فصلنامه مطالعات سیاست خارجی تهران
 

برنامج الصواريخ الإيرانية، وأسلوب أمريكا الأمني

السيد مهدي حسيني متين
دكتوراه في العلاقات الدولية واستاذ جامعي وباحث في القضايا الدولية في وزارة الخارجية

الملخص
يعتبر أمن و بقاء أي كيان سياسي في ظل ظروف الفوضى هو الشاغل الأكثر أهمية بالنسبة له، ومن هنا تسعى الحكومات كعنصر فاعل في النظام الدولي إلى زيادة حجم قدرتها في إرساء الأمن. وكان برنامج الصواريخ الإيرانية الذي تمّ كرد فعل على التهديد الأمني ضد الجمهورية يحمل دائماً طابعاً دفاعياً ورادعاً منذ الحرب التي شنها العراق في ثمانينيات القرن المنصرم، أو على أقل التقادير هذا ما أعلنته كثيراً السلطات السياسية وردده المسؤولون في السلك الدفاعي للجمهورية الإسلامية. غير أن هذا البرنامج الصاروخي ومنذ انطلاقته واجه معارضة مستمرة من مختلف الحكومات التي تعاقبت على البيت الأبيض، وقد ازدادت حدة المواجهة والرفض في الوقت الراهن بالرغم من أن منظومة الصواريخ الإيرانية وبمدياتها الفعلية لايمكن أن تشكل تهديداً وجودياً للأمن القومي الأمريكي، بل وحتى من حيث حجم ترسانتها الصاروخية لا تستطيع إيران أن تشكل تهديداً للنظام الصهيوني كحليف وثيق للولايات المتحدة في المنطقة. والسؤال المهم المثار هنا هو: إذن، ما هو السبب الرئيسي لاستمرار المعارضة الأمريكية لهذه البرامج؟
يرى هذا المقال أن المقاربة الأمريكية تتفهم برنامج الصواريخ الإيرانية الإسلامية ضمن البرنامج النووي، وبالتالي يلعب دوراً مهماً في تغيير "توازن القوى" في المنطقة لصالح إيران وعلى حساب النظام الإسرائيلي الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة. ولأن استراتيجية الأمن القومي الأمريكية الخاصة بأمن الشرق الأوسط تعتمد على مبدأ "الحفاظ على التفوق الاستراتيجي" للنظام الصهيوني، فإن أي تغيير في التوازن لن يكون محتملاً بالنسبة للولايات المتحدة وسيؤدي إلى رد فعل عنيف؛ لذلك، فإن الفرضية الأساسية هنا هي أن الحفاظ على التفوق الاستراتيجي للنظام الصهيوني في إطار "توازن القوى" الإقليمي مع إيران هو السبب الرئيسي وراء معارضة الولايات المتحدة لبرنامج الصواريخ الإيراني. 
يحاول هذا التقرير تحليل هذه الفرضية من خلال دراسة ورصد تاريخ المواقف الأمريكية على هذا الصعيد.
الكلمات الأساسية:
النظام الصهيوني، أمريكا، الاستراتيجي، التفوق الاستراتيجي، الصواريخ، إيران، توازن القوى

 

 

خطة الدراسة الرئيسية
يعتبر أمن وبقاء أي كيان سياسي في ظل ظروف الفوضى هو الشاغل الأكثر أهمية بالنسبة له، ومن هنا تسعى الحكومات كعنصر فاعل في النظام الدولي المتبقي من فترة وستفاليا إلى زيادة حجم قدرتها في إرساء الأمن. ويمكن قراءة البرنامج الصاروخي الإيراني بالنظر إلى السياق الذي يقع فيه ضمن هذا الإطار المفاهيمي، فبرنامج إيران الصاروخي ومنذ انطلاقته في ثمانينيات القرن المنصرم وإبّان الحرب المفروضة عليها يحمل طابعاً سلمياً ولأغراض ردعية صرفة، وعلى أقل تقدير هذا ما صرح به كراراً كبار المسؤولين والساسة في الجمهورية الإسلامية.1 غير أن الساسة الأمريكان اتخذوا ومنذ الأيام الأولى لانطلاقة هذا البرنامج موقفاً مضاداً واعتمدوا سياسة معارضة له طيلة الفترة المنصرمة، وقد اشتد ذلك في السنتين الأخيرتين بل في الأشهر الأخيرة وصدرت منهم ردود فعل عنيفة تختلف عن سابقاتها رفضاً للتجارب الصاروخية الإيرانية. وقد تكثف ذلك في الوضع الحالي أيضًا حيث بلغت ذروة هذه التدابير المضادة في الجلسة الاستثنائية لمجلس الأمن في ديسمبر 2018 بناءً على طلب الولايات المتحدة وبرئاسة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو 2محاولة بذلك إضفاء صبغة عسكرية على البرنامج الإيراني واعتباره عامل تهديد للسلام والأمن الدوليين.
ملخص لمواقف الولايات المتحدة وردود فعلها تجاه التجارب الصاروخية لجمهورية إيران الإسلامية، بما في ذلك عرض القضية على مجلس الأمن وفرض عقوبات أحادية الجانب على إيران والدول والشركات الاجنبية المتعاونة مع إيران فی هذا المجال، ونظراً لطبيعة البرنامج الصاروخي السلمي والخطط الدفاعية للبلاد، يثار السؤال التالي: بأنه على الرغم من أن برامج الأسلحة والصواريخ الإيرانية ونظراً للفاصلة الجغرافية البعيدة بين إيران وأميركيا من جهة وقصر مديات الصواريخ الإيرانية من جهة أخرى فإنها لا تشكل تهديداً وجودياً للولايات المتحدة، بل وحتى من ناحية الترسانة الصاروخية الإيرانية ( فان إيران لا تمتلك الكمية اللازمة لتدمير دولة وقوة إسرائيل الدفاعية) ولا تشكل تهديداً للنظام الصهيوني كحليف وثيق للولايات المتحدة في المنطقة3 فكيف يمكن تفسير هذا النوع من رد الفعل الأمريكي الحاد؟ 
هل هذا الموقف الأمریکي نشاط مبتکر أم له جذور وسوابق تاريخية؟ وما هو السبب الرئيسي الكامن وراء معارضة الولايات المتحدة لبرنامج الصواريخ الإيرانية؟
نظراً لأن تصرفات الكيانات السياسية ضد مختلف الأحداث والظواهر الأمنية هي في الواقع تمثل رد فعل على تصورهم للتهديد الذي يشعرون به من تلك الأحداث، من هنا نرى من الضروري أن يتم فهم الرد الأمريكي تجاه البرنامج الصاروخي الإيراني في هذا السياق أيضًا. فقد كان هذا البرنامج محطّ اهتمام مسؤولي الأمن القومي الأمريكي منذ البداية حيث شعرت الولايات المتحدة بالتهديد منه، رغم انه لم‌يكن يومًا ما يمثل تهديدًا وجوديا لها أو حتى لحلفائها المقربين کالنظام الإسرائيلي4. ومن الواضح ان الولايات المتحدة تنظر إلى برنامج الصواريخ الإيرانية ضمن البرنامج النووي، وبالتالي وحسب الرؤية الأمريكية فإنها تراه يلعب دوراً مهماً في تغيير "توازن القوى" في المنطقة لصالح إيران وعلى حساب النظام الإسرائيلي الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة. ولأن استراتيجية الأمن القومي الأمريكية الخاصة بأمن الشرق الأوسط تعتمد على مبدأ "الحفاظ على التفوق الاستراتيجي" للنظام الصهيوني، فإن أي تغيير في التوازن لن يكون محتملاً بالنسبة للولايات المتحدة وسيؤدي إلى رد فعل عنيف. أو بتعبير أدق، ما تشير إليه وثائق الدفاع والأمن الوطنية الأمريكية من اعتماد سياسة "التفوق العسكري للنظام الصهيوني"5 من قبل الولايات المتحدة، لذلك لن يتم التسامح مع أي تغيير في هذا التوازن. وقد تم تجسيد هذا المبدأ في استراتيجية الأمن القومي الأمريكية منذ رئاسة ليندون جونسون واستمر حتى يومنا هذا6. فقد جاء في ورقة استراتيجية الأمن القومي الأمريكية لعام 2017م: "نحن نعتبر وجودنا العسكري في المنطقة ضروريًا لحماية أمريكا وحلفائنا من الهجمات الإرهابية والحفاظ على توازن القوى الإقليمي ... ونمد يد العون لشركائنا لتحقيق الدفاع الصاروخي والعملياتي وتعزيز القدرات الأخرى للدفاع عن أنفسهم بشكل أفضل يمكنهم من التصدي لتهديدات الصواريخ النشطة التي تواجههم ونعمل معهم على إحباط حركات إيران المدمرة في المنطقة".7  لذلك تشير هذه الدلائل إلى أن الحفاظ على توازن القوى الإقليمي مع تفوق إسرائيل دائماً هو استراتيجية حيوية للولايات المتحدة وأنها لا تسمح بوجود لاعب آخر في المنطقة ينافس إسرائيل. 
من هنا، فإن الفرضية الرئيسية لهذه الدراسة هي أن الحفاظ على التفوق الاستراتيجي للنظام الصهيوني في إطار "توازن القوى" مع إيران هو السبب الرئيسي للولايات المتحدة لمعارضة برنامج الصواريخ الإيراني. ومن هنا سنقوم بتسليط الأضواء ودراسة هذه الفرضية بإبعاد مختلفة ورصد رد فعل الولايات المتحدة المتمثلة بعقد اتفاق شامل للبرنامجين النووي والصاروخي8، والتوقعات المستقبلية لمستقبل النهج الأمريكي قبال هذا الموضوع.
* الأساس النظري للدراسة
يستخدم مفهوم "توازن القوى" في أدبيات العلاقات الدولية عموماً لتقييم ظروف توزيع القوة بين اثنين أو أكثر من الجهات الرئيسية الفاعلة عالمياً أو إقليمياً9. وبمعنى أوضح، يركز التوازن عموماً على موقف محدد وعلى التوازن بين القدرات الدولية، معطوفاً في الواقع على نتيجة الأنشطة التي تم تنفيذها لتحقيق التوازن.10 وعادة ما تحاول الجهات الفاعلة الحكومية والجهات الفاعلة كأعضاء رئيسيين في النظام الدولي الوريث لعصر وستفاليا (1648) الوصول لإعادة تعديل الموازنة من خلال طريقتين: اللجوء إلى التدابير المحلية كالتطورات العلمية والصناعية؛ أو الإجراءات الخارجية من قبيل إقامة الاتحادات والتحالفات مع القوى الأخرى بمعنى آخر. وتحاول بلدان مختلفة اتباع إحدى هاتين الطريقتين من أجل تغيير التوازن لصالحهم وعلى حساب اللاعبين الدوليين أو القوى المنافسة. لذلك، تفضل بعض البلدان السعي لتحقيق توازن في القوة من خلال اعتماد مختلف التدابير العسكرية والأمنية على الصعيد الدولي، وعن طريق إقامة الاتحادات والتحالفات والتعاون العسكري والأمني بين البلدان. ولطالما اعتبرت المذاهب المختلفة للرؤساء الأمريكيين على مدار العقود الماضية الأمن الإسرائيلي هدفاً والتزاماً استراتيجيين للولايات المتحدة. ويرى صانعوالقرار في حكومات الولايات المتحدة الأمريكية من الديمقراطيين والجمهوريين أن النظام الإسرائيلي حليف طبيعي للبلاد، بل يرتقي إلى أكثر من شريك استراتيجي. بل ذهب دنيس روس (مستشار العديد من رؤساء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط) إلى القول بأن إسرائيل حليف طبيعي، وليست شريكاً استراتيجياً، لأنها تشترك مع الولايات المتحدة بالقيم الثقافية والاجتماعية والمعتقدات والأهداف السياسية والأمنية والاقتصادية، في الوقت الذي نرى فيه الحليف الاستراتيجي قد لا يرتقي إلى هذا المستوى، وانما يلتقي مع أمريكا بمجموعة من الأهداف الأمنية أو الاقتصادية فقط، ولفترة زمنية معينة.
وعلى هذا، برز مبدأ أساسي للسياسة الخارجية الأمريكية والأمن القومي تم تناوله بشكل أو بآخر من قبل جميع رجال الدولة في الولايات المتحدة، ويستند هذا المبدأ الأساسي إلى افتراض أن "إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي يوثق بها، والدولة الوحيدة ذات النظام الليبرالي في الشرق الأوسط، وبالتالي فإن الحفاظ على بقائها يعدّ من بين المصالح الحيوية للولايات المتحدة".11 وبالتالي فإن النتيجة الطبيعية لهذا الوضع هو إن بقاء النظام الإسرائيلي في هذه المنطقة الحساسة والعدائية والمهددة لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الحفاظ على تفوقها العسكري، ولا ينبغي تقويض هذا التفوق بحال من الأحوال. ويصار إلى تطبيق هذا المبدأ بشكل ملموس وواقعي بأن تمتلك إسرائيل القدرة على مهاجمة عدوها وعلى الأقل لمنع الاعتداء عليها وأن تكون الأولى بحجم أسلحتها (بما في ذلك الطائرات الحربية والمدفعية والدبابات والمعدات والصواريخ) التي تتفوق بشكل ملحوظ على جيرانها. لذلك، ووفقاً لهذا المبدأ الحديدي الدائم في وثائق ومستندات الولايات المتحدة الأولية، إن "حياة إسرائيل وبقاءها لا يتم توفيرهما إلا عندما تمتلك اسرائيل تفوقا عسكرياً على أعدائها".12 ويعني التفوق النوعي أيضاً تفوقاً ملحوظاً في كمية ونوعية الأسلحة التقليدية مقارنة بما يملكه المنافسون الإقليميون13. ويتطلب هذا التفوق العسكري أيضاً تقديم مساعدة عسكرية ومبيعات أسلحة من جهة، وإمكانية التدخل المباشر لمواجهة الأعداء الفعليين والمحتملين للنظام الإسرائيلي من ناحية أخرى.  وقد تمثل ذلك بوضوح مؤخراً في صفقة الأسلحة التي أبرمت في عهد الرئيس باراك أوباما بين الجانبين الأمريكي والصهيوني عام 2016م ولمدة عشر سنوات وبقيمة 38 مليار دولار، والتي اعتبرت حينها أكبر صفقة في تاريخ البلدين 14. وهكذا، نرى خلال سبعة عقود من عمر النظام الصهيوني في المنطقة أن السياسة الخارجية الأمريكية وبحقب متتالية قائمة على أساس المبدأ الرئيسي المتمثل في الحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة. ومن الواضح أنه في الوضع الراهن يعنى بهذا التفوق الحفاظ على التقدم الإسرائيلي وإبقاء الوضع لصالح إسرائيل قبال إيران، باعتبار أن الحلفاء العرب للولايات المتحدة الأمريكية الآخرين في المنطقة لم يعودوا يشكلون تهديداً لإسرائيل منذ أكثر من عقد. ومن هنا يمكن قراءة تصاعد ردود الفعل الأمريكية على الأنشطة والتطورات العسكرية الإيرانية في السنوات الأخيرة، وإدراجها تحت هذه المظلة، بل رفضت الولايات المتحدة حتى تسليم حلفائها الآخرين والاستراتيجيين في المنطقة أسلحة تقليدية رافضة منح حلفائها الاستراتيجيين أدنى ميزة ملموسة مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على حساب إسرائيل. ومن أجل تجنب إلحاق أدنى ضرر بهذا المبدأ الحديدي وعدم القلق بشأن أمن إسرائيل.
* الخلفية التاريخية للمعارضة الأمريكية لبرنامج الصواريخ الإيرانية
على الرغم من أن بعض المصادر الأمريكية ترجع تاريخ برنامج الصواريخ الإيرانية إلى حقبة حكم الشاه والاتفاق الإيراني الإسرائيلي (1977م) المبرم لإنتاج صواريخ قصيرة المدى (والموسوم بمشروع گل- Flower)، ولكن التقارير الصادرة عن مركز أبحاث الكونجرس الأمريكي ترجع بتاريخ برنامج الصواريخ الإيرانية إلى أواخر السبعينيات وانتصار الثورة، ثم حقبة الثمانينات والحرب الإيرانية العراقية.15 ومع ذلك، فإن الأدلة المتوفرة تشير إلى أن برنامج الصواريخ الإيرانية وخاصة الصواريخ البالستية بعيدة المدى منها، كان محور اهتمام الحكومة الأمريكية والكونجرس منذ أوائل التسعينيات على الأقل، فقد جاء في تقرير صادر عن مؤسسة هریتیج في 9 مارس 1994 والخاص ببرنامج الصواريخ الإيراني: "لقد اشترت إيران مئات الصواريخ طويلة المدى وتكنولوجيا الإنتاج من كوريا الشمالية والصين، وبحلول عام 1992م، كانت طهران قد اشترت 300 صاروخ Scod-B أرض-أرض 185 ميل (300 كيلومتر) وعدداً لا يحصى من صواريخ Scud-C المتقدمة من روسيا التي يبلغ مداها حوالي 370 ميلا (600 كيلومتر) فاصبحت إيران بامتلاكها لهذه الصواريخ قادرة على استهداف جميع دول الخليج الفارسي".16 وقد ظلّ الهيكل السياسي في واشنطن ينظر ولسنوات عديدة إلى البرنامج النووي وعلاقته بقدرات إيران العسكرية والصاروخية نظرة ارتياب معتبراً ذلك يمثل تهديدا لأمنها وأمن حلفائها.17 بمعنى آخر، يرى مسؤولو السياسة الخارجية للولايات المتحدة أن برنامج الصواريخ الإيرانية مكمل لبرنامجها النووي؛ لهذا السبب، كان برنامج الصواريخ أحد الموضوعات الرئيسية لمفاوضات الولايات المتحدة 5 + 1 مع إيران وقد إصر المفاوض الإيراني على الفصل بين البرنامجين وإنه لاعلاقة لبرنامج الصواريخ مع البرنامج النووي وبهذا تم إخراجه من جدول الأعمال. علماً ان بعض وكالات الدفاع الأمريكية مثل وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية قد اقرت بالطبيعة الدفاعية والرادعة للاستراتيجية العسكرية الرئيسية لإيران، قائلة: لا تزال الاستراتيجية العسكرية الإيرانية تركز على الردع، وعلى الدفاع عند الضرورة وإذا لزم الأمر".18 لكن على الرغم من هذا نرى الولايات المتحدة تنظر بشكل آخر للقضية وتصر على الربط بين البرنامجين الصاروخي والنووي الإيرانيين وان إيران تسعى من خلال التزامن في بناء البرنامجين لتشييد وإطلاق سلاح نووي من شأنه أن يغير ميزان القوى في نهاية المطاف على حساب النظام الإسرائيلي ويهدد تفوقها على هذا الصعيد. ويشهد على ذلك تقييم المخابرات الأمريكية للتهديدات العالمية التي تنشرها سنويا وكالات الاستخبارات البالغ عددها 16وكالة، فقد جاء في أحدث تقرير لهذه المؤسسات في عام 2017م:
" إذا قررت إيران صنع سلاح نووي، فإن استخدام تكنولوجيا إطلاق الصواريخ الباليستية هو الطريقة الأكثر تحديداً لاستخدامها. ويعتقد كاتب التقرير أن صواريخ إيران الباليستية قادرة على إطلاق أسلحة دمار شامل وأن طهران تمتلك أكبر ترسانة من الصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط، ومن المرجح أن تكون رغبة طهران في الردع ضد الولايات المتحدة قد دفعتها إلى تصنيع وامتلاك الصواريخ القارية بعيدة المدى." 19
لكن الدراسات الاستقصائية تظهر أن التقييم الأمريكي هذا أخذ يتكرر منذ التسعينيات من القرن المنصرم على الأقل. لذلك لم تكن المعارضة الأمريكية لبرنامج الصواريخ الإيراني وليدة الساعة بل تمتد بجذورها إلى تلك الحقبة وخاصة في أواخر الثمانينيات، حيث حظي هذا البرامج بمزيد من الاهتمام والمتابعة والرصد من قبل الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه كان تهديد إيران الصاروخي للأراضي الأمريكية من بين القضايا التي أضيفت تدريجياً إلى هذه التقييمات. غير أن التركيز كان منصباً في ذلك الوقت على شهاب 3 (الذي يتراوح مداه ما بين 800 و 930 ميلاً) وفي وقت لاحق شمل التقرير الحديث عن شهاب 4 (1240 ميلاً) حيث كانت إيران قد اختبرت وللمرة الأولى شهاب 3 في أغسطس 1998م، على غرار صاروخ نودونج الكوري الشمالي، والذي يطال بمداه إسرائيل. يقول رئيس وكالة المخابرات المركزية جورج تينيت في اجتماع لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ في 28 يناير 1998م: "من المحتمل أن يكون لدى إيران صواريخ قادرة على استهداف إسرائيل والسعودية في وقت لا يتجاوز العشر سنوات ... وأيضًا، يبدو أن إيران تعمل على صنع صواريخ طويلة المدى لا تعني من الناحية الاستراتيجية غير استهداف الأراضي الأمريكية". 20
لكن وللمرة الأولى21 في سبتمبر عام م 1999، أعرب مجلس الاستخبارات القومي الأمريكي رسمياً عن قلقه إزاء التهديد الذي تشكله الصواريخ الإيرانية القارية، حيث جاء فيه: "من المحتمل أن تكون إيران قادرة على اختبار صاروخ قاري في أقل من عقد من الزمن باستخدام التكنولوجيا الروسية."22 كذلك يشير تقرير المجلس لعام 2001م أيضًا إلى أن من المحتمل أن تمتلك إيران صاروخًا قاريًا مع حلول العام 2015م.
وعلى هذا المنوال صرح روبرت والبول وهو مسؤول رفيع المستوى بالمخابرات القومية الأمريكية في سبتمبر عام 2000م، وذلك خلال اجتماع للجنة الأمن القومي التابعة للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بشأن تهديد إيران الصاروخي للأرض الأمريكية، قائلاً: "يعتقد البعض أن إيران ستكون على الأرجح قادرة في السنوات القليلة المقبلة على اختبار صواريخ قارية من نوع تايبو دونغ الكورية الصنع ... ومن المرجح أن تختبر إيران صاروخاً فضائياً قبل عام 2010م ، ويمكن لإيران أن تستخدم هذا الصاروخ بعد ذلك في تهديد الولايات الأمريكية".23 
انطلاقاً مما مرّ يتضح تقريباً بأن برامج الصواريخ الإيرانية، بما في ذلك الصواريخ بعيدة المدى والصواريخ الباليستية، ليست جديداً على الولايات المتحدة، وتعود على الأقل إلى حقبة الحرب التي شنها النظام العراقي في الثمانينات ضد الجمهورية الإسلامية، وكانت أخطر مساعي الولايات المتحدة لرصد هذا الأمر تعود إلى التسعينيات من القرن المنصرم عندما تم إقرار مجموعة القوانين والموافقة عليها في الكونجرس الأمريكي، بما في ذلك تشكيل لجنة الصواريخ طويلة الأمد باقتراح من دونالد رامسفيلد، وتم تكليف اللجنة التي لا تزال قائمة بمراقبة تطوير الصواريخ بعيدة المدى في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك النشاط الصاروخي الإيراني. ولكن في أعقاب الاتفاق النووي الذي أبرم بين إيران ودول خمسة زائد واحد، تم فصل برنامج الصواريخ تماماً عن القضية النووية، ولكن مع ذلك نرى الولايات المتحدة تؤكد مرة أخرى على هذا البرامج وخاصة الصواريخ بعيدة المدى في إيران وعاد هذا البرنامج مجدداً ليكون محور اهتمام الدوائر السياسية والفكرية الأمريكية.
من ناحية أخرى، وعلى الرغم من وجود تقرير سنوي للبنتاغون صادر عام 2002م حول تهديد أسلحة الدمار الشامل الأمريكية في جميع أنحاء العالم، فقد أقر الكونغرس الأمريكي في عام 2010م قانون العقوبات الشامل لإيران الموسوم بـ CISADA والصادر عن الحكومة الأمريكية يطالب فيه جميع الإدارات ذات الصلة بتقديم تقرير دوري بل يومي إلى الكونغرس حول تهديد أسلحة الدمار الشامل الإيرانية بما في ذلك صواريخها بعيدة المدى، وتم تقديم التقرير الأول وتقدميه إلى الكونغرس الأمريكي في ذلك العام استناداً إلى ما جاء في التقارير الصادرة عامي 2002 و 2010م.
فقد جاء في تقرير عام 2010م الموجود على موقع البنتاغون بعنوان "تقرير الدفاع الصاروخي البعيد المدى"24 عن برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية، ما يلي:
 "على الرغم من أن إيران لم تعلن رسمياً عن عزمها بناء صاروخ من طراز ICBM، إلا أنها تواصل بذل جهودها للحصول على صواريخ بعيدة المدى، ففي عام 2008م، اختبرت إيران الصاروخ الفضائي سفير وفي 2009م تمكنت اختبار سفير 2 لإطلاق القمر الصناعي أميد (الأمل) إلى الفضاء."25 وأضاف التقرير المذكور:
 " تشكل إيران تهديداً صاروخياً كبيراً في المنطقة وإن صواريخها بعيدة المدى قادرة على ضرب القوات الأمريكية في المنطقة، وشركاء وحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية ... وإن إيران لديها برنامج لإنتاج الصواريخ واسع النطاق، وقد استفادت سابقاً من المساعدات الروسية والصينية والكورية الشمالية في هذا المجال. "26
منذ ذلك الحين، صار شبه المتعارف في جميع التقارير التي صدرت عن "تقييم التهديد العالمي ضد أمريكا" الذي تنشره سنويا وكالات الاستخبارات الـ 16، وفي التقرير المنفصل الذي تنشره وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية، التأكيد على امتلاك إيران أكبر ترسانة صاروخية في الشرق الأوسط (خاصة الصواريخ البالستية) والتي تشكل تهديداً للقوات الأمريكية في المنطقة وحلفاء وأصدقاء أمريكا وأوروبا الشرقية. حيث نجد على سبيل المثال في أحدث تقرير لتقييم التهديدات العالمية لعام 2015م تصريحاً واضحاً في التقرير الذي قدم إلى الكونغرس في فبراير 2016م من قبل مدير المخابرات الوطنية الأمريكية جيمس كلابر لرأي المنظمة فيما يتعلق بإيران، جاء فيه: " رأينا أن إيران تفضل الصواريخ الباليستية إذا اختارت طهران سلاحاً نووياً، وصواريخ إيران بعيدة المدى تمتلك المواصفات الذاتية التي تؤهلها على إطلاق أسلحة دمار شامل، وإن طهران تملك أكبر ترسانة بعيدة المدى من الصواريخ في الشرق الأوسط، وتقدّم إيران في مجال الصواريخ الفضائية - إلى جانب رغبتها في ردع الولايات المتحدة وحلفائها – يوفر لها الأدوات والحوافز اللازمة لإنتاج صواريخ باليستية طويلة المدى من طراز ICBM".27
يشير التقرير أيضًا إلى التجارب الصاروخية الإيرانية الأخيرة، بما في ذلك صاروخ عماد، وق: "بعد أسبوع واحد من إبرام الاتفاق النووي (براجام) أجرت إيران تجربة صاروخ باليستي جديد باسم عماد أكثر دقة وأطول مدى."28
كذلك، صرح الجنرال فنسنت ستيوارت رئيس وكالة الاستخبارات الدفاعية في البنتاغون، الذي حضر الاجتماع مع كلابر، في تقرير رفعه إلى الكونغرس الأمريكي في فبراير 2016م بان: "صواريخ إيران البالستية قادرة على ضرب أهدافها في جميع أنحاء المنطقة إلى جنوب شرق أوروبا، ومن المرجح أن تواصل إيران إنتاج صواريخ أكثر تطوراً وبدقة أكبر ونطاق أوسع وكثافة تدميرية أشد، وستواصل مسيرها غير معتنية بالاتفاق المبرم (البرجام) وأثبتت إيران أنها تعتزم إطلاق الصاروخ الفضائي "سيمورغ"، والذي يمكن أن يتحول صاروخاً باليستياً قارياً، ومن المرجح أن يطلق الصاروخ في عام 2016."
ومع ذلك، تشير كل من هذه التقارير والتقارير السنوية من مراكز الفكر والرأي في الولايات المتحدة إلى أنه على الرغم من امتلاك إسرائيل لصواريخ باليستية أكثر قدرة، إلا أن إيران تمتلك أكبر عدد من ترسانات الصواريخ بعيدة المدى في الشرق الأوسط.
ثم ان الولايات المتحدة قامت ولأول مرة وعلى الرغم من اعتراض كل من روسيا والصين وبعض أعضاء الاتحاد الأوروبي تحت ذريعة الخشية من قدرات الصواريخ الإيرانية، بالإضافة إلى تهديدات كوريا الشمالية والمخاوف الاستراتيجية للولايات المتحدة بشأن أمن الولايات المتحدة والحلفاء برصد ميزانية تبلغ ستين مليار دولار لتعزيز برنامج الدفاع الصاروخي الوطني.29
كذلك قررت الولایات المتحدة الأمريكية خلال عامي 2000 و 2010م نشر نظامين للدفاع الصاروخي في القارة الأوروبية (بولندا وجمهورية التشيك) وآخر في دول الخليج الفارسي لمواجهة برنامج الصواريخ لكل من إيران وكوريا الشمالية.
كانت الهواجس والمخاوف بشأن الصواريخ الإيرانية والبرامج النووية في العقود الماضية تمثل محور البنية السياسية والأمنية لواشنطن، بل أصبحت موضوعًا مهمًا في مؤسسات الفكر والرأي والمؤسسات البحثية الأمريكية. النقطة المهمة من الناحية النظرية هي إن المفكرين والخبراء الاستراتيجيين الواقعيين في الولايات المتحدة يشعرون بالتهديد والقلق بشأن القدرات النووية الإيرانية بشكل أكثر جوهرية، مدعين بأن الهدف الإيراني الكبير والاستراتيجي هو التغيير في النظام الموجود في الساحة الدولية وتبديل موازين القوى. فعلى سبيل المثال كتب هنري كيسنجر في عام 2015م على وجه التحديد حول جهود إيران لتحقيق القدرة النووية:
"لا تفكر حكومة الآيات (رجال الدين)، في مواجهتا مع الغرب بمنح الامتيازات العلمية والتقنية أو صيغ التفاوض، بل يفكرون بماهية و طبيعة النظام العالمي".30
وقد أصر بعد الاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة خمسة زائد واحد على" أن مستقبل العلاقات الإيرانية الأمريكية - على الأقل في المدى القصير - سيعتمد على حل المسائل التقنيّة العسكرية، فقد تكون إيران في هذه الأشهر والأيام القليلة قادرة على تحقيق تغيير تاريخي في ميزان القوى العسكرية والنفسية، ويكمن في قلب التقدم العلمي والتكنولوجي في إيران هاجس تغيير النظام الدولي".31 ومن هنا يظهر أن كيسنجر باعتباره أحد الممثلين الرئيسيين للواقعيين الهيكليين في واشنطن ينظر إلى إيران على أنها تسعى لإحداث تغيير في ميزان القوى العالمية والنظام الدولي فضلاً عن ميزان القوى الإقليمي. وهذا التصور متأصل بعمق لدى المفكرين ذوي التوجه الاستراتيجي في الولايات المتحدة لكلا الطرفين، ويتم طرحه والتأكيد عليه من قبل كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي وفي جميع مناقشات الكونغرس الخاصة بالشأن الإيراني وبرامجها الصاروخية والنووية.32
وفقاً لمعظم المنظرين والمسؤولين الأمريكيين، إن أي تغيير في القدرات النووية والصاروخية لإيران يعني حدوث تحول في ميزان القوى الإقليمية، وإن أمن النظام الصهيوني (والحفاظ على تفوقه العسكري) يقع في طليعة اهتمامات الأمريكيين مضافاً إلى أمن الحلفاء العرب والقوات العسكرية المتمركزة في المنطقة. ومن الواضح أن هناك مجموعة من الحجج والمتغيرات الأخرى المتعلقة بمعارضة البرنامج النووي الإيراني يمكن أن تسهم في الآثار الطويلة الأجل والقصيرة المدى لتغيير المعادلات الإقليمية.
فعلى سبيل المثال هناك مجموعة من الأسباب الداعية إلى معارضة الولايات المتحدة للبرنامج الإيراني من قبيل رفض نقل التكنولوجيا المتقدمة إلى دول نامية ومستقلة مثل إيران، وإضفاء الشرعية على النظام السياسي للدولة المعادية، والدور المستقل للنظام الصهيوني وسياسته الداخلية، والمخاوف بشأن الانتشار النووي وفشل أنظمة عدم الانتشار مثل NPT، إلخ. ما ذكر يمثل بعض المتغيرات مضافاً إلى المتغير الرئيسي. لذلك، ووفقاً لما مرّ تذهب هذه المقالة إلى القول بان الهيكل السياسي للولايات المتحدة يؤمن بأن أي امتلاك إيراني للتكنولوجيا العسكرية والنووية، وخاصة القدرة الصاروخية سيعني تغييراً في الظروف الحالية لتوزيع القدرة في المنطقة، مما قد يؤدي إلى تفوق إيران المطلق وبالتالي حدوث مجموعة من النتائج والمتغيرات والعواقب، من قبيل:
- اهتزاز مقولة التفوق العسكري النوعي للنظام الإسرائيلي (QME) والذي يمثل بدأً رئيسياً لسياسة الولايات المتحدة الخارجية في الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الثانية وبالنتيجة تعرض الأمن الإسرائيلي للخطر.
- تعرض حلفاء الولايات المتحدة الإقليميون في الخليج الفارسي للتهديد من قبل إيران، بل قد يطال التهديد حسب الزعم الأمريكي أراضي تلك الدولة؛ باعتبار أن هذا يمثل أحد أهداف إيران الساعية إلى الهيمنة وفقاً للفكرة المتجذرة في التاريخ والقومية الإيرانيين، وإن هذه الرؤية الإيرانية لا تزال قائمة وتنسجم مع الميول الدينية والمذهبية للثورة الإسلامية لخلق مزيج من القومية الدينية. ويعد هنري كيسنجر أحد الأقطاب التي تحمل مثل هذه الرؤية.
- نظرًا للطبيعة الإيديولوجية للنظام السياسي والطبقات القومية للسياسات الإقليمية لجمهورية إيران الإسلامية فإن لهيمنتها الإقليمية على المنطقة عواقب واسعة تهدد النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
- مع وصول إيران إلى تكنولوجيا الصواريخ إلى جانب التكنولوجيا النووية، وخاصة تلك الصواريخ القادرة على حمل رؤوس حربية نووية، سوف تتعرض إمكانية السيطرة الأمريكية على التوازنات الإقليمية والدولية إلى تحديات خطيرة.
* جوانب أخرى من تهديد برنامج الصواريخ الإيراني لمصالح الأمن القومي الأمريكي
إحدى القضايا المهمة التي يهتم بها الأمريكان بخصوص برنامج الصواريخ الإيراني هي التهديد الذي تشكله تلك الصواريخ لمصالح الأمن القومي الأمريكي. وبعبارة أخرى، في الوقت الذي نرى فيه برنامج الصواريخ الإيراني وبالنظر إلى قدراته التقنية ومدياته المحدودة، لا يمكن أن يشكل تهديداً خطيراً لأمن الأراضي الأمريكية الرئيسية، يثار السؤال عن سبب القلق الأمريكي المتزايد من ذلك البرنامج؟
بالنظر إلى اتساع نطاق برامج الصواريخ الإيرانية ومدياتها منذ أواخر التسعينيات إلى أوائل العقد الأول من القرن العشرين، تم أخذ هذه القضية على محمل الجد في تحليلات وتقييمات المسؤولين الأميركيين والنظر إليها كتهديد. وتشير بيانات وتقارير صادرة من مراكز أمريكية، إلى كون تلك التهديدات الرئيسية للحكومة الأمريكية تطال:
1) تهديد للقوات الأمريكية المتمركزة في المنطقة.
2) تهديد شركاء الولايات المتحدة وحلفائها بما في ذلك الدول العربية والنظام الإسرائيلي.
3) تهديد للحلفاء الأمريكيين في جنوب وشرق أوروبا.
4) أخيراً، تهديد الأراضي الأمريكية.
أشار تقرير البنتاغون حول الصواريخ البالستية الإيرانية والصادر عام 2010م إلى مخاطر وتهديدات الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى بالنحو التالي: "في الوقت الذي لاتمتلك فيه إيران وحتى الآن صواريخ من طراز ICBM جاهزة للنشر، إلا إن تهديد الصواريخ قصيرة المدى سريع للغاية، فإيران على سبيل المثال لديها مئات الصواريخ التي تهدد جيرانها، وهي تعمل بنشاط على تطوير صواريخ باليستية طويلة المدى يمكن أن تتجاوز جيرانها لتطال الأراضي الأوروبية، كما تشكل قدرة إيران تهديداً واضحاً وفورياً للقوات الميدانية الأمريكية وحلفائها وشركاء الولايات المتحدة الأمريكية"33. 
كذلك تم تكرار نفس القضية في ورقة استراتيجية الأمن القومي الأمريكية لعام 2015م والتي جاء فيها: "ستتركز جهودنا الدفاعية في الشرق الأوسط على مواجهة التطرّف وزعزعة الاستقرار، وبالإضافة إلى الحفاظ على التزاماتنا مع حلفائنا وشركائنا الإقليميين، وإن لدينا قلقاً خاصاً بشأن انتشار الصواريخ بعيدة المدى وأسلحة الدمار الشامل."34 ومن الواضح وفقاً لهذا التحليل أن الحكومة الأمريكية ترى الدولة الوحيدة التي تمتلك أكبر ترسانة صاروخية بعيدة المدى هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهذا أمر مثير للقلق بالنسبة إلى الجانب الأمريكي.
حدد وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر في آخر ظهور له في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في فبراير 2016 حول مخاوف الدفاع الأمريكية في النقاط الخمس التالية35: 1) تكنولوجيا الصواريخ بعيدة المدى، 2) تهريب الأسلحة، 3) ذهاب بعض البلدان لاستخدام الحرب بالوكالة، 4) أنشطة الألغام البحرية والغواصات، 5) الهجمات الإلكترونية والهجمات السيبرانية.
تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من دمج برامج الصواريخ في وثائق المعاهدات الدولية، ومع وجود مجموعة من الوثائق والأدلة الكثيرة في هذا الصدد، إلا أنه واستناداً إلى غالبية الوثائق والموافقات الدولية لا توجد وثيقة دولية ملزمة لمنع الدول من امتلاك قوة دفاعية من الصواريخ البالستية. بالنظر إلى أهمية هذه القضية نشير إلى بعضها. 
* أسباب تكثيف التحركات الأمريكية ضد برنامج الصواريخ الإيرانية بعد الاتفاق النووي (براجام)
بناءً على هذه التفسيرات، ووفقاً لبعض التحليلات، فإن مجموعة العناصر الثلاثة الإيديولوجية الجديدة والأسلحة الجديدة والصناعات المتقدمة ستدمر النظام الإقليمي، وإن الصواريخ تعد إحدى الأسلحة التي تحدث تأثيراً شديداً على النظام الإقليمي.36
لهذا السبب، ازدادت مخاوف الولايات المتحدة من قدرة جمهورية إيران الإسلامية على تغيير ميزان القوى في المنطقة.  ويبدو أن برنامج الصواريخ الإيرانية قد حظي باهتمام كبير من المسؤولين الأمريكيين في هذه الفترة بعد حادثين متصلين:
الأول: إبرام الاتفاق النووي (البرجام) والتفكيك بين الملفين النووي والصاروخي الإيرانيين.
الثاني: اختبارات الصواريخ الباليستية الإيرانية عقيب إبرام الاتفاق النووي وعدم وجود قيود على القرار 2219 (من أكتوبر ونوفمبر 2015)، ولا سيما اختبار الصواريخ طويلة المدى في شهر فبراير 2016م والذي كتب عليها "يجب محو إسرائيل من الوجود".
لكن ما يمكن طرحه كأسباب حقيقية لهذا النهج واهتمام أميركا بهذه القضية في هذه الفترة الأخيرة يختلف عن الأحداث والوقائع التي تمت الإشارة إليها، ويمكن الإشارة هنا إلى العوامل والمتغيرات التالية في هذا السياق:
1. قلق أمريكا المستمر والمتواصل على مدى العقود الماضية بشأن أمن القوات الأمريكية المنتشرة في المنطقة، وأمن حلفائها بما في ذلك إسرائيل، ذلك القلق الناتج من انتشار صواريخ إيران القصيرة والمتوسطة المدى
2. القلق الحقيقي حول أمن اراضي الولايات المتحدة من الصواريخ الباليستية الإيرانية بعيدة المدى، وبالنظر إلى التوقعات الاستراتيجية للبلاد لعامي 2015 و 2016م ، ولا سيما عندما تمتلك إيران هذه الأسلحة و الصواريخ القارية ولو واحداً منها على الأقل مع ارتقاء تقنياتها وزيادة دقة الإصابة لهذه الصواريخ وتطورها على مدار الأيام.
3. التفرغ من إبرام الاتفاق النووي (البرجام) عن الملف النووي الإيراني كأهم عنصر يرتبط بالبرنامج الصاروخي، واستثمار الفرصة للتوجه نحو بناء ترسانة صاروخية استراتيجية بعيدة المدى على مدى العقد المقبل، واستغلال فرصة الاتفاق وقرار مجلس الأمن رقم2231 برفع المراقبة الدولية والقيود المفروضة على إيران في هذا الخصوص. 
4. الضغوط التي تمارسها إسرائيل وحلفاء الأمريكان من الدول العربية، وخاصة المملكة العربية السعودية بالنسبة للتهديد الذي يشكله برنامج الصواريخ الإيراني كأداة قوية لإيران وتغيير ميزان القوى في المنطقة وتأكيد هؤلاء الحلفاء على ضرورة التزام أمريكا بتعهداتها المتمثلة بالحفاظ على أمنهم تجاه إيران إلى جانب المخاوف المتزايدة من ارتفاع وتيرة التعامل الإيراني الأمريكي.
5. المحافظون واللوبيات في الداخل الأمريكي الذين ركزوا على برامج الصواريخ الإيرانية كوسيلة لممارسة الضغط والتنافس مع الحكومة، واتخاذ ذلك كأداة لكسب ود الساسة الإسرائيليين واللوبيات الصهيونية، واعتماد ذلك ضمن دعايتهم السياسية.
6. تبرير نشر أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية في أوروبا والخليج الفارسي بالإضافة إلى تأجيج مخاوف الدول العربية في المنطقة وبيع أنظمة الدفاع الصاروخي لإسرائيل بدلاً من اعتماد استراتيجية نشر القوات العسكرية التي تكلف الميزانية الأمريكية تكاليف مالية باهظة فضلاً عن التكاليف الإنسانية الكبيرة للولايات المتحدة.
* الإستراتيجية الأمريكية لمعالجة هذه البرامج:
نظراً لما مرّ من عوامل وتزايد المخاوف الأمنية للولايات المتحدة في المنطقة بشأن برامج الصواريخ الإيرانية طويلة المدى، شرعت الولايات المتحدة في استراتيجية دفاع رادعة تشكل جزءاً من إستراتيجيتها للسياسة الخارجية متعددة الأطراف والتي تتمثل بـ "الاحتواء والعقوبات والردع" ضد إيران، واعتماد أبرز الخيارات التالية كوسيلة لمواجهة هذا التهديد والتي يمكن تصنيفها في البعدين الهجومي والدفاعي:
الأول: الجانب الدفاعي:
1. تعزيز منظومة الدفاع الصاروخي الأمريكي ضد تهديدات الصواريخ الإيرانية والكورية الشمالية على أراضي الولايات المتحدة ونشر صواريخ مضادة للصواريخ في فورت جريلي (ألاسكا) وقاعدة ويندينبرغ الجوية ( كاليفورنيا) كذلك نشر سلسلة ثانية من الغواصات سيلو في فورت جريل كقوة احتياط واسناد.
2. وضع استراتيجية متعددة المراحل تنسجم مع طبيعة التهديد37 لنشر أنظمة الدفاع الصاروخي مزودة بأجهزة استشعار جديدة لتحديد الهوية، في كل من أوروبا والدول الأعضاء في الناتو، وفي وقت لاحق في الشرق الأوسط لتحديد ونصب الصواريخ المضادة للصواريخ التي قد تطلقها إيران وغيرها من الأعداء المحتملين في الشرق الأوسط.
3. مواصلة التعاون مع كل من روسيا والصين في مجال الدفاع الصاروخي، فقد ركزت المفاوضات مع الروس على برنامج واسع يقوم على إنشاء نظام للإنذار الصاروخي المبكر، والتعاون التقني وحتى التشغيلي، لكن يبدو أنه لم يحدث تقدم كبير في هذا المجال حيث شكك الروس خاصة بعد الاتفاق النووي مع إيران في مشروعية ومصداقية أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية في أوروبا والخليج الفارسي.
4. زيادة الاستثمار في الإنتاج المستقبلي لصواريخ من نوع (SM-3) أكثر تطوراً وبتقنيات عالية في مواجهة التهديد المحتمل للصواريخ القارية ضد الولايات المتحدة، وزيادة الاستثمار في أنظمة استشعار متقدمة وذات قدرات كشف عالية القدرة على الانتشار في الفضاء وجيل جديد من أنظمة الدفاع الصاروخية الأرضية.
5. احرزت الولايات المتحدة أيضًا تقدماً في مجال صواريخ باتريوت، ورادارات AN / TPY-2 XBand والصواريخ البالستية، ومنظومة صواريخ ثاد، حيث أبرمت مجموعة من العقود لبيع ونشر هذه الصواريخ في دولة الإمارات العربية المتحدة وبعض الدول العربية المشاطئة للخليج الفارسي.
6. فيما يتعلق بالهيكل الإداري قامت الولايات المتحدة بإجراء تغييرات على مختلف قطاعات الاستخبارات والأمن والدفاع الأمريكية، وخاصة وزارة الدفاع الأمريكية38 رداً على التهديدات الجديدة، بما في ذلك تهديد الصواريخ بعيدة المدى، مما يزيد من دور الإدارة والقيادة التنفيذية للدفاع الصاروخي الأمريكي كأحد أكثر اقسام الرقابة والسيطرة متقدمة على سائر القطاعات الإدارية والفنية والدفاعية الأخرى. 
7. تعزيز القدرة الدفاعية والصاروخية الإسرائيلية وبيع الأسلحة الحديثة وزيادة المساعدات المالية والعسكرية السنوية للبلاد وابرام اتفاقية مع اسرائيل في هذا المجال وقعت بين الدولتين عام 2016م.
8. تعزيز التعاون الوثيق والمكثف مع حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين لتعزيز هياكل الردع الإقليمية ضد تهديد الصواريخ الإيرانية من خلال الحفاظ على المبادئ والقواعد الأساسية للعلاقات مع هذه البلدان وتوزيع المسؤوليات وجهات تامين فاتورة التكاليف.
الثاني: الجانب الهجومي:
في الجانب الهجومي، يتمثل الهدف الرئيسي للولايات المتحدة في مواجهة برنامج الصواريخ الإيراني كله؛ لأنهم يعتقدون بأن برامج الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى وارتباطها بالبرنامج النووي الإيراني تشكل تهديداً استراتيجياً للمصالح والأمن القومي الأمريكي، خاصة على صعيد تغيير ميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط البالغة الحساسية وغير المستقرة؛ لذلك تم في السنوات الماضية اتخاذ مجموعة من الخطوات والتدابير العدوانية:
1. محاولة تشكيل نوع من التوافق الوراء الحزبي والوطني بين الحكومة والكونغرس (عن طريق كل من الديمقراطيين والجمهوريين) لمواجهة تلك التهديدات الأمنية.
2. مراقبة وتتبع التطورات والتقدم الدقيق في تكنولوجيا الصواريخ وخاصة الصواريخ الإيرانية الباليستية بعيدة المدى، من خلال تحديد وتجميع المعلومات والتقارير البشرية والتقنية كجزء من تحديد نقاط القوة والضعف الإيرانية في هذه البرامج لمواجهته.
3. الاستثمار في مجال تصنيع جيل جديد من الصواريخ البالستية الأمريكية بعيدة المدى ضد الخطط الإيرانية ولمواجهة التهديد.
4. القيام بتدابير تخريبية مادية (فيزياوية) ورقمية وإلكترونية سايبرانية في هذه البرامج للحد من تقدم إيران في مجال الصواريخ.
5. تطبيق وتكثيف العقوبات الاقتصادية والاستثمارية والسياسية والدبلوماسية الأحادية الجانب ضد إيران لتقويض القدرة الوطنية لإيران لا سيما معاقبة الأفراد والشركات والمنظمات المشاركة في برنامج الصواريخ الإيراني والقيام بفرض عقوبات ثانوية (على غرار العقوبات ضد البرنامج النووي الإيراني).
6. السعي لشيطنة برنامج الصواريخ الإيراني وتحويله إلى تهديد أمني والتشكيك في شرعية هذه البرامج الدفاعية في المحافل الدولية كي يتسنى لهم إنشاء تحالف -على الأقل- من حلفاء الولايات المتحدة، لاستخدامه عند الضرورة في العمل الجماعي ضد إيران من قبيل فرض عقوبات متعددة الأطراف عليها (أو استخدامه كورقة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة).
* محصلة البحث:
على الرغم من كون مخاوف الولايات المتحدة وحلفائها بشأن الخطط الدفاعية المشروعة والعقلانية التي لا رجعة فيها لجمهورية إيران الإسلامية غير واقعية، والدور الأساسي لعدم الثقة الطويلة الأمد بين إيران والولايات المتحدة في هذا الصدد، فإنه يبدو بشكل عام بالنظر إلى المخاوف الأمريكية العميقة والاستراتيجية بشأن برنامج الصواريخ الإيرانية بعيد المدى وتأثيراته على القوى الإقليمية (مقابل التفوق الصهيوني) بل وربما الدولية (كما ذهب إلى ذلك كيسنجر)، فإن نهج الردع الأمريكي هو نهج متعدد الأوجه وطويل الأمد. وعلى الرغم من وجود بعض العوامل المتسارعة التي حصلت في العامين الماضيين قد زاد من قلق الولايات المتحدة وكثفت من ردود أفعالها، إلا أن مبدأ الخوف والقلق الأمريكي لا يعتبر مبدأً عارضاً قليل الأهمية لأن ذلك أدى إلى تشكيل نهج في الهيكل السياسي الأمريكي سوف تتبعه سياسات إجراء مقلقة ضد إيران.
الهوامش والمصادر
 
1 "شمخاني: البرنامج الصاروخي الإيراني يحمل طابعاً دفاعاً  "صحيفة اعتماد الاثنين 5/3/2018م، قارن ذلك مع مزاعم المسؤولين في بلدان اخرى تمتلك برامج صاروخية، مثل كوريا الشمالية والنظام الصهيوني الذين صرحاً مراراً وتكراراًً أن برامجهم الصاروخية تحمل طابعاً هجومياً، أو أن كوريا الشمالية التي صرح مسؤولوها بأن لديها برنامج لصنع أسلحة نووية ذات طابع عسكري. أنظر: راشيا تودي نقلاً عن وكالة الانباء الرسمية الكورية الشمالية في 13/ ديسمبر/ 2017م، وأنظر: - Paul K. Kerr، Steven A. Hildreth، Mary Beth D. Nikitin، Iran-North Korea-Syria Ballistic Missile and Nuclear Cooperation، CRS، (February 26، 2016)، Available at: https://fas.org/sgp/crs/nuke/R43480.pdf 
 
2 Emily Birnbaum،“UN Security Council to meet over Iran missile test”، the Hill، December 4، 2018، Available at: https://thehill.com/policy/defense/419654-un-security-council-to-meet-over-iran-missile-test
3  “Defense Primer: Ballistic Missile Defense”، Defense Focus، CRS، (December 12، 2016)، p.1، Available at: https://fas.org/sgp/crs/natsec/IF10541.pdf 
 
4 “Iran’s Ballistic Missile and Space Launch Programs”، In Focus، CRS، (August 1، 2018)، Available at: https://fas.org/sgp/crs/nuke/IF10938.pdf
5 Qualitative Military Edge (QME)
6 William Wunderle and Andre Briere ،“U.S. Foreign Policy and Israel’s Qualitative Military Edge The Need for a Common Vision “،Policy Focus، The Washington institute for Near East Policy، January 2008، Available at: https://www.washingtoninstitute.org/uploads/Documents/pubs/PolicyFocus80Final.pdf
7 See at: President Donald Trump the National Security Strategy of the United States of America، December 2017، p.50 
 
8 Joint Comprehensive Plan of Action (JCPOA)
9 للمزيد من الاطلاع على أسباب معارضة الولايات المتحدة الداخلية للبرنامج النووي السلمي لجمهورية إيران الإسلامية ، راجع مقالنا السابق، تحت عنوان " البنية والسياسة الخارجية: استكشاف جذور المعارضة للولايات المتحدة داخل أمريكا" ، مجلة طهران للسياسة الخارجية ، العدد 5 ، شتاء  1396شمسي
10 "Balancing in Neorealism"، Joseph Parent and Sebastian Rosato، International Security، Vol.40.No.2 (fall 2015)،p.51-86.
 
11 President George W. Bush، the National Security Strategy of the United States of America، March 2006، p. 5. available at: www.whitehouse.gov/nsc/ nss/2006/nss2006.pdf
12 William Wunderle and Andre Briere ،“U.S. Foreign Policy and Israel’s Qualitative Military Edge The Need for a Common Vision”، op.cit. ibid.
13 Ibid.
14 “U.S.، Israel sign $38 billion military aid package”، Reuters، (September 14، 2016)، available at:
https://www.reuters.com/article/us-usa-israel-statement/u-s-israel-sign-38-billion-military-aid-package-idUSKCN11K2CI
15 Steven Hildreth، “Iran’s Ballistic Missile Programs; An Over View”، CRS، (February 4، 2009)، p. 4، Available at: https://fas.org/sgp/crs/nuke/RS22758.pdf 
 
16 James Phillips، Containing Iran، the Heritage Foundation، (March 9، 1994)، p.1. available at: https://www.heritage.org/middle-east/report/containing-iran
 
17 للمزيد من الاطلاع، راجع مقالنا السابق، تحت عنوان " البنية والسياسة الخارجية: استكشاف جذور المعارضة للولايات المتحدة داخل أمريكا" ، مجلة طهران للسياسة الخارجية ، العدد 5 ، شتاء  1396شمسي
18  “STATEMENT FOR THE RECORD WORLDWIDE THREAT ASSESSMENT”، ARMED SERVICES COMMITTEE UNITED STATES SENATE، by Vincent R. Stewart، Lieutenant General، U.S. Marine Corps Director of Defense Intelligence Agency (23 May 2017)، p.19. available at: https://www.armed-services.senate.gov/imo/media/doc/Stewart_05-23-17.pdf
19 Daniel R. Coats، Director of National Intelligence،Worldwide Threat Assessment of the US Intelligence Community ، Senate Select Committee on Intelligence، (May 11،2017). https://www.dni.gov/files/documents/Newsroom/Testimonies/SSCI%20Unclassified%20SFR%20-%20Final.pdf
 
20 George J. Tenet، Director of Central Intelligence، statement before the Senate Select Committee on Intelligence ، Hearing on Current and Projected National Security Threat،( January 28، 1998)
http://avalon.law.yale.edu/20th_century/t_0018.asp
21 Kenneth Katzman، "Iran's Long Range Missile Capabilities"Commission to Assess the Ballistic Missile Threat to the United States"، CRS، (March 23، 1998)، available at: https://fas.org/irp/threat/missile/rumsfeld/pt2_katz.htm
22 National Intelligence Council، Foreign Missile Developments and the Ballistic Missile Threat to the United States Through 2015، (September 1999)، available at: https://www.dni.gov/files/documents/Foreign%20Missile%20Developments_1999.pdf
23  Bob Walpole، National Intelligence Council، Prepared Testimony before the Senate Governmental Affairs Committee Hearing: Iran's Arms Proliferation،(September 21، 2000)، available at: http://www.iranwatch.org/library/government/united-states/congress/hearings-prepared-statements/prepared-testimony-robert-walpole-senate-governmental-affairs-committee-hearing. ; also at: https://fas.org/irp/threat/missile/nie99msl.htm
24 Ballistic Missile Defense Review
 
25 “Ballistic Missile Defense Review” (February 2010)، available at: https://dod.defense.gov/Portals/1/features/defenseReviews/BMDR/BMDR_as_of_26JAN10_0630_for_web.pdf
26 Ibid
27 James R. Clapper، Director of National Intelligence council، Worldwide Threat Assessment of the US Intelligence Community ، Senate Select Committee on Intelligence، (February 9، 2016)، available at: https://www.dni.gov/files/documents/SASC_Unclassified_2016_ATA_SFR_FINAL.pdf
28 Ibid.
29 NMD.
30 Henry Kissinger، "World Order" ،Chapter 4: The United States and Iran: Approaches to Order، USA، NY: Penguin Books، 2014. P.159
 
31 Ibid، ibid.
32 Ibid، p.161.
33  “Ballistic Missile Defense Review” (February 2010)، available at: https://dod.defense.gov/Portals/1/features/defenseReviews/BMDR/BMDR_as_of_26JAN10_0630_for_web.pdf
34 President Barak H. Obama، the National Security Strategy of the United States of America، February 2015، p. 7، available at: https://obamawhitehouse.archives.gov/sites/default/files/docs/2015_national_security_strategy_2.pdf
35 SECRETARY OF DEFENSE ASH CARTER SUBMITTED STATEMENT TO THE SENATE ARMED SERVICES COMMITTEE ON THE FY 2017 BUDGET REQUEST FOR THE DEPARTMENT OF DEFENSE THURSDAY، MARCH 17، 2016، avaialbe at: https://www.armed-services.senate.gov/imo/media/doc/Carter_03-17-16.pdf
36 نادر بورآخوندي ومحمد عباسي، " تحول رویکردهای کنترل تسلیحات و مسئله اشاعه موشک بالستیک = تطور مناهج مراقبة الأسلحة وقضية انتشار الصواريخ البالستية"، فصلية السياسة الخارجية طهران، السنة الواحدة والثلاثون، العدد 4، (شتاء 2016) ص . 168
37 Phased Adaptive Approach
38 . MDEB.


قراءة: 797