فصلنامه مطالعات سیاست خارجی تهران
 

حوار مع الحاج حسين خليل المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله اللبناني

لمحة
الحاج حسين خليل هو المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله٬ وعضو المجلس الأعلى لحزب الله في لبنان٬ أحد الوجوه المعروفة والمؤثرة بدأ نضاله منذ أوائل عقد الثمانينات إلى جانب سائر قادة حزب الله ضدّ التهديد الصهيوني وتطهير الأراضي اللبنانية من دنس المحتلين٬ ولم يتوان خلال السنوات الماضية لحظة واحدة للتصدّي للمشاريع والمؤامرات الأمريكية في حدود وطنه ومنطقة غرب آسيا. يؤدّي حسين خليل دوره في أهم المعادلات السياسية بفضل ما يتمتّع به من ذكاء سياسي وكرامة اجتماعية٬ وشعبية على صعيد منظومة الحزب٬ وكممثل حزب الله (حيث خرج مرفوع الرأس في جميع المعادلات الميدانية في العقود الماضية) كانت له مشاركات تكللت بالنصر في الصراع مع المنافسين في الداخل والمنطقة و... . كان ثابت القدم دائماً في الدفاع عن الآراء الواضحة والمطالبات الحقّة للحزب في جميع الميادين مستعيناً بذكائه الشخصي وبصلابته الحزبية٬ واستطاع أن يرفع علم المقاومة خفاقاً على قمة الإرادة والقدرة. بنظرة واقعية تنسجم مع الحقائق الواضحة يحلّل الحاج حسين خليل الأزمة الراهنة في منطقة غرب آسيا معتقداً أنّها ناجمة النظرة الانتقامية للولايات المتحدة من أجل التعويض عن تراجعها أمام محور المقاومة٬ ويرى أنّ التحالف الغربي بقيادة أمريكا قد تعرّض لهزائم متتالية أمام مطلب الاستقلال للثورة الإسلامية ومحور المقاومة٬ وأنّ زعماء الولايات المتحدة يفتقدون إلى مجال حيوي لكبح الجمهورية الإسلامية الإيرانية أو التخلّص من نفوذها الإقليمي. مجلة طهران لدراسات السياسة الخارجية اغتنمت هذه الفرصة وأجرت معه هذا اللقاء٬ لتضع نصه الكامل في متناول القارئ الكريم.
الكلمات الأساسية:إيران-أمريكا-إسرائيل-حزب الله-لبنان

 

رئيس التحرير: في البداية نود أن نشكركم على إتاحة هذه الفرصة لفصلية طهران لدراسات السياسة الخارجية. كما تعلمون فإنّ مجلتنا تلقي نظرة تخصصية على التحولات العالمية و العلاقات الدولية. كانت منطقة غرب آسيا في القرن الأخير بؤرة التحولات و موضع اهتمام العالم، و برز حزب الله اللبناني في العقود الأخيرة كأهم لاعب حيث مارس دوراً في مختلف تحولات المنطقة. باعتبارك أحد مؤسسي هذا الحزب المقاوم و من الشخصيات البارزة التي ساهمت في قيادة التحولات السياسية، و كنت السبّاق في تحليل جذور الأزمة في هذه المنطقة، نستهل الحوار بالسؤال: نرجو أن تطرحوا تقييمكم عن جذور الأزمة و مواقف الولايات المتحدة المعادية لتيار المقاومة.  
الحاج حسين خليل: من الناحية التاريخية، كانت منطقة غرب آسيا خاضعة لهيمنة السياسات الأمريكية، و لكن بعد ظهور الإمام الخميني (رحمه الله) و انتصار الثورة الإسلامية في إيران، بدأت التطورات في هذه المنطقة تأخذ منحىً معاكساً للمصالح الاستكبارية، و نتيجة لذلك وقعت نزاعات و طرأت تحولات مختلفة يندرج معظمها في غير صالح السياسات الأمريكية. و ترتّب على هزيمة الولايات المتحدة و فشلها في هذه التحولات أزمات لاحقة. و كانت أبعاد التضاد المباشر و المواجهة العلنية بين الإسلام الأصيل (الذي كان الإمام الخميني يدعو له) و بين الولايات المتحدة (زعيمة الجبهة المعادية للثورة الإسلامية) تتسع و تكبر يوماً بعد آخر. و لجأت الأخيرة إلى خيار التصدّي للثورة الإسلامية للخروج من هذا المأزق، حيث طرحت خطتين في هذا الإطار، الخطة الأولى، الاشتباك المباشر و توجيه ضربات لإيران بوصفها المحور الأصلي للمقاومة في المنطقة، و الخطة الثانية إضعاف نفوذ إيران و مكانتها الإقليمية. و تأسيساً على تينك المقاربتين شرعت في بدايات انتصار الثورة الإسلامية بالتدخل المباشر عبر تدبير عمليات التفجير و تقديم الدعم لبعض الجماعات مثل المنافقين[مجاهدي خلق] و بعض الأفراد الذين عُرفوا أخيراً بجماعة الخضر، و كان هدفها من هذا الدعم إبعاد إيران عن محور المقاومة و إعادتها إلى الحضيرة الأمريكية و ذلك لموقع إيران المهم و الحسّاس جداً على صعيد الاعتبارات الجيوسياسية و الاقتصادية. بالإضافة إلى عدد سكانها الذي يناهز الثمانين مليون نسمة ناهيك عن الموارد الطبيعية و الإمكانيات الخاصة التي تتوفّر عليها، و طبعاً، أيّ دولة أو زعيم سياسي يمتلك هذه الإمكانيات و يقوم بإدارتها سوف يتاح له أن يهيمن على منطقة غرب آسيا بأكملها. 
رئيس التحرير: أشرت في البداية إلى استراتيجية الولايات المتحدة الرئيسية في التصدّي للجمهورية الإسلامية في إيران عبر توجيه ضربات مباشرة و إضعاف نفوذها الإقليمي. ما هو تقييمك لنتائج استخدام هاتين الاستراتيجيتين؟
الحاج حسين خليل: بعد أن فشل الأمريكان في هدفهم الأول أعني توجيه ضربات مباشرة لإيران، بدأوا محاولاتهم لإضعاف مكانة إيران عبر قطع طرق اتصالها بحزب الله و حركة حماس و سائر الفصائل الفلسطينية و بعض الجهات التي تعدّ حلقة وصل بين إيران و جماعات المقاومة في المنطقة مثل النظام في سورية و الرئيس بشار الأسد شخصياً. لقد ركّز الأمريكان اهتمامهم على مسألة نفوذ إيران و تأثيرها في منطقة الخليج الفارسي. في نفس المرحلة الزمنية كانت هناك مسابقة بين مشروع إيران (اسمحوا لي أن أسمّيه المشروع الإسلامي– الإيراني) و المشروع الأمريكي– الإسرائيلي، و كانت المنافسة محتدمة و لحظية بحيث كان من الممكن أن يُعلن عن انتصار أحدهما على الآخر في أيّ لحظة. في إطار استراتيجية إضعاف إيران عبر تركيع حلفائها طرح الأمريكان في الأعوام 1993 إلى 1996 م مشروعاً للقضاء على حزب الله و اتّخذوه شعاراً لهم. و كانت هذه الرؤية تتّسم بالجدية الشديدة لدرجة أنّ كريستوفر (وزير خارجية الولايات المتحدة آنذاك) قد أطلع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد رسمياً على هذه الخطة. في تلك الفترة سافرت إلى دمشق لإجراء محادثات (وكان السيد ولايتي وزير الخارجية الإيراني الأسبق حاضراً في تلك المحادثات كممثل عن الجانب الإيراني)، و قال حينها الرئيس السوري: الولايات المتحدة تسعى إلى القضاء على حزب‌الله. إنّهم لن يدّخروا جهداً لتحقيق هذا الهدف، و قد وظّفوا قدرات جميع حلفائهم لهذا الغرض، لكنّهم اضطرّوا إلى اللجوء للخيار الثاني بعد أن اصطدموا بصخرة صمود حزب الله و ثباته. هذه المرة و بعد اليأس من إمكان القضاء على الحزب، طرحوا فكرة أن يقتصر نشاط الحزب على العمل السياسي و نزع سلاحه. لكنّنا لم نستسلم لهذه الإملاءات و واصلنا مقاومتنا. و مرة أخرى تراجعوا عن مواقفهم و طالبوا بأن تكون للحزب أسلحة خفيفة فقط، على أن يدمّر أسلحته الثقيلة و صواريخه التي تستطيع استهداف إسرائيل. هذه الطروحات أيضاً جوبهت بمقاومة عنيدة من حزب الله الذي أفشل محاولات الأعداء. و نتيجة للمقاومة المستمرة و الهزائم المتتالية لأمريكا و إسرائيل في مواجهة حزب الله، اضطرّوا للرضوخ لمطالبنا، ففي "اتفاقية نيسان الدولية" اعترف العدو بحق المقاومة في الدفاع عن الأراضي اللبنانية، فوافق على أنّه في حال شنّت إسرائيل عدواناً على مواضع داخل الأراضي اللبنانية، فحق الردّ على هذه الاعتداءات مكفول لحزب الله. و كانت هذه المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة و إسرائيل التي يعلنان فيها اعترافهما رسمياً بحق حزب الله في الردّ عسكرياً على إسرائيل. أي، حق الحزب رسمياً في الردّ بالمثل من خلال إطلاق الصواريخ على إسرائيل ما يعدّ أكبر هزيمة تاريخية لهاتين الدولتين، و نصراً عظيماً يحسب لحزب الله. 
رئيس التحرير: ماذا كان ردّ فعل إسرائيل بعد هذه الهزيمة التي ألحقت بها باعترافها بحق حزب الله في الردّ بالمثل على الاعتداءات العسكرية؟ 
الحاج حسين خليل: لقد دفعت هذه الهزائم إسرائيل لتزيد محاولاتها يوماً بعد آخر لوقف تمدّد حزب الله و الذي هو بالنتيجة تمدّد إيران إلى سواحل البحر المتوسط. لكن و لله الحمد لم‌يحقّقوا أيّ مكسب في هذا المجال أيضاً، حتى جاء الانتصار الكبير في عام 2000 م و طُردت إسرائيل من مختلف الأراضي اللبنانية المحتلة، و حقّقت جبهة إيران حزب الله انتصارات أكبر في لبنان. بعد ذلك واصل الحزب جهوده فحصل على أسلحة استطاع من خلالها تغيير توازن القوى لصالحه، و قد اعترف جنرالات إسرائيل رسمياً بأنّ الحزب نجح في تغيير التوازن الاستراتيجي لصالحه بفضل الأسلحة المتطورة التي حصل عليها، و كذلك حصوله سرّاً و علانية على مختلف الأسلحة. في السنوات 1996 إلى 2009م التي استطعنا فيها دحر الولايات المتحدة و إسرائيل، و إرغامهما على القبول بحق المقاومة و الدفاع عن النفس، لم نكن نملك سوى منصات لإطلاق صواريخ الكاتيوشا، أمّا اليوم فإنّنا نمتلك صواريخ بعيدة المدى، و لهذا نقول بأنّ الولايات المتحدة و إسرائيل فشلا في مشروعهما الرامي لوقف تعاظم قوة الحزب، و فشل توازن القوى الذي كانت إسرائيل تطمح إلى الإبقاء عليه، و لم يصلوا بشعارهم القاضي بـ «نزع سلاح» حزب الله إلى أيّ نتيجة. و كما قال قائد المقاومة السيد حسن بأنّنا قد حصلنا على كل احتياجاتنا و على كل ما كنّا نطمح إليه.
رئيس التحرير: ما هي الأهداف التي تسعى إسرائيل إلى تحقيقها على أرض لبنان في المرحلة الراهنة؟
الحاج حسين خليل: لقد شنّ المسؤولون الإسرائيليون معركة جديدة ضدّ لبنان و المقاومة بالاتكاء إلى دعم الولايات المتحدة. فبعد سلسلة الهزائم السابقة التي تكبّدوها يعتقدون بضرورة التصدّي لصنع الصواريخ على الأراضي اللبنانية، و ألّا يسمح لحزب الله بتحقيق اكتفاء ذاتي في المجال العسكري. من هذا الباب يقولون بوجوب استهداف الورش و المعامل التي يستخدمها حزب الله لإنتاج صواريخه، و جاء ردّ الأمين العام لحزب الله قائلاً: لقد انتهى الأمر، لقد حقّقنا الاكتفاء الذاتي، و استطعنا التوصّل إلى آخر الابتكارات في هذا المجال. و بناءً عليه فإنّ حزب الله يوماً بعد يوم يصبح أقوى، أو، قل إن شئت، ذراع إيران يصبح أقوى، و اقتدار إيران لم يعد يقتصر على الخليج الفارسي بل يمتد إلى البحر المتوسط، و أنّ نورها يشتدّ ضياءً و ألقاً. 
رئيس التحرير: هل أثمرت ضغوط المسؤولین الأمریکان علی الفصائل الفلسطینیة المناضلة عن شيء ملموس فيما یتعلّق بفکّ ارتباطها بإیران؟
الحاج حسين خليل: الأجهزة المعنیة في الولایات المتحدة تعي جیداً عمق الروابط التي تجمع بین المقاومة الفلسطینیة لاسیّما الجهاد الإسلامي و حماس و بین إیران، و أنّ إیران تقدّم لتلک الفصائل الدعم الفني و التکنولوجي و  .. غیر ذلک، کما یعلم المسؤولون الأمریکان أنّ کلّ التقدم الحاصل في غزة و الضفة الغربیة هو بفضل المساعدات الإیرانیة، و إسرائیل عجزت عن کبح جماح حماس و الجهاد الإسلامي و المقاومة الفلسطینیة، و العالم کلّه یعلم بما في ذلک الولایات المتحدة أنّ الجمهوریة الإسلامیة في إیران هي الداعم الرئیسي للفلسطینیین، والمسؤولین الأمریکان فشلوا في المیادین السیاسية المتعلقة بالقضیة الفلسطینیة و لم یحقّقوا شیئاً علی جمیع المسارات من بینها مسار مدرید و أوسلو و فشلوا حتی في تمریر صفقة القرن (المطروحة من قبل الرئیس ترامب) و انهزموا أمام مشروع المقاومة الفلسطینیة و إیران.
رئيس التحرير: ما هي قراءتکم لظهور و سقوط الجماعات التکفیریة - الإرهابیة؟
الحاج حسين خليل: بالنسبة للتیارات التکفیریة أعتقد أنّ هذا الموضوع تمّ بالتنسیق مع الولایات المتحدة و إسرائیل بذریعة التغییر الإسلامي، لکنّ الهدف الحقيقي كان تغییر النظام في سوریة و إحلال نظام جدید محلّه موالٍ للولایات المتحدة لیوقّع علی معاهدة الصلح مع إسرائیل، و لو کانت أمریکا نجحت في مشروعها لإسقاط النظام السوري، لتمکّنت من قطع حلقة الوصل الرابطة بین إیران في الشرق و بین الفصائل المقاومة علی ضفاف البحر المتوسط (مثل حزب‌ الله و حماس). و لکن بعد سبع سنوات من الحرب هُزمت الولایات المتحدة و بقیت إیران و حزب‌الله و الأسد. و یبدو أنّ الولایات المتحدة و إسرائیل قد قبلتا علی مضض أن یقولا لسوریة لسنا بصدد إسقاط النظام و رحیل بشار الأسد، و إنّنا علی استعداد للانسحاب من سوریة و أن‌نساعدکم شریطة إخراج إیران و حزب الله من سوریة. فهم يرکّزون جهودهم لتحقیق هذا الهدف الأدنوي بمساعدة روسیة و بوتین. بعد ما کان سقف هذا الهدف في بدایة الصراع عالیاً جداً (وهو القضاء علی المقاومة برمّتها) انخفض بصورة متدرجة حتی قنعوا بهذا الحد الأدنی و هو إخراج إیران و حزب الله من سوریة. في الماضي، کان حضور إیران لا يتجاوز حدود العراق و السعودیة، و کانت تهدّد إسرائیل بصورة رمزیة عبر فصائل المقاومة، أمّا الیوم، فهي موجودة فيزیقیاً علی حدود إسرائیل و الجولان، و تهدّد مصالح الولایات المتحدة و إسرائیل. ویشکّل هذا تحوّلاً خطیراً یکبّد السیاسات الأمریکیة في المنطقة کل یوم خسائر بلیغة.
رئيس التحرير: ما هو تحلیلکم في حزب‌الله حول التطورات في الیمن و العدوان السعودي علی هذا البلد؟
الحاج حسين خليل: تعدّ العربیة السعودیة أکبر دولة داعمة للمشاریع الأمریکیة في المنطقة و الراعي الأهم للمؤامرات المعادیة للمقاومة، و الکل یعلم بذلک. و القاعدة الأکبر لإسرائیل هي السعودیة، و الولایات المتحدة ملتزمة بالدفاع عن هذین البلدین. عندما فجّر الشعب الیمني ثورته، خرجت للعلن مشاعر المحبة و الولاء للثورة الإسلامیة الإیرانیة و الإمام الخمینی في هذا البلد. و تعود هذه المشاعر إلی قبيل الثورة فقد تأثّر الشعب الیمني بها و سار في الاتجاه المعاکس للمصالح السعودیة، و رفع شعارات معادیة للولایات المتحدة و إسرائیل و الیهود. لقد أرعبتهم هذه المشاهد فوضعوا في صدر أولوياتهم مسألة شنّ العدوان علی الیمن. الآن، و بعد مضيّ سنوات علی الحرب هناک، لم تحقّق السعودیة أيّ نتیجة بل إنّها تغوص أکثر في وحل هذه الحرب یوماً بعد یوم. و في المقابل، نجد أنّ اليد الطولى هي لجماعة أنصار الله، أي حلفاء إیران الذين یمسکون بزمام المبادرة في تلک المنطقة.
رئيس التحرير: بصورة عامة کیف تقیّمون منجزات الولایات المتحدة لمواجهة النفوذ الإقلیمي لإیران؟
الحاج حسين خليل: مشاریع أمریکا في المنطقة برمتها دخلت في طریق مسدود، فقد هُزمت في لبنان، و قوة حزب الله تتعاظم في کل یوم، و یصبح أکثر تمدّداً و سیطرة، لدرجة أنّ المسؤولین في الإدارة الأمریکیة من أمثال بومبیو و دیفید هیل و ساترفیلد یعتقدون أنّ حزب الله یسیطر علی الدولة في لبنان، و هم یلومون سعد الحریري و میشیل عون لسماحهم للحزب بالإشراف علی جمیع شؤون الدولة، و أنّه يحصل على کل ما یرید في لبنان. لقد فشلوا فشلاً ذریعاً في مشروعهم بإسقاط النظام السوري، علی الرغم من التکالیف الباهضة المادیة و المعنویة التي تکبّدوها في سوریا. فشلت مشاریعهم في الیمن و في المنطقة برمّتها، و هم یسیرون نحو الهاویة في کل یوم.
رئيس التحرير: و هل بید الطرف الأمریکي مشروع أو مبادرة جدیدة للخروج من هذا الطریق المسدود؟
الحاج حسين خليل: هناک رأي یُطرح من زاویة نقدیة و بصوت عالٍ في الولایات المتحدة و یمتلک قاعدة عریضة، یقول: في بدایة انتصار الثورة الإسلامیة في إیران أردنا استهداف هذا البلد بصورة مباشرة، و بعد ذلک حاولنا تألیب الشعب في الداخل علی النظام و القیادة، و لم ننجح في مساعینا، و في المرحلة التالیة حاولنا استهداف حلفاء إیران في المنطقة و فشلنا أیضاً. الآن هم في حیرة شدیدة و قد عادوا من جدید إلی فکرة إن كان عليهم شنّ حملة عسکریة ضدّ إیران باعتبارها المرکز الرئیسي للمقاومة؟ هل ینبغي أن یضعوا في قائمة خیاراتهم اللجوء إلی الخطط المتشدّدة مثل خطة إسقاط النظام التي طُرحت في بدایة الثورة؟ إنّهم یعانون من إرباک شدید لأنّهم لا یعرفون کیف یتعاملون مع إیران. في اعتقادي، في المرحلة الراهنة هناک خیار واحد لا غیر أمام الولایات المتحدة و هو فرض ضغوط اقتصادیة عليها. و لذلک فإنّ ترامب و فریقه یعقدون آمالاً علی هذا الخیار، عسی أن تؤتي العقوبات الاقتصادیة علی إیران أکلها و تفضي إلی حدوث ثورة في الداخل لتزید الضغوط علی القیادة، هذا أملهم الوحید في الوقت الحالي، بید أنّ الشعب الإیراني لم یستسلم لتلک الضغوط حتی اللحظة، فهو شعب مقاوم و صامد بوجه کل هذه العقوبات المفروضة، و یفتّش دائماً عن طرق للالتفاف علیها، لا فرصة لترامب غیر هذه.
رئيس التحریر: هل تعتقدون أنّ احتمال استخدام الولایات المتحدة الخیار العسکري ضدّ الجمهوریة الإسلامیة في إیران ما یزال قائماً؟
الحاج حسين خليل: لو کان لدی المسؤولین الأمریکان أمل في أنّ الاستهداف العسکري لإیران و إسقاط نظامها سینجح لما تردّدوا لحظة واحدة في اتّخاذ هذا القرار، لکنّهم یعلمون جیداً أنّ إیران لیست العراق في عهد صدام حسین و لیست أفغانستان. فهي تتألّف من قوی سیاسیة عدیدة و کل المکونات السیاسیة الإیرانیة قویة و راسخة. و في إیران هناک نظام شعبي منسجم، و ثمّة وشیجة قویة بین القیادة و الشعب، و التي تشکّل نقطة القوة الرئیسیة. و عدا ذلک فهي تمتلک تکنولوجیا و قوة عسکریة مقتدرة، و أمریکا تعلم علم الیقین استحالة التعامل مع إیران کما تعاملت مع صدام؛ لأنّ الشعب سیهبّ من تلقاء نفسه ضدّ الولایات المتحدة قبل أن تطلب منه القیادة ذلک. و الملاحظة الأخری هي أنّ إسرائیل نقطة الضعف الرئیسیة لأمریکا، و بمقدور إیران متی شاءت أن تمطر إسرائیل بآلاف الصواریخ المتطورة و من مختلف الأنواع، و بذلک تنتقل الحرب إلی داخل إسرائیل، لذلک أعتقد أنّ علی الولایات المتحدة أن تفکر آلاف بل ملایین المرات في كيفية التعاطي مع إیران قبل أن تُقدم علی أي خطوة ضدّها، ولكي تضمن أن لاتخرج منهزمة من هذه المواجهة. 
رئيس التحرير: يعتقد بعض المنظّرين الغربيين بأنّ الحرب مع إيران هي بمثابة كارثة بالنسبة للولايات المتحدة و لحلفائها الإقليميين لأنّ عواقبها غير معلومة و يتعذّر التنبّؤ بها أو لا يمكن تحمّلها، من ناحية أخرى، فإنّ عدم كبح جماح إيران يعرّض هيمنة البيت الأبيض في العالم للخطر. برأيكم ما هو الطريق الذي سيسلكه المسؤولون الأمريكان للخروج من هذا المأزق؟
الحاج حسين خليل: إنّه سؤال محيّر حتى للأمريكان ولا يعرفون إجابته.
رئيس التحرير: ما هو ردّكم على إدراجكم في لائحة الإرهاب من قبل الولايات المتحدة و السعودية؟
الحاج حسين خليل: ليس هذا بالشيء الجديد، إنّنا لسنا دولة و ليس لدينا بنك مركزي و لا أموال و مصالح في الخارج، و عليه فنحن لا نخاف، و ضغوطهم على حزب‌الله في الميادين الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية لن تجدي نفعاً، و لكن من أجل الدفاع عن شعب لبنان و بعض الأشخاص و الأثرياء الشيعة الذين تضرّروا بسببنا نحاول أن نساعدهم بنحوٍ أو بآخر. ليس لحزب الله و لا لكوادره القيادية و لا حتى شبابه في الخارج أيّ أموال لكي نخاف.
رئيس التحرير: اليوم و بعد مرور عدّة سنوات على اندلاع الحرب في سورية، فإنّ حزب الله خرج أقوى مما كان عليه في السابق، اليوم إذا قرّرت إسرائيل شنّ عدوان على حزب الله، ماذا سيكون ردّ الحزب برأيكم؟
الحاج حسين خليل: نفس المعادلة و الحيرة التي تحكم العلاقة بين الولايات المتحدة و إيران قائمة بين إسرائيل و حزب الله أيضاً. قبل أن تقرّر إسرائيل شنّ عدوان على حزب الله، عليها أن تراجع نفسها ملايين المرات، لأنّها تعلم جيداً طبيعة القدرات التي يمتلكها الحزب، و حجم الكارثة التي ستحلّ بإسرائيل و المجتمع اليهودي لو حصل مثل هذا العدوان. هي تعلم بأنّ كارثة كبرى لا سابقة لها ستحلّ بإسرائيل، و أنّ حزب الله يمتلك قوة عسكرية مذهلة مصدرها إيران. 
رئيس التحرير: هل يمكن اليوم أن نفصل بين رؤية السعودية (كدولة إسلامية و لها علاقات بالفلسطينيين) و بين رؤية إسرائيل (كعدو)؟
الحاج حسين خليل: أولاً؛ إنّ إسرائيل و السعودية معاً يشكّلان فصلان في الخطة الأمريكية في المنطقة. ثانیاً؛ منذ أمد بعيد يوجد تحالف قوي بين البلدين، و ما يحصل اليوم هو فقط إماطة اللثام عن ذلك التحالف ليصبح علنياً. هناك تنسيق كامل بينهما، و قد تبيّن أنّ السعوديين كانوا المموّلين الرئيسيين للمشاريع الإسرائيلية في المنطقة. إذا أردنا أن ننظر إلى دور السعودية بتفاؤل لابد أن نقول أنّه لا قرار يُتّخذ (سواء داخل العربية السعودية أو خارجها أو داخل الأسرة الحاكمة) من دون إذن الولايات المتحدة، و لا غرابة في الأمر.
رئيس التحرير: كيف هي طبيعة العلاقة بين حزب الله و سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني، لا سيّما بعد احتجاز الأخير في السعودية و من ثم إطلاق سراحه في العام الماضي؟ 
الحاج حسين خليل: لا شك في أنّ التنوع السياسي في لبنان واسع وعريض، و أنّ مواقفنا السياسية و الإقليمية معروفة و علنية بأنّ لنا خلافات مع الحريري، و لكن هناك نقاط اشتراك كثيرة أيضاً تجمعنا حول بعض القضايا الداخلية، من قبيل القضايا الأمنية و مواجهة الضغوط الاقتصادية و الكثير من مشاريع القوانين في البرلمان و  ... إلخ، لذلك لدينا تواصل معه، و آراؤنا متطابقة في بعض المسائل، و مختلفة في البعض الآخر.
رئيس التحرير: لكم جزيل الشكر على إتاحة هذه الفرصة، و نتمنى للأمين العام لحزب الله و لكم و لسائر قادة المقاومة التوفيق و العزّة. 


قراءة: 1281