فصلنامه مطالعات سیاست خارجی تهران
 

التحالفات السياسية اليمنية في الداخل

محمد طاهر أنعم
مستشار المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، عضو الهيئة العليا لحزب الرشاد اليمني، عضو التكتل السياسي للأحزاب السياسية المناهضة للعدوان، ماجستير في تاريخ الحضارة الإسلامية.

الخلاصة
وقد كانت أول حكومة بعد الوحدة اليمنية تضم حزبي المؤتمر والاشتراكي، ثم توسعت بعد أول انتخابات في دولة الوحدة سنة 1993 لتضم –إضافة للحزبين- حزب الإصلاح، وكانت هذه الأحزاب الثلاثة قد اكتسحت معظم مقاعد مجلس النواب اليمني حينها، مؤكدة أنها القوى الأكثر شعبية وتواجداً في الساحة و بعد تلك الفترة بدأ ينشأ تياران شعبيان كبيران في الساحة اليمنية، وهما: جماعة أنصار الله، والحراك الجنوبي. جماعة أنصار الله بدأت كتيار زيدي ثقافي وتعليمي، ثم تحولت مع الأيام لتصير جماعة لها تأثير سياسي والحراك الجنوبي بدأ كحركة مطلبية حقوقية لعدد من الجنود والموظفين الجنوبيين. بدأت كثير من الأحزاب التقليدية بعد سنة 2000 في التراجع والاضمحلال، لصالح حزبين هما المؤتمر والإصلاح وفي وقت تراجع الأحزاب السياسية كان هناك توسع ونهوض لجماعة أنصار الله وللحراك الجنوبي، ليصير المشهد اليمني موزعاً على أربعة قوى سياسية حقيقية تمتلك تحريك الشارع

 

 

 


مرت التشكيلة السياسية اليمنية بالكثير من التغيرات خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وبالتحديد منذ السماح بالتعددية السياسية سنة 1990 مع إعلان الوحدة اليمنية بين دولتي اليمن الشمالي (صنعاء) واليمن الجنوبي (عدن) في تلك السنة.
فقبل تلك الفترة كانت القوى الفاعلة في الساحة اليمنية هي القوى القبلية (حاشد1، بكيل2، مذحج3، حمير4)، والجماعات الدينية (جماعة الإخوان المسلمون، التيارات الزيدية، التيارات السلفية، التيارات الصوفية، جماعة التبليغ).
وبعد إعلان التعددية السياسية بدأت الأحزاب السياسية تأخذ طابع التأثير الطاغي على الحياة الاجتماعية اليمنية، وراحت العصبية القبلية اليمنية تتفكك شيئاً فشيئاً لصالح الأحزاب السياسية، وينقسم مشايخ القبيلة الواحدة وأتباعهم على أكثر من حزب، ويتحول الولاء للحزب بدلاً من القبيلة.
كما تنوع توجه الجماعات الدينية لتلك الأحزاب، فبعضها اختار إنشاء حزب مستقل5، وبعضها توزع بين الأحزاب6، وبعضها اختار اعتزال العمل السياسي7.
ومع التجاذبات السياسية المتنوعة صار نفوذ القوى السياسية يزداد يوماً بعد يوم، وكانت القوة الكبرى بداية متوزعة بين ثلاثة أحزاب سياسي، وهي: 
المؤتمر الشعبي العام8، والحزب الاشتراكي اليمني9، والتجمع اليمني للإصلاح10.
وقد كانت أول حكومة بعد الوحدة اليمنية تضم حزبي المؤتمر والاشتراكي، ثم توسعت بعد أول انتخابات في دولة الوحدة سنة 1993 لتضم –إضافة للحزبين- حزب الإصلاح، وكانت هذه الأحزاب الثلاثة قد اكتسحت معظم مقاعد مجلس النواب اليمني حينها، مؤكدة أنها القوى الأكثر شعبية وتواجداً في الساحة.
وبعد حرب الانفصال سنة 1994 تم إقصاء الحزب الاشتراكي، وصارت الحكومة مقتصرة على حزبي المؤتمر والإصلاح.
واستمرت هذه الشراكة حتى انتخابات 1997 والتي انفرد بعدها حزب المؤتمر بتشكيل الحكومة، مما أدى لإنشاء تحالف بين حزبي الإصلاح والاشتراكي للمعارضة السياسية، وضم إليه عدداً من الأحزاب الأقل تواجداً في البرلمان مثل الناصري والبعث وحزب الحق وحزب اتحاد القوى الشعبية.
في تلك الفترة بدأ ينشأ تياران شعبيان كبيران في الساحة اليمنية، وهما: جماعة أنصار الله، والحراك الجنوبي.
جماعة أنصار الله بدأت كتيار زيدي ثقافي وتعليمي، ثم تحولت مع الأيام لتصير جماعة لها تأثير سياسي بدأ من محافظة صعدة، ثم انتشر في كثير من المحافظات الشمالية.
والحراك الجنوبي بدأ كحركة مطلبية حقوقية لعدد من الجنود والموظفين الجنوبيين الذين تم إقصاءهم بعد حرب الانفصال سنة 94، ثم تحول لحراك شعبي فيه الكثير من التيارات السياسية والحقوقية، وصار ينمو شيئاً فشيئاً حينها.
بعد سنة 2000 بدأت كثير من الأحزاب التقليدية11 في التراجع والاضمحلال، لصالح حزبين هما المؤتمر والإصلاح، ففي انتخابات سنة 2003 حصد حزب المؤتمر أكثر من 200 مقعد من مقاعد البرلمان (البالغة 301 مقعداً) وحصد حزب الإصلاح ما يزيد على 60 مقعداً، بينما توزعت بقية المقاعد على المستقلين، و7 مقاعد فقط للحزب الاشتراكي، و 3 للحزب الوحدوي الناصري.
وفي وقت تراجع الأحزاب السياسية كان هناك توسع ونهوض لجماعة أنصار الله وللحراك الجنوبي (واللذان لم يشاركا في أي انتخابات)، ليصير المشهد اليمني موزعاً على أربعة قوى سياسية حقيقية تمتلك تحريك الشارع، وهي:
حزب المؤتمر، برئاسة رئيس الجمهورية الأسبق علي عبدالله صالح.
حزب الإصلاح، (جماعة الإخوان المسلمين وتحالفاتها القبلية والعسكرية) برئاسة رئيس مجلس النواب الأسبق عبدالله بن حسين الأحمر. 
جماعة أنصار الله، بزعامة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي12.
قوى الحراك الجنوبي، بدون زعامة موحدة، وبتشكيل كبير من التيارات السياسية غير الرسمية.
وتجذر هذا الأمر عاماً بعد عام، حتى الوصول لسنة 2011 والتي شهدت الثورة الشعبية اليمنية، وشاركت فيها كل تلك القوى ضد حزب المؤتمر وسياساته المحلية الإدارية والاقتصادية والاجتماعية.
و في سنة 2012 تدخل النظام الحاكم في المملكة العربية السعودية لمحاولة لملمة صفوف حلفائه السابقين في حزبي المؤتمر والإصلاح، ومحاولة التقريب بينهما للعودة لتقاسم السلطة مع إقصاء القوتين الجديدتين الشعبيتين: أنصار الله والحراك الجنوبي.
وعلى إثره تم التوقيع على المبادرة الخليجية للصلح في اليمن سنة 2012، وتم تشكيل حكومة مناصفة بين المؤتمر وتكتل أحزاب المشترك (الإصلاح وشركاؤه)، وكان هذا العمل السعودي سبباً مباشراً في التوترات السياسية والعسكرية المفضية لثورة 2014 في صنعاء.
ورغم انطلاق فعالية الحوار الوطني اليمني سنة 2013 لنقاش القضايا المحلية اليمنية، ومشاركة القوى الرئيسية الأربع إضافة للكثير من المكونات الأخرى السياسية الأقل حجماً (مثل الاشتراكي والناصري والحق والرشاد والبعث) وكذلك بعض المكونات الاجتماعية (مكون الشباب، ومكون المرأة، ومكون منظمات المجتمع المدني، والمستقلين) واعتبر مؤتمر الحوار (الذي استمر لقرابة العام الكامل) أن‌قضيتي الجنوب وأنصار الله أهم قضاياه، ودخل في نقاشات متعمقة حولهما ووصل لعدة توصيات وحلول، إلا أن سلوك السلطة في صنعاء والتدخلات السعودية في عملها كان له أثر سلبي في تأخير وتعطيل تلك الحلول، مما جعل الوضع السياسي والاجتماعي يتوتر بشكل كبير في 2014 مؤدياً لانفجار ثورة سبتمبر 2014 في صنعاء، والتي قادها أنصارالله، وأدت لاستقالة الرئيس عبدربه منصور هادي، وفراره من صنعاء لعدن ثم إلى الرياض، واستقالة حكومته في الداخل، ومطالبتهم بالتدخل السعودي العسكري لإعادتهم للسلطة في صنعاء، والذي بدأ في مارس 2015.
وبعد التدخل السعودي أخذ الوضع السياسي اليمني انقساماً ثلاثياً جديداً، تمت على إثره تغيرات كبيرة في خارطة التحالفات السياسية والاجتماعية المحلية.
القسم الأول: التحالف السياسي المناهض للتدخل السعودي في اليمن، ويطلق عليه حكومة صنعاء.
القسم الثاني: التحالف السياسي المؤيد للتدخل السعودي في اليمن والموالي للرياض والوحدة اليمنية، ويطلق عليه حكومة الشرعية.
القسم الثالث: التحالف السياسي المؤيد للتدخل السعودي في اليمن والموالي لأبوظبي والانفصال لليمن الجنوبي، ويطلق عليه المجلس الانتقالي.
قاد التحالف الأول جماعة أنصار الله، وقاد الثاني حزب الإصلاح، وقاد الثالث فصيل من الحراك الجنوبي تسمى لاحقاً: المجلس الانتقالي. بينما انقسم حزب المؤتمر الشعبي العام بين التحالفات الثلاثة. ونستعرض فيما يلي هذه التحالفات الثلاثة ومكوناتها باختصار.
أولاً: التحالف المناهض للتدخل السعودي في اليمن:
وهو تحالف يمني واسع، تتشكل فيه العديد من الأجنحة السياسية والقبلية والاجتماعية اليمنية، التي يجمعها رفض التدخل السعودي في اليمن، ومواجهته بشكل سياسي وعسكري وثقافي.
يقود هذا التحالف جماعة أنصار الله، ويشارك فيه حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح الداخل) والذي كان له فعالية أكبر قبل مقتل الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح سنة 2017 في صنعاء بعد خلاف ومواجهات مع أنصار الله.
كما تشارك فيه أجنحة لعدة أحزاب سياسية مؤيدة للتدخل السعودي، ولكن لها أجنحة رافضة لتوجه قيادتها، سواء اشتراكية أو ناصرية أو بعثية أو سلفية وغيرها.
كما تشارك فيه عدد من قيادات بعض فصائل الحراك الجنوبي الرافضة للتدخل السعودي في اليمن.
وهناك شخصيات وقيادات سياسية وقبلية وازنة ومستقلة ولها مكانتها المحلية تشارك في هذا التحالف الواسع.
وقد انتظم هذا التحالف المناهض للعدوان السعودي في سلطة سياسية واحدة هي سلطة (المجلس السياسي الأعلى) الذي تم إنشاؤه سنة 2016 وأخذ شرعيته من مجلس النواب اليمني الذي استمر ينعقد في صنعاء حينها.
وشكل المجلس السياسي الأعلى حكومة ائتلافية وقتها، شارك فيها أنصار الله وحزب المؤتمر كطرفين رئيسيين، إضافة لقيادات للحراك الجنوبي وأحزاب المشترك وتكتل الأحزاب السياسية المناهضة للعدوان والتحالف الوطني كحلفاء للطرفين الرئيسيين.
وهذه الحكومة (والتي تم تسميتها حكومة الإنقاذ) تحكم اليوم 70 % من الشعب اليمني (تعداده قرابة 30 مليون نسمة)، وتسيطر على العاصمة صنعاء ومعظم المحافظات الشمالية الأربع عشرة، باستثناء أجزاء في محافظات مأرب وتعز والحديدة.
يشارك في المجلس السياسي الأعلى الحاكم في صنعاء، ممثلان عن أنصار الله، ومثلهما عن المؤتمر الشعبي العام، وممثل عن الحزب الاشتراكي اليمني، وممثل عن أحد فصائل الحراك الجنوبي، وممثل عن جناح أحزاب المشترك الرافض للتدخل السعودي في اليمن. 
في الحكومة يوجد تنوع سياسي، فمن الوزراء مثلاً الذين يمثلون أنصار الله في حكومة الإنقاذ بصنعاء: وزير التربية والتعليم، ووزير الصحة، ووزير الداخلية، ووزير الإعلام.
ومن الوزراء الذين يمثلون حزب المؤتمر: رئيس الوزراء، وأحد نوابه، ووزير الخارجية، ووزير التعليم العالي، ووزير التعليم الفني.
ومن الوزراء الذين يمثلون الحراك الجنوبي: وزير الأشغال العامة والطرق، ووزير الدولة لشئون الحوار الوطني.
ومن الأحزاب الأخرى: وزير الخدمة المدنية (ناصري) ووزير الكهرباء (حزب الأمة) وغيرهم.
كما أن هناك مشاركة  أخرى واسعة في مناصب مهمة أخرى كالمحافظين وكبار الموظفين الحكوميين.
ترتكز قوة هذا التحالف في تواجده في الداخل اليمني، ونجاحه العسكري في التصدي لتحالف العدوان على اليمن، والذي تشكل بداية من 9 دول بشكل رئيسي13 (مع دول أخرى داعمة) ثم بدأ يتقلص بانسحاب الدول منها وتجاهله بعد تحقيق خسائر فادحة، واستقر الأمر على دولتين فقط هما السعودية والإمارات14.
فالفكرة الجامعة لهذا التحالف هي مناهضة تدخل النظام السعودي في الشأن اليمني، وترتكز هذه الفكرة على إرث طويل من التجارب مع النظام السعودي وتدخلاته السلبية في اليمن، منذ ثورة 1962 وتأييدها للنظام الملكي ضد الثورة الشعبية اليمنية، مروراً بالعدوان على دولة اليمن الجنوبي سنة 1969 واحتلال مدينتي الوديعة وشرورة، ثم اغتيال النظام السعودي وعملائه في صنعاء للرئيس اليمني الشمالي إبراهيم الحمدي سنة 1977 والذي بدأ بنهضة يمنية شاملة بعيداً عن الإملاءات السياسية والاقتصادية السعودية، ووصولاً للرفض السعودي الإماراتي للوحدة اليمنية سنة 1990، ودعم الحزب الاشتراكي وحلفائه في حرب الانفصال سنة 1994، ودعم وتهييج الاقتتال منذ الحرب الأولى في 2004 وحتى الحرب السادسة في 2009، ووصولاً للمبادرة الخليجية الإقصائية في 2012، وأخيراً العدوان العسكري والسياسي المباشر منذ 2015 وحتى الآن. 
والعداء للسياسات السعودية في اليمن هو توجه سياسي واجتماعي يمني واسع الانتشار عند اليمنيين، ولذلك كان متوقعاً هذا التحالف الواسع، ولم يدفع بعض السياسيين اليمنيين لتأييد التدخل السعودي في اليمن إلا شيئين:
الأول: سياسة المال السعودية التي تخصص ميزانيات واسعة لبعض المسئولين والسياسيين والإعلاميين ومشايخ القبائل وغيرهم من أجل تأييد التدخل السعودي ضد بلدهم.
الثاني: العداء السياسي والفكري والاجتماعي لدى بعض اليمنيين ضد جماعة أنصارالله التي قادت ثورة 2014، بسبب خلافات ومصادمات عسكرية سابقة وغيرها.
ورغم هذا الانقسام إلا أن سلطة المجلس السياسي الأعلى في صنعاء تكرر بين الفينة والأخرى الدعوة لمصالحة وطنية شاملة، وتدعو كل القوى اليمنية حتى التي في الخارج وأيدت التدخل السعودي إلى المفاوضات والمصالحة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية واسعة دون أي تدخل أجنبي، سواء كان سعودياً أو إماراتياً أو غيره.
وفي هذا الصدد أعلنت سلطة المجلس السياسي الأعلى في سنة 2019 عن تشكيل فريق رسمي باسم فريق المصالحة الوطنية والحل السياسي الشامل، للدعوة لمصالحة شاملة وتجاوز كل آثار الحرب والاقتتال، مما يؤكد الرغبة في حل يؤدي لاستقرار اليمن.
العلاقات الدولية لهذا التحالف اليمني المناهض للتدخل السعودي في اليمن هي علاقات ضعيفة نوعاً ما، والسبب هو الحصار السعودي السياسي المركز، والذي يستخدم ما تسمى الشرعية اليمنية لإقصاء حكومة صنعاء من المنظمات الدولية والعلاقات السياسية الدولية والإقليمية، مستخدمة –أي السعودية- كل علاقاتها ونفوذها وأموالها في هذا الطريق.
حيث لا توجد لحكومة صنعاء سفارات في الخارج إلا في دولتي سوريا (منذ 2016) وإيران (منذ 2019)، بينما تم تسليم جميع السفارات الأخرى لحكومة المنفى اليمنية في الرياض، وكذلك المقاعد الممثلة لليمن في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية.
ثانياً: التحالف المؤيد للتدخل السعودي والموالي للرياض والوحدة اليمنية.
وهو تحالف سياسي متنوع وواسع، يقوده حزب الإصلاح، ويوجد على رأسه الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي15 وحكومة المنفى اليمنية برئاسة د معين عبدالملك، والتي تقيم بشكل دائم في الرياض، وتتبعهم معظم السفارات الخارجية.
ويسيطر هذا التحالف التابع للنظام السعودي على عدد من المحافظات اليمنية المحاددة للسعودية، مثل مأرب وشبوة وحضرموت، إضافة إلى أجزاء من تعز وأبين.
وكانت بعض مقراته الحكومية في مدينة عدن، والتي اعتبرها عاصمة مؤقتة في سنة 2017، ولكن سيطرة الانفصاليين الجنوبيين عليها في 2019 دفعته لإغلاق تلك المقرات المستحدثة وعودة مسئوليها للرياض.
يسيطر حزب الإصلاح (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن) على هذا التحالف، فمدير مكتب الرئيس هادي من هذا الحزب، وكذلك عدد من الوزراء والسفراء ومحافظي المحافظات التي يسيطر عليها التحالف، مثل محافظات مأرب وشبوة.
كما يشارك جناح من حزب المؤتمر الشعبي العام في هذا التحالف، ويعتبر هذا الجناح أن رئيسه هو عبدربه منصور هادي، والذي كان إبان تسلمه رئاسة الجمهورية نائباً لرئيس حزب المؤتمر علي عبدالله صالح، ولكن تم استبعاده من الحزب بعد بدء العدوان السعودي على اليمن في 2015.
وهناك عدد من الوزراء والمسئولين والمحافظين يتبعون حزب المؤتمر في تحالف الشرعية كما يسمونه.
كما أن هناك عدداً من أجنحة الأحزاب الأخرى في هذا التحالف، ومنها قيادات أحزاب الاشتراكي والوحدوي الناصري والبعث، وغيرها من الأحزاب.
وقد استطاع النظام السعودي استقطاب تلك القيادات الحزبية والسياسية بداية الحرب بالدعوة لمؤتمر الرياض في سنة 2015، ثم تم استبقاؤهم بعرض مبالغ كبيرة عليهم ومساكن مفروشة وأجنحة فندقية وإقامات رسمية، لضمان ولائهم وتأييدهم للتدخل السعودي في اليمن16. 
وقد كان هذا التحالف (المسمى الشرعية) شيئاً واحداً مع تحالف الانفصاليين في بداية التدخل السعودي في اليمن، ولكن الاختلاف والافتراق بدأ بعد ظهور الأجندة الإماراتية في دعم انفصال اليمن الجنوبي، وتطور الخلاف بين التحالفين السياسيين المحليين إلى الاقتتال والصدام المسلح ابتداء من 2018، والذي وصل ذروته بسيطرة الانفصاليين على عدن في 2019 وطرد بقية وزراء وقوات الشرعية منها، ثم الاقتتال العنيف بين ميليشيات الطرفين المسلحة في كل من شبوة وأبين وسوقطرى17 لاحقاً.
وهناك تباينات سياسية في تحالف الشرعية، حيث يظهر أن ابتعاداً يتجذر بين الحزبين الاشتراكي والوحدوي الناصري من جهة وبين حزب الإصلاح من جهة أخرى، حيث تزايدت الخلافات السياسية بينهما منذ سنوات، مما أدى لانتهاء فعالية تجمع أحزاب المشترك، واستعاض عنه حزب الإصلاح بتجمع جديد لأحزاب صغيرة متحالفة معه يتم ذكرها في البيانات المشتركة التي تؤيد توجهات حزب الإصلاح.
كما أن جناح حزب المؤتمر الشعبي العام التابع للشرعية ليس على وفاق كامل مع حزب الإصلاح، وخاصة قياداته التي تقيم بصورة دائمة في القاهرة، وتتأرجح في ولاءاتها بين السعودية والإمارات، ومنهم الشيخ سلطان البركاني رئيس الصورة المستنسخة لمجلس النواب اليمني في الخارج.
ومنذ سنوات تم تقييد صلاحيات رئيس الشرعية عبدربه منصور هادي في اتخاذ القرارات السيادية في تعيين الوزراء والمحافظين إلا بعد موافقة السعودية والإمارات، واللتان تحرصان على عدم إبعاد قيادات التيار الانفصالي عن المواقع الحكومية الحساسة في بعض الوزارات والسفارات والمحافظين.
ثالثاً: التحالف المؤيد للتدخل السعودي في اليمن والموالي لأبوظبي والانفصال.
وهذا تحالف سياسي محلي، كان جزءاً من تحالف الشرعية ثم تباين عنها منذ 2017 تقريبا، ودخل في صدامات مسلحة معها، وصار مفارقاً لها منذ سيطرته على عدن في 2019 واتفاقية الرياض للتقارب بينهما والتي جذرت الخلاف والعداء بشكل أكبر لاحقاً.
ويأتي في قمة هذا التحالف: المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو جماعة محلية تتكون من عدة قيادات سياسية واجتماعية وقبلية تنتمي لعدد من المحافظات الجنوبية، وتتنوع بين الطيف الليبرالي والسلفي والمستقل، ويرأسه محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي، ونائبه القيادي السلفي هاني بن بريك.
ولهذا التحالف شعبية واسعة في مديريات قبيلتي يافع والضالع18 بالذات، كما أن له امتدادات في مناطق أخرى.
ويندرج تحت هذا التحالف جناح من حزب المؤتمر الشعبي العام، وهو جناح القيادي طارق محمد عبدالله صالح19، والذي يسيطر على منطقة باب المندب ومدينة المخا والساحل اليمني الغربي امتداداً من أطراف مدينة الحديدة حتى باب المندب، وتسمى قواته حراس الجمهورية وتمولها وترعاها دولة الإمارات.
ورغم أن قوات الجمهورية لا تدعو للانفصال ولا ترفع علمه، بل تصر على رفع علم الجمهورية اليمنية، إلا أنها تعتبر جزءاً من هذا التحالف باعتبار التمويل والتدريب، وتتحاشى الصدام مع المجلس الانتقالي.
ومؤخراً بدأت تظهر تصريحات لبعض قيادات هذا التحالف الانفصالي الموالي للإمارات تدعو للتقارب مع دولة الكيان الصهوني المحتلة لفلسطين، وإقامة علاقات سياسية معها، وذلك تماشياً مع السياسة العلنية لدولة الإمارات والتحالف السعودي الإماراتي في المنطقة.
ويشكك كثير من المراقبين والمتابعين في الموقف السعودي من الشرعية ومن الانفصاليين، حيث يعتبر البعض أن التأييد السعودي للشرعية هو موقف شكلي استغلالي، بينما ينسق النظام السعودي في جميع المواقف مع النظام الإماراتي لتمكين المجلس الانتقالي الجنوبي والانفصاليين.
ولذلك بدأت تظهر بعض الأصوات العالية في معسكر الشرعية السياسي تدعو للتخلي عن التحالف مع المحور السعودي الإماراتي والتوجه للتحالف مع المحور القطري التركي، ومطالبة تركيا بالتدخل في اليمن لمناصرة الشرعية والتصدي للانفصاليين المدعومين من الإمارات الخصم اللدود لتركيا.
وكل هذا مما يعقد الأزمة اليمنية، ويسوقها لمزيد من التداخلات والصراعات، والتي يرى البعض أن حلها الجذري هو بالدعوة لمفاوضات يمنية يمنية بدون أي تدخل خارجي، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وهذا يبدو أنه لن يكون إلا برفع يد التدخل السعودي في اليمن، والذي يقف مفسدا لكل دعوات التقارب اليمني.

(الحاشية)
1- حاشد قبيلة يمنية قحطانية، مواقعها في محافظات صنعاء وعمران وحجة، وكان منها الرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح، والرئيس الذي قبله أحمد الغشمي، ومنها رئيس مجلس النواب الأسبق الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الذي يعتبر شيخ مشايخ القبيلة، ومن أهم فروعها: بنو مطر، وسنحان، وهمدان صنعاء، والحيمة، وبنو صريم، وخارف، والعصيمات، وعذر.
2- بكيل قبيلة يمنية قحطانية، مواقعها في محافظات صنعاء، والجوف، ومأرب، وصعدة، وكان منها الرئيس اليمني الشمالي الأسبق إبراهيم الحمدي، من أهم فروعها: أرحب، ونهم، وجهم، وهمدان بن زيد، وخولان الطيال المتحالفة معها.
3- مذحج قبيلة يمنية قحطانية، مواقعها في محافظات مأرب، وذمار، وشبوة، والضالع، وأبين، والبيضاء، ومنها الرئيس الموالي للنظام السعودي عبدربه منصور هادي، والرئيس اليمني الجنوبي السابق علي ناصر محمد، ومن أهم قبائلها: مراد، وعبيدة، وعنس، والحدا، والضالع، ولودر، وبلحارث، والعوالق.
4- حمير قبيلة يمنية قحطانية، مواقعها في محافظات تعز وعدن ولحج وإب وصعدة والمهرة وسوقطرى، ومنها رئيس المجلس السياسي الأعلى حالياً مهدي المشاط، والرئيس الأسبق صالح الصماد، والرئيس الشمالي الأسبق عبدالرحمن الإرياني، والرئيس الجنوبي الأسبق سالم ربيع علي، والرئيس الجنوبي الأسبق قحطان الشعبي، والرئيس الجنوبي الأسبق عبدالفتاح إسماعيل، ومن أهم قبائلها: يافع، والصبيحة، وخولان بن عامر في صعدة، والمهرة، وشرعب، وقبائل الحجرية، ووصاب، وريمة، وآنس، وعتمة، والعدين، وبعدان، وحبيش.
5- مثل جماعة الإخوان المسلمين التي اختارت إنشاء حزب التجمع اليمني للإصلاح سنة 1990 إبان إعلان الوحدة اليمنية والسماح بالتعددية السياسية، ومثل تيار زيدي واسع أعلن إنشاء حزب الحق سنة 1990، ومثل تيار سلفي أعلن في وقت متأخر إنشاء حزب الرشاد سنة 2013.
6- وأكثر ما يظهر هذا في بعض الأفراد من الجماعات التي لم تلزم أتباعها بحزب سياسي معين، ولم تمنعهم من العمل السياسي، وخاصة في التيارات الصوفية.
7- وهذا يخص جماعة التبليغ (والتي تعرف في بعض البلاد بجماعة الدعوة والتبليغ)، وكذلك في بعض التيارات السلفية التي امتنعت بشكل تام عن المشاركة في العمل السياسي مثل التيار الجامي.
8- حزب المؤتمر، هو الحزب الحاكم في اليمن الشمالي قبل الوحدة، منذ إنشائه سنة 1982 حتى قيام الوحدة، سنة 90 وحينها شكل ائتلافاً حاكماً مع الحزب الاشتراكي مناصفة إلى انتخابات 93، ثم ائتلافاً ثلاثياً مع الاشتراكي والإصلاح حتى حرب 94، ثم عاد لائتلاف ثنائي مع الإصلاح حتى انتخابات 97، ثم انفرد بالسلطة من حينها حتى قيام ثورة 2011 والتوقيع على المبادرة الخليجية في 2012 ليعود لتشكيل حكومة ائتلافية ثنائية مع تكتل أحزاب المشترك (الإصلاح والاشتراكي وأحزاب أخرى)، وذلك حتى ثورة 2014، ليشكل بعدها تحالفاً ثنائياً مع أنصار الله في حكومة الإنقاذ بصنعاء من 2016 وحتى اليوم، كما أن لجناحه المؤيد للعدوان السعودي على اليمن مشاركة في حكومة المنفى بالرياض تحت رئاسة عبدربه منصور هادي (الذي يعتبر نفسه رئيس الحزب بعد رحيل علي عبدالله صالح) بعدد مهم من الوزارات السيادية وغيرها.
9- الحزب الاشتراكي، هو الحزب الحاكم في اليمن الجنوبي قبل الوحدة، منذ إنشائه سنة 1978 وحتى قيام الوحدة اليمني سنة 90، وقد شارك بعد الوحدة في حكومة ائتلافية مناصفة مع حزب المؤتمر حتى سنة 93، ثم حكومة ائتلافية ثلاثية بعد انتخابات 93 مع حزبي المؤتمر والإصلاح حتى حرب 94 والتي كان الطرف الخاسر فيها، فتم إقصاؤه من الحكومة بعدها، وبدأ يفقد تأثيره وشعبيته بعدها لصالح قوى الحراك الجنوبية المتنوعة التوجهات السياسية والاجتماعية، وقيادة الحزب اليوم في معظمها في المهجر، وتؤيد التدخل السعودي في اليمن باعتبارها جزءاً من حكومة هادي ومن تكتل أحزاب المشترك، وهناك جناح وطني مقيم في الداخل اليمني ورافض للتدخل السعودي، وغير مشارك في حكومة صنعاء. 
10- حزب الإصلاح، هو حزب جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، وهو تحالف إخواني قبلي، تم إنشاؤه بعد الوحدة، واستطاع في أول انتخابات سنة 93 أن يحقق حضوراً كبيراً أجبر الحزبين الحاكمين على إشراكه في توليفة حكومية حينها، استمرت حتى حرب الانفصال سنة 94، وحينها تقاسم الحكومة مع حزب المؤتمر حتى انتخابات 97 حين تم إقصاؤه عن الحكومة رغم حصوله على حصة لا بأس بها في البرلمان، وبدأ بعدها في التقارب مع الحزب الاشتراكي وأحزاب أخرى لتشكيل جبهة معارضة سياسية تم تسميتها (تحالف أحزاب المشترك)، واستطاعت بعد ثورة 2011 واتفاقية المبادرة الخليجية في العام التالي على الدخول مناصفة مع حزب المؤتمر في التشكيلة الحكومية، واستمرت بعد التدخل السعودي في اليمن مشاركة في حكومة المنفى بالرياض وفي تأييد العدوان السعودي.
11- كان تعداد الأحزاب اليمنية في ذلك الوقت 42 حزباً، لم يصل للبرلمان منها في دوراته المتكررة إلا عشرة أحزاب فقط.
12- بعد استشهاد أخيه حسين بدرالدين الحوثي سنة 2004 وهو مؤسس الجماعة وزعيمها الأول.
13- كان الإعلام السعودي في بداية الحرب على اليمن يعلن أن الدول المشاركة فيما يسمى التحالف العربي هي: السعودية، والإمارات، والبحرين، وقطر، والكويت، ومصر، والسودان، والأردن، والمغرب.
14- وإن كانت الإمارات قد أعلنت انسحابها من اليمن سابقاً، ولكن الكثير من المراقبين يشككون في هذا الإعلان.
15- تم انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي سنة 2012 لولاية رئاسية مدتها سنتان، وتم تمديدهما لسنة واحدة في مؤتمر الحوار الوطني، وقدم استقالته سنة 2015 قبل انتهاء السنة الثالثة بأيام، ثم عاد وتراجع عنها بطلب سعودي بعد فراره من اليمن إلى الرياض، وما زال مستمراً إلى الآن اعتماداً –كما يقول أتباعه- على نص دستوري يقول أن الرئيس يتم تمديد ولايته ما لم تقم انتخابات لاحقة.
16- استمروا حتى بدأ النظام السعودي في التخلص من كثير منهم بسبب ضائقته المالية بعد أزمة أسعار النفط في نهاية 2019 ثم أزمة توقف الاقتصاد بسبب وباء كورونا في بداية هذا العام، وقد انتشرت في النت صور خطابات لطلب إخلاء بعض الشقق المفروشة المستأجرة لسياسيين وإعلاميين يمنيين في الرياض وجدة وغيرهما بناء على توجيهات حكومية سعودية بتوقف اعتماداتها، واستبقى النظام السعودي كبار المسئولين والوزراء ورؤساء الأحزاب وأمناء عمومها للحاجة إليهم في الاستمرار في تبرير بعض التدخلات، ويتناقل الكثيرون أن معظمهم في حالة تشبه الإقامة الجبرية داخل السعودية، فلا يسمح لهم بالسفر للخارج إلا بترك أهلهم وأولادهم داخل السعودية لإجبارهم على العودة وعلى عدم معارضة النظام السعودي.
17- سيطر الانفصاليون المدعومون من الإمارات على جزيرة سوقطرى في يونيو 2020.
18- للصراع بين الشرعية والانتقالي خلفية قبلية تاريخية، تعود لأحداث الانقلاب العسكري الناجح في عدن عاصمة اليمن الجنوبي سنة 1986 حيث انقلبت قوات عسكرية لها انتماء قبلي لقبائل يافع والضالع على السلطة السياسية التي يرأسها حينها الرئيس علي ناصر محمد وكان نائب رئيس أركانه حينها عبدربه منصور هادي، وكلهم ينتمون إلى قبائل أبين وبتحالف مع قبائل من شبوة، وتكرر هذا الصراع في حرب الوحدة والانفصال سنة 94 حين شاركت القيادات العسكرية المنتمية لأبين وشبوة مع قوات الوحدة في صنعاء ضد قوات الانفصال في عدن، وهو يتكرر هذه الأيام بوقوف القيادات المنتمية ليافع والضالع مع الإمارات، وقيادات أبين وشبوة مع السعودية.
19- طارق صالح هو ابن أخ الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، وقائد القوات الخاصة في عهده، وكان في صنعاء مناهضاً للعدوان السعودي منذ انطلاقته في 2015 حتى أحداث الصدام بين علي صالح وأنصار الله في ديسمبر 2017 حيث خرج من صنعاء واتجه إلى المخا من حينها.


قراءة: 614