فصلنامه مطالعات سیاست خارجی تهران
 

ما بين الصمود اليمني و تعثّر العدوان؛ ما هي أسباب إستمرار الحرب على اليمن؟

شارل أبي نادر
العمیدالمتقاعد اللبناني و خبیر في شؤون العسكرية و الاستراتیجیة

مقدمة 
بدأت الحرب على اليمن في 25 مارس من العام 2015، عبر عملية "عاصفة الحزم" كما اسمتها السعودية،  ومدّعية أن هدف العملية "استعادة شرعية" الرئيس عبدربه منصور هادي، قادت تحالفاً عربياً من حوالي عشر دول، نفذوا وبنسب متفاوتة، عدواناً عسكرياً على اليمن، بعد أن حازوا على تغطية دولية مشبوهة، تشبه التغطيات الدولية التي تخلقها الولايات المتحدة الأميريكة في أغلب ملفات تدخلاتها الخارجية غير المشروعة .
 بعد أن انطلقت العمليات العسكرية، وبالتحديد ضد المناطق التي يسيطر عليها أنصار الله مع وحدات علي عبدالله صالح، ما بين صنعاء وصعدة والمحافظات الغربية والشمالية الغربية، بدأ  يظهر تعسّر التحالف العربي في الميدان، وحيث كانت أغلب عمليات الأخير 
 في البداية، عبارة عن عمليات جوية، نفذتها القاذفات والطوافات السعودية والإمارتية بشكل رئيسي، بدعم لوجستي وفني وعملياتي غربي، أميريكي وبريطاني بشكل أساسي، والتي استهدفت أغلب مواقع الجيش اليمني المتعلقة بأنظمة الدفاع الجوي وبمخازن الأسلحة والثكنات العسكرية الأساسية، بهدف شل القدرة النوعية الدفاعية  للجيش واللجان الشعبية، وترافقت هذه العمليات مع ضغوط إعلامية وسياسية واسعة، تحمل الكثير من التهويل والتحذيرات والتهديدات، والتي تركزت حول ضرورة استسلام الجيش واللجان وأنصار الله، كون الآتي من العمليات المدعومة غربياً وإقليمياً، سوف يتعاظم ولن تقوى الوحدات المستهدفة على مواجهته، وبالتالي عليها التسليم  ... 

 

 

ولكن، مع تقدم المواجهة يوماً بعد يوم، كان لافتاً  الصمود واسلوب القتال وطريقة الدفاع والثبات اليمني، ومع الوقت بدأت  تتغير معالم المواجهة،  لتنقل اليمنيين مرحلة أولى من الدفاع نحو تثبيت الجبهات وتحصينها وفرض تماسكها، ولاحقاً في المرحلة الثانية  نحو الانتقال للهجوم  والضغط على أغلب مواقع التحالف السعودي، داخل الجبهات اليمنية  وعلى الحدود الشمالية مع المملكة، مع تميّز المرحلة الأخيرة بأنها تواكبت مع تصنيع  وتطوير وحدات الجيش واللجان وأنصارالله أسلحة وقدرات نوعية استراتيجية، من صواريخ باليستية وطيران مسير و منظومات دفاع جوي، ساهمت وبشكل لافت وصادم للتحالف ولداعميه الإقليميين والغربيين، من جهة في دعم مناورة الدفاع والثبات والهجوم، ومن جهة أخرى، في فرض معادلة ردع وتوازن رعب، جمّدت كل مشاريع تحالف العدوان الميدانية والعسكرية .

خارطة التمركز والوضع الميداني حالياً
اليوم، "لم يعد يملك أي متابع للحرب على اليمن اي فكرة معينة عن سبب استمرارها، وذلك بعد أن أصبحت بنظر جميع المختصين بالشأن العسكري - الميداني، وكأنها عملية  تضييع وقت فقط، وهي بنظر هؤلاء بالنسبة للعدوان، أشبه بعملية  فارغة من أي بُعد له قيمة عسكرية، حيث أقُفِلت بالكامل أية إمكانية، لأن يحقق هذا العدوان  أي تقدم أو تغيير ميداني أو عسكري  داخل اليمن .
 فالجبهات الرئيسة الحدودية، بين الساحل الغربي والحديدة بشكل خاص، والحدودية الشمالية مع السعودية، بين نجران وعسير وجازان، أصبحت جامدة وخلت أغلبها من أية فرصة للعدوان من إحراز أي تقدم، خاصة إنه، ومن خلال معاينة كل تلك الجبهات  ومراقبة ومتابعة الحركة العسكرية عليها، من نقل للعناصر أو الانتشار على الأرض أو محاولات الزحوفات، فان العدد اللازم من المرتزقة  للقيام بأية نقلة ميدانية أو تقدم أو سيطرة على الأرض، لم يعد موجودأ، وبالكاد يستطيع العدوان ومرتزقته تغطية الدفاع عن مواقعه المهددة بالسقوط في أي وقت " .1 

هذا في الشكل العام  للوضع الميداني على الأرض، أما من ناحية التمركز التفصيلي  للأطراف المتواجهة أو المتحالفة، فيمكن تنفيذ إسقاط تقريبي  لمواقع تمركزها، حيث يحدث بعض التغيير البسيط نتيجة عمليات الكر والفر، والتي  تنحصر نتائجها ببضعة كيلومترات من المساحة بالحد الأقصى، في سيطرة طرف أو في تراجع طرف آخر، مع  أفضلية واضحة للجيش اليمني الوطني في صنعاء  واللجان الشعبية وأنصارالله، ظهرت خاصة في العامين الأخيرين، وهذا التمركز التقريبي هو على الشكل التالي : 
ثبُتَّت  وحدات أنصارالله وحلفاؤها من الجيش واللجان الشعبية في كافة المناطق الأساسية التي كانت تسيطر عليها في بداية  العدوان على اليمن، وهي محافظات صعدة وحجة وصنعاء وعمران وآبّ وذمار والمحويت بالكامل،  أما في محافظات تعز والبيضا والضالع والحديدة والجوف، فقد تقاسمت السيطرة مع وحدات هادي (الرئيس السابق)،ومع وحدات المجلس الجنوبي الانتقالي .  
فيما عدا محاولات الكر والفر التي ما زالت تحدث من حين إلى آخر في جبهات مأرب والجوف (شرقا) وتعز (جنوبا)، حقّق أنصار الله مع الجيش واللجان الشعبية  انتصارات ميدانية وتقدمات في عدد من الجبهات ومنها في منطقة الضالع جنوب شرق، حيث تمكنوا في أبريل/نيسان من العام 2019 الماضي من السيطرة على سلسلة جبال العود الإستراتيجية، إلى جانب فرض سيطرتهم على منطقة "الحشاء" التي ظلت بعيدة خلال السنوات الأربع الأولى من الحرب عن سيطرة أي من الطرفين .
كما وتمكن أنصار الله مع حلفائهم  في أبريل/نيسان من العام 2019 الماضي أيضاً، من السيطرة على جبل حلموس بمديرية ذي ناعم التابع لمحافظة البيضاء، وبذلك أكملوا فرض السيطرة على هذه المديرية بعد أن ظلت تتقاسمها - سابقاً- مع قوات هادي والقبائل المتحالفة معها .
وفي صعدة (شمالاً)، في أواخر أغسطس/آب 2019، وفي معركة أطلق عليها اسم "نصرٌ من الله"، استعاد الحوثيون (أنصارالله) اغلب المناطق التي كانت خرجت عن سيطرتهم على الحدود السعودية الجنوبية في منطقة كتاف بصعدة .
تراجعت خريطة سيطرة قوات هادي في عدة مناطق، حيث خسرت بعضها في مواجهة أنصار الله وحلفائهم، وخسرت البعض الاخر في مواجهة القوات المدعومة إماراتياً، والتي كانت خلال العام 2019 قد شهدت خريطة سيطرتها تغييرات لافتة، هي الأكبر منذ الخمس سنوات الماضية من الحرب اليمنية، ومع أن تلك التغييرات لم تكن جميعها في مصلحتها كما كانت تخطط، فإنها فتحت باباً جديداً للصراع العسكري العلني مع حكومة  وقوات هادي المدعومة من السعودية،  وبعد أن ظل هذا الصراع يتراكم بعيداً عن المواجهات المسلحة غالباً، انفجر إلى العلن في أغسطس/آب من العام 2019  بشكل دراماتيكي، حيث نفذت مليشيات " المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعومة من الإمارات عملية انقلابية ضد  وحدات هادي في المحافظات الجنوبية .
بداية، تمكنت تلك المليشيات من فرض سيطرتها على أربع محافظات جنوبية هي عدن ولحج وأبين وشبوة، قبل أن تعزز وحدات هادي قواتها وتستعيد السيطرة بعد أيام قليلة على تلك المحافظات الأربع، حتى وصلت إلى مطار عدن في ظرف يومين فقط .
آنذاك تدخل الطيران الإماراتي، الذي نفذ عدداً من الغارات الجوية ضد جيش هادي، وقتل وأصيب أكثر من 200 جندي وضابط، الأمر الذي دفع تلك وحدات الجيش المذكور إلى الانسحاب من تخوم عدن حتى منتصف محافظة أبين، وعلى أثر ذلك،  تدخلت السعودية لإيقاف المعارك، وأدارت حواراً مطولاً في جدة والرياض، انتهى بعد قرابة ثلاثة أشهر إلى توقيع ما عرفت بـ"اتفاقية الرياض" في 5 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي . 
وعلى هذا النحو، أصبحت خارطة السيطرة الجديدة تضم محافظتي عدن ولحج، مع نصف محافظة أبين، بيد الانقلابيين الجنوبيين المدعومين من الإمارات، وما تبقى من محافظة أبين مع محافظة شبوة بيد قوات الرئيس السابق منصور هادي" .2
حالياً، ما زالت المواجهة بين الطرف المدعوم من الإمارات والطرف المدعوم من السعودية  تتطور و تشهد تساقط مواقع لمصلحة القوات المدعومة إماراتياً، وكان آخرها سيطرة هؤلاء الكاملة على جزيرة سقطرى الاستراتيجية وطرد وحدات هادي منها . 
لناحية التواجد المباشر على الأرض اليمينة للوحدات السعودية والإماراتية، فان للأخيرة عدة مراكز على الساحل الغربي في المخا وفي باب المندب، بالإضافة لمواقع ساحلية في مدينة المكلا التابعة  لمحافظة شبوة .
بالنسبة للوحدات السعودية، فهي تتمركز في بعض المواقع التابعة لمحافظة  حضرموت وفي مدينة زنجبار الساحلية شمال شرق عدن، بالإضافة لقاعدة جوية سعودية في منطقة الغيضة الساحلية الاستراتيجية التابعة لمحافظة المهرة،  على مقربة من الحدود مع سلطنة عمان، وطبعاً مع تواجد ميداني قوي على الحدود الشمالية اليمينة مع  محافظات نجران وعسير وجازان .
الوحدات المتشددة والتي تعمل تحت غطاء حزب الإصلاح الإخواني إحياناً ـ أو تعمل تحت غطاء مجموعات متشددة كالقاعدة أو داعش، وهي تنتشر في بعض المواقع التابعة لمحافظة شبوة، وفي مناطق قريبة من مدينتي  زنجبار والمكلا الساحليتين، بالإضافة لتواجد قديم لم يتغير في عمق الداخل الشرقي اليمني، في مناطق مشتركة بين محافظات حضرموت و شبوة و مأرب .
بعد هذا العرض المقتضب للوضع الميداني والعسكري داخل اليمن أو على الحدود مع السعودية، والذي أصبح من الواضح إنه لم يعد يحمل للعدوان أية إمكانية لأن‌يتغير أو يتطور، وبعد اكتمال العام الخامس من الحرب على اليمن وانطلاق العام السادس،  بنفس وتيرة التعثر الميداني والجمود لدى وحدات التحالف السعودي وداعميه، مع فرض حصار قاتل على الشعب اليمني في حاجاته الأساسية والطبية، ومع تزايد وتطور الاشتباك بين الأطراف اليمنية الداخلية والتي تنتمي أساساً لمحور التحالف السعودي- الإماراتي، حيث بدأت تتظهر حقيقة أهداف الحرب ومصالح دول العدوان، دخلت اليمن في منعطف من الصراع الغريب المتشابك والمعقّد، لايبدو أنه سوف ينتهي قريباً، وأسباب ذلك كثيرة، منها الميدانية ومنها السياسية ومنها الاستراتيجية،  وحيث جميعها (الأسباب المختلفة) ترتبط بتناقض وتعارض أو تشابك مصالح جميع أطراف الصراع، الأساسيين منهم  أو الملحقين، سوف نتطرق بعد إجراء عرض مقتضب على تلك الأسباب، للإضاءة على مصالح الأطراف المشاركة أو المؤثرة أو المتأثرة بالحرب على اليمن، وكيف يمكن أن نستنتج دورها في استمرار هذه الحرب، دون وجود أي أفق ظاهر لنهايتها القريبة .

أسباب استمرار الحرب
 أسباب داخلية : "لا يمكن النظر إلى المشهد الداخلي اليمني بمعزل عن الصراعات والتناقضات العميقة بين مكوناته الاجتماعية والقبلية و الطائفية، ومراحل من الحكم الاستبدادي قبل الثورة التي قادتها حركة أنصارالله، والانعكاسات السياسية في السعي نحو التوريث، والحروب الداخلية والتفجيرات والاغتيالات والخلافات داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية، وتواجد تنظيمات مثل "داعش" و"القاعدة" على أرض اليمن، والخلاف حول مسودة الدستور ونظام الأقاليم، فضلًا عن البطالة والفقر وغياب العدالة في توزيع الثروة .
أدت هذه العوامل وغيرها، لا سيما بعد تأزم الانتقال السلمي للسلطة بعد ثورة العام 2011، وسيطرة الحوثيين العسكرية على العاصمة صنعاء في العام 2014، إلى اتساع دائرة تشظي اليمن وتمزقه، الأمر الذي شكّل مدخلًا لتأثير دول الجوار والقوى الإقليمية والدولية على   مجريات الأحداث " .3 
أسباب متعلقة بموقع اليمن : " يتميز اليمن بموقع إستراتيجي يربط الشرق بالغرب عبر بحر العرب ومضيق باب المندب، ويعدّ ممرَ التجارة الدولية البحرية الأهم في العالم، وهذا جعله محط أطماع وتدخلات دول الجوار والإقليم، وصراع القوى الدولية والاستعمارية؛ بهدف السيطرة على الموقع والممر المائي لتأمين وحماية مصالحها الحيوية والإستراتيجية، فالذي يسيطر على اليمن، يتحكم، عملياً، بخطوط الملاحة البحرية وممرات التجارة العالمية، ويفرض ويحدد شروطه داخل اليمن والإقليم والعالم. ومن هنا، لايمكن اعتبار اليمن كغيرها من دول العالم بسبب هذا العامل الذي يدفع الدول الكبرى إلى التدخل تحت ضغط وتأثير مصالحها وأهمية اليمن من الناحية الجيوإستراتيجية " .4  

أسباب عسكرية :
1- إرادة الصمود والقتال لدى اليمنيين:
 كما يبدو، تجاهَل التحالف العربي بقيادة السعودية الاطلاع على تاريخ الشعب اليمني وخاصة الحوثيين، في القتال دفاعاً عن سيادتهم و أرضهم وكرامتهم، فكانت هذه النقطة الأكثر تأثيراً في خسارة تحالف العدوان المواجهة، وقد ظهرت إرادة القتال لدى اليمنيين في جميع معارك المواجهة المباشرة، في جبال صعدة ومداخلها من السعودية، في صحراء نجران الصعبة جغرافيّاً، في المناطق الجبلية الوعرة الفاصلة بين جازان وشمال غرب اليمن، وكانت تلك المناطق عصية أمام وحدات التحالف المدعومة بأحدث القاذفات والطوافات والمدرعات، والتي فشلت جميعها في إحداث أي خرق ذو معنى عسكري تكتي .
أيضاً في مواجهات الداخل اليمني، من المناطق الشرقية الوسطى على حدود صنعاء  ومأرب إلى الساحل الغربي، أظهرت وحدات الجيش واللجان الشعبية اليمنية وأنصارالله، مستوى غير مسبوق من القتال المنظم والمنسق والثابت، شكّل سداً منيعاً أمام أي تقدم للتحالف، والذي وجد نفسه مستنزفاً لعناصره ولجنوده وضباطه  ولآلياته المتطورة، والتي بدت عاجزة أمام إرادة القتال والصمود لدى اليمنيين.

2 -  تطور قدرات اليمنيين في القتال وفي تطوير وتصنيع الأسلحة النوعية 
بالإضافة للقدرات التكتية والعملياتية في المواجهة، دفاعاً وهجوماً، كان لتطوير الوحدات اليمنية من جيش و لجان و أنصارالله لأسلحة وقدرات استراتيجية، الدور الأبرز في فرض توازن مقبول بمواجهة قدرات العدوان بشكل عام، وبمواجهة قدرات الأخير الجوية بشكل خاص، فكانت الصورايخ الباليستية والطائرات المسيرة ومنظومات الدفاع الجوي التي أدخلها اليمنيون في المعركة، النقطة الرابحة في دعم عملياتهم العسكرية المباشرة، في الدفاع وفي الهجوم، ونقطة التحول الأبرز في المعركة الاستراتيجية، بعد أن طالت صواريخهم وطائراتهم المسيرة عمق دول العدوان وعواصمه، في أبوظبي أو في السعودية خاصة، وحيث نقل أنصار الله والجيش اليمني معركتهم إلى عمق الداخل السعودي، فرضوا معادلة ردع، ثبَّتَت  وحصَّنت انتصاراتهم العسكرية والميدانية في داخل اليمن. 

- دعم محور المقاومة لليمنيين استشارياً وعسكرياً 
كان لموقف محور المقاومة وعلى رأسه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، دوراً مهماً في تقديم الاستشارات العسكرية والفنية الضرورية لليمنيين في معركة الدفاع ضد العدوان، من جهة أولى لناحية تقديم خبراتهم القتالية في المناورة ضد نموذج غربي من القتال وخاصة الجوي، والذي كان نواة معركة العدوان، أو لناحية المساهمة بخبرات كان قد حصل عليها الإيرانيون في عملية تطوير وتحديث أسلحتهم النوعية، خلال مسار طويل من الحصار، فكانت هذه الخبرات أساسية في عملية تصنيع وتطوير أسلحة وقدرات نوعية يمنية، فاجأت العدوان وداعميه، مما دفعهم لاتهام إيران مباشرة بإدارة وتصنيع تلك القدرات .  

4 - ضعف القدرة القتالية عند تحالف العدوان
 بالرغم من القدرات التي يملكها التحالف، أو التي وضعها بتصرف مرتزقته، لايبدو إن هناك  قناعة  لدى جنوده وضباطه بجدوى الحرب، خاصة إن القيادة السعودية لم‌تستطع ولا في أية مرة، وخلال عشرات المؤتمرات الصحافية أو النشرات الإعلامية عن الحرب، أن تطرح تبريراً مُقنِعاً يستدعي انخراط وحداتها في مستنقع سبّب لها الكثير من الخسائر، كما أنه  لايوجد أي دافع مهم للقتال بالنسبة للمرتزقة الذين زُجَّ بهم  في أشرس المعارك بمواجهة أنصارالله واللجان الشعبية، والذين على عكس هؤلاء المرتزقة، يقاتلون عن عقيدة وعن قضية مقدسة و هي الدفاع عن أرضهم وكرامتهم .  
انطلاقاً من هذه المعطيات التي ذُكِرَت حول قدرات أنصار الله وحلفائهم، مقابل إصرار التحالف السعودي - مدعوماً  ومدفوعاً من الغرب بقيادة الأميركيين - على استمرار هذه الحرب حتى تحقيق ولو قسم من أهدافها،  والتي تخدم مصالحهم المختلفة،  نستنتج صعوبة إيقافها  بالمدى المنظور، الأمر الذي يدفعنا للتطرق ببعض من التفصيل إلى هذه المصالح . 

أهداف ومصالح الأطراف المشاركة في الحرب
 أهداف ومصالح أنصارالله و الإيرانيين 
بالنسبة للجيش واللجان الشعبية وحركة أنصار الله، أهدافهم  ومصالحهم من الحرب معروفة، وهي طبيعية ومفروضة ونتيجة واجب مقدس ولا مفر منها، يسيّرها  واجب الدفاع عن الأرض وعن المواطنين وعن السيادة وعن الكرامة، وواجب القتال لحماية الوجود . 
أيضاً بالنسبة لأهداف ومصالح الداعمين لليمنيين، فهي مصالح وأهداف معروفة وواضحة، وتنقسم بين واجب الالتزام بالمحور وبالتحالف وواجب الوقوف مع الحق والعدالة من جهة، وما بين المصلحة الاستراتيجية للجمهورية الاسلامية الإيرانية ولأطراف محور المقاومة، في صراعهم الواسع ضد الصهيوينة والأميركيين أو ضد المرتهنين لهؤلاء من الدول العربية والإقليمية المعروفة . 
انطلاقاً من هنا، فإن أي وقف للحرب الآن، وبمعطيات الوقائع الميدانية والسياسية والاستراتيجية، سيشكّل نقطة رابحة لمحور المقاومة، إذ يمثّل اليمن اليوم بقواه الوطنية طرفاً أساسياً في هذا المحور، حيث العدو مشترك والمصالح الاستراتيجية مشتركة، إضافة إلى الموقف والرؤية من العدو الأساس؛ الكيان الصهيوني الأميركي .
طبعاً، سيكون من مصلحة محور المقاومة وقف الحرب الآن، وفي ظل هذه المعطيات الإيجابية لصالح جبهة صنعاء الوطنية، حيث تتثبَّت أكثر نقطة ارتكاز قوية لهذا المحور على سواحل البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن ومداخل بحر العرب والمحيط الهندي الجنوبية، وذلك بمواجهة جبهة العدوان الأميركي الصهيوني، الّذي لطالما خطّط ويخطّط لإضعاف هذا الموقع الاستراتيجي وانتزاعه من محور المقاومة، من خلال تثبيت سلطة يمنية ضعيفة مرتهنة للأنظمة الخليجية، وتدور في فلكها " .
لماذا تتهرب السعودية من وقف الحرب 
يمكن اعتبار الموقف السعودي أساسياً في نشوء الصراع وفي توجيه الحرب و في استمرارها، وحيث إنها (السعودية) استطاعت  جرّ أغلب القوى الإقليمية المتحالفة معها،  للانخراط  بتوجهاتها  وللمشاركة معها  في العدوان بشكل أو باخر، فإن تعقيدات المشهد والمُنتجة لمراوحة الوضع دون حسم هذه الحرب من جهة، ودون سلوك أية تسوية جدية لخروج الأطراف المنخرطة بها من مستنقع الجمود من جهة أخرى، هي أولاً : وليدة موقف سعودي مُعاند، لا يريد أن يعترف بفشله أو باستحالة إمكانيته لتحقيق أي هدف أساسي من التي وضعها عند بداية عدوانه، وثانياً : نتيجة تداخل وتعارض مصالح أغلب أطراف هذا الصراع، وخاصة الإقليميين والدوليين منهم .
وعليه، كان لموقف السعودية وأهدافها من الحرب على اليمن، بالإضافة لموقف الغرب وبالأساس لموقف الولايات المتحدة الأميريكة، تأثيراً مهماً ومفصلياً على  الحرب، وباتت نهايتها  مرتبطة بمعادلة مركبة، يجب أن تجمع أهداف جميع هذه الأطراف، وتأخذ بعين الاعتبار مصالحها في نفس الوقت، بالرغم من أنها متضاربة أو متعارضة،  فكانت انطلاقاً من هنا، عقدة  الحرب على اليمن عقدة  العقد، وضاعت معالم نهايتها، والتي لم تعد ظاهرة أو ممكنة، أقله في المدى المنظور . 
" أمام هذا العجز في تحقيق أي انتصار عسكري للعدوان، وأمام استحالة حصول أي تغيير ميداني على الجبهات، أو سياسي لناحية مواقف قيادة الجبهة الوطنية في صنعاء، والتي يبدو أنها تثبت أكثر فأكثر، يوماً بعد يوم، وحيث لم يعد أمام العدوان، الذي تمثل السعودية رأس حربته، إلا إيقاف الحرب بشكل جدي والبحث عن تسوية أو مخرج ينهي العدوان، فلماذا تتهرب السعودية من اتخاذ هذا القرار الذي لامفرّ منه؟ وما هي تداعيات انسحابها من هذه الحرب الآن؟
في الواقع، هناك الكثير من الأسباب الّتي تضع السعودية في موقف من يخشى أو يستصعب وقف الحرب الآن، لانها لو قبلت بذلك الآن، ومع النتائج العديمة القيمة لناحية الأهداف التي وضعتها، والتي لم تصل إليها، سوف يكون الأمر أشبه بضربة معنوية لموقعها ولمكانتها الداخلية والإقليمية، إذ تطرح نفسها إقليمياً دولة أساسية في الساحتين العربية والإسلامية . 
بالمقابل، وفي أي وقف للحرب الآن، وبشروط عادلة وواقعية تمثل حقيقة الموقف الميداني والعسكري والسياسي، سوف تفرض الجبهة الوطنية في صنعاء (الجيش واللجان وأنصار الله) معادلة متقدمة من الناحية السياسية الداخلية، لن تكون لمصلحتها فقط، بل لمصلحة كل أبناء الشعب اليمني ومكوناته أيضاً، وفي أساسها لوحدة اليمن، حيث ستكون هناك سلطة قوية ذات سيادة على قرارها وأرضها، قادرة على إدارة البلاد وعلى استغلال ثرواتها لكل أبناء اليمن؛ سلطة قادرة على الوقوف بوجه كل الدول موقف الند للند، من موقع السيادة واحترام حقوق الدول ومصالحها؛ سلطة غير مرتهنة، يتقاسم أبناؤها إدارتها ومواقعها بعدالة وبمساواة، سلطة قادرة على إعادة تنظيم اليمن وتطويره، وتجاوز مآسي الحرب وآثاره، وهذا هو الذي تخشاه السعودية التي لطالما رأت في اليمن تابعاً أو فرعاً مرتهناً " 5 

 الدور التركي - القطري
" يبدو أن ثمة تقديراً تركياً و قطرياً مشتركاً بأنّ حالة "عدم الحسم" التي يعيشها الملف اليمني تُغري الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على العمل على تحقيق مكاسب إستراتيجية في اليمن، تتمثّل في محاولة ترسيخ موطئ قدم تركية في هذا البلد العربي، وذلك عبر تقديم مزيد من الدعم التركي-القطري لحزب "الإصلاح" اليمني لتوفير بيئة نفوذ مواتية من شأنها أن تضم اليمن إلى نقاط الانطلاق التركية في المنطقة العربية، جنباً إلى جنب التواجد العسكري التركي في الصومال وقطر، وهو مشروع يراهن عليه الرئيس أردوغان لتعويض خسارته جزيرة "سواكن" في السودان، وتعويض شُح المكاسب التركية في سوريا في ظل التضييق الروسي-الإيراني على أنقرة في محافظة إدلب، والإعاقات الإستراتيجية المتشعبة التي تجدها الجماعات المسلحة التي أرسلها أردوغان إلى ليبيا . 
وقد يكون من الوارد أنّ فرصة أردوغان في استثمار ورقة حزب "الإصلاح" اليمني، المرتبط بجماعة "الإخوان المسلمين" تبدو أكثر إلحاحاً؛ في إطار دعم قطري لهذا المسار، بهدف محاولة انتهاز ظرفية غياب الحلول الجزئية أو الشاملة للأزمات المتعددة التي يمر بها اليمن، وفي ظل العقبات التي يواجهها المبعوث الأممي في اليمن، مارتن غريفيث، في حلّ الملفات الإنسانية وتوزيع المساعدات والأغذية الأممية، وإيجاد مداخل عملية وواقعية ومرنة ومتدرجة لتفكيك الملفات العالقة التي أقرّها اتفاق استوكهولم، ولم يُصرّ حتى الآن إلى تنفيذها وجمع أطراف الصراع على مبادئ توافقية أولية لتسويتها على أرض الواقع .6.

الموقف الأخير للمجلس الانتقالي الجنوبي 
" كشف نائب رئيس هيئة المجلس الانتقالي الجنوبي، هاني بن بريك، عن النوايا الحقيقية للمجلس الانفصالي المدعوم إمارتياً، تجاه كيان الاحتلال الإسرائيلي، حيث أكد بأن المجلس يؤيد دولة إسرائيلية إلى جانب دولة فلسطينية، مشيراً إلى أن هناك ضرورة لإنهاء ملف القضية من الجانب الإسرائيلي حتى لا يتم استغلالها . وكان قد أكد بن بريك، المعروف بتصريحاته المثيرة للجدل، أن المجلس لا يكن العداء إلى أي دولة أو ديانة أو شخص في العالم، مردداً خرافات وأكاذيب إسرائيل بأنها ترى نفسها على ترابها وأرضها. 
وفي سياق متصل، تفاخر حسين الحنشي، رئيس مركز عدن للبحوث الإستراتيجية والأحصاء، وهو مركز يرتبط بالمجلس الانفصالي الجنوبي بدعم من الإمارات والسعودية، بأن قناة إسرائيلية قد أجرت مقابلة معه، وقد فسر الحنشي هذه الخطوة التطبيعية على صفحته بفيسبوك بتفسير مثير للسخرية حيث قال إنها جاءت لقطع الطريق عن شخصيات من “الأخوان المسلمين” من المشاركة في القناة الإسرائيلية الناطقة بالعربية .7

 موقف الإمارات العربية المتحدة 
انطلاقاً من هذا الموقف اللافت والصادم للمجلس الانتقالي الجنوبي، يمكن أن‌نستنتج موقف الإمارات العربية المتحدة وأهدافها البعيدة، وحيث تلعب وبقوة دور الداعم لهذا المجلس في أغلب المواقف والحوادث، وخاصة بمواجهة وحدات هادي المدعوم سعودياً، من الطبيعي أن هذا الموقف للجنوبي يعبر وبصراحة تامة عن موقف الإمارات العربية المتحدة، وهذا هو لبّ ونواة استراتيجية الأخيرة من العدوان على اليمن، وجنوحها الدائم نحو السيطرة جنوباً أو على الساحل الغربي وخاصة في معركة الحديدة . 
صحيح إن الإمارات العربية المتحدة واكبت العدوان السعودي بكافة تفاصيله ومراحله، وكانت وحداتها في خط متقدم دائماً بالمواجهة، وسقط لها الكثير من الضباط والجنود، بالإضافة لخسارتها الضخمة في العتاد والآليات والقاذفات أيضاً، ولكن، جاء الإعلان الصادم للمجلس الانتقالي الجنوبي حول تأييده لعلاقة غير عدائية مع إسرائيل، لينقل استراتيجية الإمارات إلى مكان آخر،  بعيد كلياً عن ما ظهر من أهداف لها عند انخراطها في بداية العدوان على اليمن، وهي بالإضافة لهذا الموقف المستجد في النظرة لإسرائيل من خلال موقف المجلس الانتقالي الجنوبي، وحيث أيضاً كشفت مؤخراً عن مواقف متقدمة جداً تجاه التقارب مع الكيان الصهيوني، ولكنها كانت دائماً تنخرط من ضمن استراتيجية غربية، بريطانية وأميريكة، للسيطرة على أكثر من نقطة ارتكاز بحرية على سواحل اليمن،  انطلاقاً من ميناء الفجيرة  وامتداداً إلى بحر العرب وخليج عدن حتى باب المندب .  

 موقف كل من  مصر والسودان 
بالأساس، كانت مصر طرفاً من أطراف التحالف العربي في الحرب على اليمن، ولكن لم تنخرط بالكامل في الحرب حيث لم ترسل وحدات عسكرية، بل اقتصرت مشاركتها على المواقف السياسية والديبلوماسية الداعمة للموقف السعودي، وهذا الموقف المصري أساساً، هو موقف غير بسيط في سياق العدوان، كون مصر دولة عربية أساسية ولها نفوذ سياسي إقليمي، وتأييدها للعدوان السعودي، يعتبر نقطة لمصلحة الرياض، على عكس فيما لو اتخذت موقفاً مغايراً، أو حتى محايداً، من هنا كان الدور المصري سلبي في تدعيم جبهة العدوان على اليمن، ولكن من الطبيعي إن مصر قد اُجبِرَت على هذا الموقف، لأسباب مالية ربما، تتعلق بالخوف من أن تعمد الرياض إلى وقف دعمها المالي و النفطي لها،  والتي هي بأمس الحاجة له . 

موقف السودان أيضاً، لا يختلف عن الموقف المصري لناحية الابتزاز السعودي السياسي والمالي، إنما الفارق كان عن مصر بأن السودان أرسلت الآلاف من جنودها وضباطها  للقتال، وقد زُجَّ بهم في أصعب مواقع المواجهة مع اليمنيين على الحدود الجنوبية للمملكة،  حيث أعطى أنصارالله لتلك الجبهة، قدراً كبيراً من التركيز والضغط والفعالية، ومن خلال انخراطها بالحرب مباشرة، من خلال إرسال وحدات عسكرية عملت بإمرة القيادة السعودية كمرتزقة، خسرت الكثير من جنودها وضباطها . 
وفي الوقت الذي تغيرت فيه القيادة السودانية مؤخراً، بعد عزل البشير، رأينا تغييراً جزئياً في موقف الحكومة السودانية الجديدة، حيث سحبت القسم الأكبر من وحداتها من جبهات العدوان على اليمن،  وأبقت على عدد معين، بحيث لاتصطدم مع السعودية، للأسباب ذاتها التي دفعتها للانخراط في الحرب .

 أهداف الأميركيين من الحرب على اليمن 
ربما يكون الموقف الأميركي هو الأكثر تأثيراً في الحرب على اليمن، في شنِّها بداية، و في تسعيرها وعرقلة حَلِّها لاحقاً، ومؤخراً في عدم خلق الظروف المؤاتية لوقفها، وحيث يمكن وضع الموقف البريطاني من العدوان من ضمن استراتيجية واشنطن، حيث تخضع لندن للأخيرة بالكامل،  تبقى أسباب هذا الموقف الأميريكي - البريطاني ومصلحتهم في استمرار الحرب كالتالي: 
أهداف مادية :  تشكل الحرب على اليمن والتي دخلت عامها السادس، فرصة مهمة للأميركيين ولبعض الغربيين في الاستفادة المالية من خلال عقود ضخمة بالأسلحة والجزئيات والعتاد العسكري، بالإضافة لثمن الخبرات والاستشارات الفنية لوحدات العدوان، والمدفوع ثمنها بالكامل . 
من هنا، يمكن القول أن العدوان على اليمن أصبح محمياً من واشنطن، فقط بهدف خدمة سوق الأسلحة الأميركية – الغربية، من خلال خلق الميدان الملائم، والفرصة  المناسبة والمتواصلة، لاستعمال حزمة كبيرة من الصورايخ الموجهة والقنابل الذكية  الغالية الثمن، الأمر الذي يدفعنا للاستنتاج بأن أحد أهم أسباب استمرار الحرب على اليمن، هو الحفاظ  على توريد نمط ثابت من السلاح الغربي للسعودية. 
أهداف سياسية: - من خلال إبقاء سيف الدعم مسلطاً على السعودية، ديبلوماسياً وعسكرياً، عبر إبقاء جرح أو ملف أو مستنقع مفتوح، تتخبط به السعودية من جهة،  فتلجأ من ورائه لواشنطن، والتي بدورها تمارس سياسة الابتزاز مع الرياض بكل ما في الكلمة من معنى، في المواقف السياسية المتعلقة بمواجهة إيران أو المتعلقة باالحاجة لموقف عربي داعم للتطبيع مع إسرائيل، تؤمنه السعودية مع حلفائها الخليجيين بكل رحابة صدر .
- من خلال  إبقاء فرصة مؤاتية  للضغط على إيران،  من باب التزام الأخيرة  بدعم اليمنيين، بشكل إبقاء ملف مفتوح ومعقد يَهُمّ الإيرانيين،  تعتقد واشنطن أنها تستطيع من خلاله الضغط  على إيران وابتزازها . 
 وأخيراً، يبقى دور الأمم المتحدة المشبوه في مقاربة الحرب على اليمن، من خلال ابتعادها عن لعب دورها المفترض أن تلعبه، استناداً للقانون الدولي وللمبادىء التي على أساسها اُنشِأت عصبة الأمم ومجلس الأمن، حول وجوب حماية سيادة الدول ومنع الاعتداءآت والتدخلات غير المشروعة عليها، بالإضافة لغضّ نظر تلك المؤسسات الأممية عن الكثير من التجاوزات التي تخالف القانون الدولي وقانون الحرب والقانون الدولي الإنساني والقوانين التي تُحظّر الأسلحة المُحرَّمة دولياً .

 

الخاتمة
أمام هذا الأفق المسدود حول إمكانية وقف الحرب على اليمن، وحيث لا يبدو إن هناك  أحدٌ من الأطراف المؤثرين فيها، لديه النية و القرار للمساهمة بوقفها، خاصة  في ظل هذا التضارب الواسع من المصالح ومن الأهداف، فهل يمكن القول إن الموضوع أُقفل وأصبحت هذه الحرب أمراً مفروضاً إلى ما شاء الله؟
ربما يكون هناك إمكانية لدولة محايدة، لديها النية والجرأة للعب دور إيجابي نحو تقريب الأطراف من بعضها، ووقف الحرب على اليمن،  دولة مثل سويسراً،  لاأهداف  ولا مصالح لها إلا من ضمن موقعها المحايد والمسالم  مع أكثر الدول، حيث لم تنخرط في أي معسكر أو تحالف أو جبهة مع دولة ضد أخرى.
  فمن وجهة  نظر مونيكا بولِغِر، المراسلة السابقة لصحيفة "نيو زيورخر تسايتونغ" إلى الشرق الأوسط، والتي تشارك في الأنشطة الأوروبية لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، فإن سويسرا تحظى بوضع جيد يؤهلها للتوسط من أجل التوصل إلى حل سلمي في اليمن، فهناك في سويسرا، تقول المراسلة  المذكورة " لا نكاد نسمع عن حرب اليمن إلا إذا تعلّق الأمر بتصدير الأسلحة والعتاد الحربي إلى المملكة العربية السعودية التي تناوشها الانتقادات بسبب تورطها في تلك الحرب وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، وفي منتصف شهر يناير من العام الحالي، عاد الموضوع إلى واجهة الأحداث بالكشف عن استخدام الرياض لمدافع مضادة للطائرات سويسرية الصنع في مواجهة هجوم شنه الحوثيون بطائرات مسيرة على  أحد أهم حقول النفط السعودية "  . 
 من جهة أخرى، يمكن أن تلعب  سويسرا هذا الدور،  من باب التزامها الإنساني، حيث تُعتبر اليمن من المناطق التي تحظى بأولوية ضمن برامج المساعدات الإنسانية التي ترعاها مديرية التنمية والتعاون السويسرية، وأكثر ما يتم التركيز عليه هو توفير المياه، والخدمات الصحية، وحماية المدنيين، كما وكانت سويسرا نشطة في البلاد حتى قبل اندلاع الحرب، وتحديداً منذ عام 2007، ثم بعدها بخمس سنوات قامت بفتح مكتب في صنعاء يهتم أساساً بتطوير مراكز تدريب مهني، خاصة بسكان الأرياف الفقراء . 
أيضاً، ما يؤهل سويسرا للعب هذا الدور الاستثنائي لقضية استثنائية، إنها تتمتع  بعلاقات جيدة مع إيران، التي لها دور نشط في الصراع اليمني من خلال دعمهما للحوثيين، بالإضافة إلى أن سويسرا، ومنذ مارس 2018، تمثل المصالح الإيرانية في السعودية والمصالح السعودية في إيران، ولكنها، في إطار رعاية مصالح كل طرف عند الآخر، لا تقوم بالوساطة بين البلدين، وإنما تكتفي بنقل الرسائل بينهما  . 8

(الحاشية)
1- موقع العهد الأخباري 
عدوان عبثي على اليمن.. ثماره الوحيدة في سوق السلاح الأميركي 
2- https://www.aljazeera.net/news/politics
اليمن 2020... تعرف على خريطة سيطرة أطراف الصراع - الجزيرة
3-  https://www.masarat.ps/article/ 
المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية – مسارات 
4- سلمان العماري، "اليمن من الثورة إلى الحرب الأهلية "  مجلة البيان، العدد 348
5-  https://www.almayadeen.net/analysis 
لماذا يستصعب  التحالف السعودي  إيقاف عدوانه على اليمن ؟ الميادين نت
6-   https://www.hafryat.com/ar/blog/% 
هل حانت فرصة أردوغان لتوظيف حزب الإصلاح الإخواني في اليمن؟
7-  https://www.alquds. المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً يعلن استعداده للاعتراف بكيان الاحتلال الإسرائيلي

8-   https://www.swissinfo.ch/ara/politics 
الحرب في اليمن وما الذي يُمكن أن تفعله سويسرا


قراءة: 709