و الطيارات و عناصر الحماية و مسائل من هذا القبيل، فهو أمر لا يمكن تحمّله بأيّ وجه، و لا بدّ من التصدّي له بصورة جادة.


فصلية طهران: بماذا تفسّرون أسلوب توارث السلطة بين أفراد الأسرة في التركيبة السياسية للأحزاب في إقليم كردستان؟ هل تتوقّعون أن يتغيّر هذا النهج في المستقبل، و يتم نقل السلطة إلى الزعامات الجديدة بحسب الآليات الديمقراطية و الحزبية و عبر المؤتمرات الحزبية؟


* سعدي أحمد پيره:  الحزبان الديمقراطي الكردستاني و الاتحاد الوطني لهما جذور عميقة و قديمة، فالحزب الديمقراطي تأسّس في عام 1946 م في عصر كانت الأفكار القومية تغزو العالم، و كان هذا الحزب في تلك الفترة يشكّل محور الفكر القومي الكردي و قد لعب دوراً بارزاً و استمرّ حتى المحطة التاريخية في عام 1975 م أعني التوقيع على اتفاقية الجزائر بين شاه إيران و صدام حسين. و كما تعلمون فإنّ مقتضيات المرحلة و الضرورة التاريخية دفعت مام جلال طالباني إلى تأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني من أجل التصدّي لمشروع البعث في التعريب و محو الأكراد. ما أريد قوله هو أنّ الحزبين تأسّسا لضرورات تاريخية، و في فترات لاحقة ظهرت أحزاب كردية أخرى تفتقد إلى مثل هذه الضرورات كحركة تغيير «گوران» و هي حركة شعبوية ركبت الموجة مستغلة السخط الشعبي، لكنّها لم تحقّق أيّ نتيجة. و كذلك حركة الجيل الجديد و شهسوار عبد الواحد، الذي شرع بنشاطاته بدون أيّ ضرورة تاريخية و سياسية. و هناك الأحزاب الإسلامية التي تأسّست بعد انتصار الثورة الإسلامية، صحيح أنّ كردستان كانت قد تعرّفت قبل ذلك على أفكار الإخوان المسلمين، و لكن تأسيس هذه الأحزاب الإسلامية جاء بعد الثورة الإيرانية. لذا فمن الضروري أن ننظر إلى الخلفية التاريخية التي تأسّست في إطارها تلك الأحزاب. من ناحية ثانية، ينبغي مراجعة نتائج انتخابات إقليم كردستان لعام 2018 م، لتجدوا أنّ الأكراد عادوا مرة ثانية إلى حضن الحزبين القديمين أعني الحزب الديمقراطي الكردستاني و الاتحاد الوطني الكردستاني، و ابتعدوا عن الأحزاب الإسلامية و الشعبوية.
والرسالة التي تتضمنها خطوة الشعب هذه أنّه ينشد الأمن و الاستقرار الاقتصادي، و يولي رخاءه أهمية كبيرة، فكردستان ليست مختبراً لكي تجرّب كل الوجوه و التيارات الجديدة حظّها كما هو الحال مع فئران المختبرات.


فصلية طهران: السؤال المطروح هو: بعد تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، لماذا انتقلت زعامة الحزب من المرحوم الملا مصطفى بارزاني إلى ابنه الأكبر المرحوم إدريس بارزاني، و الآن هي بيد السيد مسعود بارزاني، و نفس النهج متبع في الأحزاب الكردية الأخرى؟


* سعدي أحمد پيره:  لا هنا القضية مختلفة، لا يمكن أن نقارن أوضاع انتقال الزعامة في الحزب الديمقراطي و أسرة البارزاني بحزبنا. فليس هذا هو نهج الاتحاد الوطني الكردستاني. و على أيّ حال، فإنّ أنصار الحزب الديمقراطي لا يبدو أنّ لديهم مشكلة مع مسألة انتقال الزعامة في الحزب إلى أحد أعضاء أسرة بارزاني. لكنّ الأمر مختلف بالنسبة للاتحاد الوطني الكردستاني، فالسيد جلال طالباني لم يؤسّس لمثل هذا النهج، و لم يقدّم أيّاً من أفراد أسرته كعضو في اللجنة المركزية للحزب. ربما لدى بعض إخوتنا و أسرة السيد جلال الرغبة في أن يقلّدوا الحزب الديمقراطي في هذه المسألة، و يسيروا على نهجهم، لكنّ هذا التقليد السياسي غير معهود في الاتحاد الوطني، فمعارضة الزعامة الأسرية تعدّ مبدأً أصلياً في الفلسفة السياسية لحزبنا. و بكل تأكيد إنّ انتقال الزعامة داخل الأسرة و استغلال السلطة السياسية للحزب من قبل أعضاء الأسرة، سوف يعود بالضرر على الاتحاد الوطني الكردستاني و الراغبين في اتباع هذا التقليد.


فصلية طهران: و لكن عملياً لا يوجد فرق بين الحزبين الديمقراطي الكرستاني و الاتحاد الوطني في مسألة انتقال الزعامة، فنحن نلحظ الآن في الحزب الديمقراطي أنّه بالإضافة إلى السيد مسعود بارزاني، هناك أبناؤه و صهره و ابن أخيه و آخرون يستحوذون على جزء كبير من السلطة، و نفس الشيء بالنسبة لحزبكم الذي يمارس بالضبط نفس هذا التقليد. فالسيدة هيرو إبراهيم زوجة الراحل مام جلال و أخته تستحوذان على جزء من السلطة، و أبناؤه أعني قباد و بافل أيضاً يستحوذان على جزء آخر من السلطة، و حتى عدائل مام جلال يتمتّعون ببعض السلطة و النفوذ في هذه المنظومة.


* سعدي أحمد پيره:  كلا ليس الأمر هكذا، لا توجد مثل هذه السلطة، و كل ما قيل في هذا الموضوع أمر مبالغ فيه و بعيد عن الواقع. و لكن هذا يعود إلى تأثير ممثّلي البلدان الأجنبية الذين يأتون إلى السليمانية، فعند مجيئهم يلتقون بعشرة أو عشرين مسؤولاً، فهم لا يتصرّفون طبقاً للبروتوكولات السياسية و الحزبية. و قد قلنا مراراً لممثّلي تلك البلدان أنّه يوجد في إقليم كردستان العراق منصب نائب السكرتير العام للاتحاد الوطني، و يشغل هذا المنصب السيد كوسرت رسول، و الذين يريدون زيارة الاتحاد الوطني عليهم أن يلتقوا بالسيد رسول. فليعلنوا عن ذلك بشكل رسمي ليتم التنسيق كما يلزم، و استدعاء الشخصيات السياسية و الأمنية و العسكرية التي يرغبون بلقائها عند السيد رسول و يتم الترتيب للقاء رسمي. و لكن عندما يزور هؤلاء الضيوف من تلقاء أنفسهم هذه الشخصية أو تلك، فلا علاقة لهذا التصرّف بلقائهم بالاتحاد الوطني، بل هي لقاءات ببعض الأفراد. بكل تأكيد، سوف تستحوذ هذه المسألة على اهتمامنا في مؤتمر الحزب، و سيتمّ إنهاء هذا النهج. 


فصلية طهران: متى سيعقد مؤتمركم الحزبي؟


* سعدي أحمد پيره:  في الشهر السادس من هذه السنة، أو إنّنا سنشكّل قبيل انعقاده مركزاً بعنوان «مركز القرار».


فصلية طهران: ما هو تقييمكم لرؤية الولايات المتحدة إزاء قضية الأكراد و النظام السياسي في إقليم كردستان؟


* سعدي أحمد پيره:  على الأكراد أن يسيروا في طريق بحيث لا تتعارض قراراتهم و تدابيرهم السياسية في المنطقة مع مصالح أو سياسات الولايات المتحدة و سائر بلدان العالم و كذلك بلدان المنطقة. في عالم السياسة من السذاجة أن نتوقّع من الآخرين أن يتعاملوا معنا بوفاء و إخلاص، أو ننتظر من مختلف القوى أن تساندنا و تدعمنا في كل الظروف. اسمحوا لي أن أقول لكم بصراحة، لماذا على الولايات المتحدة أن تدعمنا إذا كان دور الأكراد في منطقة الشرق الأوسط لا يصبّ في صالح السياسات الأمريكية ؟ و هنا أجد لزاماً أن أشير إلى هذه النقطة و هي، لا يجوز أن نبالغ في توقعاتنا في أن تظلّ الولايات المتحدة حامية للأكراد على طول الخط. و لكن نتوقّع منهم أن يتذكّروا عند اتخاذ القرارات المقاطع الحساسة التي هبّ الأكراد فيها لمساعدتهم؟.  اسمحوا لي أن استشهد بمثال واضح. لقد أصبح الأكراد، عملياً، في شمال سورية في موقف حرج وصعب وخطير للغاية بسبب قرار الرئيس الأمريكي ترامب الأخير بسحب القوات العسكرية الأمريكية من سورية. و عندما زار مايك بومبيو العراق و إقليم كردستان، عاتبه جميع مسؤولينا قائلين بأنّ القرار الأمريكي لم يكن صائباً، و أنّ هذا القرار المفاجئ سوف يضعف الأكراد. بعد عودة الوزير الأمريكي إلى واشنطن صرّح لزملائه و بقية المسؤولين الأمريكان أنّ الأحزاب و الجماعات الكردية في المنطقة قد تختلف فيما بينها على الصعيد الفكري و تباين المصالح، لكنّها متّفقة في آرائها إزاء بعض القضايا المهمة، فكلّها عاتبة على انسحابنا المفاجئ لأنّها تعتقد أنّ هذه الخطوة قد تعرّض أرواح الأكراد للخطر. و قد يكون مجموع هذه المواقف و ردود الأفعال هو الذي دفع دونالد ترامب لأن يغرّد على التويتر قائلاً: لا نريد للأكراد أن يعرّضوا أمن تركية للخطر، و لكن في نفس الوقت، إذا أرادت تركية شنّ هجوم على الأكراد في شرق الفرات فسندمر اقتصادها. لذلك أنا أعتقد أنّه في مثل هذه الحالات يمكن ممارسة التأثير على بعض القرارات من خلال اتخاذ مواقف مناسبة و منسجمة. يجب أن تكون توقعاتنا منطقية، و أن نتفهم بواقعية و براغماتية طبيعة المعادلات التي تحكم العلاقات و القوانين الدولية، و أن تكون لنا طموحات ممكنة التنفيذ.


فصلية طهران: برأيكم ما هي الخطوات التي ينبغي اتخاذها بشأن الوضع القانوني و السياسي لكركوك؟


* سعدي أحمد پيره:  نحن ننظر إلى كركوك على أنّها جزء من خريطة كردستان. ففي الانتخابات الأخيرة حققنا فوزاً ثميناً في كركوك على الرغم من تعرّض حزبنا أعني الاتحاد الوطني الكردستاني للمقاطعة و الضغوط من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني و سائر الأحزاب الكردية الأخرى، فقد حصلنا على ستّة مقاعد في البرلمان العراقي الاتحادي بفضل تصويت شعب كركوك لحزبنا. يجب أن ننظر إلى هذا الحدث بعين الاهتمام، و نعدّه بمثابة دليل على كردستانية كركوك، لكن بطبيعة الحال هذا لا يعني التنكر للوجود التركماني و العربي و المسيحي، فلهم أيضاً حضور في المدينة. طبعاً الظروف الراهنة لكركوك و عودتها إلى سلطة الحكومة المركزية العراقية هو بالتأكيد من بين النتائج التي تمخّضت عن إجراء الاستفتاء. كان حزبنا يطالب بعدم إجراء الاستفتاء في كركوك و المناطق المتنازع عليها، و لكن رفض زعماء الحزب الديمقراطي الكردستاني هذا الرأي لاعتقادهم بضرورة أن تبدأ مقاومة الجيش العراقي من كركوك، و لكن لم‌يوضّحوا لنا حتى اليوم ما شكل هذه المقاومة؟ 
إنّ قضية كركوك و خروج قوات البيشمركة الكردية منها و دخول قوات الحكومة المركزية العراقية ليست بالحدث الاستثنائي، فقد حصل نظير ذلك في عالم السياسة عبر تاريخ البلدان الأخرى، على سبيل المثال في مدينة براغ خلال الفترة التي أطلق عليها ربيع براغ حين أراد جيش الاتحاد السوفيتي غزو تشيكوسلوفاكيا و احتلال براغ في عام 1968 م . فقد قام ألكساندر دوبتشيك كما سبقه إلى ذلك تيتو و تشاوتشيسكو بتحدّي الاشتراكية الروسية و أراد إجراء تغييرات و إصلاحات جدية في تشيكوسلوفاكيا، لكنّ الاتحاد السوفيتي لم يتحمّل ذلك فأرسل آلاف الدبابات و مئات الآلاف من الجنود إلى هذا البلد بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي عن طريق الحدود البولندية. كان دوبتشيك يعتقد أنّ مقاومة القوات الغازية سوف تؤدّي إلى سقوط أعداد هائلة من الضحايا، و لذلك رضخوا للأمر الواقع و قبلوا بدخول القوات السوفيتية. أعتقد أنّ قضية كركوك لها وضع مشابه، فلو كانت قوات البيشمركة اختارت التصدّي للجيش العراقي، لدُمّرت المدينة عن بكرة أبيها و قُتل آلاف الأشخاص. و في كل الأحوال كاد هذا الحدث أن يلحق ضرراً كبيراً بالأكراد. 
في الظروف الراهنة لكركوك، يجب اختيار آلية مناسبة تتضمن خروج الجيش و الحشد الشعبي و قوات البيشمركة من المدينة و إناطة مسؤولية الحفاظ على أمن المدينة و السيطرة على الوضع بالشرطة المحلية و محافظ المدينة المنتمي لحزبنا. 


فصلية طهران: ما هي الصيغة الفضلى للنظام السياسي و التنفيذي لإقليم كردستان؟ هل ينبغي وجود رئيس تمتد سلطته لجميع أنحاء الرقعة الجغرافية للإقليم أم تقسيم السلطة بين الأحزاب و البرلمان؟


* سعدي أحمد پيره:  طبقاً للصيغة القانونية المعمول بها فإنّ النظام السياسي في الإقليم هو النظام الرئاسي، و من المتوقع في المدى القريب أن يتم الإعلان في البرلمان عن الشخصية التي ستشغل منصب رئيس الإقليم و الذي يعتبر،  في الحقيقة، المندوب السياسي للإقليم في العلاقات الدولية.


فصلية طهران: كيف تنظرون إلى تحركات حزب العمال الكردستاني (p.k.k) في إقليم كردستان و في شنگال؟


* سعدي أحمد پيره:  إنّنا كحزب الاتحاد الوطني كانت لنا سياستنا الثابتة إزاء مشكلة الأكراد في تركية، و المرحوم مام جلال أعلن في عام 1992 م عن استعداده للتوسط لدى المسؤولين الأتراك، و كان يقول للرؤساء الأتراك اللاحقين أنّه لا مفر من التوافق مع الأكراد، و لا بدّ لهذه المشكلة أن تحلّ. و على الحكومة التركية في الوقت الحاضر إمّا الإعلان عن عفو عام، و إمّا حل هذه المشاكل بالطرق السياسية، بما يفضي إلى خروج عناصر حزب العمال (p.k.k) من إقليم كردستان العراق و العودة إلى بلادهم. يجب أن تحلّ هذه الأمور ضمن عملية سياسية و قانونية، و أن يشارك حزب الشعوب الديمقراطي في هذه العملية كقوة سياسية. أعتقد أنّه منذ فترة الوساطة التي أعلنها مام جلال و تجدّد المعارك بين الحكومة التركية و حزب العمال (p.k.k) و حتى اليوم قُتل ما لا يقل عن 30ألف عسكري تركي، و ربما قُتل من حزب العمال نفس العدد أو أكثر، و نزح مئات الآلاف الأشخاص عن ديارهم و قراهم. ما هي فوائد هذه الحرب؟ لقد أنفقت الحكومة التركية مليارات الدولارات من خزينة الدولة على هذه الحرب، و كان من الممكن أن‌يستخدموا تلك الأموال لتحويل تركية إلى جنة الله على الأرض. ما زلنا نعتقد بضرورة اللجوء إلى الطرق السياسية لحل المشكلة الكردية في تركية، و إلّا فإنّ الحل العسكري لايولّد إلّا السخط و القتل. 


فصلية طهران: هل توافقون على النشاط الحزبي و التنظيمي لحزب العمال (p.k.k) في مدن إقليم كردستان العراق؟


* سعدي أحمد پيره:  لا حاجة بحزب العمال لإذن، فهو يمارس نشاطاته دون إذن، لكنّ نشاطاته في مدننا، في الحقيقة، ليست بالمستوى الخطير و الواسع، و أنا أعتقد أنّ ثمة مبالغات تشوب هذا الموضوع، لأنّ البعض يريد توظيف هذه القضية سياسياً، ذلك أنّ حزب العمال لا يتواجد إلّا على جبال قنديل و ليس في المدن. و يمكن أيضاً تقليص تواجده في هذه المنطقة، لكنّه في الوقت الحاضر لا يشكّل خطراً. 


فصلية طهران: هل هذا هو رأيكم أيضاً بالنسبة لتواجد القوات المناهضة للجمهورية الإسلامية؟


* سعدي أحمد پيره:  إنّ تواجد القوى السياسية لكردستان إيران (الفصائل المسلحة المعادية للثورة) في إقليم كردستان ليس وليد اليوم أو الأمس، فحضورهم في هذه المناطق يعود إلى بدايات الثورة الإسلامية، و تاريخ بقائهم في المناطق الحالية يعود إلى زمن صدام حسين و فترة الحرب العراقية الإيرانية. و طبعاً في تلك الفترة لم يكن النظام السياسي و التنفيذي في إقليم كردستان قد تشكّل بعد. أمّا الذين جاؤوا إلى المنطقة في زمننا فهم في الحقيقة نازحون. نحن أيضاً كنّا نازحين في فترة ما، و لا يمكن إجبار النازحين على العودة إلى ديارهم فقد يتعرّضون للعقوبة. لقد قلنا لهم بصراحة أنّه لن يسمح لهم باستخدام إقليم كردستان العراق كقاعدة لممارسة النشاطات المعادية لإيران، و هم ملتزمون بهذا الشرط. 


فصلية طهران: نشكر لكم مشاركتكم في هذا الحوار.


قراءة: 1245