فصلنامه مطالعات سیاست خارجی تهران
 

الثورة الإسلامية الإيرانية "تراكم القوة وتوسّع النفوذ"

هادي محمدي
محلل سياسي و باحث في الشؤون الاستراتيجية لمنطقة غرب آسيا

الملخص
يستند سجل التدابير المعادية لإيران على مدى أربعين سنة أي منذ انتصار الثورة وحتى اليوم إلى رؤية نظرية واحدة تدور في فلك الولايات المتحدة٬ وقد اعتمدت هذه الدولة في سياساتها وتدابيرها إزاء إيران منطقاً واقعياً عدوانياً٬ وفي المقابل٬ اتبعت إيران في جميع مساعيها نهجاً يعتمد تحكيم الجبهة الداخلية٬ وممارسة دور في المحيط الإقليمي انطلاقاً من منطق الاقتدار والتوازن مع نوع من الواقعية العادلة.
تحظى منطقة غرب آسيا منذ القدم بأهمية كبيرة٬ وكان الجيوسياسيين الغربيين يصفونها بأنّها قلب الأرض٬ وكانوا ينظرون إليها كمفتاح رئيسي لسلطة العالم وإدارته. الخصوصية الثقافية لهذه المنطقة حاضنتها الإسلامية٬ بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران والأفكار الاستقلالية والنموذج الإرشادي الملهم الذي طرحته أمام شعوب المنطقة والعالم زادت أهميتها وحساسيتها. المحاور الرئيسية للاستراتيجية في المنطقة كانت على الدوام: الأمن الدائم للكيان الصهيوني٬ وضمان انتقال آمن لطاقة رخيصة من المنطقة٬ المحافظة على الديكتاتوريات المتعاونة مع الولايات المتحدة٬  وإدارة الصراعات المفيدة للولايات المتحدة والغرب٬ وكبح جماح اللاعبين المخالفين٬ والمحافظة على النظام والباراديغم الأمريكي.
أما مقومات القوة والنفوذ للجمهورية الإسلامية الإيرانية تتألف من مبادئ وقيم الثورة الإسلامية٬ الدفاع المشروع٬ تبيئة المقاومة في المنطقة٬ تشبيك محور المقاومة والسلطة٬ تشكيل التحالفات والشراكات المشروعة٬ الاستراتيجية الذكية في التحولات الإقليمية.

الکلمات الأساسية: الثورة الإسلامية٬ الدفاع المشروع، المقاومة، مقومات القوة

 

 

مقدمة:
تکلّلت وثبة الشعب الإیراني بوجه الدیکتاتوریة الحاکمة العمیلة لتحقیق الاستقلال و الحریة و العودة إلی الهویة و القیم الإسلامیة بالنصر المؤزر في فبرایر/ شباط 1979 م، و أرست قواعد النظام الجدید علی أسس الدیمقراطیة الشعبیة و العدالة و إقامة نظام إسلامي. و سرعان ما جوبهت هذه الشتلة الصغیرة و لعوامل عدّة جیوسیاسیة و امتیازات جاذبة للدول الاستعماریة و القوی الکبری و صراع السلطة من قبل الجیران، جوبهت بتدابیر عدائیة شریرة و حصار و عقوبات و إشعال فتن قومیة و أمنیة و تنفیذ برامج استخباراتیة و محاولة انقلابیة فاشلة و فرض حرب شعواء لإسقاط النظام. 
في سعیه لبناء نظامه الجدید لم یتکیّف الشعب الإیراني برسالته الإنسانیة و الإسلامیة و التحرریة و الاستقلالیة مع جوهر النظام الاستکباري الذي تلقی ضربة قاصمة علی ید الثورة الإسلامیة، و لا مع النظام الإقلیمي السائد و العمیل للقوی و اللاعبین الأشرار المتربّصین؛ لهذا وضع أعداء الشعب و الثورة الإسلامیة في حساباتهم منذ الأیام الأولی من عمر الثورة إطلاق التهدیدات بإسقاط النظام و تدبیر محاولات التقسیم و الانفصال و سیاسات الاحتواء و الحصار.
و کان علی الثورة الإسلامیة الفتیة أن تهتمّ بترتیب أوضاعها الداخلیة و الهیکل الجدید للمؤسسات، و في نفس الوقت مواجهة التهدیدات و التدابیر الخارجیة. و قد مرّت بفترات و مراحل و حوادث عصیبة کثیرة، و اجتازت الکثیر من التحدیات و المنعطفات الداخلیة و الخارجیة، حتی تحوّلت و هي علی أعتاب الأربعین من عمرها إلی لاعب قوي علی صعید البنی الداخلیة و المحیط الإقلیمي و الدولي. و تعزی هذه الخبرة و الاقتدار إلی اتباع استراتیجیات عدیدة و تدابیر کثیرة و واسعة علی مدی الأربعین سنة الماضیة تحت قیادة الإمام الخمیني (رحمه الله) و من بعده قائد الثورة الإسلامیة و کذلک الحکومات المتعاقبة، بحیث ظلّت هذه الدوحة الوارفة شامخة و راسخة الجذور علی الرغم من کل الضغوط و القیود و الحصار الجائر و المؤامرات الداخلیة و الخارجیة و أنواع التهدیدات و استطاعت أن تعزّز مقومات قوتها و اقتدارها في المحیطین الداخلي و الإقلیمي، و قد سمعنا مراراً اعترافات خصوم الثورة و أعداؤها و أصدقاؤها في هذا الشأن. في هذه الورقة نسعی إلی تحلیل أحد مقومات قوة إیران من الزاویتین النظریة و العملیة تحت عنوان «موقع إیران و نفوذها و قدرتها الإقلیمیة».
لا یسعنا في هذه الورقة أن نقدّم تحلیلاً یغطّي الأبعاد العملیة لتاریخ عمره 40 سنة، لذلک سنعمد إلی الترکیز علی المراحل الأخیرة و أهم شواخصها، لنبیّن مؤشرات القوة الإیرانیة علی لسان العدو و محاولاته و استراتیجیاته في احتواء نفوذ إیران و حضورها و قوتها الإقلیمیة. و الحقیقة، إنّ مراجعة هذه الشواخص عدا عن کونها تشکّل دلیلاً عملیاً لآفاق المستقبل، فإنّها تساعدنا علی الصعیدین الداخلي و الخارجي علی أن ندرک جیداً الأدبیات الخارجیة المخادعة أو الداخلیة الساذجة في إطار استراتیجیة العدو و مناوراته، لکي نحرس بیقظة و درایة ثمار أربعین سنة من عمر الثورة الإسلامیة.

۱ـ الإطار النظري
إنّ مسلسل التدابیر المعادیة لإیران المستمر منذ بدایة الثورة قبل أربعة عقود و حتی الیوم و الذي شمل إشعال الحروب و إثارة فتن التقسیم القومي و العرقي، و المحاولة الانقلابیة الفاشلة، و الحصار و فرض القیود، و الضغوط الدبلوماسیة و الإعلامیة، و إثارة الحرب المذهبیة بین الشیعة و السنّة، و نشر الإرهاب و تشکیل التحالفات و الفتن المخملیة في الداخل، کلّ هذا يستند  إلی رؤية نظریة واحدة، ذلک أنّ ما نفّذه شركاء الولايات المتحدة في المنطقة أو الكيان الصهيوني كلّه يدور في فلك الولايات المتحدة، هذه الدولة التي تنطلق في سياساتها و نشاطاتها و استراتيجياتها إزاء إيران من منطق الواقعية العدوانية؛ و بناءً عليه، و  لمواجهة المساعي أعلاه لايمكن أن تخرج النشاطات العملية للجمهورية الإسلامية عن نفس المنطق المتبع، و هي نشاطات تركّزت على تحكيم الجبهة الداخلية أو ممارسة دور في المحيط الإقليمي متبعة منطق القوة و المحافظة على التوازن، و لكن مع نوع من الواقعية التي تصبو إلى العدالة، بمعنى أنّ السياسات الإيرانية في المنطقة تسعى إلى تعزيز مقومات اقتدارها في إطار السياسات الواقعية التي تحكم الشرق الأوسط و ضمن مبدأ الصراع على البقاء، و الردع و انعدام الثقة بالغرب.
المقاربة الواقعية هي من أقدم الرؤى على صعيد تفسير القضايا الدولية، و يشكّل النزوع إلى الدولة و الاكتفاء الذاتي و البقاء جوهر تلك المقاربة و أركانها الأساسية.
تنظر الواقعية إلى الحياة على أنّها نضال من أجل السلطة، و يقوم الفكر الأمني الواقعي على خمس فرضيات هي كالتالي:
ـ فوضوية النظام العالمي بوصفه المنظّم لسلوك اللاعبين؛
ـ النزاع سمة دائمية لا مفر منها في العلاقات الدولية؛
ـ انعدام الثقة بمقولة أنّ الدول الأخرى لن تلجأ إلى استخدام القوة العسكرية ضدّنا؛ و انطلاقاً من هذه المقولة، يسعى الجميع إلى تعزيز قدراته و استراتيجياته العسكرية؛
ـ الشعور بالحساسية إزاء قدرات الآخرين، تأسيساً على غریزة البقاء، 
ـ كيفية البقاء تتطلب تفكيراً عقلانياً و استراتيجياً. (مرشایمر، ۱۳۸۹: ۲۴۹)
يشكّل توفير الأمن الهاجس الأول للدول و الشعوب في مواجهة التهديدات، و الانسدادات الأمنية ليس فقط مدعاة للتوتّر بل هي عوامل إشعال الحروب. (67 :1976 ،jervis)
من هذا الباب یتبنّی الواقعيون في استراتيجياتهم لإدارة الاضطرابات مبدأ الإدارة بالقوة الهجومية، و الإدارة بالقوة الدفاعية و الإدارة عبر التحالفات و الإدارة عبر بناء الثقة. الإدارة الهجومية تتمّ عبر اتّخاذ التدابير الوقائية و العسكرية، و الإدارة الدفاعية بالاستفادة من القدرات الذاتية حتى حدود مواجهة السلوك الهجومي للخصم، و الإدارة عبر التحالفات هي بهدف الارتقاء بمعامل الأمن و التوازن. أما الإدارة عبر بناء جسور الثقة فمن أجل التقليل من احتمالات وقوع الحرب و هي نهج اللاعبين الضعفاء بشكل خاص. (خاني، ۱۳۸۳: ۱۰۱)
بالنسبة للاستراتيجية المتبعة من قبل الجمهورية الإسلامية سواء خلال فترة الحرب المفروضة أو في المراحل الأخيرة فيما يتعلّق بالتطورات الإقليمية و مواجهة مشروع الإرهاب التكفيري أو تشكيل التحالفات من قبل الولايات المتحدة و شركائها و بإزاء سلوكها العدواني و تهديداتها المستمرة و الكيان الصهيوني، أقول استراتيجية الجمهورية الإسلامية كانت من نمط الاستراتیجیات الثلاث الأولى المتبعة في إدارة الاضطرابات أي قوة الدفاع و قوة الهجوم و الردّ و إدارة تشكيل التحالفات. (فارس نیوز .html/6076102244919/tnews.ir)
بيد أنّه ينبغي قراءة البعض الآخر من السلوكيات الأمنية الإيرانية خلال الأربعين سنة الماضية بالاعتماد على نظرية التوازن. تتبلور نظرية توازن التهديد وفقاً لتصاعد وتيرة التهديدات. ويتشكّل هذا التوازن لمواجهة حالة الاضطراب و كبح التهديدات، عبر تعزيز الجبهة الداخلية و تشكيل تحالفات خارجية. و تنعكس ردود أفعال البلدان إزاء التهديدات في نمطين من السلوك بحسب رأي ستيفن والت، إحداث التوازن و التبعية، التوازن في مواجهة القوة المهدّدة، و التبعية للقوة المهدّدة.
وأيضاً من وجهة نظر ستيفن والت، فإنّ الدول التي تتبع سلوكاً هجومياً إنّما تستثير ضدّها حالة خلق التوازن عند الآخرين.(116 :1986 ،walt) ثم يطرح أربعة عوامل هي بمثابة عوامل مهدّدة:
۱ـ القدرات الكلية لبلد معين (السكان، القدرة الاقتصادية و العسكرية و ...)؛
۲ـ التجاور الجغرافي (تهديد قريب)؛
۳ـ الاستعداد الهجومي؛
۴ـ النوايا الهجومية.
لقد شنّ صدام حربه ضدّ إيران بالاستناد إلى هذه العوامل الأربعة و لإسقاط نظامها، و يمكن تحليل الدعم الغربي و دعم شركائه العرب في المنطقة له في هذا السياق. و مشروع الإرهاب التكفيري الذي تبلور بتخطيط و تدبير و دعم من الغرب و الصهيونية و العرب هو أيضاً قام على هذه العوامل، و لم يكن من خيار أمام إيران سوى اللجوء إلى ردّ الفعل الهجومي و الدفاعي و تشكيل التحالفات لاحتواء هذه التهديدات و كبحها، و أيّ خيار آخر عدا الاستراتيجيات الأمنية فإنّه يندرج ضمن مفهوم الرضوخ للتهديد و عواقبه و التبعية للقوة المهدّدة. 
في هذه النظرية، فإنّ مفهوم التهديد عبارة عن مزيج القوة الهجومية و القدرات العسكرية، و القرب الجغرافي و النوايا العدوانية المحتملة، وفي الأشكال الجديدة لظهور التهديد لا بد أن نضيف الأدوات شبه الصلبة (العقوبات) و الناعمة (الحرب النفسية و الضغوط الإعلامية و ...) إلى الأدوات السابقة. «تسعی الدول إلی الأمن النسبي وفقاً لشعورها بالتهديد و القوة المهدّدة، و مع ازدياد القوة تقوم بالردّ عليها.»
من هذه الزاوية، و بالرجوع إلى التجارب المريرة في فترة الدفاع المقدس حيث كانت الجمهورية الإسلامية محرومة من تأمين قدراتها الدفاعية و الوسائل و التجهيزات في حدودها الدنيا، و تكبّدت بسبب ذلک خسائر فادحة و أعداد کبیرة من الضحايا، أو التهديدات المتواصلة من قبل الولايات المتحدة و الغرب و الكيان الصهيوني على مدى الأربعين سنة الماضية، بل و التحركات الشريرة للبلدان العربية الرجعية، لا بدّ لإيران أن تقفز إلى مستوى من القدرات الدفاعية ینطوي على قوة ردع عالية. فالارتقاء بالقوة الصاروخية و التسليحية، و تأسيس قوة إقليمية شبكية تشمل حلفاء الثورة الإسلامية أو التحالفات و الاتحادات، كل ذلك يدخل ضمن مفهوم النظرة الواقعية و الردّ على التهديدات و خلق توازن مؤثّر و فاعل و شعور نسبي بالأمن، و وفقاً لهذا المنظور فإنّ الحرب المفروضة على الرغم من كل قبائحها و مراراتها و المشاكل التي تسبّبت بها للشعب، فإنّها كانت بحسب رأي الإمام الخميني (رحمه الله) «جامعة» عزّزت أسس الاستراتيجية المتكاملة و بناء القوة و الإلهام لإيران.
إنّ الاتحاد و التحالف الإيراني السوري الذي أظهر ديمومة لا بأس بها استمرّت للعقود الأربعة الماضية، نشأ نتيجة للتهديدات المشتركة للأعداء في العراق و الكيان الصهيوني و أخيراً الإرهاب التكفيري شبه الرسمي. (112 ـ111 :2013 ،walsh)
إنّ اشتداد الأزمة الإرهابیة في سورية زاد من التهديدات المطروحة أمام الأمن القومي لبلادنا، و ارتقى بنموذج التوازن للتحالف الإيراني السوري.
لقد حضرت الولايات المتحدة و الكيان الصهيوني و العربية السعودية و ... باستعدادات هجومية و بجميع مقومات التهديد من أجل دعم الإرهاب التكفيري في سورية ، و العراق لاحقاً، فتطلّب الأمر من إيران ردّاً استراتيجياً عقلانياً. و كان من البديهي أن ينعكس أيّ تحوّل في الأزمة السورية بنتائج واضحة على جميع اللاعبين الإقليميين و الدوليين، و کانت تهديدات الجماعات الإرهابية تنذر بالخطر بالنسبة لمصالح الأمن الإقليمي، و تصاعد التهديد القومي في الداخل، و تزايد التهديدات الحدودية، و إضعاف محور المقاومة (على مستوى الردع و التوازن)، و تزايد التوجهات المذهبية و الطائفية في المنطقة، و تبلور نموذج التنازع بدل التعاون، والتهديد المتزايد للولايات المتحدة و شركائها الإقليميين فيما يتعلّق بالمقاربات المناهضة للاتفاق النووي. (html.45180 ـ articles /Pir.iaush.ac.ir)
ولكن، مبادئ الواقعية و نظريات القوة و خلق التوازن ليست الإطار الوحيد لتبيين جوهر سياسة الثورة الإسلامية و الجمهورية الإسلامية على الصعيدین الداخلي و الإقليمي؛ فالثورة الإسلامية تحمل في طياتها مفهوماً و رسالة إنسانية و إسلامية و إلهية تعمل على تطبيقها، خلاصتها تطبيق العدالة في جميع مظاهر السلوك الإنساني و الإقليمي و الدولي. لهذا السبب فإنّ مفهوم قوة إيران و نفوذها لا يُفسَّر بالأساليب و الأدوات السائدة في العلاقات الدولية و بنفس تلك الأهداف. فلیس إنتاج القوة و النفوذ الإقليمي بهدف الهيمنة على الآخرين و التفوق عليهم و ظلمهم؛ بل ليشكّل أرضية لروح التحرّر و الاستقلال لسائر الشعوب و البلدان الأخرى، و تعزيز قدراتها إزاء تهديدات القوى العالمية و سلوكها الاستكباري.

۲ـ منطقة غرب آسیا في عيون الغرب
منذ زمن بعید و منطقة غرب آسیا التي تُعرف باسم الشرق الأوسط في الأدبیات السیاسیة الغربیة تحظی بأهمیة عظیمة، و کان الجیوسیاسیون الغربیون یعتبرونها قلب الأرض. فوجود منابع عظیمة و ثروات هائلة، و الموقع الجیوسیاسي و الطریق الرئیسي الذي یربط القارات الثلاث و وجود الممرات المائیة و المضائق البحریة الاستراتیجیة التي تشکّل عصب الاقتصاد العالمي و بالأخص الغربي لأغراض السیطرة علی العالم، أقول کل هذه المزایا جعلت من هذه المنطقة المفتاح الرئیسي للسیطرة علی العالم و إدارته. الخصوصية الثقافية لهذه المنطقة هي حاضنتها الإسلامية التي زادت أهمیتها و حساسیتها بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران و الأفكار الاستقلالية و النموذج الإرشادي الملهم الذي طرحته أمام شعوب المنطقة و العالم .
بحسب اعتقاد الغرب، إنّ حوادث العقود الأربعة الماضیة، لا سیّما بعد انهیار الاتحاد السوفیتي، و بالتحدید نقطة التحول المتمثلة في حوادث الحادي عشر من أیلول/ سبتمبر و المقاربات الأحادیة المطلقة للولایات المتحدة في ضوء وجود مجموعة من الملفات الساخنة و المعقدة في المنطقة، إنّ هذه الحوادث دفعت الغرب إلی تفعیل حضوره في المیدان و إحکام سیطرته علی جمیع الصُعُد من أجل إقامة نظام إقلیمي و أمریکي جدید في المنطقة. و المحاور الرئيسية للاستراتيجيات الأمریکیة في المنطقة كانت على الدوام: الأمن الدائم للكيان الصهيوني، و ضمان انتقال آمن لطاقة رخيصة من المنطقة، و المحافظة على الديكتاتوريات المتعاونة مع الولايات المتحدة، و إدارة الصراعات المفيدة للولايات المتحدة و الغرب، و كبح جماح اللاعبين المخالفين، و المحافظة على النظام و الباراديغم الأمريكي.
وبالتوازي مع حرب الثماني سنوات ضدّ إیران و سائر التدابیر المخلّة بالأمن، فإنّ انعکاس النموذج الإیراني الملهم علی الصعید الدولي نبتت أولی براعمه في لبنان في مواجهة الکیان الصهیوني، کما قدّم للمناضلین الفلسطینیین نموذجاً و خطاباً جدیداً للمقاومة تجلّی في الانتفاضة الأولی في نهایات عقد الثمانینات من القرن الماضي، حیث بدأ منذ ذلک الحین العدّ التنازلي لانسحاب الکیان الصهیوني من المناطق المحتلة في لبنان؛ لهذا السبب و بعد انهیار الاتحاد السوفیتي في بدایة عقد التسعینات وضع بوش الأب في صدر تحرکاته الدبلوماسیة دفع مسیرة ترسیخ و تقویة الکیان الصهیوني عبر محادثات الصلح و علی خطی اتفاقیات کامب، بدءاً بمفاوضات السلام في مدرید و مروراً بعقد توافقات أوسلو مع عرفات وصولاً إلی إبرام اتفاقیة السلام مع الأردن في وادي عربة. و علی الرغم من ذلک، فإنّ المقاومة الإسلامیة اللبنانیة خلال فترة التوازن الأولی استطاعت أن تجعل من عقد التسعینات فترة عصیبة علی الصهاینة، و في فلسطین لم یصل قطار محادثات الصلح إلی محطته و آلت الأوضاع هناک إلی تفجیر الانتفاضة الثانیة و الانتصار علی الصهاینة و طردهم من جنوب لبنان في بدایة عام 2000 م. و دخلت الولایات المتحدة الألفیة الثالثة وهي تتحضّر للنظام العالمي أحادي القطب و الهیمنة الکاملة علی منطقة غرب آسیا، و اتّخذت من حوادث الحادي عشر من أیلول/ سبتمبر کشماعة لتحقیق مشروعها الکبیر الذي عُرف فیما بعد بالشرق الأوسط الکبیر في منطقة غرب آسیا و ذریعة لإقامة النظام الأحادي في العالم. لقد وضعت «استراتیجیة الاحتلال و الإکراه» عبر شنّ الحرب علی أفغانستان و من ثمّ غزو العراق بهدف تغییر الخریطة الجیوسیاسیة في غرب آسیا، و تزامنت هذه التطورات مع فترة استعادة روسیة لقوتها، و تسارع خطی الصین نحو استکمال مقومات قوتها الاقتصادیة و العسکریة، و بذلک سجّلت الولایات المتحدة و الکیان الصهیوني أسوأ أداء أمني في غرب آسیا. ففي العراق واجهت أمريكا هزیمة شنیعة اضطرتها إلی الانسحاب من هذا البلد، و في أفغانستان اکتفت بتسجیل حضور هناک من دون مکاسب تذکر أو تحقیق أهدافها الأولیة، و انعکست هذه التطورات علی ظهور آثار أزمة اقتصادیة کبری في الولایات المتحدة لإنفاقها تریلیونات الدولارات علی الحرب في غرب آسیا. و ذاق الکیان الصهیوني أول هزیمة له في حربه ضدّ حزب الله في عام 2006 م التي شكّلت نقطة تحول في معادلة القوة الإقلیمیة. و بالنسبة للجمهوریة الإسلامیة، لم یقتصر دورها علی مناطق النفوذ و خلق قوة شبکية تحرریة في العراق و لبنان و فلسطین و...، بل عملت علی تعزیز قدراتها الدفاعیة و النوویة بتعجیل أکبر، بحیث استطاعت أن‌تُخرج من حسابات الأعداء الخیار العسکري ضد إیران و تهدیدها بفضل القدرات الدفاعیة التي اکتسبتها في الداخل، و إمساکها بزمام القوة و النفوذ في المنطقة و استحداث عامل الردع. و عدم حصانة الکیان الصهیوني في مقابل أي تهدید لإیران أنتج للولایات المتحدة و شرکائها برنامج عمل جديد تحرك من خلاله تحولات البلدان الإسلامیة و المنطقة تحت عنوان الصحوة الإسلامیة علی طریق امتصاص قدرات الردع الإقلیمیة لإیران عبر خلق الإرهاب التکفیري في سوریة و لاحقاً العراق، و بلورة شرق أوسط جديد عن طريق الحروب بالوكالة و الإرهاب. و لا شکّ في أنّ إنفاق الولایات المتحدة و شرکائها الإقلیمیین ملیارات الدولارات علی مشروع الإرهاب التکفیري في سوریة و العراق و تعبئة و استنفار القوی التکفیریة و السلفیة و الوهابية من مأة بلد في العالم في إطار حرب دینیة مقدسة یشي بمدی أهمیة هذا المشروع و الأهداف التي سعت الولایات المتحدة و شرکائها في المنطقة إلی تحقیقها في غرب آسیا، من بینها کسر السلسلة المتّصلة لمحور المقاومة بإشعال الحرب التکفیریة في سوریة و توسیعها لتشمل العراق ثمّ إیران و بقیة المناطق المستهدفة في العالم لمواجهة روسیة و الصین، و بغیة استعادة الهیمنة الإقلیمیة و ضمان أمن الکیان الصهیوني، و الاستمرار في نهب ثروات النفط و الطاقة. من وجهة نظر الولایات المتحدة و الغرب و شرکائهما الإقلیمیین، يظلّ الاهتمام بالقوی الکبری الصاعدة مثل الصین و روسیة عقیماً و یفتقد لأي ضمانات من دون کسب معركة النفوذ في منطقة غرب آسیا. من زاویة أوسع، إنّ انتصار الثورة الإسلامیة في غرب آسيا وسعيها لخلق نظام و خطاب جدیدین في المنطقة، و تحدّي النظام و المصالح و الأهداف الأمریکیة، و رفع مستوى اقتدارها الوطني و نفوذها و قوتها الإقلیمیة ضمن خط بياني تصاعدي، بما ينطوي عليه ذلك من مقومات ردع مکلفة بالنسبة للغرب و الکیان الصهیوني، لکلّ هذه العوامل تعدّ الثورة الإسلامیة بمثابة تحدٍّ کبیر؛ الأمر الذي یفسّر عدم انتفاء استراتیجیة إسقاط نظام الجمهوریة الإسلامیة من برنامج الإدارات الأمریکیة و الغربیة منذ انتصار الثورة و حتی الیوم، بل إنّها تطوّرت و طُبّقت بأشکال و سیاسات مختلفة.
لا شکّ في أنّ مشروع الإرهاب التکفیري كان تهدیداً خطیراً للمنطقة و إیران و محور المقاومة، و لکن بفضل التدابیر الواعیة لإیران و ضمن استراتیجیة هجومیة و خلق معادلة للتوازن و عبر تشکل تحالفات إقلیمیة و تشبیک متکامل لفصائل المقاومة، بفضل هذه التدابیر استطاعت أن تحوّل تلک التهدیدات إلی فرص جدیدة للنفوذ و الارتقاء بالقدرات و عامل الردع إلی مستویات جدیدة، و خلق تحدیات أکثر لشرکاء الولایات المتحدة و الکیان الصهیوني. نشر معهد التطور الأمریکي مقالة ناقش فيها دور الشرق الأوسط و السیاسات الإقلیمیة و الدولیة للولایات المتحدة و أهمیة هذه المنطقة بالنسبة لها، محذّراً من التحدیات المتزایدة لهذه الدولة والتي ترتسم في أفق التحولات الإقلیمیة. و لخّص المعهد أهمیة منطقة الشرق الأوسط و غرب آسیا بالنسبة للولایات المتحدة في المحاور الثلاثة التالیة:
أ ـ الأمن: صیانة الأمن الداخلي و الدفاع عن الحلفاء، وعن المصالح الأمنیة و المصالح الاقتصادیة و السیطرة علی الممرات الحیویة و المضائق البحریة الاستراتیجیة في المنطقة؛
ب ـ الفرص الاقتصادیة: المحافظة علی المصالح الاقتصادیة العالمیة للولایات المتحدة و التأکید علی أهمیة مصادر الطاقة و النفط و الغاز في غرب آسیا بالنسبة لها و الموقع المهم لمضیق هرمز و مضیق باب المندب و قناة السویس التي تعدّ ممرّاً حیویاً للاقتصاد العالمي.
ج ـ الفرص التجاریة: غرب آسيا منطقة حيوية لأغراض الحمل و النقل و الخطوط البحرية و التجارة العالمية و تتمتّع بأهمية قصوى، و كذلك على صعيد ربط القارات الثلاث آسيا و أفريقيا و أوروبا. (5833481 :4/8/1395،yjc)

۳ـ مقومات القوة و النفوذ
ما يحكى اليوم عن قوة إيران و نفوذها و تعترف به مراكز البحوث و المسؤولون الغربيون أيضاً لا يتعلّق فقط بفترة السبع سنوات في سورية و العراق كما ورد في التحليلات الغربية، بل لا بدّ أن ننظر إليه من زاوية أوسع بوصفه حصيلة أربعين سنة من السياسة البنّاءة التي انتهجتها إيران في محيطها الإقليمي لإرساء أسس الاستقرار و الأمن و التصدّي للإرهاب و الدفاع عن شعوب المنطقة المضطهدة، و تقديم نموذج ملهم يتجسّد في القيم الأساسية للثورة الإسلامية و نشر ثقافة مقاومة العدوان و الثقة بتحقّق النصر الإلهي.
ربما أمكن تبويب مقومات القوة و النفوذ الراهن للجمهورية الإسلامية في العناوين التالية على الأقل:

أ ـ مبادئ و قيم الثورة الإسلامية
في الحقيقة إنّ ما تتمتّع به الثورة الإسلامية من روح العدالة و التحرّر و النظرة الإسلامية – الإنسانية لشعوب المنطقة و العالم و النموذج الجديد للنضال المؤزّر بالنصر على الديكتاتوريات الحاكمة، بلور نمط من الإلهام و الإيمان على صعيد المنطقة و دول الجوار. تركّز المجتمعات الإسلامية على الطابع الإسلامي للثورة بوصفه الروح النابضة في هذا الإلهام، لذا، وجدت جميع المذاهب الإسلامية نفسها في تواشج مع هذه الثورة ونتائجها منذ بدايات انتصارها.
بـ  الدفاع المشروع
واجهت الثورة الإسلامية منذ الأيام الأولى لولادتها سلسلة طويلة من الفتن و المؤامرات و الصعوبات التي فرضت عليها، ثم الفترة العصيبة المتمثلة بحرب الثماني سنوات، و لأجل تقنين قدراتها في الدفاع المؤثّر، شرعت بإنتاج قوتها الذاتية في المنطقة و بصورة تدريجية. وطبعاً بناء الأمن بحاجة إلى وسائل دفاعية، وكانت تجربة الحرب وخبراتها مفيدة في استخلاص استراتيجية الدفاع الصاروخي، فتسارعت الخطى في هذا الطريق على الصعيدين الكمي و النوعي. و شكّلت ثقافة المقاومة و التوافق الوطني و الاقتصادي متكئاً داخلياً للقوة و كانت تغطّي على نقاط الضعف في القاعدة الاقتصادية. شكّل الحصول على هذه الوسيلة كاستراتيجية دفاعية مشروعة الخطوة الأولى و الأساسية لتقنين الاقتدار الوطني. و جرى توظيف هذه الوسيلة القوية في المراحل اللاحقة عبر الأذرع الإقليمية و التشكيلات المقاومة كذلك، ممّا عزّز الثقة بالنفس و بالقدرات الذاتية للصمود و تحقيق النجاحات و الانتصارات في مواجهة الأعداء. وأتاحت وسيلة القوة هذه، الارتقاء بإمكانات تحقيق الاستراتيجية الدفاعية و القدرة على الردّ و الردع، و رفعت معامل الأمن عالياً.

ج- تبيئة المقاومة في المنطقة. تشبيك محور المقاومة و القوة
بدأت الخلايا المؤثّرة في المنطقة بالتشكّل بعيد انتصار الثورة الإسلامية، و نمت و ترعرعت بسرعة في مختلف المناطق في لبنان و من ثم فلسطين و العراق و اليمن و سورية  ... و غيرها٬ و راحت تنظّم المقاومة المحلية حيث حقّقت العديد من الانتصارات في هذا المضمار، و تجلّت ثقافة المقاومة و ترسّخت في العديد من البلدان الإسلامية و المجاورة٬ حتى وصلت إلى مرحلة جديدة من البلوغ مع ظهور مشروع الإرهاب التكفيري، و تبلورت كضرورة في إطار مقاومة شاملة و تشبيك المقاومة الإقليمية حول محور إيران، و اكتسبت تجربة جديدة في العراق تجلّت إحدى تطبيقاتها في الوحدة الوطنية و النظرة غير الطائفية للمقاومة في مواجهة التهديدات و المعتدين.

دـ تشكيل التحالفات و الشراكات المشروعة
على العكس من معظم الاتحادات و التحالفات الموجودة في العالم التي توظّف كوسيلة لشنّ الحروب و الهيمنة و السيطرة اللامشروعة، عمدت الجمهورية الإسلامية انطلاقاً من النظرة الخاصة للثورة الإسلامية و الثقافة الشاملة للمقاومة و العلاقات المشروعة، إلى تشكيل تحالفات تمخّضت عن كيان قوي و مستوى جديد من الصلابة و الثبات ينسجم مع القوانين الدولية و الإنسانية. لقد وصلت الشراكة مع سورية في مرحلة من نضجها المفهومي و العملي إلى نوع من الاتحاد أو التحالف مع المقاومة، و استطاعت أيضاً أن تسجّل تحالفاً عملياً مع روسية خلال سنوات محاربة الإرهاب التكفيري، حظي بشكل غير رسمي بدعم بلدان أخرى صغيرة و كبيرة. إحدى الوظائف الاستراتيجية لهذه الظاهرة إجهاض مخطط قلب الحقائق و نشر الاتهامات الواهية ضدّ إيران و المسؤولين.
يحاول الغرب و الكيان الصهيوني إلى جانب الديكتاتورية العربية في المنطقة ضمن برنامج مشترك تصوير إيران و المقاومة على الصعيد العالمي و أمام الرأي العام صنوان للإرهاب. لم يقف التحالف المشروع بين إيران و سورية و المقاومة و روسيا لمحاربة الإرهاب التكفيري عند القضاء على مشروع الإرهاب التكفيري الرهيب فحسب، بل فضح داعميه أيضاً، و تحوّل مخطط تصوير جوهر إيران و المقاومة إلى باراديغم جديد بالنسبة لهم. فقد كتبت صحيفة «بوستون گلوپ» الأمريكية أخيراً ما يلي: «تمخّضت عن جميع النقاشات الجادة التي جرت في القرن الحادي و العشرين حول الإرهاب العالمي خلاصة مفادها أنّ جميع الأموال التي أنفقت على القاعدة و طالبان و داعش وأخواتها من الفصائل المنحرفة كان مصدرها العربية السعودية، لذا فالطريق الوحيد الذي يمكن من خلاله اتهام إيران بأنّها دولة إرهابية هو أن نعرّف الإرهاب بأنّه معارضة هيمنة الولايات المتحدة.» (8/7/1397 ،Mizanpress)

الاستراتيجية الذكية في التطورات الإقليمية
دأبت الجمهورية الإسلامية على تنظيم الخطوات و التدابير التي تتّخذها بطريقة تتيح لها تحويل التهديدات العلنية الصادرة عن العدو إلى فرص سانحة. فاستقرار المستشارين العسكريين الإيرانيين في سورية و لبنان في السنوات الأولى من الحرب [مع العراق] كان الهدف منه كما خطّط الإمام الراحل (رحمه الله) أن يمرّ «طريق القدس عبر كربلاء»، أي، أن يحل المستشارون الإيرانيون محل الوحدات العسكرية، و منذ ذلك الوقت بدأت عملية تعزيز قدرات المقاومة في لبنان و التي نشهد بركاتها حتى يومنا هذا.
لقد عنيت الأبحاث و الدراسات الصهيونية و الأمريكية القريبة من مراكز السلطة نوعما بهذه المسيرة التي استمرت لأربعين سنة؛ لكنّ نقطة التحوّل من وجهة نظرها تتمثّل في تحولات الألفية الثالثة و خاصة في السنوات السبع الأخيرة في سورية و العراق و اليمن، حيث نشير هنا إلى بعض الأمثلة:
۱ـ معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل (INSS) وفي دراسة له حول مقومات القوة الإيرانية يشير إلى النظرة الاستراتيجية الإيرانية للبيئة الشيعية في العراق منذ بداية الثورة الإسلامية، هذه البيئة التي تعرّضت لأنواع القمع و الاضطهاد على يد الحكومات المختلفة. و يضع هذا المعهد العراق إلى جانب إيران كقاعدة استراتيجية لتشكيل قطب إقليمي و مقاومة معادية للولايات المتحدة و الصهيونية، و الأعضاء الآخرين في هذا القطب الإقليمي حزب الله و حماس. يبيّن المعهد بأنّ النفوذ الإيراني في العراق قد تعاظم مع بداية الأزمة في سورية عام 2011 م، و يطرح ثلاثة مستويات للتعاطي و النفوذ الاستراتيجي متعدد الطبقات لإيران منذ عام 2003 م و بداية الغزو الأمريكي للعراق؛ مستوى بين حكومي، ومستوى حزبي – نهضوي، ومستوى عسكري، و تتجلّى أهمية العراق بالنسبة لإيران في طبيعة السفراء الثلاثة الذين عيّنتهم إيران لدى العراق منذ عام 2003 م فهم جميعاً من كبار الضباط في الحرس الثوري. (848256 :1/2/1397،mashreqnews)
۲ـ مقالة لمعهد المجلس الأطلسي تحت عنوان «شريك أم منافس» تركّز على العلاقات بين طهران و موسكو، و تؤكّد على القضايا التالية:
ـ فرادة جوهر الثورة الإسلامية في عام 1979 م من جوانب متعددة و التي هزّت منطقة الشرق الأوسط برمّتها، و جعلت من المعادلات السابقة في المنطقة (المتأثرة بالقوى العلمانية) هواء في شبك، و أنّ انتصار الإمام الخميني (رحمه الله) كان مؤشّراً على إحياء النشاط السياسي على يد القوى الإسلامية.
نقطة التحول في العلاقات الروسية الإيرانية بدأت مع اندلاع الأزمة السورية، خلال لقاء جمع قائد الثورة الإسلامية بالرئيس بوتين في طهران، و لا شكّ في أنّ التحالف الاستراتيجي بين طهران و موسكو هو أحد النتائج التي تمخّضت عن الأزمة السورية.
قال جون هربرت مدير مركز شؤون اوراسیا ریتوپارسیو و كاتب مقالات عن هذا التحالف الروسي الإيراني بأنّه «شرّ مفروض» معتقداً أنّ محاولات التحالف الغربي–العربي في التقليل من آثار هذا الشرّ المفروض عبر دعم المعارضين و الإرهابيين في سورية قد باءت بالفشل، و خَلُصَ التحالف المعادي لسورية أنّه من الأفضل التخلّي عن المعارضين بدلاً من المساعدة على تعزيز التحالف الاستراتيجي الإيراني الروسي. (804733 :13/9/1396 ،Mashreghnews)
۳ـ سوزان مالوني من معهد المجلس الأطلسي في مقالة لها تحت عنوان جذور التحول الاستراتيجي الإقليمي لإيران بحثت عن طرق و أساليب مواجهة نفوذ إيران قائلة: «لقد نجحت إيران في تثبيت موطئ قدم لها كلاعب رئيسي في غرب آسيا و تغيير النظام الإقليمي لصالحها، و أنّ سقوط نظام صدام كان نقطة البداية للسياسة الهجومية لإيران في المنطقة، و قد أصبح موقع إيران في النظام الإقليمي أكثر قوة قياساً بما كان عليه قبل عام 2003 م.» (795044 :Ibid)
الملاحظة الجديرة بالاهتمام في مقالة سوزان مالوني هي أنّها لا ترى في تعاظم النفوذ الإقليمي لإيران نتيجة غير مباشرة للاتفاق النووي؛ و إنّما هو ثمرة التدخل العسكري الأمريكي في العراق و أحداث الربيع العربي الذي سمح لإيران بتعزيز تواجدها في المنطقة.

۴ـ دراسة موضوعية و أمثلة عن نجاح إيران في غرب آسيا
إنّ الأمثلة عن نجاح إيران و خاصة في الاستنتاجات و الأبحاث الغربية هي من الوفرة بحيث لا يسعنا استعراضها جميعها في هذه الورقة؛ لكنّنا استكمالاً لفكرة هذا البحث و في إطار سرد بعض الأمثلة عن الاستنتاجات الغربية عن موقع إيران في غرب آسيا سنأتي على ذكر حالات موضوعية عن التحولات الأخيرة بخصوص المحاولات التي جرت بعد الانتخابات العراقية:
ـ رأى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق «هنري کیسینجر» أنّ إیران تشكل التحدّي الأكبر بالنسبة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، معتقداً أنّ سقوط داعش سوف يسمح للإمبراطورية الإيرانية أن تسود في غرب آسيا. صرّح بهذا الكلام في ندوة «التحديات العالمية و استراتيجية الأمن القومي الأمريكي» أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ و أضاف: «من الناحية التاريخية و السياسية ظلّت إيران محتفظة بوحدتها و لغتها و ثقافتها أكثر من أيّ قوة أخرى في المنطقة، و استطاعت أن تزيد من نفوذها أكثر من أي وقت آخر عبر سياسة خفية و هجومية.»
ـ و قال «مایکل نایبی» عن مؤسسة ستراتفور أنّ نفوذ إيران قد امتد من غرب أفغانستان حتى العراق و سورية وصولاً إلى جنوب لبنان و منطقة غرب آسيا برمتها.
ـ و تحدّث «تشارلز لیستر» العضو الأقدم في معهد «الشرق الأوسط» بواشنطن خلال ندوة مشتركة مع لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس أنّ إيران صارت أقوى من أيّ وقت مضى، و أنّ الحرس الثوري في طور المنافسة المباشرة لمصالح أمريكا و نفوذها.
ـ و أشار «فارن افرز» في تقريره في فبراير/شباط 2018 م إلى أنّ سلوك الولايات المتحدة أدّى إلى زيادة نفوذ إيران في المنطقة، و أكّد على أنّ النظام السياسي الذي ساد الشرق الأوسط منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى حتى اليوم قد انفرط عقده خلال السنوات السبع الماضية. و باعتقاد فارن افرز أنّ الاستراتيجيات الأمريكية لتقليص النفوذ الإقليمي لإيران لن تعيد الاستقرار إلى هذه المنطقة، و أنّ إيران خرجت من حربها مع داعش أقوى من قبل، و الولايات المتحدة تفتقد إلى القدرات اللازمة للحدّ من النفوذ الإيراني و من ثمّ ملء الفراغ الناجم.
ـ في ضوء التدابير السعودية المعادية لإيران التي فشلت في الحدّ من نفوذ إيران في المنطقة، كتب موقع «نیشن» في شهر نوفمبر تشرين الثاني من السنة الماضية: «تبحث العربية السعودية عن نصر لها في المنافسة مع إيران لبسط نفوذها على المنطقة.»
ـ و أكّد «بلومبيرغ» على قضية مهمة و هي أنّ الدعم الأمريكي لسياسات السعودية المعادية لإيران عادت بنتائج معكوسة.
ـ و في تقرير تحليلي حول النفوذ الإقليمي لإيران رأت صحيفة «جيوپوليتيك فيوتشر» أنّ مديات هذا النفوذ صارت تتعدّى حدود الشرق الأوسط. (401045 :14/12/1396،Mizannews.Farsi.ir)
ـ و حلّل ایونید ستردد، امتلاك إيران لنفوذ قوي على شؤون المنطقة بأنّه من بين شروط القوة الإقليمية.
ـ و اعتبر راشل آوراهام، رئيس تحرير «جيروزليمپست» أنّ إيران هي ملك الشرق الأوسط الجديد.
ـ و بحسب اعتقاد السيناتور راندپال إنّ لإيران نفوذاً و هيمنة على المنطقة برمتها.
ـ و رأى فرید زکریا أنّ نفوذ أمريكا في منطقة غرب آسيا لا يقارن بالنفوذ الخاص لإيران.
ـ و قال یوشکا فیشر (وزیر الخارجية الألماني الأسبق) أنّ إيران هي أكبر الرابحين في الصراع على توسيع النفوذ في منطقة غرب آسيا.
ـ و برأي زبغنييف بريجنسكي أنّ الاعتبار و النفوذ اللذين تحظى بهما إيران في المنطقة أصبح أكبر و أقوى بكثير ممّا كان عليه قبل عقد من الزمان.
ـ و قال معهد «أمریکان انترپرایز» أنّ نطاق نفوذ إيران في العراق و سورية و لبنان و مصر و فلسطين و أفغانستان شهد قفزات كبيرة بالاستناد إلى القوة الناعمة و القوة العسكرية و الاقتصادية منذ عام 2008 م فما بعد. (28694 :27/10/1394،Khamenei.Farsi.ir)
بالنسبة للأمثلة الموضوعية المتعلقة بمرحلة ما بعد إجراء الانتخابات العراقية، حيث تركّزت جهود كل الأحزاب العراقية على تعيين الرئاسات الثلاث: البرلمان و مجلس الوزراء و الجمهورية، بعد أن رأت الولايات المتحدة أنّ نتائج المرشحين المحسوبين عليها كانت مخيبة سارعت خلال 24 ساعة إلى عقد لقاءات مع الزعماء السياسيين عبر ممثل الرئيس ترامب برت ماكغورك و سفير هذه الدولة لدى العراق و كذلك سفراء إنجلترا و السعودية و استمرّت هذه الجهود المضنية حتى ساعات متأخرة من الليل، و طرحت عليهم مطاليبها بأسلوب فظّ بعيد عن الأعراف الدبلوماسية. و على الرغم من ممارسة هذا الفريق الثلاثي ضغوطاً سياسية و إعلامية و تقديمه رشىً مالية إلى الزعماء السنّة و توجيه تهديدات مباشرة إليهم، لم‌يستطع فرض مرشحه لرئاسة البرلمان، و كردّ فعل على هذه التهديدات و السلوك غير الأخلاقي سارع الحلبوسي رئيس مجلس النواب إل عقد ائتلاف مع كتلة (هادي العامري) و أكّد أثناء لقائه بالأطراف الإيرانية الموجودة في بغداد تحالفه مع إيران. و تدخّل هذا الفريق أيضاً في مسألة انتخاب المرشح لرئاسة الوزراء و الكتلة الأكبر، و وظّف كل إمكانياته اللامشروعة سعياً منه لترشيح حيدر العبادي لولاية ثانية و إبقائه في منصبه، و قد أخذوا عليه بعض التعهدات في مقابل ذلك؛ و لكن بفضل الحنكة و الإدارة الدبلوماسية الميدانية للمسؤولين العراقيين و إعلان المرجعية العليا موقفها، أصبح العبادي ورقة محروقة في العراق، ليعود أدراجه إلى أحضان الأحزاب الموالية لإيران. و لم تفلح كل الجهود التي بذلها هذا الفريق و ضغوطه غير القانونية و تهديداته و وعيده في العراق حتى هذه اللحظة في مجاراة النفوذ الإيراني، و بقيت المؤسسات المنبثقة عن الانتخابات و المتمثلة في الرئاسات الثلاث العراقية تحت مظلة العراق المستقل والطروحات المقاومة و الدعم الإيراني.

۵ـ مفاعيل النفوذ و القوة الإيرانية على صعيد المحيط
يعتبر المحللون في مجال العلاقات الدولية  بأنّ النفوذ هو بمثابة التمهيد و الأساس لبناء القوة الإقليمية، و من هنا فإنّ عامل النفوذ يحمل إمكانات وظيفية لإيران على صعيد المحيط نشير إلى بعضٍ منها:
ـ القدرة على إدارة اللعبة و تبيين قواعدها؛
ـ الارتقاء بمعامل الأمن القومي و الإقليمي و تعزيز قوة الردع؛
ـ ترسيخ الاستقرار الإقليمي الذي يحول دون نجاح استراتيجيات الفوضى الخلاقة للعدو، و يحدّ من نطاق تأثيرها؛
ـ المصالح الاقتصادية الاستراتيجية؛
ـ تشكيل تحالفات متقدمة مع اللاعبين الدوليين و غير الدوليين عبر التواشج أكثر على صعيد الأهداف و المصالح المشتركة و تشبيك محور المقاومة الإقليمي؛
الملاحظة التي تستدعي الوقوف عندها هي أنّ موقع إيران في الوثيقة الخاصة بعقيدة الأمن القوي و السياسة الخارجية الروسية حتى عام 2010 م كان في عداد البلدان الأفريقية، أما اليوم فأصبحت تتمتع بموقع خاص في شراكة التعاون الاستراتيجي في سورية.
دور محوري في النظام الإقليمي مقترن باكتساب النفوذ و القوة و باعتراف واضح من صناع السياسة الغربيين.
وعلى الرغم من محاولات الولايات المتحدة في إضعاف منظومة النفوذ الإيراني في المنطقة، عبر إنشاء تحالف معادٍ، إلّا أنّ جوهر هذا التحالف، «ميسا» مثلاً، و قبل تمكينه من مواجهة إيران، يركّز أولاً على إضفاء الشرعية على الكيان الصهيوني عبر تطبيع علاقاته مع البلدان العربية، هذه العلاقات التي ارتسمت ملامحها في سياسات ترامب على أساس مبدأ الابتزاز لقاء توفير الأمن للدول العربية، إنّه «نظام جزية» معيب و فاضح٬ الدفع في مقابل تقديم الخدمات، و لهذا السبب لن تكون له أيّ فاعلية أو تأثير و لن يعمّر طويلاً.
۶ـ المحاولات و الخطط الخاصة بالتصدّي لنفوذ إيران و قوتها الإقليمية
وثيقة استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة الصادرة في ديسمبر /كانون الأول  ۲۰۱۷ م و التي دوّنت بأسلوب محايل تحوي الكثير من المغالطات في الميادين الوطنية و العالمية، و تقدّم وصفاً معكوساً للتهديدات و من ثمّ تبرير أهداف الولايات المتحدة من وراء هذا السرد للتهديدات، و تناقش الوثيقة أيضاً موضوع إيران و الشرق الأوسط. هذه الأدبيات المشحونة بالقومية المتطرّفة و النرجسية و التمحور حول الذات الأمريكية تعترف في الفصل الخاص بالشرق الأوسط بتوسّع النفوذ الإيراني، و تطرح مقاربة التصدّي لقوتها الصاروخية، و في إطار استعراضها للعديد من الاتهامات الواهية ضد إيران و ما تصفه بتوسع النفوذ الإقليمي لإيران، و السلوك الإيراني المزعزع للاستقرار (طبعاً للمصالح الأمريكية اللامشروعة) تطرح أولوياتها في هذا المجال و هي التصدّي لحلفاء إيران في المنطقة (محور المقاومة)، و استبدال التهديد الصهيوني (الذي يعدّ العامل الرئيسي للأزمات في المنطقة) بالتهديد الإيراني. و تتحدّث الوثيقة عن غرب آسيا بمثابة منطقة المصالح الحيوية للولايات المتحدة٬ و أنّه لا ينبغي لأيّ قوة معادية للولايات المتحدة أن تهيمن على هذه المنطقة، ليتكيّف أمن الصهاينة في المحافظة على الطاقة و انتقالها و نهب ثروات المنطقة مع الأمن الذي تنشده الولايات المتحدة. (۹/۱۱/۱۳۹۶ و وثيقة استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة /Scfr.ir/fa)
في نفس الوقت، ركّزت مراكز الفكر و الأبحاث في الولايات المتحدة في تقاريرها المتنوعة و العديدة على هذه الاستراتيجية للحدّ من نفوذ إيران و قوتها، و استعرضت حلولاً و آليات عديدة لهذا الغرض.
ـ معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) و ضمن دراسته لعوامل قوة إيران في المجال الاستراتيجي الإقليمي و تحليله لعوامل هذه القوة، طرح ثلاثة عوامل ساعدت، من وجهة نظره، على تبلور علاقات متينة بين طهران و موسكو، و إبرام عقود تسليحية ضخمة و توفر أوجه للتعاون إقليمية ودولية، هذه العوامل: حاجة روسية لإيران لترسيخ نفوذها الإقليمي في مواجهة الولايات المتحدة، و حاجة إيران لروسية لمواجهة الولايات المتحدة في المنطقة، و تصاعد مستوى التوتر بين موسكو و واشنطن.
وذكر المعهد المذكور أنّ ملف الأكراد شكّل عامل تقارب بين تركية و إيران، و أنّ التوتّر بين البلدان العربية في الخليج الفارسي و بين قطر أتاح فرصاً لإيران في المنطقة؛ و طرح هذا المركز الصهيوني و مراكز الدراسات الغربية بعض التوصيات في هذا السياق لأجل تفويت هذه الفرص على إيران.
ـ کریستوفر کوزاک، من معهد مطالعات الحرب بواشنطن و هو من المراكز المؤثرة في السياسات العسكرية الأمريكية، ناقش موضوع التقارب الاستراتيجي بين روسية و إيران، وبيّن أنّ أدوات الهيمنة الأمريكية تتلخص في مجالات التقارب في سورية و العراق و أفغانستان، و فكرة انفصال تركية عن حلف النيتو و الولايات المتحدة، و انفكاك مصر عن الولايات المتحدة و العربية السعودية و على الصعيد الدولي إضعاف الاتحاد الأوروبي و النيتو، و يقدّم في هذا الخصوص بعض التوجيهات بضرورة توظيف التوترات الطبيعية بين روسية و إيران، و ربما يكون تاريخ العلاقات بين هذين البلدين مدخلاً جيداً لاستراتيجية الفصل بينهما. و النقطة المثيرة هنا أنّ المتغرّبين الداخليين في إيران تحوّلوا إلى فرسان تنفيذ هذه الاستراتيجية في بعض وسائل الإعلام الداخلية، و في خدمة أهم مطالب الغرب المتمثلة في الحدّ من النفوذ و القوة الإقليمية لإيران. (696177 :11/12/1395 ،Mashreghnews.ir)
ـ هذا الموضوع كان محل نقاش من قبل معهد المجلس الأطلسي ضمن مقالة لـ‌جون هربست عنوانها «شريك أم منافس»، أكّد فيها على فاعلية التركيز على الفوارق الدينية و الثقافية لكسر التحالف الروسي الإيراني. (804733:13/9/1396،Ibid)
ـ استعرض المعهد الأطلسي خمسة عوامل لقوة إيران في المنطقة لخّصها في القضايا التالية:
ـ لا بدّ من إضعاف الدور الإقليمي لإيران أو تحييده أو تغييره.
ـ ذكّر داو زخیم، معاون وزير الدفاع الأمريكي (في عهد جورج بوش الإبن) و عضو المجلس الأطلسي بأسلوب إيران في الحرب، مبيناً أنّ إيران تشنّ حرباً مركّبة لم‌تتوفر إلّا للولايات المتحدة و لاحقاً لروسية، حيث تتقن الحرب بالوسائل العسكرية و الدبلوماسية و الإعلامية في آنٍ معاً، و هي أكثر نجاحاً من الولايات المتحدة، و قد فعلت ذلك في عموم المنطقة على أتمّ وجه. (6349875 :29/6/1396 ،Yjc)
ـ ذكر حسين آييش ملاحظات في بلومبيرغ، وردت أيضاً في عدد آخر من المعاهد و المراكز في الكيان الصهيوني و انعكست في وثيقة الأمن القومي الأمريكي، وتتضمن ضرورة قيام الولايات المتحدة باتباع استراتيجية إقليمية شاملة لمواجهة إيران. (31/2/1397، Farsnews)
ـ جون آلن، الرئيس الجديد لمعهد بروكينغز، طرح خارطة طريق لمواجهة إيران في أربعة محاور إقليمية، الخليج الفارسي، العراق، سورية، الأردن. خطوة عسكرية في الخليج الفارسي مع المحافظة على وجود عسكري أمريكي و المحافظة على إسرائيل، خطوة عسكرية و مالية في العراق مع المحافظة على وجود عسكري طويل الأمد لبلورة النسخة الثانية من داعش! و الحدّ من نفوذ إيران، و خطوة مالية و عسكرية في سورية تحت عنوان تقسيم المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، و خطوة مالية في الأردن لدعم الحكومة و التقليل من الآثار السلبية عليها. (21754 :10/8/1396،Tabyincenter.ir)
ـ کریم سجاد پور، مختصّ في معهد كارنيجي بمؤسسة هوفر اقتبس دروس الحرب الباردة في مواجهة روسية لتطبيقها على الحالة الإيرانية، معتقداً أنّ هامش المناورة للولايات المتحدة خلال العقود الأربعة الماضية لتغيير سلوك إيران و طبيعتها كان محدوداً، ثم نقل نموذج لتحجيم إيران من كتاب جون لويس ضمن العناوين الستّة التالية و التي تنطوي على رسائل مهمة:
ـ خلق إجماع عالمي و الاستفادة من القدرات الإقليمية لمواجهة التحركات الإيرانية؛
ـ إحداث شرخ في بناء القوة الإيرانية؛
ـ إجبار القيادة الإيرانية على تقديم المصالح الوطنية على الأيديولوجية الثورية؛
ـ مواجهة التوسع الإقليمي بالاستناد إلى مزيج الإرادة و القوة؛
ـ إحداث شرخ بين حلفاء إيران في المنطقة و اجتذابهم؛
ـ الاصطياد في العمق الإيراني بهدف تقديم المصالح الوطنية على الأيديولوجية الثورية عبر مزيج «الأخبار و التعاطي» (22726:22/9/1396 ،Tabyincenter.ir)
ـ في مقالة لمايكل نايت من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط ذكر فيها أنّ النفوذ الإقليمي الواسع و الاستعانة بقوات بالوكالة هما العاملان المؤثران و المهمان في عملنة قوة إيران في مقابل الولايات المتحدة و تهديد مصالحها.
ويطرح مایکل نایت في هذه المقالة ستّة محاور للعمل في استراتيجية ترامب ضدّ إيران هي:
ـ منافسة إيران في الميادين الرئيسية و التعهد بالحدّ من نفوذ إيران و جماعات المقاومة؛
ـ تشكيل و تجديد التحالفات الدولية و دعم القوات المتحدة الأمريكية؛
ـ خلق هوة بين إيران و قواتها بالوكالة؛
ـ إغلاق طرق المواصلات بين إيران (الجسر البري) و العراق و سورية و لبنان؛
ـ رسم و تطبيق خطوط حمراء و موجعة لإيران (حملات متفرقة للكيان الصهيوني و تهديد أمريكي بشنّ الحملات)؛
ـ تعيين مسؤول لكبح الميليشات المدعومة من إيران و إجبارها على التراجع؛
 (783655 :17/7/1396،Mashreghnews.ir)
ـ کتب مایکل ماکوسکي من المعهد الیهودي للأمن القومي الأمریکي (jinsa) مقالة یقول فیها إنّ التطوّر الجیوسیاسي لإیران کان أهم و أخطر تحوّل في منطقة الشرق الأوسط في القرن الحالي، و رأی ضرورة تبنّي نموذج ریغان إزاء الاتحاد السوفیتي و اعتماد مقاربة هجومیة مع إیران، و توظیف القوی المناهضة لإیران و تمکینها من السیطرة علی المنطقة. و هذا العمل رهن بقبول هذا المفهوم و هو أن یعترف ترامب بأنّ حکومات العراق و سوریة و لبنان و الیمن غیر فاعلة و أنّ حدودهم الراهنة مسخرة لخدمة إیران، و من هنا ینبغي دفع هذه البلدان باتجاه نموذج «أنظمة کنترال ست» و تقسیمها علی أساس قومي أو عرقي أو دیني. (760238:10/10/1396 ،Tabnak.ir)

۷ـ العوامل المؤثّرة علی دور و قوة إیران الإقلیمیة
ربما أمکن تقدیم قائمة بالعوامل المؤثّرة و المعزّزة لدور و قوة إیران الإقلیمیة تتعلق بالمجالات الداخلیة و الإقلیمیة و الدولیة؛ غیر أنّنا نکتفي هنا بعرض الملخص الذي ذکره معهد المجلس الأطلسي و کما یلي:
ـ التراث الإمبراطوري، الإسلام الشیعي و القدرة علی تعبئة الإسلام، محاربة الإمبریالیة، السیاسات الداخلیة٬ الأمن الحکومي؛
ـ الجنرال سلیماني و قوة القدس، کخصوصية جذابة قیاساً بخصوم إیران في المنطقة؛
ـ التدخلات و السیاسات الأمریکیة في المنطقة (تحویل التهدیدات و المشاریع الأمریکیة المعادیة لإیران في المنطقة إلی فرص)؛
ـ القوی الوکیلة لإیران في المنطقة، بالتوازي مع استخدام القوات الإیرانیة النظامیة الرسمیة؛
ـ اکتساب النفوذ الإیراني في العراق صفة رسمیة بعد إدماج المقاتلین الشیعة الموالین لإیران في هذا البلد (الحشد الشعبي) في الأجهزة العسکریة و الأمنیة العراقیة؛
ـ التعاون المعلن و الشراکة الاستراتیجیة بین طهران و موسکو. (795044  :12/12/1396،Mashreghnews.ir)
طبعاً، تضاف إلی محاور معهد المجلس الأطلسي أعلاه، النقاط التالیة أیضاً: 
۱ـ قوة الردع الصاروخیة و التسلیحیة؛
۲ـ الأداء الناجح علی صعید السیاسات الإقلیمیة و ملفات حرکات التحرّر و السلوک البنّاء و الداعم للأمن المتمثّل في محاربة الإرهاب و العدوان؛
۳ـ هزیمة مشاریع و سیاسات الإرهاب و الغزو للولایات المتحدة و شرکائها الإقلیمیین؛
۴ـ اعتماد إیران لبارادیغم تحاوري في بسط نفوذها و قوتها في المحیط المجاور و علی نحوٍ مختلف عن فهم الغرب و شرکائه في بسط نفوذ الهیمنة و التسلّط، و یشکّل هذا البارادیغم العمود الفقري للقوة الناعمة لإیران.
الأمر الجدیر بالانتباه هنا هو أنّ جمیع المحاور أعلاه تندرج ضمن جدول الأعمال الخاص بالسیاسة الإقلیمیة للولایات المتحدة و شرکائها في المنطقة إزاء إیران، بینما تهیّئ التیارات المتغرّبة داخل البلاد و معها بعض وسائل الإعلام  مستلزمات النجاح للسیاسات الأمریکیة تحت عناوین النسخ الثانیة و الثالثة و ... للاتفاق النووي.


قراءة: 841