فصلنامه مطالعات سیاست خارجی تهران
 

مقابلة خاصة مع الأستاذ إسماعيل هنية

رئيس المكتب السياسي لحركة حماس
محمدمهدي شريعتمدار
مساعد رئيس التحرير

إسماعيل عبدالسلام أحمد هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية في فلسطين (حماس) تبوّء منصب رئيس وزراء السلطة المحلية في الأراضي الفلسطينية بعد الانتخابات الفلسطينية في عام 2006 م. يعدّ السيد هنية أحد الساسة الفلسطينيين الذين ما انفكوا يواصلون نضالهم و جهادهم ضدّ الكيان الغاصب للقدس ، و قد عانى كثيراً في سبيل ذلك. و أدّت نشاطاته المعادية للصهاينة في قطاع غزة إلى اعتقاله عدّة مرات من قبل قوات الأمن في الكيان الغاصب و زجّه في السجن. في عام 1992 م قام الكيان الصهيوني بإبعاده مع 415 من رفاقه الثوريين في الجهاد الإسلامي و حماس إلى منطقة "مرج الزهور" في جنوب لبنان. كانت لهنية علاقة وثيقة بالشيخ أحمد ياسين مؤسّس حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، و كان يضطلع بمسؤولية مكتب شيخ المجاهدين أيضاً. في يونيو/ حزيران عام 2007 م أُقيل من منصبه كرئيس للوزراء على أثر خلافات مع محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية بعد أن أمضى ما يزيد على العام في هذا المنصب، لكنّه ما يزال يشكّل أحد الوجوه المعروفة و المؤثّرة في فلسطين. يعارض السيد هنية طروحات الولايات المتحدة حول مستقبل فلسطين، و بوصفه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، لم يأل جهداً في معارضة المبادرة الأمريكية الأخيرة المسماة صفقة القرن. في الآونة الأخيرة بعث برسائل إلى زعماء البلدان الإسلامية و المسؤولين في المؤسسات العربية و الإسلامية يبيّن فيها ضرورة المواجهة الحازمة و القاطعة للمؤامرة الأمريكية الجديدة ضد الشعب الفلسطيني. يؤكّد السيد هنية على بطلان كل ما ورد في خطة صفقة القرن و على تجريمها، و يدعو زعماء البلدان العربية و الإسلامية إلى عدم التعاطي مع أيّ قرار ينتقص من الحقوق التاريخية و المشروعة و الثوابت الوطنية الفلسطينية. و يعتقد أنّ مستقبل الصراع بين فلسطين و الكيان الصهيوني سوف يُحسم لصالح نضال الشعب الفلسطيني لأنّ زعماء هذا الكيان فقدوا زمام المبادرة أمام المناضلين الفلسطينيين، و هم في كل يوم أضعف. في خطوة لها دلالاتها حضر إسماعيل هنية إلى طهران للمشاركة في مراسيم تشييع جنازة الشهيد الحاج قاسم سليماني، و ألقى كلمة مقتضبة في هذه المراسيم المهيبة حيث أطلق خلالها على الشهيد سليماني لقب شهيد القدس و أضاف: لقد قضى الشهيد عمره كلّه و هو يدعم الشعب الفلسطيني و يدافع عن شعوب المنطقة المضطهدة.
فصلية طهران لدراسات السياسة الخارجية التقت السيد هنية في طهران و أجرت معه هذا الحوار الذي تناول محاور عدّة، ننقل هنا نصّ الحوار ليطّلع عليه القارئ الكريم.

فصلية طهران: ما هي الأهداف و الدوافع في اغتيال القائد الإسلامي الحاج قاسم سليماني من قبل قادة البيت الأبيض، و ما هي انعكاسات ذلك على المسيرة النضالية للفصائل الفلسطينية؟.
إسماعیل هنیة: لعل أهم أهداف ودوافع عملية الاغتيال تكمن في تهيئة الأجواء لتنفيذ المشروع الأمريكي لترتيب المنطقة وفق مصالح الولايات المتحدة، وبما يخدم الكيان الصهيوني ومصالحه، ورغم الألم الذي سببته هذه الجريمة، فإننا ندرك إن هذه طبيعة درب الجهاد والمقاومة، وهو طريق نصر وشهادة، وهذا يعني إن الفصائل الفلسطينية ستواصل مسيرة الجهاد والمقاومة حتى تحقيق النصر والتحرير، وهذا هو في تقديرينا الرد العملي على جريمة من هذا النوع وبهذا الحجم.
فصلية طهران: هل حققت أو ستحقق الإدارة الأمريكية و حلفاؤها في المنطقة أهدافهم من هذه الجريمة؟ هل ستعزز الجريمة موقع أمريكا في المنطقة أو ستزعزعه؟ و لماذا؟
إسماعیل هنیة: لا يمكن لجريمة كهذه أن تحقق أهدافها التي يرجوها من قرر هذه الجريمة، ولن تعزز موقعاً لمعتدي أو محتل في منطقتنا، فالتاريخ يثبت إن الشهادة لم تكن يوماً هزيمة أو انكساراً لمشروع المقاومة، بل كانت الشهادة روحاً جديد تبعث في الأمة الإصرار، وتحقق الانتصار، وهذا ما عشناه في مسيرة المقاومة خلال العقود الماضية، إذ رغم كل جرائم الاغتيال التي استهدفت قادة المقاومة فإن المقاومة تتصاعد وتزداد قوة وقدرة، بفضل الله. 
فصلية طهران: كيف تقيمون دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الأمن و الاستقرار الإقليميين؟
إسماعیل هنیة: نحن نؤمن إن أمن واستقرار المنطقة يجب أن يكون مسؤولية أبنائها، وإن الوجود الاستعماري مهما كانت أشكاله أو عناوينه، يظل موضع قلق و عدم استقرار في المنطقة.
ونؤمن أيضا إننا أمة واحدة، وإنها رغم اختلافاتها وتعدد أعراقها وثقافاتها، إلا أن الإسلام وحضارته يظل الجامع لها.
وعليه فإن التفاهم بين أبناء أمتنا هو السبيل لضمان أمن واستقرار المنطقة، ونحن مطلعون على دعوات إيران الدائمة لتفاهم إقليمي ذاتي حول أمن واستقرار الإقليم، ونأمل أن يكون هذا الأمر موضع اتفاق وتفاهم بين الجميع، وبهذا المعنى فإن هذه الدعوة تشكل نقطة بدء إيجابية ونأمل ان تلتقي جهود الخيرين من أبناء أمتنا لتحقيق ذلك.
فصلية طهران: ما هي انعكاسات الرد الإيراني على موازين القوى في المنطقة و هل سيتحقق المطلب الجماهيري لشعوب المنطقة في جلاء القوات الأمريكية منها؟ ما هي السبل لذلك؟ و ما هو تأثير خروج القوات الأمريكية على مستقبل المنطقة ولاسيما فلسطين؟
إسماعیل هنیة: أي رد على العدوان هو أمر طبيعي، وهو في ذات الوقت يؤكد أن لاحصانة للمعتدي وجلاء القوات الأمريكية عن المنطقة، وانسحابها ووقف عدوانها على أبناء أمتنا، سيكون له أثاره الكبيرة والاستراتيجية، لأن ذلك يؤكد الاستقلال والسيادة الوطنية في منطقتنا، ويرسم مساراً واضحاً أن لامستقبل للاحتلال على أرضنا، ومن شأن ذلك أن يضعف الكيان الصهيوني، بشكل كبير، وهذه ستكون خطوة مهمة في طريق تحرير فلسطين.
فصلية طهران: التطورات الأخيرة في المنطقة و عمليات اغتيال قادة المقاومة في العراق و إيران و فلسطين، هل ستترك آثاراً على التقارب و التكامل بين حركات المقاومة؟
إسماعیل هنیة: كما أسلفت قبل قليل، لم تكن الاغتيالات والإرهاب الذي مارسه ويمارسه الكيان الصهيوني، وقوى الاستكبار الداعمة له ليؤثر سلباً على المقاومة كمبدأ، أو على قوى المقاومة وقدرة فعلها، لا شك إن خسارة القادة تترك آثاراً، لكن المقاومة كانت قادرة على تجديد ذاتها، واستكمال مسيرة الشهداء، وتحقيق أهدافها. وأنظر إلى واقع المقاومة اليوم وقارنه بما كانت عليه في ثمانينيات القرن الماضي، مستحضراً الشهداء جميعاً، النتيجة أن المقاومة ورغم عظيم التضحيات تتقدم بفضل الله تعالى.
فصلية طهران: مع بدءالأحداث في غرب آسيا و شمال أفريقيا عام ٢٠١١، زاد الأمل فيما يرتبط بقضية فلسطين و إيجاد فرص جديدة في المواجهة مع الكيان الصهيوني المحتل. لكن هذا الكيان و الحكام المؤيدين للتسوية معه عملوا على تغيير مسارات الصحوة الإسلامية و منعوا أن تزهر براعم الصحوة في فلسطين و تغير المعادلة. ما هو تحليلكم في هذا المجال؟
إسماعیل هنیة: من أقام الكيان الصهيوني وسعى لحمايته دوماً، وضع نصب عينيه مسارين أساسيين، أولهما: أنهاء حالة المقاومة المباشرة ضد الاحتلال الصهيوني من خلال استهداف المقاومة، والعمل على حصارها، ونعتها بالإرهاب، وتضييق الخناق على شعبها وأبنائها.
والمسار الثاني: إحباط قدرات أمتنا، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ومن ذلك منع الشعوب من تحقيق إرادتها الحرة المستقلة، وهو يستخدم لذلك أساليب عديدة من الفتن العرقية والمذهبية والطائفية، ومن الصراعات المسلحة والانقسام الذي يخيم على المنطقة ودولها.
إن عدونا يدرك أن في صحوة الأمة نهاية له، ولذلك يسعى جاهداً لتعطيل ذلك، وهو الأمر الذي لن ينجح فيه إن شاء الله.
فصلية طهران: كيف تقيمون مسيرة التغيير و التطور في تقدير قادة البيت الأبيض و خبرائه و تحليلاتهم لاسيما في السنين الأخيرة حول قضية فلسطين و التطورات المهمة في المنطقة؟ ما هي التغييرات التي حصلت في فهم القادة الأمريكيين لأوضاع المنطقة و فلسطين حيث جعلتهم يشعرون أن المشاريع السابقة للسلام في الشرق الأوسط فقدت فاعليتها؟ و لماذا اتخذوا مسارًا جديدًا و طرحوا صفقة القرن؟
إسماعیل هنیة: المسار الأساسي العام في البيت الأبيض هو دعم بقاء وتفوق الكيان الصهيوني، ولتحقيق ذلك لابد من إنهاء الصراع وفق المعايير الصهيونية وإنهاء الحقوق الفلسطينية. ولتحقيق ذلك تم طرح حل الدولتين، وهو الحل الذي اعتبره الصهاينة حلاً مؤقتاً، وهكذا كان اتفاق أوسلو، وظنت الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني إن هذه المشروع سينهي المقاومة ويصفي القضية، وهو ما لم يتحقق، فالجيل الذي ولد في ظل أوسلو، هو الجيل الذي يقاوم الاحتلال، ومن صنع أوسلو، يفشل اليوم في الدفاع عنه، والكيان الصهيوني أخذ أوسلو التنسيق الأمني، ولم يقدم شيئاً.
الجديد أن الإدارة الأمريكية الحالية تبدو مستعجلة لتحقيق هدفها الأكبر وهو إعادة ترتيب خارطة المنطقة، وتدرك إن فشل أوسلو سيعطل ذلك، فقررت استباق كل ذلك بخطة ترامب، المسماة (صفقة القرن) وهي في الحقيقة تعبر عن الأفكار الصهيونية لتصفية القضية، والتي لطالما تكلم الصهاينة عنها منذ انطلاق مسار التسوية.
فصلية طهران: ما هي نقاط الضعف و الإشكالات في مشروع صفقة القرن وفق رؤية المقاومة الإسلامية في فلسطين؟ هل يمكن أن يحقق المشروع حقوق الشعب الفلسطيني؟
إسماعیل هنیة: المشروع وضع لتصفية الحقوق الفلسطينية، وهو لن‌يحقق لقضيتنا أي مكاسب. فالمشروع ينص على اعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني، ويعتبر السيادة على المقدسات من حق الصهاينة، كما إنه يلغي حق العودة، ولا يقيم دولة للفلسطينيين، بل كيان حكم ذاتي مكون من كانتونات، وشرط إقامته وجود فريق فلسطيني مستعد لشن حرب على المقاومة ونزع سلاحها واستئصالها، والمشروع يمكن الكيان الصهيوني من قضم 40% من أراضي الضفة التي أقيمت عليها المستوطنات ويبتلع منطقة الأغوار ويضم الجولان السوري المحتل.
إن هذا المشروع وبغض النظر عن رفضنا لمنطق التسوية مع الكيان الصهيوني يضرب عرض الحائط القانون الدولي، والقرارات الدولية، ويسقط كل القواعد التي يمكن أن يحتكم إليها، ويضع مصير الشعب الفلسطيني بين يدي جلاده، ويفتح باب التطبيع واسعاً في المنطقة.
أما هذه الصفقة فلن تمر بإذن الله، فالإجماع على رفضها قائم فلسطينياً وعربياً واسلامياً، والمقاومة يدها على الزناد حتى تحقيق النصر والتحرير.
فصلية طهران: هل تعبر صفقة القرن عن تغيير في التقدير و الفهم للساسة الأمريكان لقضايا المنطقة و قضية فلسطين أو أنها ناتجة عن المنحى التجاري و النفعي لدونالد ترامب؟
إسماعیل هنیة: صفقة القرن كما أشرت مرتبطة بالمشروع الأمريكي الاستراتيجي لإعادة صياغة المنطقة بما يخدم مصالح الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، ومن الطبيعي أن تتأثر بنمط الرئيس الأمريكي في إدارة الأمور، لكن ذلك لا يؤثر في جوهر أهداف الخطة.
فصلية طهران: برأيكم، هل ينحصر مشروع صفقة القرن بقضية فلسطين أو أنه يشمل أبعاداً أوسع من الصراع الفلسطيني الصهيوني و يطال كل القضايا المهمة في المنطقة؟ ما هو دور دول كالأردن و مصر في تمرير صفقة القرن وفق التخطيط الأمريكي؟ ماذا بالنسبة للسعودية و الإمارات؟هل ستتعرض مصالح هذه الدول للتجاذبات و الصفقات السياسية الناتجة عن المشروع؟
إسماعیل هنیة: مشروع صفقة القرن هو جزء من مخطط واسع لترتيب المنطقة كما أشرت، وستكون له أثاره على المنطقة لا سيما جوار فلسطين، وهنا لابد من الإشارة إلى ثلاث ملاحظات: 
التجاوب مع المشروع الأمريكي لن يوفر حماية أو مكتسبات لمن يفعل ذلك، لأن الهدف جعل الكيان الصهيوني، حالة طبيعية بل وقائدة في المنطقة، وهذا لن يتحقق إلا بإضعاف الجميع لصالح الكيان الصهيوني.
أثبتت تجربة التسوية مع هذا الكيان أن لا عهد له، وبهذه المعنى فإن ما يمكن اعتباره اليوم مكاسب قد لا يكون له وجود لا حقاً، وما يظن إنه منع لخسائر، قد يكون هو الواقع مستقبلاً.
التجاوب مع المشروع الأمريكي يعني إسقاط حصانة المنطقة وقدرتها في الدفاع عن نفسها وهذا سيغري الكيان الصهيوني بمزيد من التمدد وبأشكال مختلفة.
وخلاصة الأمر أن لا كاسب ولا مستفيد فعلاً من هذا المشروع سوى الكيان الصهيوني، وسوى ذلك محض أوهام.
فصلية طهران: ما هو تحليلكم حول توجه دول المنطقة و السياسيين العرب قبال مشروع صفقة القرن؟ هل توافقون من يرى في دراسة أبعاد المشروع أن هناك خلافاً حادًاً بين بعض الحكام العرب في الخليج الفارسي و بين الأردن و مصر؟
إسماعیل هنیة: قد تكون هناك خلافات وتباينات بين قادة المنطقة حول صفقة القرن، لكن نحن نعتقد إن الأمر سيصيب الجميع بالضرر، ربما الفارق في التوقيت، وما قد يقدره البعض في حجم الأضرار. وفي حالة كهذه فإن المطلوب تكاتف الجميع لمنع هذه الخطر، ومنع أثاره وتداعياته، ونعتقد إن السبيل الأمثل لذلك يكمن في دعم الموقف الفلسطيني الرافض لهذه الصفقة بالإجماع على الصعيد كافة، ودعم التوافق الفلسطيني على برنامج وطني فلسطيني لمواجهة هذه الصفقة وأشكالها، أما ثالثاً فالمطلوب دعم المقاومة الفلسطينية والرهان على قدرتها في إجبار هذا العدو على التراجع، بدل أن يطلب من أمتنا التنازل. 
فصلية طهران: هل تعتقدون بأن الفصائل و الحركات الفلسطينية على اختلاف توجهاتها كان لها المنحى و الموقف المقبول إزاء المشروع الجديد الذي طرحه الرئيس الأمريكي؟ و كيف تقيمون مواقف السلطة الفلسطينية في هذا المجال؟
إسماعیل هنیة: كل الفصائل والقوى الفلسطينية رفضت الصفقة، وهذه خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، وموقف السلطة خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها تظل خطوة أولى، ولا بد من استكمالها بتحويل هذا الموقف إلى برنامج وطني مقاوم ضد الاحتلال ولإسقاط الصفقة، وهذا يتطلب العديد من الخطوات العملية الأساسية، أولها إنجاز الوحدة الوطنية على أساس مشروع سياسي لتحقيق التحرير الكامل والعودة، وإعادة الخروج من مربع التسوية ومربع أوسلو، والعودة إلى مربع الشعب الفلسطيني الأصيل، مربع المقاومة، وإطلاق برنامج مقاوم ضد الاحتلال بكل الوسائل والأشكال.
فصلية طهران: ما هو دور حماس و سائر الفصائل ذات الموقف المماثل لها في المقاومة في إفشال هذا المشروع؟ هل لها خطة؟ كيف يمكن تقييم المسيرات الأخيرة للشعب الفلسطيني و التي سُميت بمسيرات العودة في هذا الإطار؟
إسماعیل هنیة: مسيرات العودة شكل من أشكال النضال والمقاومة الشعبية، وسطر فيها شعبنا صفحات من نور في البطولة والتضحية والفداء، وشكلت نموذج عمل وطني مشترك هام وأساس.
لدينا خطة لمواجهة هذا المشروع، ونسعى بالتعاون مع كل فصائل المقاومة لبلورة برامج عمل مشتركة للمواجهة، ولدفع الأمور باتجاه تحقيق وحدة وطنية على أساس ما أشرت إليه في جوابي السابق.
فصلية طهران: ما هي رؤيتكم حول مستقبل المواجهة الاستراتيجية مع الكيان الصهيوني؟ و ما هو دور قضايا أساسية كالقدس الشريف و حق العودة في هذه المواجهة؟
إسماعیل هنیة: مستقبل المواجهة الاستراتيجية مع العدو سيكون لصالح شعبنا وأمتنا، العدو فقد قدرة المبادرة والردع، فقد قدرته على تحقيق إنجازات حقيقية ضد المقاومة من خلال حروب خاطفة كما كان سابقاً، قدرته رغم تعاظمها عسكرياً، لكنها تتآكل في قدرتها على التأثير على المسار الاستراتيجي للمقاومة وغزة وجنوب لبنان مثالاً على ذلك.
ولا شك أن القضايا الأساسية تمثل نقاط قوة مهمة لنا، فقضية القدس تمثل مسألة اجماع للأمة، ولا يمكن للكيان الصهيوني أن يواجه أمتنا وينتصر عليها، كما أن قضية العودة تمثل اجماعاً وطنياً فلسطينياً لا يمكن الخروج عليه، وهي تمثل أحد عناوين ارتكاز الموقف العربي في دعم القضية، لا سيما في الدول المضيفة للاجئين، واستراتيجية المقاومة الشاملة تمثل سنديان الشعب الفلسطيني وقدرته على الحيوية والتضحية والعطاء.
فصلية طهران: كيف تقيمون أهداف التدخلات الأمريكية في شؤون الدول الإسلامية و ما هي تأثيرات هذه التدخلات على الأوضاع السياسية و الأمنية للمنطقة؟
إسماعیل هنیة: التدخلات الأمريكية في المنطقة شأنها شأن السلوك الاستعماري، لاتعمل و لا تتم إلا لخدمة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه التدخلات كانت مصدر اضطراب وقلق في المنطقة على الدوام، ونحن نرجو أن ينتبه القادة في المنطقة لخطورة ذلك، وأن يكون هذا دافعاً لمزيد من العمل المشترك لمواجهة هذه التدخلات وتداعياتها، ودافعاً لبناء قدرات ذاتية تكفل مصالح أبناء أمتنا وحقوقهم.
فصلية طهران: ما هي مقترحاتكم لتجاوز التحديات الراهنة في المنطقة؟ و ما هي واجبات الدول و القوى ذات التأثير في المنطقة في هذا المجال؟
إسماعیل هنیة: مواجهة التحديات الراهنة بات مطلباً حيوياً، وأمراً استراتيجياً، وفي هذا السياق يمكن الحديث عن الأولويات التالية:
تعزيز العمل المشترك بين دول المنطقة، وفق رؤية استراتيجية لتعزيز القدرات الذاتية لكل دولة، والقدرات الجماعية.
العمل لتعزيز التنمية والشراكة الاقتصادية بين دول المنطقة.
تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة المشروع الصهيوني، فالشعب الفلسطيني يمثل جدار حماية للأمة في مواجهة الأطماع التوسعية الصهيونية.
تبنى خيار المقاومة في مواجهة المشاريع التي تستهدف أمتنا، وفي مقدمتها مقاومة الكيان الصهيوني.
فصلية طهران: هل تعتقدون أن محاولات الكيان الصهيوني لزرع الفرقة بين الدول العربية و الإسلامية ستحقق أهدافها؟ هل يمكن أن يكون للدول التي تطبع أو تتحالف مع الكيان المحتل للقدس ثمة دور أو جدية في الدفاع عن قصة فلسطين؟
إسماعیل هنیة: قد ينجح العدو في صناعة فتنة هنا، أو أزمة هناك، لكننا نراهن على وعي أبناء أمتنا، وخاصة القوى الحية في الأمة لإسقاط هذه المحاولات الصهيونية، وتحقيق ذلك يحتاج جهوداً مشتركة كبيرة ويحتاج أيضاً مبادرات تستبق خطط العدو وتحصن جبهتنا الداخلية كأمة، وهنا أدعو بكل إخلاص إلى ضرورة تخفيض التوتر بين دولنا العربية والإسلامية، والسعي لبناء جسور الثقة والشراكة والتكامل والتفاهم على المصالح المشتركة وكيفية إدارتها.
أما بالنسبة للتطبيع مع الكيان الصهيوني فهو أمر لا بد أن تعمل الأمة لرفضه، ووقف كل أشكاله، ومن الصعب الجمع بين المواجهة مع العدو والتطبيع معه، كما أن المستفيد الوحيد من التطبيع هو الكيان الصهيوني، ولاتوجد تجربة تطبيع واحدة معه استفاد منها المطبعون استفادة حقيقية.
فصلية طهران: كيف تقيمون دور محور المقاومة و إيران في التطورات الاستراتيجية في المنطقة و في جهاد الشعب الفلسطيني؟
إسماعیل هنیة: لا شك إن إيران قد قدمت وعلى مدى 40 عاماً ومنذ انتصار ثورتها بقيادة الإمام الخميني دعماً كبيراً وغير مشروط لشعبنا وفصائل مقاومته كافة على الصعد السياسية والإنسانية والجهادية، وهذا الدور لا يزال يتواصل بحمد الله في ظل قيادة السيد علي الخامنئي، ونلمسه في كل أداء المؤسسات الإيرانية، وقد كان لهذا الدعم أثره إلهام والكبير في بناء قدرة المقاومة الراهنة، ونعتقد أن هذا الدعم علاوة على انطلاقه من موقف مبدئي لم يتأثر أو يتغير طوال العقود الماضية، فإنه شكل رافعة مهمة للمقاومة ضد الكيان الصهيوني ومشروعه التوسعي.
إن تعزيز العلاقة بين أطراف المقاومة ومكوناتها في المنطقة أمر أساسي وحيوي لتحقيق الأهداف التي نصبو إليها جميعاً، ونحن مطمئنون أن الأمور تسير في الاتجاه بشكل صحيح ومناسب، وتظل ثقتنا بالله الذي منه النصر أن مآل الجهاد في سبيله هو النصر بإذن الله (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
فصلية طهران: مع فائق الشكر و الامتنان لقبولكم دعوتنا، و تقبلوا منا كل الاحترام و التقدير.


قراءة: 848