فصلنامه مطالعات سیاست خارجی تهران
 

الاستراتيجية الأمنية للاتحاد الأوروبي إزاء منطقة غرب آسيا و شمال أفريقيا

بهزاد احمدي
خبير في القضايا الأوروبية

الخلاصة
تواجه مسألة المحافظة على الاستقرار و المصالح الاقتصادية للاتحاد الأوروبي بوصفه أحد الأقطاب الاقتصادية و الجيوسياسية الرئيسية الثلاثة في النظام العالمي تواجه تحديات داخلية و خارجية قصيرة المدى و بعيدة المدى، و في هذا المقال نناقش استراتيجيات الاتحاد الأوروبي في التغلّب على هذه التحديات. يتمثّل الإطار المشترك لهذه الاستراتيجيات في الضغوط المقترنة بالدعم للاتحاد المتوسطي، و الحوار السياسي الأوروبي – العربي، و المشاريع و المبادرات المطروحة للتعاون مع بلدان شمال أفريقيا، و الحوار المتوازي مع بلدان الخليج الفارسي و إيران.


الكلمات الأساسية: الاتحاد الأوروبي، منطقة غرب آسيا و شمال أفريقيا

 

1-المقدمة
يقع الاتحاد الأوروبي في موقع حساس وخاص بصفته أحد القوى الرئيسية الاقتصادية والجيوسياسية الدولية إلى جانب كل من الولايات المتحدة والصين. 
في الحقيقة يتعلق مشروع أوروبا وكذلك النظم الطبيعية المقبولة والسياسية للنظام الدولي في مستوى ملفت للنظر بطريقة مواجهة الاتحاد الأوروبي للموقع الذي يقع فيه. فالتحديات التي واجهها الاتحاد الأوروبي بعد السنتين 2009 و2010 سواء من منظار المستوى أو من منظار كونها مثيرة للمخاطرات كانت لا سابقة لها. هذه التحديات داخلية وكذلك خارجية أيضاً كما وأن منها قصيرة الأمد ومنها بعيدة الأمد أيضاً بالنسبة لبلدان الاتحاد الأوروبي الرئيسية. إحدى أهم هذه التحديات هي طريقة مواجهة الاتحاد الأوروبي مع منطقة وانا1 أي غرب آسيا وشمال إفريقيا2 حيث أن تطورات الأعوام الأخيرة قد جعلتها في نقطة تحول جيوسياسية، وإن جزءاً مهماً من التهديدات التي يراها الاتحاد الأوروبي ولاعبوه المهمون جميعها تنشأ من الحدود الجنوبية أي من دول الجوار الجنوبي للاتحاد الأوروبي ومن جملتها تخلف الحكومات والإرهاب وموجة النازحين واللاجئين.
على الرغم من أن داعش تلقى هزائم فادحة وفقد أجزاءً كبيرة من الأراضي التي كان يسيطر عليها، لكن هذا التنظيم ما زال يعد تهديداً جدياً في منطقة وانا، فالتوترات السياسية والتنافس بين الميليشييات لا زالت مستمرة في شمال إفريقيا خصوصاً في ليبيا وفي منطقة الشامات. 
التدخلات الإقليمية والتدخلات التي تتجاوز حدود المنطقة في سوريا وهشاشة الاستقرار في الأردن وليبيا وفي العراق مسار بناء الحكومة وفي اليمن جرائم الحرب التي ارتكبها ويرتكبها التحالف بقيادة السعودية وتبعات حالات العداء والحروب هذه قد تتمثل في اتساع رقعة الهجرة من هذه المناطق وتكوّن الأزمات الإنسانية وزيادة التوترات السياسية والتهديدات الأمنية. 
من هذا المنطلق فإن غياب الاستقرار هذا والتهديدات المتزايدة التي تتجاوز الحدود وهي متعددة الابعاد في منطقة وانا لها تبعات مهمة على هذه المنطقة وكذلك على المناطق التي تجاورها ومن جملتها الاتحاد الأوروبي. 
السؤال الرئيسي في هذه المقالة هو نوع الاستراتيجية التي يتخذها الاتحاد الأوروبي حيال التعاطي مع منطقة وانا حتى يتمكن من الرد على فهم التهديد الذي يواجهه من قبل هذه المنطقة أو توفير مصالحه. 
في هذا الإطار قد تمت دراسة التحديات الراهنة في منطقة وانا بالنسبة للاتحاد الأوروبي واستراتيجية هذا الاتحاد حيال ذلك.
2-الدور التاريخي لأوروبا في نظم منطقة وانا للأمن
لفهم نظرة أوروبا لأمن منطقة وانا فهماً أمثل، من المفيد دراسة الدور التاريخي لأوروبا في مختلف حقبات النظم في هذه المنطقة. حيث يمكن الاستفادة من التاريخ كجسر للوصول إلى المستقبل. مفهوم الحدود والنظم في منطقة وانا إرث متبقّ من الاستعمار الأوروبي إلى حدٍّ كبير. في القرن الـ19 للميلاد التنافس بين بريطانيا وروسيا القيصرية ومسعى بريطانيا لمنع روسيا من وضع اليد على الهند والشرق الأقصى كان سببا لأن يكون لبريطانيا في العقود الأخيرة من هذا القرن تواجد ظاهر في شرق المتوسط حتى تمنع وصول القياصرة لموانئ البحر الأوسط والمتوسط. على هذا الأساس تحوّل الحفاظ على الشرق الأوسط وطرقه التجارية للشرق الأقصى والهند إلى أساس استراتيجي استعماري لبريطانيا وتكوّن نوع من النَظم الأمني المبني على هيمنة هذا البلد على المنطقة (Kamel, 2015)..
في الوقت ذاته نجحت بريطانيا للتوصل إلى اتفاق مع بلدان الخليج والتحول إلى قوة مسيطرة على الخليج الفارسي. من هذا المنطلق كانت أولوية النظام الجيوسياسي الإقليمي حتى نهاية الحرب العالمية الأولى متأثرة بأفضلية بريطانيا المطلقة في غرب أسيا وأفول شمس الإمبراطورية العثمانية والمضايقات بين حين وآخر من قبل روسيا وفرنسا للتأثير على هذا النظم. كان شمال أفريقيا خلال هذه الفترة متأثرا أكثر بالسياسيات الاستعمارية لفرنسا وإسبانيا وعرفت كل من تونس والجزائر والمغرب وليبيا وفقاً لسياسات هاتين القوتين الأوروبيتين حدودها ودخلت القرن ال20. (Kamel et.al., 2014: 14). 
تشكل النظم الأمني بمنطقة وانا بعد الحرب العالمية الأولى حتى نهاية الحرب العالمية الثانية متأثراً بنظام القيمومية للمجتمع الدولي واتفاقيات السلام بعد الحرب العالمية الأولى. (Bassion, 2009: 16) كما تكونت كثير من دول المنطقة ومنها لبنان وسوريا والعراق والأردن وتركيا دون النظر إلى خصائص المنطقة الديموغرافية وعلى أساس اتفاقيات فرنسا وبريطانيا في سنترمو3 1920 ولوزان 1923 بين فرنسا وبريطانيا. (Kamel et.al., 2014: 16).
انتهاء الحرب العالمية الثانية واكتشاف النفط في غرب أسيا كان نوعاً ما نهاية للهيمنة الأوروبية في هذه المنطقة. عدم كفاءة نظم القيمومية والمشاعر المعارضة المتزايدة لبريطانية بعد هزيمة العرب من الكيان الصهيوني في عام 1948 (Bradshaw, 2007, 2012) أثار نوعاً من الزحف المضاد للاستعمار في المنطقة بأسرها والذي كان يستسقي من معين الوطنية والقومية العربية وكان من قادته جمال عبد الناصر. أفول شمس هيمنة بريطانيا في منطقة وانا للأسباب الاقتصادية والإقليمية جعل تواجدها محدوداً بالضفة الجنوبية للخليج الفارسي إلى أن جاءت الأعوام الأخيرة من ستينات القرن الماضي حيث استقلال بلدان هذه المنطقة في عام 1971 الذي أنهى بشكل فعلى قرنين من تدخُّلات بريطانيا الفاضحة في شؤون غرب آسيا. (Kamel et.al., 2014: 18).
هذه النهاية يجب في الحقيقة اعتبارها نهاية للدور الرئيسي والمباشر للقوى الأوروبّية في تكوين النظم الأمني لمنطقة وانا. في تسعينات القرن الماضي حتى عام 2000 كعقدي انتهاء الحرب الباردة قبلت أوروبا بالنظام الأمني الإقليمي المستحسن أمريكياً ولعبت أدوارها ضمن هذا الإطار. في هذه الحقبة سعت أوروبا إلى دعم المفاوضات الثنائية ومتعددة الأطراف بين الكيان الصهيوني وجيرانها العرب إذ كانت اتفاقية سلام أوسلو واتفاقية سلام الأردن مع الكيان الصهيوني في عام 1994 من أهم إنجازات هذه الحقبة الزمنية. من أخريات ما قامت به أوروبا حيال منطقة وانا دعم الإصلاحات الاقتصادية لليبراليين الجدد الأمريكيين ودمج اقتصاد منطقة وانا في الاقتصاد العالمي ومساعدة أمريكا في تطبيق استراتيجياتها الأمنية حيال هذه المنطقة ومنها ترويض وإضعاف إيران ومحور المقاومة ومواجهة من يقف في وجه هذا النظم الأمريكي في المنطقة. (El-Shazly and Hinnebusch, 2002).
اكتملت نهاية حقبة السلام الأمريكي4 في المنطقة مع فشل مسار السلام بين الكيان الصهيوني وفلسطين في عام 2000 ومعارضة العرب لتطبيع العلاقات مع هذا الكيان ومناهضة السياسات الليبرالية الجديدة لأمريكا تلك التي تهب الغنى لعدد قليل مقابل فقر الغالبية ونشوء غياب الأمن والبطالة المتزايدة (Hazbun, 2015) بالتزامن والغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 واحتلاله تحت شعار "الحرب ضد الاغتيال"5 وهزيمة الكيان الصهيوني من حزب الله اللبناني عام 2006 لم يبق فعلياً شيء من النظم الأمريكي المنشود للمنطقة (Ehteshami, 2009). أفول شمس القيادة الأمريكية وزحف التنافس الإقليمي على الهيمنة وتعميق الشروخ الدينية والطائفية واستقواء سياسة الهوية ولعبها للأدوار وظهور اللاعبين غير الحكوميين ولعب القوى غير الإقليمية دوراً كروسيا والصين، فتحت أبواب الأزمات على مصراعيها وجعلت أوروبا تواجه أزمات لم تكن تفكّر جدياً في مواجهتها أو كانت تتجاوز قوتها لمواجهتها.  
فإجمالاً  تُبدي هذه الدراسة التاريخية القصيرة أنّ التاريخ يؤثّر في التطورات الحالية. لكن آثار نطاقاتها الرئيسية والهامشية مستدامة ومؤثرة في إطار الدراسة التاريخية المذكورة. 
آنفاً يمكن الاستنتاج أنه وحتى عقدين من الزمن بعد الحرب العالمية الثانية كان النظم الأمني في منطقة وانا متأثراً بتدخّلات ومصالح القُوى الأوروبية بصفتها القوة المتدخّلة الأجنبية ومن خارج المنطقة. بعد الحرب الباردة، الهياكل الاستعمارية لأوروبا في المنطقة سواء في إطار نظام القيمومية أو في إطار سائر الأشكال تزول التدخّلات المباشرة وتأثيراتها تدريجيا. رغم هذا، استمر توغّل الغرب (وأكثر ما يكون أمريكا) حتى في حقبة ما بعد الاستعمار وكما يقول هينا بوش كان الجوار والتركيز العالي لمصالح القوى العظمى في المنطقة والنفط وطرق التواصل والكيان الصهيوني المحرّكات لها. ويرى باري بوزان أنّ الحضارة الإسلامية (المتواجدة معظمها في وانا) هي الحضارة التقليدية الوحيدة التي لم تستطع ترسيخ موقعها مجدداً كلاعب عالمي مهم بعد تراجع الإمبراطوريات الغربية حيث يبدو أنّ استمرار التدخلات الأجنبية وهي في الغالب تدخّلات غربية بقيادة الولايات المتحدة بواسطة التوجهات الأيدولوجية والمناهضة للإسلام كانت من الأسباب الرئيسية لهذا الفشل. (هينا بوش وآخرون).
3- التحديات الأمنية لمنطقة وانا للاتحاد الأوروبي
منطقة وانا هي من المناطق التي تتطور فيها المجالات الاقتصادية والإنسانية والسياسية والمحيطية بسرعة عالية. منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا شهدت هذه المنطقة ظهور تطورات واسعة في عدد من البلدان العربية وهذه التطورات تسببت في اندلاع حروب في عدد من البلدان منها العراق وليبيا وسوريا واليمن. على الرغم من أنه بعد تطورات عام 2011 ظهرت موجة من التفاؤل لتحقيق الديمقراطية في المنطقة إلا أنه لا توجد رؤية مستحسنة حول هذا الموضوع. الواقع الظاهر في هذه المنطقة هو الحرب وعدم الاستقرار. الحروب الداخلية في بلدان من تلك المنطقة كالحرب في ليبيا واليمن وسوريا والفراغ السياسي والأمني في البعض الآخر من البلدان تسبّبت في ظهور مجموعات إرهابية تتعدّى أوطان وقوميات المنطقة مثل داعش. 
نظراً للعلاقات المعقّدة بين القوى الإقليمية وتشديد التنافس الاستراتيجي بين الفاعلين في هذه المنطقة على سبيل المثال التنافس بين إيران والمملكة العربية السعودية ووصول مسار السلام في الشرق الأوسط إلى طريق مسدود وتواجد دول ضعيفة وهشّة وبلوغ الضغائن والحروب تجاوزها عن الحد وتشديد الخلافات القومية والمذهبية بين مختلف المجموعات والطوائف فإنّ الموضوع الوحيد الذي يمكن الحديث عنه في منطقة وانا قطعاً هو غياب الاستقرار والأمن في هذه المنطقة.
 ففي دراسة عامّة يمكن تحليل تحديات الاتحاد الأوروبّي في مواجهة منطقة وانا على مستويين: أولاً المستوى الداخلي وثانياً المستوى الخارجي.
3-1- التحديات الداخلية: 
غياب استراتيجية معينة محددة: يمثل أكبر تحدّ يواجهه الاتحاد الأوروبي تجاه وانا ضعفه في التوصل إلى تناسق وإحداث انسجام داخل الاتحاد الأوروبي من جهة وإحداث استراتيجية ملائمة وشاملة من جهة آخر، استراتيجيةٍ تضم أدوات "السياسة الأمنية والخارجية المشتركة"6 و"السياسة الدفاعية والأمنية المشتركة"7 وتستفيد منهما في نفس الوقت. على مستوى الاتحاد لم يتم التوصل بعد إلى خدمة المبادرة الخارجية من الهياكل والطواقم اللازمة للدفع بالسياسة الأمنية والخارجية المشتركة ومازال الطريق طويلاً أمام الاتحاد ليلعب دوراً مؤثراً فيما يخصّ موضوع السياسة الدفاعية والمشتركة أيضاًً الاتحاد الأوروبي مازال في بداية الطريق والطريق أمامه طويل حتى يحقق أهدافه وغاياته. (Behr, 2011:86). ففي الحقيقة كان غياب القيادة والموارد الدبلوماسية والدفاعية سببا لأن يفتقد الاتحاد الأوروبي إلى تفكير استراتيجي واتخاذ قرارات فاعلة والقيام بالمبادرات المناسبة وألّا يتمكن من القيام بأدواره في وانا على مستوى وزنه السياسي والاقتصادي. 
غياب الأدوات المناسبة: التحدي الثاني الداخلي للاتحاد الأوروبي هو عدم حيازته على أدوات مناسبة لتطبيق سياساته التي يعلن عنها على سبيل المثال سياسة الجوار للاتحاد الأوروبي أو مشروع الاتحاد المتوسطي لم يستطيعا تلبية أهداف الاتحاد الأوروبي المنشودة. وقد اضطر الاتحاد الأوروبي إلى إعادة النظر في هذه المشاريع.
بنظرة سريعة إلى سياسة جوار الاتحاد الأوروبي يمكن فهم موضوع يتمثّل في أنّ هذه السياسة تفتقد إلى محفزات حقيقية للبلدان الأعضاء في الاتحاد المتوسطي أو سائر بلدان المنطقة.
وهذه السياسة لم تقدم أي رؤية تنظيمية لأيّ تعاون ولا تحدد ما هو الواجب الموضوع على عاتق السياسة الأمنية والخارجية المشتركة فيما يخص مسار العبور الديمقراطي لبلدان منطقة وانا وماهي المبادرات التي يجب أن توضع في أجندة الاتحاد الأوروبي.
مجمل هذه العوامل كانت سببا في تشتت أفعال عمل بها الاتحاد الأوروبي وأن يستجيب للتطورات على نحو متأخر ويفتقد لحلٍّ استراتيجي قوي ومنسجم وفي وقته المناسب. وجود التضاد بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والخلافات في توجهاتهم مع الاتحاد الأوروبي وتفضيل كل من هذه البلدان مصالحها القومية. على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يسعي دائماً إلى أن يتخذ توجهاً موحداً حيال التحديات التي تواجهه لكنه في كثير من الحالات هناك تضاد وفروق بين مصالح البلدان الأعضاء وكذلك أيضاً ومن جانب آخر في بعض الحالات هناك تعارض بين مصالح الدول الأعضاء نفسها والاتحاد الأوروبي نفسه ككل. أسلوب التعاطي مع تحديات منطقة وانا هي إحدى حالات الخلاف التي ذكرناها. الموضوع المهم والحيوي حول موضوع استراتيجية الاتحاد الأوروبي في منطقة وانا يتجسد في العلاقة المعقدة بين الاستراتيجية العامة للاتحاد الأوروبي والسياسة الخارجية للبلدان الأعضاء. عند طروء تطورات العالم العربي كانت سياسات البلدان الاعضاء والاتحاد الأوروبي في بعض الحالات متناسقة لكنّها كانت متعارضة في بعض الحالات الأخرى. على سبيل المثال حول القيام بإصلاحات رئيسية في هذه البلدان لم يكن هناك من إجماع في وجهات النظر لكن حول طريقة وأسلوب التعاطي والتواجد في منطقة الخليج الفارسي كان هناك خلاف جاد في وجهات النظر. أو كمثال واضح آخر لتقابل وتعارض من هذا النوع يمكن الإشارة الى اختلاف المواقف بين بريطانيا وفرنسا من جهة وألمانيا وسائر البلدان الأوروبية من جهة آخر فيما يتعلق بقضية ليبيا. (Feichtinger, 2011:4).
التعارض في موضوع المصالح والقيم: كانت سياسة الاتحاد الأوروبي في منطقة وانا دائماً متذبذبة بين أمرين هما توسيع الديموقراطية أو الحفاظ على الاستقرار. لم‌نكن نشاهد في أي منطقة أخرى كمنطقة وانا هذا الاختلاف في وجهات النظر إلى هذه الدرجة حيث أنه إضافة إلى التطبيق غير المنسجم للسياسات القانونية قد أضعف أيضاً هذا العامل مصداقية ومحاور قوة الاتحاد الأوروبي في المنطقة. (Colombe et al,2017: 26).
مع هذا كانت ردة فعل الاتحاد الأوروبي تجاه تطورات العالم العربي فاضحة لنوع من القوة المحدودة لأوروبا في فرض التغيرات السياسية والمضي به قدماً.
على الرغم من التأكيد على أنّ الاتحاد الأوروبي يتعهد بالديمقراطية العميقة وتعزيز المجتمع المدني إلا أن الاتحاد الأوروبي لم يدعم مطالب الثورات الاحتجاجية ومنها الحرية والكرامة إلا بعد أن أصبح من القطعي سقوط حكومات عربية في مصر أو تونس. (Thyen, 2018:5).
توسع ونماء التيارات اليمينية المتطرفة: تعدّ اليوم التيارات اليمينية المتطرّفة وقوداً دافعاً مهماً في نطاق المناظرات المرتبطة بالمشروع الأوروبي والنتيجة أنّ السياسات الاجتماعية والاقتصادية لكثير من البلدان الأوروبية قد تغيرت بفعل التيارات اليمينية المتطرفة وهذا الأمر قد أحدث توترات جديدة بين الحكومات والشعوب الأوروبية حيث أنّ الحاصل منها قد تبلور في نوع تعاطي هذه البلدان مع منطقة وانا والتحديات الناجمة من ذلك (Goodwin, Matthew, 2017).
في الوقت ذاته، انتفعت التيارات اليمينية المتطرفة من هذه التحديات انتفاعاً كبيراً وقد استطاعت أن تحوّل قضايا وانا إلى قضية سياسة داخلية لها وأن تستغلها ضد التيارات التقليدية الحزبية في أوروبا ولصالح إضعاف رؤاها. على سبيل المثال الخشية المتزايدة من موضوع قضية الهجرة واللجوء خصوصاً من منطقة وانا ساعدت في نماء دعم هذه المجموعات وقد عززت مكانتها الحزبية. ومن هذا المنطلق تحولت معالجة قضايا منطقة وانا وتحدياتها إلى تحرك السياسة الداخلية أكثر من كونها قضية سياسة خارجية وأمنية حيث أنّ أسلوب معالجة هذا الموضوع يؤثر في المستقبل السياسي للأحزاب. 
التحديات الخارجية
عدم مصداقية الاتحاد الأوروبي لدى شعوب منطقة وانا وغياب ثقة شعوب منطقة وانا بسياسات الاتحاد الأوروبي. فشعوب بلدان منطقة وانا لا تنظر إلى الاتحاد الأوروبي كفاعل يستطيع إحداث تطور ديمقراطي في المنطقة. في الحقيقة لم يستطع الاتحاد الأوروبي أن يوفق بينه وبين مطالب مواطني منطقة وانا لتحقيق العدالة الاجتماعية والحقوق الاقتصادية. وأكثر ما كان يسعى وراء خطابه المحدود عن الاستقرار والديمقراطية ودعم الحاكمين غير الديمقراطيين وتطبيق السياسات الاقتصادية الليبرالية. في الحقيقة هناك شعور عمومي بأنّ الاتحاد الأوروبي يسعي وراء إحداث حلقة أمنية حوله الهدف منها الحفاظ على أمن وسلام واستقرار الاتحاد الأوروبي نفسه وليس إحداث ديمقراطيات وكذا الرقي في وضع حقوق الانسان أو التنمية الاقتصادية في المناطق المجاورة له. (Teti and Abbot,2017).
يمكن القول أنّ هناك اختلافاً جاداً بين الأهداف والنوايا المعلنة من قبل الاتحاد الأوروبي مع ما يتطلع إليه شعوب منطقة وانا وأولوياتهم المنشودة. ففي الحقيقة يعدّ هذا الخلاف وغياب التناسق هو الدليل الرئيسي للنظرة غير الايجابية إلى حد كبير للاتحاد الأوروبي في منطقة وانا.
أسلحة الدمار الشامل في منطقة وانا
حالات تنافس بلدان هذه المنطقة فيما يتعلق بتوسيع قدراتها الصاروخية وقدراتها في سائر أسلحة الدمار الشامل يمثّل تهديداً جاداً لأمن أوروبا. فيما يتعلق بالسلاح النووي فإسرائيل تمتلك أسلحة نووية وتنمية الطاقة النووية السلمية في المنطقة ماضية بسرعة وهي بدورها قد تتحول إلى توسع وتنمية غير سلمية. كما اعتبرت المملكة العربية السعودية نفسها متعهدة بالحصول على السلاح النووي لتقابل به التهديد النووي المزعوم من قبل جمهورية إيران الإسلامية أو قد أشارت إلى استفادتها من المظلّة النووية في باكستان. إضافة إلى ذلك هناك سجل تاريخي يتمثّل في استخدام السلاح الكيماوي من قبل العراق ضد إيران وضد الشعب العراقي في حلبجة. وفيما يتعلق بالحرب الداخلية في سوريا أيضاً هناك مزاعم باستعمال هذا النوع من السلاح لمرات متعددة وكان ذلك محل نقاش بين الأطراف المتناحرة. (Samaan,2017:4,5).
بسبب الحرب الدائرة في سوريا أيضاً، أمريكا من جانب وروسيا من جانب آخر ومن خلال تحشيد السفن الحربية لكل منهما وكذا غواصاتهما في منطقة شرق المتوسط أكثرتا من قدراتهما في استخدام أسلحة الدمار الشامل الكامنة كما وأن تواجد الروس يعدّ تهديداً جدياً في هذه المنطقة لكثير من البلدان الأوروبية (Samaan,2017:3).
الإرهاب وموضوع عودة التكفيريين
موضوع الإرهاب والقيام بمبادرات للحد والحيلولة دونه لا يعدّ تحدياً جديداً في أوروبا. حيث أنّ في السنوات الأولى من الألفية الثالثة وبالتزامن مع الهجمات الإرهابية في مدريد ولندن تحوّل موضوع الإرهاب مرة أخرى إلى تهديد أمني للاتحاد الأوروبي. لهذا السبب أيضاً وفي عام 2005 تمّت صياغة استراتيجية الاتحاد الأوروبي لمواجهة الإرهاب.8 في وقت كانت الهجمات الإرهابية تجري في العقود الماضية على يد الانفصاليين من طالبان والحركات الثورية فإنّ الهجمات الإرهابية في السنوات الأولى من الألفية الثالثة باتت مرتبطة مع الدول في الجوار الجنوبي لأوروبا أي منطقة وانا. (European Parliament,2017:4).
القيام بهجمات إرهابية بواسطة تكفيريين عائدين إلى أوروبا ساعد مساعدة بليغة في صيرورة المناخ السياسي في داخل المجتمعات الأوروبية مناخاً قطبياً وفي زيادة المشاعر المضادة للهجرة والمضادة للمسلمين وزيادة القومية ونهوض الحركات اليمينية المتطرفة. 
تحدي الهجرة واللجوء
في عام 2015 أدّت أزمة الهجرة إلى تغير في سياسات الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بمكافحة الهجرة. کما أثر الهجوم واسع الناطق من قبل اللاجئين السوريين عن طريق تركيا وبلدان البلقان ونمو عملية الهجرة الاقتصادية واللاجئين من إفريقيا عن طريق ليبيا وعن طريق البحر المتوسط تأثيراً سلبياً على أوروبا بأسرها بدءاً من اليونان في الجنوب الأوروبي وصولاً للسويد في الشمال ومن المجر في الشرق حتى فرنسا وبريطانيا في غرب أوروبا.  کما وأحدثت الهجرة واسعة النطاق والجماعية تحديات أمنية جادة للاتحاد الأوروبي وتسبّبت بتعزيز المشاعر القومية في جميع أنحاء أوروبا. (Eurostat,2016).
خصص الاتحاد الأوروبي في ميزانيته لعام 2018، 4.1 مليار يورو في مجال الهجرة والأمن. حيث أنّ إجمالي الميزانية المخصصة في هذا المجال بين عامي 2015 حتى 2018 كان يصل إلى اثنين وعشرين مليار يورو. (Bassot, 2018, 14). هذا فضلاً عن أن الاتحاد الأوروبي کان خلال السنتين الماضيتين وبكتابته لعدة أدوات مالية يسعى لمواجهة جذور وأسباب نشوء الهجرة الرئيسية أيضاً. 
أزمة الهجرة واللاجئين كانت لها تبعات أيضاً على السياسة الداخلية لأوروبا. فالمواضيع المتعلقة بالهجرة واللجوء أصبحت في صميم البحوث السياسية ومن جملتها لدى إجراء الاستفتاء العام لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست) أو الانتخابات الرئاسية في فرنسا والانتخابات البرلمانية في ألمانيا في عام 2017. 
الدراسة المذكورة عن تحديات الاتحاد الأروبي في منطقة وانا تظهر تعاظم هذه التحديات للاتحاد الأوروبي إجمالاً في العقد الأخير، سواء من منظار الحجم أو من منظار مدى تأثيرها على الفاعلية السياسية الداخلية والسياسة الأمنية والسياسة الاقتصادية والسياسة الاجتماعية، حيث قد أدّت إلى تغيير في فهم تهديدها من المنطقة ونمو هذا الفهم. 
4. الاستيراتيجية الأمنية للاتحاد الأوروبي حيال منطقة وانا
بشكل عام في حقبة ما قبل الصحوة الإسلامية كانت أهمية منطقة وانا بالنسبة للاتحاد الأوروبي أكثر ما تكون تتمحور حول القضايا الاقتصادية. في هذا الخصوص توفير موارد الطاقة التي تحتاج إليها أوروبا من هذه المنطقة خصوصاً فيما يتعلق ببلدان ضفاف الخليج الفارسي من جهة والحجم العالي لصادرات البلدان الأوروبية لبلدان منطقة وانا من جهة أخرى كان السبب الرئيسي لاهتمام الاتحاد الأوروبي بمنطقة وانا.
في هذا السياق اهتمّ الاتحاد الأوروبي وبسبب ملاحظاته الناجمة من الحفاظ على استقراره والحفاظ على العلاقات الاقتصادية مع منطقة وانا بالاستقرار الاقتصادي في هذه البلدان أكثر من اهتمامه بالقيم الديمقراطية والمدنية. كما أنّ إحدى أسباب ضرورة الحفاظ على العلاقات مع بلدان منطقة وانا من وجهة نظر الأوروبيين وعدم إفراغ هذا المجال المهم لتواجد وحضور سائر القوى ومنها الولايات المتحدة الأمريكية. (Karabulut,2008:3-5).
هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 كانت نقطة تحوّل في السياسات الأمنية للاتحاد الأوروبي حيال منطقة وانا، حيث يرى البعض أنّ الاتحاد الأوروبي ومتأثراً بالقلق الشديد من توسع ونماء التوجه إلى الإسلاموية المتطرفة والهجمات الإرهابية الناجمة من أنشطة المجموعات التكفيرية قد انجرّ صوب فهم ضرورة الإصلاحات في داخل بلدان منطقة وانا وخصوصاً في البلدان العربية.
وذلك لأنه من وجهة نظرهم فإن غياب الديمقراطية في هذه البلدان كان سبباً في توفر الأرضية الخصبة لظهور التوجه الإسلاموي المتطرف في أوساطهم. وفي هذا الصدد فإن حالات تقديم العون والبرامج الإصلاحية من قبل الاتحاد الأوروبي لبلدان هذه المنطقة لم تكن غير ناجحة في استقرار الديمقراطية والحد من نماء التطرف فحسب بل تسببت في أن تستمر الأنظمة العربية الباحثة عن السلطة والاستبداد وأن ترتفع نسب الفقر والبطالة في هذا البلدان بشكل كبير، كما أن حالات عدم المواساة الاقتصادية هذه كانت سبباً رئيسياً في حدوث الصهوة الإسلامية (Küçükkeleş,2013:5-9). على رغم من أن الصحوة الإسلامية لا قت ترحيباً من جانب الاتحاد الأوروبي وذلك بسبب المسعى لإسقاط الأنظمة الديكتاتورية العربية واستقرار الديموقراطية في هذه البلدان، وبسبب تشابه هذه الحادثة التسلسلية مع الحركة الديمقراطية في تشيكوسلوفاكيا في العام 1984 المسماة بربيع براغ فسميت وعرفت هذه الحركات بالربيع العربي لكن استمرار هذا المسار قد أثار حالات القلق لدى الأوروبيين لأن الحركات العربية وإن كانت في ظاهرها تحمل مسعى لجعل الأنظمة السياسية في البلدان العربية ديمقراطيةً وكانت خطوة لأن تقرب مجتمعاتها من الموازين الأوروبية المعيارية إلا أن هذه الحركات كانت تبطن في جوفها الخفي نوعاً من الضدية للبلدان الأوروبية وذلك لأن الثوريين العرب كانوا يرون البلدان الأوروبية هي صاحبة الذنب في ترسيخ استبداد الأنظمة العربية. في أثناء هذه الثورات العربية كان تدخل الناتو في ليبيا بمثابة امتحان مهم للاتحاد الأوروبي.
 كان الأوروبيون في اتفاقية لشبونا قد قرروا المضي قدماً في مسار إحداث الهياكل الأمنية الخاصة بالاتحاد وكانوا قد شرعوا ببرامج لتشكيل الجيش الأوروبي المشترك. كما جعل الاتحاد الأوروبي ولأسباب أمنية ولحاجته الملحة للطاقة موضوع ليبيا إلى جانب أولوياته السياسية الخارجية، لكن بعد أن قرر حلف شمال الأطلسي أي الناتو التدخل في ليبيا ظهرت الفجوة والهوة والخلاف بين أعضاء الاتحاد الأوروبي في موضوع اتخاذ قرارات الناتو والتدخل العسكري المباشر من عدمه. في هذا الخصوص كانت فرنسا وبريطانيا تؤيدان التدخل العسكري لكن المانيا والبلدان الداعمة لها في داخل الاتحاد الأوروبي كانت تعارض الهجوم العسكري على ليبيا. لهذا تعد حالة ليبيا فاضحة لأن الاتحاد الأوروبي لا يملك بعد العزيمة والإرادة المشتركة لاتخاذ القرارات الأمنية المشتركة ومازالت هناك الفواصل الشاسعة والفجوات الكبيرة بين أعضاء الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالموضوعات الأمنية. 
 إن الخلافات الطارئة بين أعضاء الاتحاد الأوروبي كانت بمعنى فشل ورسوب هذا الاتحاد في امتحان الأمن المشترك (Sıradağ,2015:47). فمع نشوب الحرب في سوريا أصبحت تأثيرات تطورات الصحوة الإسلامية على أمن الاتحاد الأوروبي أمراً أكثر جدية ومزيد كما أن تأزم الأوضاع الإنسانية في سوريا وسيل المهاجرين والنازحين السوريين نحو البلدان الأوروبية وضع الاتحاد الأوروبي في مواجهة تحديات جدية وجديدة (Çalışkan,2016). في إطار هذا المناخ العام، وكردّة فعل لفهم التهديد القادم من منطقة وانا، وضع الاتحاد الأوروبي باقة من التوجهات الأمنية في أجندته. لهذا فقد انتهج الاتحاد وبمعناه الضيق أي المؤسسات الأوروبية ثلاث استراتيجيات أمنية9 حيث انعكس للاتحاد في كل منها نظرة عامة تجاه منطقه وانا وقضاياها. 
أولى استراتيجيات أوروبا الأمنية كانت في ديسمبر 2003 وهي المسماة، "استراتيجية أوروبا الأمنية بشعار أوروبا آمنة في عالم أفضل"10 وكان لها ماهية خارجية أي كانت أكثر ما تعالج هو التهديدات الخارجية التي يواجهها الاتحاد الأوروبي وقد أكد على أهمية ردة الفعل المتناسقة (في إطار النظرة التعددية المؤثرة)11 للاتحاد الأوروبي تجاه التهديدات العالمية ومنها تهديدات منطقه وانا وكذلك على ضرورة تحسين تواجد وقيادة الاتحاد الأوروبي في نظام الحكم العالمي (ESS, 2003: 2). قد جاء في هذه الوثيقة عناوين بصفتها تهديدات رئيسية يواجهها الاتحاد الأوروبي وهي الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل والمنازعات الإقليمية وتخلف الحكومات والجرائم المنظمة (ESS, 2003: 4-6). بعد هذا الشرح الذي أوردناه عن كل من هذه التهديدات يتضح أنه في معظم التطورات الرئيسية التي يواجهها الاتحاد الأوروبي فإن هناك ثمة دوراً رئيسياً لمنطقة وانا فيها يتعلق في موضوع الإرهاب. في الحديث عن الإرهاب جرى الحديث عن القاعدة وخلاياه النائمة في أوروبا، وفي موضوع أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط12 قد اعتبر موضوع التسابق للتسلح بأسلحة الدمار الشامل أمراً بالغ الأهمية وعاجلاً وفي موضوع المنازعات الاقليمية، فإن المنازعات في منطقة الشرق الأوسط13 وبسبب قربها من أوروبا اعتبرت تهديداً جاداً وعاجلاً ومباشراً ضد الأمن والاستقرار في أوروبا.
أما التهديدان الآخران أي تخلف الحكومات والجرائم المنظمة فهي قد درست غالباً من منظار عالمي ولا ينحصران ولا يحدان في منطقة وانا. في تقييم عام لهذه الاستراتيجية، إنها لتأتي في خضم التعريف بمصالح الاتحاد الأوروبي في شرق أوسط مستقر ومتمتع بنظام حكم جيد وتعاونات أمنية في المنطقة والحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل.
 استراتيجية أوروبا الأمنية في عام 2010 أي ما يعرف بـ"الاستراتيجية الأمنية الداخلية للاتحاد الأوروبي نحو نموذج أمني أوروبي"14، كما وأنه واضح من تسميتها، تركز بشكل أكبر وأوسع على الأبعاد الداخلية لأمن الاتحاد الأوروبي وتهدف إلى تعزيز القدرات العملية للاتحاد وإحداث نوع من الإجماع على القيم والأهداف والرؤى الحاكمة على أمن أوروبا (ISSEU, 2010: 7). قد تم تعريف استراتيجية الأمن الداخلي في هذه الوثيقة بصفتها مكملاً حيوياً لاستراتيجية أمن أوروبا في عام 2003، وقد تم التأكيد على التأثير المتبادل والعلاقة ثنائية الأطراف للتهديدات الخارجية على استقرار وأمن أوروبا الداخليين  (ISSEU, 2010: 32). هذه الوثيقة وإن كانت تسمي موارد مثل التهديدات العالمية كالإرهاب والجرائم المنظمة والجرائم التي تتجاوز الحدود والجرائم السيبرانية والعنف والكوارث الطبيعية وغير الطبيعية لكنها وخلافاً لاستراتيجية 2003 لا تشير صراحة إلى منطقة وانا وعلاقة التهديدات بها بل تلوح إلى تأييد وثائق استراتيجية 2003 (ISSEU, 2010: 7-12).  "الاستراتيجية العالمية للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي"15 في عام 2016 تحت مسمى "نظرة مشتركة، مبادرة مشتركة، أوروبا أقوى"16، كما تقول فدريكا موغريني قد انتشرت في وقت قد واجه وجود الاتحاد الأوروبي شكاً. تقول المندوبة السامية للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي: "لم يتغير الجوار العالمي لهذا الاتحاد تغيراً شديداً ولم‌يصبح أكثر تعقيداً وعدائية، وخصوصاً لم يصبح محيط الجوار الأوروبي عدم مستقر أكثر وبمزيد من غياب الأمن فحسب، بل وإن التطورات قد جعلت الترابط في الأبعاد الداخلية والخارجية ذات أهمية أكثر وأبدت بشكل أكبر غياب الانسجام وغياب التنسيق بين الأدوات والعاملين في الاتحاد الأوروبي وإنها أظهرت جلياً أن‌الاتحاد الأوروبي يملك محاور قوة قليلة جداً للتأثير على المحيط الخارجي ومنها تطورات منطقة وانا ولا يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يستغل وزنه كلاعب عالمي مؤثر  (ESS, 2016: 3-5). 
قد طرأت تغيرات أساسية لاستراتيجية الاتحاد الأوروبي مقارنة بالاستراتيجية الأمنية للاتحاد الأوروبي في عام 2003 وهي تعتبر وثيقة لما بعد الليبرالية الجديدة17 التي تأثرت بتطورات الأعوام الأخيرة في الاتحاد الأوروبي ومحيطه المجاور له، فقد تم السعي في هذه الوثيقة على الاهتمام بكلا جانبي القوة الطبقية المقبولة عموماً للاتحاد الأوروبي وكذلك المحيط الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي، وقد اهتمت هذه الوثيقة بنفوذ ومحاور قوة الاتحاد الأوروبي الآيلة إلى الأفول وكذلك إلى التغيرات الطارئة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. من النطاقات الخمسة ذات الأولوية للاتحاد الأوروبي هي السياسة الخارجية وإمكانية "ترميم الحكومة والمجتمع في الشرق والجنوب"18. كما تم استعمال مصطلح إمكانية الترميم19 في هذا النص من هذه الوثيقة عدة مرات. في الحقيقة قد استعمل هذا المصطلح لعدة مرات في الجوار والتوسع والهجرة والأمن السيبراني.
قد اتخذ في هذه الوثيقة "الجوار الأكثر سعة"20 وسعة لأوروبا وخصوصاً الجوار من جهة جنوبه مكانة رئيسية ومهمة ولسبب أزمة النازحين والإرهاب والتطرف وتخلف الحكومات وغياب العدالة الاقتصادية والمناخات التي تفتقد لنظام الحكم قد نُظِرَ إليها من نافذة الاستقرار والأمن .في الحقيقة إن منطقة وانا ونظراً لجوارها الجغرافي مع أوروبا وعلاقاتها الاقتصادية والسياسية والتاريخية الواسعة بين بعض دول هذه المنطقة مع البلدان الأوروبية فإن استقرارها وتطورها دائماً ما كان ذا أهمية بالغة بالنسبة للاتحاد الأوروبي. فهم التهديد على الاتحاد الأوروبي القادم من منطقة وانا وفق الوثيقة المذكورة توّا وإن كان أمراً جاداً تماماً وعاجلاً لكن للاتحاد الأوروبي رؤية واقعية لقدراتها في التأثير على التطورات. وقد سعى الاتحاد الأوروبي في هذه الوثيقة أن يقِر نوعاً من التوازن بين القيم ومصالح الاتحاد على أساس التحليل المنطقي للتهديدات والموارد المحدودة للاتحاد الأوروبي وكذلك قوتها المحدودة في تكوين النتائج المثالية بنسبة لها (House of Lords, 2016: 30) .قد جاء في أجزاء من الاستراتيجية العالمية للاتحاد الأوروبي سعي الاتحاد الأوروبي وراء التأثير على بلدان بإمكانها أن توجد فرقاً ذا معنى (EUGS,2016:25).
في الحقيقة بسبب فشل الاتحاد الأوروبي في المضي قُدماً في حالاته الطبيعية المقبولة عموما في منطقة وانا قد سعت بروكسل إلى كتابة حلول جديدة، ومن هذا المنطلق فإن الأهداف المتمثلة في جَعل بلدان منطقة وانا مقاومة وإمكانية جعلها متقبلة للترميم تَدعم القيام بالإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية لإقرار حكم القانون والتوزيع المتساوي للسلطة والقدرة والفرص في موضع يكون أولاً هذا أمر ممكن فيه وثانياً أن يُحدث فرقا ذا معنى (Colombo et al,2017:25).
نظراً لتحليل كهذا فقد أكدت الوثيقة على "التكنوقراطية المبنية على الأسس"21 أي توفيق المصالح مع الحالات الطبيعية إن أمكن ذلك بصفتها دليلا للمبادرة الخارجية للاتحاد الأوروبي في السنوات القادمة، تشير الاستراتيجية إلى أنّ الاتحاد الأوروبي لا يستطيع في أفضل حالاته أي في حال حيازته على العزيمة والإدارة والمصادر الكافية التغلب على التهديدات القادمة من منطقة وانا بشكل مستقل (ESS, 2016: 30-34).
من هذا المنطلق قد تم التأكيد على أن الاتحاد الأوروبي وبرفقة شركائه وليس وحيداً أن يبحث عن مزيد من التأثير. فقد يكون ومن هذا المنطلق انه قد تم السعي في الوثيقة لأن ينظر إلى منطقة وانا بعدسة عالمية وعندما يتم الحديث عن الهواجس العالمية مثل الأمن البحري ومكافحة الإرهاب والطاقة والمناخ والأمن السيبراني وبناء المدن والأمراض المعدية، يتم التأكيد على ارتباط منطقة وانا بجميع هذه الأمور. (Ileacha and Tocci,2016:2). T
في الحقيقة يسعى الاتحاد الأوروبي ومن خلال طرحه لرؤية عالمية لمنطقة وانا إلى أن يرسم برنامجاً عالمياً لمواجهة التهديدات الآتية من هذه المنطقة، وأن يستفيد من الطاقات الإقليمية والأخرى الكائنة خارج الإقليم لمعالجة هذه التحديات ولذلك قد تم التأكيد في هذه الوثيقة على حالات النظم الإقليمية المبنية على التعاون22 بمعنى تعزيز حالات النظم الإقليمية والجماعية والاستفادة من المجموعات الخاصة في حالات معينة كمجموعة23 خمسة زائداً واحداً في المفاوضات النووية مع إيران لحل المشاكل الإقليمية. ومن الإبداعات الأخرى لهذه الإستيراتيجية العالمية هو ميل الاتحاد الأوروبي لتنفيذ وتطبيق السياسات المتوازنة في منطقة الخليج الفارسي. ويعني هذا الأمر تعزيز التعاون مع مجلس التعاون الخليجي والتفاعل التدريجي مع إيران على أساس الاتفاق النووي. تحقق هذه الشروط وإن كان أمراً غير يسير لكنه يعكس صورة واضحة عن فهم الاتحاد الأوروبي من أن التحركات الإقليمية بمعنى الاعتراف بمركزية الخليج الفارسي وتواجد إيران فيه بصفتها قوةً إقليمية. 
الموضوع المهم الآخر هو وجود نوع ترابط واتصال في غياب الأمن في البلدان المجاورة الجنوبية للاتحاد الأوروبي والمناطق المجاورة للاتحاد الأوروبي ومنها منطقة الساحل وقرن أفريقيا (Ileacha and Tocci,2016:2).
عموماً، إن الاستراتيجيات الأمنية للاتحاد الأوروبي حيال منطقة وانا تتصف بمزيد من الجيوسياسية فيما ماهيتها المعيارية ضئيلة، فالنظرة الغالبة إلى قضايا المنطقة إنما تكون من نافذة الاستقرار والأمن فيها. مع هذا، قد جرى الحديث في ثلاث استراتجيات مذكورة تواً خصوصاً في الوثيقة الأمنية للعام 2016 تحديداً عن تهديدات منطقة وانا للاتحاد الأوروبي. إن النظرة الاستراتيجية لمنطقة وانا في الحقيقة كانت سلبية كالسياسات تجاهها وكانت انفعالية وثانوية ولم يكن للاتحاد الأوروبي في هذه الاستراتيجيات برنامج محدد لإحداث الترتيب في وانا وعلى الرغم من أنها أسمت استراتيجيتها الأخيرة استراتيجية عالمية إلا أن هذا لا يعني أن أوروبا لاعبة عالمية خصوصا في مجال الأمن ويبدو أنها في الأغلب لاعب إقليمي ويفكر في نظم منطقة وانا والتأثير فيها في إطار قوة ذات ردة فعل24.  
5. النتيجة
  قد ضعف استقرار منطقة وانا في السنوات الأخيرة متأثراً بتنافسات وحالات التناحر المسلحة وستكون سمتها الغالبة في السنوات القادمة أيضاً استمرار غياب الاستقرار. تؤثر حالات غياب الاستقرار والتناحرات على الاتحاد الأوروبي بشكل مباشر. إضافة إلى هذا، يرغب الاتحاد الأوروبي في الحفاظ على استقرار منطقة وانا حتى يتمكن من توسيع نطاق نفوذه الاقتصادي واطمئنان القلب فيما يخص الحصول على الموارد الطبيعية، لكنه يواجه تحديات جادة في تنفيذه لسياساته. جزء من هذه التحديات تتمثل في تحديات داخلية والبعض الآخر منها خارجي. فيما يتعلق بالتحديات الداخلية يمكن القول أنه مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يفقد هذا الاتحاد أحد أعضائه الأقوياء. قوة تعد إحدى الفاعلين المهمين في السياسة الخارجية. كما وأن المشاعر المناهضة لأوروبا آخذة بالتنامي في البلدان الأوروبية وهذا نفسه يعزز الحركات القومية. هذا النوع من غياب القطعية في سياسات الاتحاد الأوروبي العامة، إلى جانب غياب الرؤية المحددة الواضحة في العلاقات التي تتجاوز الأطلسي، قد أوجدت غموضاً فيما يخص استراتيجية الاتحاد الأوروبي في المنطقة. 
نظرا لبروز غياب الاستقرار وانعدام إمكانية التكهن فيما يتعلق بالتغيرات في الجغرافيا المحيطة بالاتحاد الأوروبي أضف إلى ذلك التحديات الاقتصادية والأمنية والسياسية الأوروبية الداخلية، هناك خطر محدق يتمثل في استغلال البلدان الأوروبية بشكل فردي أو في إطار الاتحاد الأوروبي التدابير قصرة الأمد والتكتيكية لإدارة تطورات منطقة وانا.    
فيما يتعلق بالتحديات الخارجية للاتحاد الأوروبي في منطقة وانا يمكن القول أن استمرار التناحرات في المنطقة هو تحدّ جاد لمصالح الاتحاد. فحالات التناحر هذه تهيئ الأرضية الخصبة لتكون موجة من اللاجئين وتشكل حركات إرهابية وتوقف عجلة النمو الاقتصادي. كما أن مخرجات هذه التطورات تقلص الرؤية في توفير فرص العمل لجيل المنطقة الناشئ. لذلك ومن هذا المنطلق يمكن القول إن استغلال القدرات الاقتصادية والدبلوماسية للتخلص من هذه المشاكل هو أولوية الاتحاد الأوروبي الرئيسية. 
في الختام يمكن القول ان استراتيجية الاتحاد الأوروبي العالمية قد تؤثر بأربع تأثيرات على منطقة وانا: الأول زيادة الضغط من قبل الاتحاد الأوروبي على الاتحاد المتوسطي إلى جانب ازدياد دعم أعضائه، والثاني المسعى لتعزيز الحوارات السياسية الأوروبية العربية وإنماء التعاون في حال كانت لجامعة الدول العربية أيضاً الرغبة في التعاون مع الاتحاد الأوروبي في مختلف المجالات، والثالث صياغة البرامج الإبداعية السياسية الجديدة الهادفة إلى إنماء التعاون مع بلدان شمال إفريقيا وكذلك فيما بينها أيضاً وبين سائر البلدان الإفريقية، والرابع المسعى للبدء بحوار متواز مع بلدان مجلس التعاون الخليجي وإيران بهدف تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وكذلك التقليل من التوترات بين طهران والرياض. 
فيما يتعلق بمكانة إيران في الاستراتيجية الأمنية للاتحاد الأوروبي حيال منطقة وانا وقدراتها الكامنة وقيودها الناجمة من هذا الدور والمكانة يجب القول أنه وحتى عام 2013 كان هذا الدور متأثراً بالملف النووي وحتى ذلك الوقت وإن كان التأكيد حاضراً على القدرات الكامنة لإيران في إزالة التهديدات الأمنية للمنطلقة من وانا فيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، لكن ثقل الموضوع النووي كان يبلغ حداً لا يبقي مجالاً لتقديم هذه القدرات الكامنة ومنحها فرصة للتنفيذ. لكن منذ عام 2013 يمكن مشاهدة تغير هذا الوضع وطرح جدي للاستفادة من قدرات إيران الكامنة لترتيب النظم الأمني في منطقة وانا وإن كان مشروطاً وليس وضع الموانع في طريق تحقيقها. في الإطار المذكور يمكن العثور في وثيقة عام 2016 العالمية وسائر الوثائق الأوروبية الأخيرة على دور أكبر بكثير لإيران في تكوين الأمن في وانا ومساعدة الاتحاد الأوروبي في مواجهة التهديدات القادمة من هذه المنطقة وتعريف نطاقات مختلفة للمشاركة والتعاون في مجال الأمن والاستقرار في منطقة وانا.    


الحاشیة
1 يعتعقد المؤلف أن الاسم المختصر وانا (WANA) مقتبس من الحروف الأولى لغرب آسیا (West Asia) وشمال آفريقا (North Africa) حيث يمكن أن‌يستخدم كعنوان للمصطلح الإيراني بدلاً من منا (MENA) والذي يستخدم من قبل الأوربيين ومصطلحاتهم في الغالب في التغبير عن هذه المنطقة. كما إن من البديهي أن في هذه التسمية قد تم اعتبار غرب آسيا معادلاً للشرق الأوسط وهو أمر مقبول عادة في أدبيات البحوث عند الإيرانيين والأوروبيين.
2 West Asia- North Africa
3 St Remo
4 Pax Americana
5 War on Terror
6 The Common Foreign and Security Policy (CFSP)
7 The Common Security and Defense Policy (CSDP)
8 EU Counter-Terrorism Strategy
9 Security Strategy
10 European Security Strategy: A Secure Europe in a Better World (ESS)
11 Effective Multilateralism
12  بشكل دقيقMiddle Eastلقد تم استخدام كلمة.
13  بشكل دقيق أيضاً Middle East لقد تم استخدام كلمة 
14 Internal Security Strategy for the European Union(ISSEU): Towards a European Security Model
15 A Global Strategy for the European Union's Foreign and Security Policy
16 Shared Vision, Common Action: A Stronger Europe
17 Post-neoliberal
18 State and Societal Resilience to our East and South
19 Resilience
20 Wider Neighborhood
21 Principled Pragmatism
22 Cooperative Regional Orders
23 Ad hoc Groups
24 Reactive Power

 

المصادر
أ) المصادر الفارسية
هينه بوش، ريموند، والزملاء (2011)، السياسة الخارجية لبلدان الشرق الأوسط، ترجمة الدكتور رحمن قهرمانبور ومرتضى مساح، طهران: منشورات جامعة الإمام الصادق عليه السلام.


ب) المصادر الإنجليزية


- A Secure Europe in a Better World; European Security Strategy, Brussels, 12 December 2003.
- Bassiouni, M. Cherif and Shlomo Ben Ami, eds. (2009), a Guide to Documents on the Arab-Palestinian/Israeli Conflict: 1897-2008, Leiden, Nijhoff.
- Bassot, E. (2018, January). Ten Issues to Watch in 2018. Retrieved June 14, 2018, from European Parliamentary Service: http:// http://www.europarl.europa.eu/RegData/etudes/IDAN/2018/614650/EPRS_IDA(2018)614650_EN.pdf.
- Bradshaw, Tancred (2007), “History Invented: The British-Transjordanian ‘Collusion’ Revisited”, in Middle Eastern Studies, Vol. 43, No. 1 (January), p. 21-43.
- Colombea, S., Dessi, A., & Ntousas, V. (2017). The EU Resilience and the MENA Region. Retrieved June 30, 2018, from Instituto Affari Internazionali (IAI): http:// http://www.iai.it/sites/default/files/9788868129712.pdf.
- Çalışkan,Burak,“Küresel Bilek Güreşi:Uluslararası Güçlerin Suriye Politikası,IHH Humanitarian and Social Research Center(İNSAMER),29 November 2016, http://insamer.com/tr/kuresel-bilek-guresi-uluslararasi-guclerin-suriye-politikasi_431.html, (Date of Accession: 03.03.2018).
- Eduard Soler i Lecha and Nathalie Tocci, Implications of the EU Global Strategy for the Middle East and North Africa, CIDOB, 2016.
- Ehteshami, Anoushiravan (2009), “The Middle East’s New Power Dynamics”, in Current History, Vol. 108, No. 722 (December), p. 395-401.
- El-Shazly, Nadia and Raymond Hinnebusch (2002), “The Challenge of Security in the Post-Gulf War Middle East System”, in Raymond Hinnebusch and Anoushiravan Ehteshami, eds., The Foreign Policies of  Middle East States, Boulder, Lynne Rienner, p. 71-90.
- European Parliament. (2017, February). Counter-terrorism Cooperation with Southern Neighborhood. Retrieved June 22, 2018, from Director-General for External policies: http:// http://www.europarl.europa.eu/RegData/etudes/IDAN/2017/578013/EXPO_IDA(2017)578013_EN.pdf
- Eurostat, 2016, Euro area unemployment, March, in: ec.europa.eu/eurostat/documents/2995521/8701418/3-01032018-AP-EN/37be1dc2-3905-4b39-9ef6-adcea3cc347a.
- EU-Aussenpolitik: Neue Strukturen, Alte Schwächen, CSS Analysen, Nr. 96, Juni 2011.
- Goodwin, Matthew, 2017, in 2018, Europe’s Populist Challenges Will Continue, Chatham House, 14 December.
- Hazbun, Waleed (2015), “A History of Insecurity: From the Arab Uprisings to ISIS”, in Middle East Policy, Vol. 22, No. 3 (Fall), p. 55-65, http://dx.doi.org/10.1111/mepo.12143
- House of Lords; European Union Committee, 8th Report of Session 2015–16, Europe in the World: Towards a more Effective EU Foreign and Security Strategy HL Paper, 16 February 2016, London.
- Internal security strategy for the European Union; Towards a European security model, the European Council, March 2010.
- Kamel, Lorenzo (2015), Imperial Perceptions of Palestine. British Influence and Power in Late Ottoman Times, London and New York, I.B.Tauris.
- Karabulut,Bilal, “European Union-Israel Relations”, Gazi Akademik Bakış, Vol: 1, No: 2, Summer 2008.

Küçükkeleş, Müjge,“AB’nin Ortadoğu Politikası ve Arap Baharına Bakışı”,SETA Analiz,No: 63, January 2013.
Lorenzo Kamel, Karim Makdisi, Waleed Hazbun and Tariq Tell, The Past: Terminology, Concepts And Historical Junctures, In Re-Conceptualizing Orders In The Mena Region; The Analytical Framework Of The Menara Project, Edited by Eduard Soler i Lecha (Coordinator), Silvia Colombo, Lorenzo Kamel and Jordi Quero,CIDOB, No.1, November 2014.
Report on the Implementation of the European Security Strategy - Providing Security in a Changing World, the EU High Representative Javier Solana, 2008.
Samaan, J.-L. (2017, October 25). The Missile Threat in the Mediterranean: Implications for European Security. Retrieved June 21, 2018, from Elcano Royal Institute: http:// http://www.realinstitutoelcano.org/wps/portal/rielcano_en/contenido?WCM_GLOBAL_CONTEXT=/elcano/elcano_in/zonas_in/ari79-2017-samaan-missile-threat-mediterranean-implications-european-security.
Shared Vision, Common Action: A Stronger Europe; A Global Strategy for the European Union’s Foreign And Security Policy, High Representative of the Union for Foreign Affairs and Security Policy Vice- President of the European Commission, June 2016.
SIRADAĞ, Abdurrahim, “Avrupa Birliği’nin Libya Politikası: Realizm veya İdealizm”, Ortadoğu Stratejik Araştırmalar Merkezi (ORSAM), Vol: 7, No: 70, September-October 2015, p. 76-77.
Teti, A., & Abbot, P. (2017). Perception of EU Foreign Policy in the MENA Region. Retrieved June 13, 2018, from Open Democracy: http:// https://www.opendemocracy.net/north-africa-west-asia/andrea-teti-pamela-abbott/perceptions-of-eu-foreign-policy-in-mena-region.
Thyen, K. (2018, March). Why It Matters What We Do: Arab Citizens' Perception of the European Union After the 2011 Uprisings. Retrieved June 22, 2018, from German Institute of Global and Area Studies: http:// https://www.giga-hamburg.de/en/system/files/publications/wp312_thyen.pdf.
 

 


قراءة: 930