فصلنامه مطالعات سیاست خارجی تهران
 

دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في حماية الشعب اليمني و دعمه

امید وقوفي
دكتور باحث في الدراسات المستقبلية و عضو الهيئة العلمية في جامعة الإمام الحسين {عَليه السّلام} الشاملة-voghofi@gmail.com

تلخيص:
يتميّز اليمن بأهمية استراتيجية كبيرة في منطقة غرب آسيا، و قد كان شعار الجمهورية الإسلامية في إيران منذ بداية انتصار ثورتها الدفاع عن الشعوب المضطهدة، و الشعب اليمني أحد تلك الشعوب التي تتعرّض للاعتداء منذ سنوات من قِبل التحالف السعودي - الأميركي، كما أنّ أزمة اليمن تشير بوضوح إلى أنّ الجمهورية الإسلامية في إيران بحاجة إلى ممارسة دور استراتيجي في المنطقة في إطار مبدإ الدفاع عن جبهة المقاومة، و المبادرة إلى بناء المستقبل من خلال إحاطتها بالأوضاع السائدة للحؤول دون التعرّض للمباغتة الاستراتيجية.
تحاول هذه المقالة بأسلوب وصفي تحليلي و الاستعانة بالوسائل المكتبية و الروابط الاختصاصية (Panel) الإجابة عن سؤال مُحدّد: ما هو دور الجمهورية الإسلامية في إيران في حماية الشعب اليمني و دَعمه؟
في البدء استعرضنا قائمة بالخطوات التي قامت بها الجمهورية الإسلامية في إيران لدعم الشعب اليمني عبر إلقاء نظرة على الوثائق و الحوار مع أهل الاختصاص، و في الخطوة الثانية وضعنا رابط اختصاصي يضمّ ثمانية من أهمّ الخبراء و المختصّين، و بعد ذلك قمنا بتصنيف أدوار الجمهورية الإسلامية في إيران في حماية الشعب اليمني و دعمه على الصُعُد السياسية و الإنسانية و الإعلامية و العلمية-الثقافية و القانونية و الثقافية-الدينية و الاقتصادية، ثم ختمنا الورقة باستعراض لأهم التحديات و الاقتراحات المطروحة.
الكلمات الأساسية:جبهة المقاومة؛ اليمن؛ الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ الناحية الثقافية؛ أنصار الله.

 

مقدّمة و عرض الموضوع
بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران دخل الدين أکثر من قبل في زوايا المجتمع السياسية و الثقافية في اليمن، و رغم أنّ الأحكام الإسلامية كانت نافذة في ذلك البلد منذ دخول شعبه في الإسلام إلّا أنّ سيطرة الشريعة الإسلامية على سياسته تحقّقت بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران1.
وقد أطلق انتصار الثورة الإسلامية الشرارة الأولى لاحتجاجات الشيعة الزيدية في شمال اليمن عَبر تشكيل جماعة سُميت بـ«أنصارالله» لمقاومة الاستبداد في الداخل و الاستكبار في الخارج الذي كان مسيطراً على البلاد، و الاعتراض على الأوضاع السائدة آنذاك، و استطاعت الجماعة في نهاية المطاف بالمشاركة مع جميع الجهات المعارضة من إقصاء علي عبد الله صالح عن الحكم
و تمهيد الطريق لتحقيق باقي المطالب المشروعة و على رأسها حاكمية القرآن و الأحكام الإسلامية على المجتمع اليمني و تحقيق الانتعاش الاقتصادي و كفّ الأيدي الأجنبية الغربية و الإقليمية عن اليمن2.
حظيت التحوّلات الداخلية في اليمن باهتمام المراقبين و بلدان الشرق الأوسط و كذلك القوى الدولية3، كما حازت قضية اليمن على الاهتمام من زاوية أخرى٬ فبعد العدوان السعودي لعب اليمن دوراً كبيراً في محاربة أحد ألدّ أعداء الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أعني السعودية.
لقد أعلن سماحة قائد الثورة الإسلامية مراراً في الكثير من أحاديثه و لقاءاته عن دعم و مساندة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للشعب اليمني، و في تصريح لسماحته قال: «يدعم نظام التسلّط و الهيمنة النظام الذي يقصف الشعب اليمني بشكل مباشر، و أميركا أيضاً تدعم قصف اليمن صراحة؛ لكن، قصف ماذا؟ هل يقصفون جبهات القتال؟ كلا، إنّهم يقصفون المستشفيات و الأسواق و المدارس و الميادين العامّة. و رغم كلّ ذلك تدعم أميركا القاصفين، حسناً، في هذه الحالة٬ هل يستطيع النظام الإسلامي في إيران أن يقف مكتوف الأيدي إزاء ما يجري هناك؟»4.
وفي خطابه الذي بثّه التلفزيون بمناسبة يوم القدس العالمي هذا العام، قال سماحته: «إنّ العالم اليوم يُحصي عدد المُصابين بفيروس كورونا فرداً فرداً في كلّ البلدان، لكن ما من أحد سأل أو يسأل عن المسؤول عن مئات آلاف الشهداء و الأسرى و المفقودين في البلدان التي أشعلت أميركا و أوروبا فيها نيران الحرب؟ من المسؤول عن إراقة الدماء البريئة بغير حقّ في أفغانستان و اليمن و ليبيا و العراق و سورية و الكثير من البلدان الأخرى؟ من المسؤول عن كلّ الجرائم و أعمال الغصب و التخريب و الهدم و الظلم الذي يحصل في فلسطين؟ لماذا لم يُحصِ أحد الملايين من الأطفال و النساء و الرجال المظلومين في العالم الإسلامي؟ لماذا لا يعزّي أحد في مجازر المسلمين؟ لماذا يُهان القدس الشريف – القبلة الأولى للمسلمين؟ لا شكّ أنّ ما تُسمّى بمنظمة الأمم المتحدة لا تقوم بمسؤولياتها و يبدو أنّ منظمات ما يسمّى بحقوق الإنسان قد لفظت أنفاسها الأخيرة. ألا يشمل شعار (الدّفاع عن حقوق الأطفال و النساء) أطفال و نساء الشعب اليمني المظلوم؟».
وأضاف سماحته: «إنّ الأمر الأهمّ الذي ينبغي أن لا يغيب عن بال النخب السياسية و العسكرية في العالم الإسلامي هو أنّ سياسة الولايات المتحدة و الصهاينة تقوم على نقل الاضطرابات و الحوادث إلى خلف جبهة المقاومة، مثل إشعال الحرب الداخلية في سورية و فرض الحصار العسكريّ على اليمن و ارتكاب المذابح ليلاً و نهاراً»5.
بالنظر إلى خصائص الفكر الثوري المقاوم في اليمن و ارتباطه بخطاب الثورة الإسلامية فإنّه - إذا ما تمّ التخطيط بشكل مدروس و اتّخاذ الخطوات و الإجراءات الصحيحة - بالإمكان إيجاد جبهة مقاومة تقودها إيران بينما تقف السعودية في الطرف الآخر لتقود الصراع ضدّ الثورة الإسلامية. 
بناءً على ذلك فاليمن يمتلك أهمية استراتيجية كبيرة على خارطة مستقبل منطقة غرب آسيا. من هنا فإنّ هدف المقالة هو الإجابة عن السؤال المطروح: «ما هو دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دَعم و حماية الشعب اليمني؟».
 
خلفية البحث
لا توجد مقالة مُعيّنة أو كتاب مستقل يتناول دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دعم و مساندة الشعب اليمني، و كلّ ما موجود من مصادر لا يتناول سوى جانب واحد من جوانب هذا الموضوع من دون تقديم نظرة جامعة و شاملة. و فيما يأتي نشير إلى بعض تلك المصادر:
* مقالة (الموقف السياسي لإيران إزاء حركة أنصار الله في اليمن: دراسة بنائية) بقلم محسن باقري فر و السيد محمد الموسوي (٢٠١٥م). حاول الكاتبان توضيح موقف إيران تجاه حركة أنصار الله في اليمن وفقاً للنظرية البنائية لدور اللاعبين السياسيين غير الحكوميين في العلاقات الدولية، حيث يعتقد الكاتبان أنّ إيران تقوم بتوظيف أولئك اللاعبين لتحقيق مصالحها و أهدافها في المنطقة و من بينهم حركة أنصار الله في اليمن، كما بحثا سياسة إيران و استراتيجيتها إزاء حركة أنصار الله في اليمن بالاستناد إلى النظرية البنائية. و يرى الكاتبان أنّ استراتيجية إيران في دعم و حماية الحركة المذكورة تقوم على أساس مواجهة الدول السنيّة في المنطقة و الإتيان بحكومات شيعية موالية لها لترسيخ زعامتها الإقليمية في مواجهة النفوذ الأميركي في المنطقة.
* مقالة (إبراز طبيعة النشاطات الإيرانية و السعودية في أزمة اليمن) بقلم پيمان زنگنة و سمية حميدي (٢٠١٦م) حيث حاولت الكاتبتان بيان المنطق الذي يحكم سياسة كل من السعودية و إيران إزاء الأزمة الحالية في اليمن، و باعتقادهما أنّ سياسات البلديْن متناقضة و متصارعة في اليمن و أنّ الرؤى الهوياتية لكلّ منهما هي التي تحدّد السياسة الخارجية للبلديْن في اليمن.
تنعكس التصوّرات الموضوعية و الذهنية المتفاوتة لكلّ من إيران و السعودية إزاء محيطهما في سياسات متفاوتة على ساحة التحوّلات الداخلية لليمن و هما يحاولان التركيز على أنّ ذهنية الإسلام الشيعي و الإسلام السلفي الوهابي إلى جانب إدراك كلّ منهما للظروف الموضوعية الخاصة به و بغريمه المقابل تجاه الأزمة في اليمن أدّت إلى تبنّي إيران لرؤية تفاعلية و السعودية لرؤية هجومية في سياساتهما في اليمن.
* مقالة (الهوية و الأسس الفكرية لحركة أنصار الله في اليمن) بقلم منصور مير أحمدي و ولي محمد أحمدوند (٢٠١٥م). هذه المقالة و في معرض الإجابة عن كيفية تبلور الهوية و الأسس الفكرية لحركة أنصار الله في اليمن بيّن الكاتبان أنّ أتباع الحركة قد استعاروا هويّتهم و مبادئهم الفكرية من الإسلام و أنّهم يستخدمون الشعارات الدينية لبلوغ أهدافهم السياسية. كما أنّ حركة أنصار الله انتفضت ضدّ الحاكم الظالم وفقاً لعقائدها الدينية و أنّها تستخدم الأفكار و الآراء الدينية الخاصة بها للتنظير في أمر الحكومة لتحقيق أهدافها إلى جانب البرامج الوطنية الشاملة.
* مقالة (التحولات الأخيرة في الشرق الأوسط و شمال أفريقيا: جذورها و نتائجها المختلفة) بقلم السيد أمير نياكوئي (٢٠١١م) حيث تساءل الكاتب عن سبب وقوع النتائج السياسية المختلفة في العالم العربي و ربطها بعوامل متعدّدة مثل السلطة القائمة على أساس هيمنة الحزب الحاكم و انتشار الفساد الاقتصادي٬ بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية المضطربة٬ ثمّ أشار إلى أنّ هذه الأوضاع أيضاً موجودة في اليمن و كانت من بين العوامل التي أدّت إلى انتفاضة الشعب و الاحتجاجات هناك مع بعض الفوارق التي تميّزها عن سائر الثورات التي وقعت في المنطقة مثل حضور الشيعة الزيدية في الساحة بشعاراتهم المختلفة و مواقفهم المتعدّدة إزاء الولايات المتحدة و إسرائيل و التي تعدّ من بين الفوارق التي وسمت نتائج الثورة اليمنية قياساً بباقي الثورات العربية في المنطقة.
* مقالة (حركة الحوثيين من الفكر إلى العمل) بقلم أحمد نعمان (٢٠١٥م) بيّن فيها أنّ الحوثيين حوّلوا فكرتهم في الاستيلاء على السلطة إلى واقع ملموس و ذلك باستغلال الفرصة المواتية في الظروف السياسية الحالية في اليمن. هذه الحركة في تطوّر مستمر٬ و قد تعاظمت قوّتها و هي قادرة على تفجير حرب إقليمية بالتعاون مع إيران. كما أشار الكاتب إلى مسألة أخرى و هي أنّ مساندة بلد مثل إيران لهذه الحركة تُعدّ فرصة للأخيرة لكي تزيد من قدراتها و قوتها للسيطرة على اليمن، ثمّ تطرّق الكاتب إلى شعارات الحوثيين وقال أنّها شبيهة بالشعارات التي ترفع في إيران و أنّهم يسعون إلى الصمود و المقاومة بوجه قوى الشرّ و منها الكيان الصهيوني و الولايات المتحدة٬ و هي استراتيجية شبيهة باستراتيجية إيران. و تناول المقال المذكور أيضاً وصول حركة أنصار الله إلى السلطة و علاقاتها مع إيران.
* مقالة (اليمن و الحرب الباردة بين إيران و السعودية) بقلم بيتر ساليسبوري (٢٠١٥م) حيث رأى الكاتب أنّ العامل الرئيس لدخول اليمن في المنافسة الإقليمية بين إيران و السعودية هو التوتّر و المواجهة المحلية، إلّا أنّه في الوقت نفسه لم يتجاهل دور اللاعبين الدوليين في التأثير على حسابات اللاعبين الإقليميين مثل إيران و السعودية في اليمن٬ و باعتقاده أنّ دعم إيران و تدخّلها في اليمن لتأسيس حكومة شيعية في جنوب السعودية كان هدفه الضغط على هذه الأخيرة و مواجهة التيّار السنّي من خلال خلق سلطة شيعية جديدة ممّا أدّى إلى إشعال حرب باردة بين إيران و السعودية. ثمّ أشار الكاتب إلى جذور وأسباب الأزمة في اليمن و المنافسات الإقليمية بين إيران و السعودية.
* كتاب بعنوان (أنصارالله في اليمن) تأليف محمد صادق كوشكي و روح‌الله نجابت (٢٠١٦م) أشار المؤلفان في هذا الكتاب إلى التاريخ السياسي و الاجتماعي لليمن منذ صدر الإسلام إلى الوقت الحاضر ثمّ تناولا تاريخ الزيدية في هذا البلد و كيفية تشكّل حركة أنصار الله منذ البداية حتى عام (٢٠١٣م) و تأثّر الحركة بالثورة الإسلامية في إيران و فكر الإمام الخميني (رَحمه الله). و فيما يتعلّق بالحروب الستّ التي خاضتها حركة أنصار الله ضدّ حكومة علي عبدالله صالح و قصة استشهاد السيد حسين الحوثي قدّم الكاتبان تفاصيل كثيرة حول هذا الموضوع. كما أشار المؤلّفان في كتابهما إلى تاريخ تأسيس حركة أنصار الله و تأثّرها بالثورة الإسلامية في إيران.
* كتاب بعنوان (تأثير الثورة الإسلامية على ظهور حركة الحوثيين في اليمن) تأليف مرتضى بيات (٢٠١٦م) حيث أشار المؤلّف إلى أنّ الثورة الإسلامية في إيران عزّزت القدرة الفكرية و الثقافية الشيعية في اليمن في الوقت الذي كان المذهب الزيدي يتعرّض فيه للاندثار و النسيان بسبب الافتقاد إلى الوعي العميق بالدين٬ و التطورات الراهنة و قلّة علماء الدين، أضف إلى ذلك اتّساع نطاق الدعوة الوهابية و تأثيرها السلبي على أذهان الشباب الزيدي. و قد تناول الكتاب المذكور – بالاستناد إلى المصادر الفكرية – بُعديْن مؤثّريْن في المجتمع اليمني، هما: الفكر الشيعي الذي جاءت به الثورة الإسلامية إلى العالم، و انتشار الفكر الوهابي، بالإضافة إلى تأثيرات الثورة الإسلامية على ظهور حركة الحوثيين في اليمن.
* كتاب (أويس الخميني) تأليف حميد رضا غريب (٢٠١٣م) أشار فيه إلى كيفية ظهور و تشكّل حركة أنصار الله في اليمن بقيادة الشهيد السيد حسين الحوثي و استعراض أهمّ خطاباته٬ مبيّناً أنّ آراء و أفكار الشهيد السيد حسين الحوثي مستلهمة من التعاليم الإسلامية و رؤى الإمام الخميني (رَحمه الله)، كما شرح كيفية تشكّل حركة أنصار الله و آراء قائدها.
* مقالة (تحليل لأهمّ أسباب حرب الائتلاف بقيادة السعودية على اليمن) بقلم عبد الكريم فيروز كلائي (٢٠١٥م) بيّن فيها أهمّ العلل و الأسباب التي أدّت إلى عدوان الائتلاف السعودي على اليمن منها موقعه الجيوسياسي و مجاورته للسعودية و تحالف هذه الأخيرة مع الولايات المتحدة و الصراع الإقليمي بين إيران و السعودية بهدف زيادة نفوذهما و سيطرتهما على مستقبل اليمن و تخوّف السعودية من مجيء حكومة ديمقراطية على رأس السلطة في اليمن، و أخيراً كبح جماع حركة أنصار الله و إعادة عبد ربّه منصور هادي إلى كرسي الحكم، كما تطرّق المؤلّف إلى أوضاع اليمن الراهنة و حرب السعودية.
* كتاب بعنوان (الجمهورية اليمنية) تأليف داود كريملو (١٩٩٥م) أشار المؤلّف فيه إلى الخصائص الجغرافية و الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية و البنية السياسية و الحكم في اليمن حتى حكومة علي عبد الله صالح. كما تحدّث الكتاب بإيجاز عن علاقات اليمن بالجمهورية الإسلامية الإيرانية مع نبذة عن خصوصيات اليمن.
* مقالة (الهوية الجيوسياسية و تأثيرها على الاستراتيجية الأمنية لإيران و السعودية في الأزمة اليمنية) بقلم علي رضا سميعي أصفهاني و مهدي محمّدي عزيز آبادي و جاسب نيك فر (٢٠١٥م). أشار الكتّاب في مقالتهم إلى أنّ الهوية الشيعية و الثورية لإيران و محاربتها الاستكبار من ناحية، و الهوية السنيّة المَلَكية الوهابية الموالية للغرب من ناحية ثانية كانت من بين الأسباب وراء احتدام التنافس الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط على شكل تناقض و حرب باردة بين هاتيْن الدولتيْن على الساحة اليمنية. و أوضح المؤلّفون أيضاً أنّ الهوية المذهبية هي العامل الأكثر تأثيراً من بين جميع العوامل و المتغيّرات الأخرى في نموذج السلوك و العلاقات السعودية الإيرانية في الأزمة اليمنية بحيث أصبحت السعودية قلقة من اندلاع احتجاجات تثيرها الأقلية الشيعية في داخل السعودية خصوصاً بعد تفاقم الأزمة هناك و اتّساعها. من هنا، عمدت السعودية إلى تبنّي مقاربة هجومية عدوانية بدعم و تدخل من القوى العظمى لا سيّما الولايات المتحدة في شؤون المنطقة لضمان أمنها و ذلك بخلاف إيران التي انتهجت مقاربة أمنية تتمحور حول الهوية و المشاركة في حلّ النزاعات الإقليمية.
* مقالة بعنوان (السياسة الاستراتيجية في إدارة الأزمة اليمنية) بقلم عباس مصلي نجاد (٢٠١٥م) أكّد الكاتب في مقالته على الفرضية القائلة بأنّ السيطرة على الأزمة في اليمن التي تفاقمت في أبريل/ نيسان (٢٠١٥م) إنّما تكون عبر التوازن الإقليمي، و قد لعبت الولايات المتحدة و الكيان الصهيونيّ باعتبارهما لاعبيْن عالمي و إقليمي في المنطقة دوراً حاسماً في بروز الأزمة اليمنية و تشديدها المرحلي، كما أشار الكاتب إلى العوامل الإقليمية و العالمية المؤثّرة على الأزمة اليمنية.
* مقالة (شكل العلاقة القائمة بين إيران و الحوثيين و تأثيرها على اليمن) بقلم الزويري محجوب (٢٠١٥م). برأي الكاتب أنّ حركة الحوثيين في اليمن ذات صلة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية و هذه الأخيرة لا تنكر وجود مثل هذه الصلة، و قدأثبت الكاتب أنّ الدعم الإيراني للحركة المذكورة ازداد بعد سيطرتها على العاصمة صنعاء و أنّ إيران تدعم الحركة عسكرياً في مواجهة الرئيس اليمني السابق، مشيراً إلى أنّ العلاقات بين إيران و الحوثيين تسبّبت في خلق فوضى في اليمن بخاصة و في المنطقة بشكل عامّ.
* مقالة (الثورة الإسلامية في إيران و جيوسياسة التشيّع في اليمن) بقلم سعيد كلجين و مجيد عباسي (٢٠١٥م). حاول الكاتبان في هذه المقالة شرح فرضية مفادها أنّ الثورة الإسلامية في إيران أدّت إلى استعادة الشيعة في اليمن لهويّتهم و وعيهم و تطوّرهم و ارتقائهم على المستوى الفكري و الوعي السياسي فضلاً عن ازدياد نشاطاتهم من أجل نيل حقوقهم السياسية و الاجتماعية في إطار الحركات و الأحزاب الشيعية في اليمن.
* مقالة (اليمن: فرصة للحوار بين إيران و السعودية) بقلم ديانا اسفندياري و آرين طباطبائي (٢٠١٦م). أشارت الكاتبتان إلى أنّ اليمن يُعدّ منطقة نفوذ للعربية السعودية و يُعتبر من أهمّ أولويّات السعودية على الإطلاق. و يعتقد السعوديون أنّ تدخّل إيران في اليمن هو بمثابة لعبة النفوذ، و يشكّل من الناحية الاستراتيجية محاولة لمحاصرة دول الخليج الفارسي و تهديد لوجودها، بيد أنّ هذا التدخّل و دور إيران في الصراع الدائر في اليمن متفاوت و نطاقه محدود و أنّ اليمن لا يشكّل أولوية في القضايا الاستراتيجية الإيرانية. و خلافاً لاستراتيجيتها في العراق و سوريا فإنّ سياسة إيران الخارجية فيما يخصّ اليمن لا تسعى إلى تحقيق هدف غائي. و صرّحت الكاتبتان في نهاية المقال بأنّ تعاون إيران و السعودية لحلّ الأزمات الراهنة في الشرق الأوسط أمر حيويّ و ذلك يتطلّب وصول البلديْن إلى أرضية مشتركة أو حدود ممكنة للتفاهم و الوفاق.
تكمن سمة البحث الحالي و الذي يتميّز عن البحوث المكتوبة داخل إيران و خارجها في أنّ أيّاً من تلك البحوث لم يتناول كلّ الجوانب الخاصة بدور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مساندة الشعب اليمنيّ و دَعمه.
الإطار النظريّ
اليمن
يقع اليمن في الشمال الغربي و الشمال الشرقي لمضيق باب المندب الذي يصل البحر الأحمر بالمحيط الهندي و يُعدّ أقصر طريق واصل بين الشرق و الغرب. و كان اليمن و ما زال يحتلّ موقعاً حساساً و استراتيجياً في نظر الشرق و الغرب، فمن خلال إشرافه على مضيق باب المندب بإمكان اليمن السيطرة على البحر الأحمر بل و غلقه بفضل الموقع المهمّ و الاستراتيجيّ لجزيرة (بريم) اليمنية.
وبشكل عامّ و بالنظر إلى الموقع الاستراتيجيّ الذي تحتله الجُزر اليمنية فإنّ بالإمكان استغلالها لأغراض عسكرية و مراقبة الملاحة البحرية في البحر الأحمر6. هذا و يتألّف اليمن من عشرين محافظة باستثناء منطقة صنعاء المستقلّة و (٣٣) مديرية و (٢٢١٠) ناحية و (٣٨٢٨٤) قرية7.
وطبقاً لإحصائية عام (٢٠١٥م) يبلغ عدد سكّان اليمن حوالي (٢٦) مليون نسمة ينحدر معظمهم من الأقوام السامية و العرب القحطانيين وهناك أقلية تنتمي إلى الجنس الأفريقيّ العربي و غيرهم8. أمّا سكّان القسم الشمالي من اليمن فجميعهم من العرب بينما يضمّ القسم الجنوبي منه بعض الأقليّات الهندية و الباكستانية و الصومالية و الأريترية و الأثيوبية التي جاءت إلى اليمن و عاشت في تلك المنطقة9.
من الناحية الدينية فإنّ أغلب سكّان اليمن هم من المسلمين و فيهم أقليّات مسيحية و يهودية و جماعة يدينون بالديانة الهندوسية. أمّا المسلمون فنسبة أهل السنة فيهم تبلغ (٥٥) في المأة ينتمي أغلبهم إلى المذهب الشافعي، و (٤٥) في المأة من الشيعة الزيود في الغالب٬ و يقطنون بشكل عام في المناطق الجبلية الشمالية و الشمالية الغربية مثل (صعدة) بينما يقطن السنّة الشافعية في المناطق الجنوبية و الجنوبية الشرقية كعدن و غيرها10.
في عهد الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح حصلت فجوة مذهبية و اجتماعية كبيرة في اليمن عندما راحت السعودية تنشئ الكثير من المدارس الدينية التي تروّج للفكر الوهابي المخالف للشيعة هناك، و ازدادت تلك الفجوة عمقاً بين أهل الجنوب و الشمال، و يعود تاريخ هذه الفجوة إلى ما قبل اتّحاد شطرَيْ اليمن، بسبب سياسة التمييز العنصري التي كان علي عبد الله صالح يمارسها ضدّ الجنوبيين الذين كانوا يشعرون بالاضطهاد و الإقصاء.
وخلال السنوات التي تشكّلت فيها حركة أنصار الله برزت كذلك حركات أخرى مشابهة في الجنوب اليمني أظهرت اعتراضها و شجبها لسياسة الحكومة المركزية بقيادة صالح و بدا كأنّ الشيعة و أهل الجنوب قد اتّحدوا ضدّه من دون اتفاقية مدونة.
هذا، و يُعتبر الانتماء القبلي و النّسَب في اليمن أمراً حيوياً و مهمّاً و هو ما تسبّب في الكثير من المشاكل و العوائق أمام تأسيس هوية يمنية مشتركة، فاليمن مكوّن من عدد من القبائل التي لعبت أدواراً رئيسية على مرّ التاريخ و حرصت التيارات السياسية في اليمن على الدّوام على استمالتها و كسب تأييدها و ولائها. من أشهر القبائل اليمنية المعروفة قبيلة (حاشد) و (بكيل)، و يسمّى رئيس القبيلة شيخاً و كبير اتّحاد القبائل بشيخ المشايخ. و تمتاز القبائل اليمنية بشكل عام بقلّة التحرّك و الاستقرار في مكان واحد، و يحمل معظم أفراد القبائل أسلحة خفيفة أو ثقيلة في بعض الأحيان11.
والانتماء القبلي في اليمن يعني تمحور الحياة السياسية حول الشخصيات الرئيسة في القبيلة بدلاً من الإيديولوجيات أو البرامج السياسية، و هكذا فإنّ تعزيز الانتماء القبلي و ضعف المؤسسات الحكومية الحديثة و عدم وجود هوية مشتركة بين المواطنين اليمنيين هي ثلاثة عوامل رئيسة مؤثّرة في السياسة و الحكومة في ذلك البلد12.
في عام (١٩٩١م) أجري استفتاء عام على دستور الجمهورية اليمنية فحصل على موافقة أغلبية الشعب اليمني، و في عام (١٩٩٤م) أُدخِلت بعض الإصلاحات و التعديلات على الدستور المذكور، و اعتُبر الدين الإسلامي في الدستور هو الدين الرسمي و مصدر التشريع الرئيس للدولة، و بالاستناد إلى هذا الدستور فإنّ نظام الحكم في اليمن هو نظام جمهوري ينقسم إلى ثلاث سلطات: السلطة التنفيذية و التشريعية و القضائية13.
لليمن تاريخ عريق فبعد البعثة النبوية الشريفة دخل الشعب اليمني في الدين الإسلامي بشكل تدريجيّ حيث أرسل النبيّ الأكرم (صَلّى‌الله‌عليه‌و‌آله‌وسلّم) الإمام علي (عَليه‌السّلام) إلى أهل اليمن لدعوتهم إلى الدين الجديد، و من الأمور التي يفتخر بها اليمنيون هي دخولهم الإسلام من دون حرب أو إراقة قطرة دم واحدة على يد الإمام علي (عَليه السّلام)14. و إذا ألقينا نظرة عابرة على تاريخ اليمن سنلاحظ أنّ اليمنيين لعبوا دوراً كبيراً و كانت لهم اليد الطولى في الفتوحات الإسلامية15.
وخلال السنوات الأولى من دخول اليمنيين في الإسلام استطاع بنو أميّة إلى حدّ ما النفوذ إلى اليمن عَبر عمّالهم و ولاتهم، لكنّهم سرعان ما أخفقوا في السيطرة على اليمن ( ١٢٦هـ) و منذ ذلك الوقت كان أئمة الزيدية هم الحكام على بلاد اليمن. دخل يحيى بن الحسين – أول إمام للزيدية – اليمن في (٢٨٠هـ) ثمّ في (٢٨٤هـ) استطاع تأسيس حكومة زيدية في اليمن فكانت تلك نقطة تحوّل في تاريخ ذلك البلد، و منذئذ انتشر المذهب الزيديّ في أكثر مناطق اليمن، و بعد أن كان المذهب المذكور محصوراً بمنطقة (صعدة) و (نجران) بدأ بالانتشار سريعاً في معظم الأجزاء الشمالية لليمن بعد مجيء يحيى بن الحسين16، و هكذا استمرّ الحكم الزيديّ أحد عشر قرناً عبر مسيرة طويلة تخلّلها الكثير من الإخفاقات و النجاحات.
في (٩١٩هـ) اجتاح البرتغاليون جنوب اليمن لكنّهم فشلوا في السيطرة عليه17 بعد ذلك احتلّ العثمانيون اليمن بحجّة حماية مكة و المدينة من هجمات البرتغاليين في المستقبل، و استطاعوا الاستيلاء على جميع أجزاء اليمن باستثناء المنطقة الجبلية في الشمال و أدّى ذلك إلى تقليص مناطق نفوذ الزيدية إلى حدّ كبير، فتحوّل اليمن بعد عقود إلى منطقة للنفوذ العثماني. و في (١٦٣٦م) استطاع الزيدية إخراج العثمانيين من بلاد اليمن، إلّا أنّ العثمانيين تمكّنوا ثانية في (١٨٣٣م) من السيطرة على بعض أجزاء اليمن و سواحله و انتزاعها من نفوذ الزيدية و ذلك لافتقار الإمامة الزيدية لنموذج فاعل لاختيار خليفة للإمام فغالباً ما كان المجتمع اليمني يعيش في حالة من الفوضى و اللاأمن بعد موت كلّ إمام زيدي. في (١٨٣٥م) و بعد انحسار النفوذ الزيدي و اغتيال بعض أئمّته دخل اليمن حالة من عدم الاستقرار، و في (١٨٤٩م) ضعفت الحكومة الزيدية و لم تَعُد قادرة على فرض الأمن و الهدوء و استمرّ ذلك لعدّة عقود18.
في (١٨٣٩م) ارسلت بريطانيا قوة إلى جنوب اليمن – مدينة عدن – ليسهل عليها الوصول إلى مستعمراتها في الهند و بحجّة تقديم الخدمات البحرية لسفنها التجارية19، لكنّ القوات البريطانية دخلت في معارك مع القوات المحلية في جنوب اليمن متّهمة إيّاها بالتعرّض و الاعتداء على سُفنها التجارية فاحتلّت مدينة عدن و استمرّ ذلك الاحتلال أكثر من قرن تقريباً20.
أمّا العثمانيون الذين أزعجهم النفوذ البريطاني الممتدّ من الهند حتى باب المندب، فقد عادوا بقواتهم إلى سواحل اليمن21، لكن، و بعد اندحارهم و فشلهم في تنفيذ خططهم و لا سيّما فيما يتعلّق بعلمنة المجتمع اليمني و وصول أسرة حميدالدين إلى السلطة في اليمن أُجبِر العثمانيون على الخروج من اليمن في (١٩١٨م) وفقاً لمعاهدة مكتوبة. و هكذا أصبح الإمام يحيى حميد الدين الحاكم بلا منازع منذ عام (١٩١١م) على الأجزاء الشمالية لليمن، و بعد خروج العثمانيين راح يفكّر في إحياء حكم الإمامة الزيدية من جديد فجعل من السيطرة على المناطق الجنوبية و الشرقية لليمن ضمن أولوياته22.
بعد انتصارها على البريطانيين و العثمانيين استطاعت أسرة حميد الدين الحكم في اليمن مدّة (٧٥) عاماً، و مع وفاة السلطان أحمد بن يحيى في (١٩٦٢م) انتهت سلالة حميد الدين في اليمن نهائياً.
بعد وصول جمال عبد الناصر إلى الحكم في مصر بدأت موجة إسقاط الأنظمة الملكية و تحويلها إلى جمهوريات و لم يسلم اليمن من هذه الموجة حيث قام عدد من العسكريين اليمنيين بانقلاب عسكري مدعوم من مصر ضدّ حكم الأئمّة الزيدية ليصبح اسم اليمن بعد ذلك الجمهورية العربية اليمنية. و اندلعت الحرب بين أنصار الملكية بدعم من السعودية و بين أنصار النظام الجمهوري بدعم من مصر، و استمرّت حتى أواخر العقد السادس من القرن العشرين، و أدّت إلى تقسيم اليمن إلى شطرين: شمالي و جنوبي23. كان الشطر الجنوبي يُحكم من قبل التيارات اليسارية و الماركسية أمّا اليمن الشمالي فأصبح حليفاً للغرب و دول الخليج العربية، و هكذا فقد الشيعة الزيدية سلطانهم الماضي و اقتصر وجودهم على الأجزاء الشمالية من اليمن.
في (١٩٥٨م) دخل اليمن الجنوبي تحت الانتداب البريطاني حتى قيام الثورة الشيوعية هناك بدعم من مصر، و في نوفمبرتشرين الثاني (١٩٦٧م) حصل اليمن الجنوبي على استقلاله عن بريطانيا24. و حتى عام (١٩٩٠م) كان لشطرَي اليمن حضور بارز على الساحة الدولية، فاليمن الشمالي الذي أُعلنت فيه الجمهورية كان تحت الحماية السعودية أمّا اليمن الجنوبي فكان يدعمه المعسكر الشرقي آنذاك25. في (1978م) استطاع العقيد علي عبد الله صالح الاستيلاء على السلطة في اليمن الشمالي و قطع علاقته باليمن الجنوبي متّهماً حكومته بالضّلوع في اغتيال رئيس اليمن الشمالي السابق و محاولتها تصدير الثورة إلى الشطر الشمالي من اليمن.
لكن، و بعد تسلّم علي سالم البيض السلطة في اليمن الجنوبي سعى إلى تقريب وجهات النظر بين شطري اليمن داعياً إلى اتّحادهما و وُقّعت العديد من الاتفاقيات منذ (١٩٨٠م) لإنجاز مشروع توحيد شطري اليمن. و مع انهيار الاتّحاد السوفياتي تأثّر اليمن الجنوبي بذلك و تلاشى اقتصاده تماماً، و في ديسمبركانون أوّل (١٩٨٩م) توصّل المسؤولون في كلا البلديْن إلى تفاهم شامل لتوحيد اليمن26 و في نهاية المطاف صادق برلمانا البلديْن في الثاني و العشرين من مايوأيار (١٩٩٠م) على مشروع اتّحاد شطري اليمن بشكل عمليّ و أصبح الاسم الرسميّ لليمن هو الجمهورية اليمنية و عاصمتها السياسية صنعاء أمّا عدن فكانت عاصمة البلاد الاقتصادية. ثمّ تمّ انتخاب علي عبد الله صالح رئيساً للجمهورية و علي سالم البيض نائباً له و اختير حيدر أبي بكر العطّاس رئيساً للوزراء (من القسم الجنوبي)27 و تمّت المصادقة على الأسس و الأساليب الديمقراطية مثل الانتخابات الرئاسية و البرلمانية و تأسيس الأحزاب و ما شابه ذلك - بعد اتّحاد الشمال و الجنوب - لكنّ علي عبد الله صالح و رفاقه في السلطة بدأوا باستغلال الوضع القائم لمصلحتهم و راحوا يتحكّمون بمقدرات البلاد28.
وهكذا فإنّ عملية توحيد شطري اليمن لم تنجح لبعض المقتضيات الخاصة و عدم توفّر متطلّباتها اللازمة، و إلى جانب ذلك كان احتكار علي عبد الله صالح للسلطة و ظهور الخلافات بشأن حرب الخليج الأولى، كفيلاً بإحداث انشقاق بين شطري اليمن أدّى إلى نشوب حرب دموية عام (١٩٩٤م)29. و بعد مرور أشهر قليلة على الحرب انتهى الأمر بقمع أهل الجنوب و ظلّ اليمن موحداً، و بعد أن وضعت الحرب أوزارها أخذ علي عبد الله صالح بزمام الأمور و وسّع من نطاق ديكتاتوريّته فتعاظمت طموحات الجنوبيين في الاستقلال30.
وأقدم نظام صالح على حظر تشكيل مؤسسات المجتمع المدني و التجمعات الشعبية، و كانت نتيجة ذلك تمركز السلطة في يَد رئيس الجمهورية بشكل كامل31، و بدعم من المجلس الذي كان تحت سيطرته أضفى علي عبد الله صالح الشرعية الكاملة على حكمه من خلال القانون الذي أصدره المجلس المذكور و الذي ينصّ على اعتباره رئيساً مدى الحياة، فوصلت ديكتاتوريّته ذروتها بسبب سماحه للسعودية بمحاربة الشيعة و قمع الحوثيين.
وهكذا كان الحوثيون الشيعة و حركة الإخوان المسلمين و القبائل و تنظيم القاعدة السنيّ إلى جانب مؤيّديهم من الحزبيّين و غير الحزبيّين، كانوا جميعهم لاعبين مهمّين في الداخل اليمني و ثورة الشعب ضدّ حكم صالح. و قد اجتمعت تلك الجماعات المعارضة تحت مظلة ما عُرف فيما بعد بـ(اللقاء أو التجمّع المشترك) و طالبت بإسقاط حكومة صالح و حزبه. 
في أثناء ذلك فإنّ اليمن الشمالي - الذي كان يستند إلى قاعدة الإسلام التقليدي السياسي ممثّلاً ببعض القبائل المسلمة القوية و كانت حركة أنصار الله تتصدّر الواجهة-  كان يعارض حكم صالح٬ و بالتزامن كان اليمن الجنوبي و تنظيم القاعدة يشكّلان تحدياً لحكومة عبد الله صالح و دخلوا معه في صراع مستمرّ، و ازدادت قوة هذا التحدّي بعد بدء ثورة الشعب اليمني؛ أمّا أهل الجنوب فكانوا يرون أنّ الدّولة هي السبب في افتقارهم و أنّها سلبتهم كلّ شيء وفي المقابل لم تقدّم لهم أيّ شيء32.
بعد تصاعد وتيرة الصحوة الإسلامية في منطقة غرب آسيا و انهيار أسس حكومة علي عبد الله صالح إلى جانب الاحتجاجات الشعبية الواسعة، أُجبر صالح على التنحّي عن الرئاسة، فتسلّم نائبه عبد ربّه منصور هادي مقاليد الحكم في البلاد.
وقد أدّى السخط الشعبيّ بسبب تناقص الدّعم الحكومي و عدم كفاءة المسؤولين في الدولة في أداء واجباتهم و الذي أدّى إلى ارتفاع معدلات التضخّم إلى درجات قياسية  في اليمن، و تفاقم الصراع و التوتّر السياسي في الداخل٬ و تراشق الاتهامات بين الأحزاب المشاركة في السلطة بهدف الاستيلاء التام على السلطة في البلاد إلى جانب الأخطاء الكبيرة لبعض التيارات الإسلامية و منها جماعة الإخوان المسلمين التي لا يمكن التغاضي عنها و لا سيّما ما يخصّ إثارة مشاعر الناس و دفعهم نحو الاقتتال المذهبي الذي أدّى إلى تعاظم نفوذ الجماعات التكفيرية في اليمن بالإضافة إلى الشعور باليأس و الإحباط من الشعارات التي رفعتها حكومة الوفاق الوطني بقيادة منصور هادي و خصوصاً بعد سقوط حكومة علي عبد الله صالح٬ كل هذه الأسباب دفعت السيد عبد الملك الحوثي – قائد جماعة أنصار الله – مع جماهير غفيرة من الشعب و معظمهم لم يكونوا من الزيديين أو الحوثيين إلى الزحف على العاصمة صنعاء بسهولة حاملين ثلاثة شعارات مهمّة و محورية هي: إلغاء قرار حذف الدّعم الحكومي، و تغيير الكابينة الحكومية، و التطبيق الواقعي للاتفاق الخاص بالحوار الوطني، ممّا اضطرّ الرئيس عبد ربّه منصور هادي إلى الفرار إلى الجنوب.
لكنّ القلق المتزايد بسبب سيطرة جماعة أنصار الله على اليمن و تعاظم النفوذ الإيراني في شبه جزيرة العرب أرهب السعودية و حلفاءها فعمدوا إلى شنّ حرب بالوكالة على اليمن بحجّة مواجهة النفوذ الإيراني33.
تُبرز العمليات العسكرية التي شنّتها السعودية ضدّ اليمن في الخامس و العشرين من مارسآذار (٢٠١٥م) الاستراتيجيّة متعددة الجوانب المستخدمة ضدّ جماعة أنصار الله، فقد اتّبع الملك سلمان في حملته على اليمن نفس الأسلوب الذي استخدمه سلفه الملك عبد الله قبل أربع سنوات ضدّ الشيعة في البحرين. فالنموذج الذي تستعمله السعودية في حملتها يتمثّل في استخدام القوّة المفرطة مقابل الاحتجاجات البسيطة، و هكذا تفاقمت الأوضاع و تعذّر نزع فتيل الأزمة في اليمن بسبب الأدوار و الأساليب التي اتّبعها اللاعبون في المنطقة34. و بعد عدوان السعودية على اليمن أصبح دور جماعة أنصار الله محورياً في محاربة أحد أعدائها القدامى لخطاب الثورة الإسلامية في المنطقة.
حركة أنصار الله
رغم أنّ الشهيد حسين الحوثي هو واضع اللبنة الأولى لحركة أنصار الله بعد أحداث الحادي عشر من أيلول إلّا أنّ تأسيس تشكيلات الجماعة استمرّ حتى عام (٢٠٠٣م)، و لم يُطلَق على الحركة اسم (أنصار الله) إلّا خلال أحداث الصحوة الإسلامية رغم أنّ أركان الحركة كانت مستقرة في تلك الأثناء.  بعد عام (٢٠٠١م) وضعت حركة أنصار الله الأبعاد السياسية و الثقافية على رأس أولوياتها كما فعّلت جناحها العسكري بمُقتضى الظروف و الأوضاع. و انتقلت قيادة الحركة – التي تُعتبر التشكيل الثالث من تشكيلات الشيعة الزيدية في اليمن بعد حزب الحقّ و الشباب المؤمن – إلى عبد الملك الحوثي بعد استشهاد السيد حسين الحوثي. و يمكن تقسيم مسيرة هذه الجماعة خلال السنوات من (٢٠٠١) إلى (٢٠١٣م) إلى ثلاث مراحل، هي:
أ) المرحلة التربوية و الثقافية و تشكّل الأسس العقدية، و أصبحت هذه المرحلة التي بدأت قبل تأسيس الحركة رسمياً، أكثر جديّة و استمرّت حتى (٢٠٠٤م).
ب) المرحلة ما بين (٢٠٠٤) حتى (٢٠١٠م) حيث دخلت الحركة في نطاق العسكرة و خاضت في مراحل متعدّدة حروباً ضدّ قوّات علي عبد الله صالح.
ج) مرحلة ما بعد انتهاء الحروب الستّ حيث أضحت الحركة قوّة سياسية مؤثّرة في اليمن و راحت تثبّت أسس تنظيمها السياسي٬ و طرحت نفسها كحركة سياسية اجتماعية في اليمن35.
 
مرحلة التشكيل الرسمي للحركة و وضع الأسس العقدية
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول و اصطفاف علي عبد الله صالح إلى جانب الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب، أتيحت للسيد حسين الحوثي الفرصة لانتقاد سياسة الحكومة اليمنية بشكل علنيّ، فأقدم على خطوته الأولى في التجمع الذي نظّم بمناسبة يوم القدس العالمي (١٤٢٢هـ - ديسمبر/كانون أوّل ٢٠٠٢م) بعد أشهر قلائل من أحداث الحادي عشر من أيلول؛ في ذلك اليوم ألقى السيد حسين الحوثي أوّل خطاب له أمام جمع من أهالي صعدة مبيّناً مرحلة جديدة من التنوير و تلا عليهم في خطابه إعلان الإمام الخميني (رَحمه الله) الجمعة الأخيرة من شهر رمضان يوماً عالمياً للقدس، و كذلك عرض المسار و البرنامج الذي وضعه لتأسيس حركة أنصار الله و قدّم توضيحات مفصّلة حول الشروع بذلك، كما صرّح بأنّ طريق المقاومة ضدّ الولايات المتحدة طويل و وعر، و ممّا قاله السيد حسين الحوثي: «إنّنا في الحقيقة نفتقد للرؤية الصحيحة، الرؤية الصحيحة هي أن نشرع بمحاربة الولايات المتحدة، و لهذا ينبغي لنا أن نضع برنامجاً عملياً يعمل على حثّ الناس و تحريضهم على التصدّي للولايات المتحدة»36.
لم تكن الحركة الحوثية قبل أحداث الحادي عشر من أيلول سوى حركة ثقافية و تربوية، لكنّها بعد تلك الأحداث و بالتزامن مع ولادة حركة أنصار الله في يوم القدس (٢٠٠١م) أصبح لها اتّجاه مُعاد للولايات المتحدة و الاستكبار عموماً فغلب عليها الطابع السياسي. و أمّا رؤية السيد حسين الحوثي في الحركة فكانت تتّصف بأساليب المقاومة الحديثة، فكان يؤمن بأنّه لا بدّ للوهلة الأولى من محاربة الولايات المتحدة كعدوّ أساسي، ثمّ بعد ذلك محاربة ذيولها و أتباعها في المنطقة و على رأسها الوهابية. كما كان يرى أنّ الولايات المتحدة هي التي مهدت لولادة الوهابية و نشرها في الدول الإسلامية37.
ومن الناحية الفكرية فإنّ حركة أنصار الله مدينة لأفكار و آراء العلامة بدرالدين الحوثي، لكن، مع حضور الشهيد حسين الحوثي في الساحة التربوية، أصبح المنظّر الأصليّ لحركة أنصار الله. و في أوائل (٢٠٠٢م) رفع حسين الحوثي شعار: «الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام» و أصبح بمثابة البيان الفكري لحركته، و في السابع عشر من ينايركانون الثاني (٢٠٠٢م) - أي، بعد أيام قلائل من إعلان تشكيل حركة أنصار الله – طرح في خطابه عبارة «الصّرخة في وجه المُستكبرين!» و أشار إلى أنّه اقتبس تلك العبارة من آيات القرآن الكريم، كما دعا أنصاره إلى مقاطعة البضائع الأمريكية و الإسرائيلية و التمسّك بتعاليم القرآن الكريم و آل البيت (عَليهم السّلام).
وبعد خطاب حسين الحوثي ذاك صار أنصاره يردّدون شعاراته في كلّ مناسبة و فرصة، و هكذا بدأت أدبيات جديدة تدخل إلى مجتمع المسلمين في اليمن لم تكن معروفة من قَبل، و شيئاً فشيئاً مع اتّساع نفوذ حسين الحوثي و أفكاره و آرائه بدأ هذا المسار يثير حساسيّة الولايات المتحدة و الوهابية و الحكومة اليمنية و الكيان الصهيوني.
والسبب الرئيس في معارضة حسين الحوثي هو الوجود الأميركيّ في اليمن بحجة تعاظم نشاطات القاعدة هناك، إضافة إلى اعتراضه على انتهاك استقلال اليمن و إعطاء نظام علي عبد الله صالح الضوء الأخضر للقوات الأمريكية للبقاء في اليمن، و قد وصل الأمر إلى قيام أعضاء الحركة بترديد شعاراتها خلال الحفل الذي أُقيم لاستقبال صالح عند زيارته لمنطقة صعدة و تحدّي سياسته الموالية للغرب.
لكنّ رفع شعار «الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل» لم يقتصر على صعدة فقط، بل بدأ الشباب الموالين لحسين الحوثي بتكرار ذلك الشعار في مساجد المدن الأخرى38.
وأمّا قائد حركة أنصار الله الذي اعتبر شعار «الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل» تكليفاً شرعياً، فقد بدأ بإرسال عدد من الشباب من أنصاره إلى المساجد الكبرى في صعدة و صنعاء كلّ أسبوع لكي يردّدوا الشعار المذكور في صلاة الجمعة، ممّا أثار غضب الحكومة التي أقدمت على اعتقال كلّ مَن يردّد ذلك الشعار، كما عمدت مديرية الأمن في اليمن إلى اعتقال الشباب الثوري من الزيدية بعد منعها من ترديد الشعارات في المساجد، و بلغ عدد المعتقلين من الزيدية (٨٠٠) شخصاً39.
بعد الاجتياح الأمريكي للعراق عام (٢٠٠٣م) اشتدّت اعتراضات حسين الحوثي ضدّ أمريكا أكثر من ذي قَبل، فبعد تصريحاته المعادية للولايات الأمريكية أقامت حركة أنصار الله مسيرات كبيرة في محافظة صعدة و سائر المحافظات و المدن طالب المشاركون فيها بطرد الاحتلال و إنهاء الوجود الأميركي في الأقطار الإسلامية، إلّا أنّ الجزء الأكبر من تلك المسيرة كان في صنعاء و لا سيّما بعد إقامة صلاة الجمعة40.
وجدير بالذّكر أنّ الانتقادات الصريحة التي وجّهها حسين الحوثي للولايات المتحدة و مواكبة النظام اليمني للسياسة الأميركية، أتاحت له و لأنصاره الفرصة لتوجيه النقد لسائر السياسات الخاطئة التي يمارسها النظام الحاكم٬ و الاعتراض على إجراءاته الظالمة و المطالبة بإحقاق الحقوق المسلوبة في مختلف المجالات.
ومن خلال رفض حسين الحوثي و أنصاره للحكومة العلمانية في اليمن وضعت الجماعة مسألة القضاء على الهيمنة السياسية للغرب على اليمن في صدر مطالباتها. كما سعت الحركة الشيعية في اليمن إلى درج الشريعة كمصدر للتشريع في الدستور و التركيز على ذلك بشكل خاصّ و أن تُدار المؤسسات الحكومية وفق التعاليم الإسلامية؛ لكنّ الحكومة التي لم تكن لتتحمّل كلّ تلك الانتقادات و المطالبات بذلت جهوداً كبيرة للقضاء على حركة أنصار الله قبل أن تتحوّل إلى حركة وطنية شاملة.
آخر خطوة اتّخذتها الحكومة للضغط على حركة أنصار الله كان بعد إقامتها تجمعاً اعتراضياً أمام السفارة الأميركية في (٢٠٠٣م). فبعد أن عَلت أصوات المجتمعين مردّدة شعارات (الموت لأمريكا و الموت لإسرائيل) أظهرت الحركة موقفها الصريح إزاء سياسات الولايات المتحدة في المنطقة و منها الاحتلال العسكري للعراق، فلم‌تتحمّل السفارة الأميركية و النظام العميل تلك التصرّفات فقام الأخير بوضع خطة عسكرية لقمع حركة أنصار الله41.
 
دخول حركة أنصار الله في المرحلة العسكرية (من ٢٠٠٤ إلى ٢٠١٠م)
كما هو معروف فإنّ محافظة صعدة هي المقرّ الأصلي لتواجد أتباع حركة أنصار الله و لهذا قرّرت الحكومة المركزية استئصال جذور الشيعة هناك من خلال شنّ الحرب و الاغتيالات تحسّباً لانتشارها في باقي المناطق اليمنية. لقد كانت الانتقادات الصريحة للحركة ضدّ تصرفات الحكومة المركزية و تماهيها السافر مع السياسة الأميركية محرجة بالنسبة إلى علي عبد الله صالح42 فدفعت السفير الأميركي الذي كان يبدي حساسيّة كبيرة تجاه سلوك حركة أنصار الله، إلى تحريض صالح و حكومته على مواجهة الشيعة عسكرياً.
وكان حضور علي عبد الله صالح على هامش قمة مجموعة الدول الصناعية الثمانية في الولايات المتحدة و كسبه للدعم الغربي و خاصّة الولايات المتحدة، كان بمثابة الضوء الأخضر له لبدء حملته ضدّ الشيعة في صعدة، فسارع بعد عودته من الولايات المتحدة إلى إصدار الأمر بالهجوم على مواقع حركة أنصار الله، و كانت بداية المواجهة الشاملة بين الطرفيْن و التي عُرفت بعد ذلك بالحروب الستّ43.
 
الحرب الأولى من حزيران حتى أيلول (٢٠٠٤م)
في البدء دعا علي عبد الله صالح قائد حركة أنصار الله إلى لقاء ثنائي بينهما إلّا أنّ حسين الحوثي الذي كان واقفاً على مكر صالح و خداعه رفض دعوته، فلجأ صالح إلى الخيار العسكري و أصدر أوامره للجيش باعتقال حسين الحوثي. و في الثامن عشر من حزيران عام (٢٠٠٤م) هاجمت قوة من الجيش اليمني مؤلفة من (١٨) قوة عسكرية مواقع الشيعة في مرتفعات (مران) الواقعة في منطقة (حيدان) بمحافظة صعدة بهدف اعتقال حسين الحوثي و أتباعه44.
بعد ثلاثة أشهر من المحاولات الفاشلة للجيش اليمني و قوات الأمن لاعتقال حسين الحوثي و أنصاره قرّرت الحكومة المركزية استخدام المكر و الحيلة لاعتقاله، فأرسل الجيش مروحية عسكرية إلى مرتفعات (مران) و هي تحمل قوة نظامية مدعياً أنّها تحمل جماعة من العلماء جاؤوا للقاء حسين الحوثي و التفاوض معه٬  و على أثر تنفيذ تلك العملية استشهد حسين الحوثي و (٣٠٠) من أتباعه. و باستشهاد قائد حركة أنصار الله في العاشر من أيلول عام (٢٠٠٤م) انتهت أولى الحروب التي بدأت في محافظة صعدة45. و قد ذكرت وسائل الإعلام اليمنية في تقاريرها لاحقاً أنّ الحملة العسكرية على المواضع الشيعية في صعدة أسفرت عن استشهاد (١٠٠٠) مدنيّ46.
 
الفترة بين الحرب الأولى و الثانية
بعد استشهاد حسين الحوثي في الحرب الأولى دخل الجيش اليمني إلى صعدة و حوّلها إلى منطقة عسكرية و نقل النظام العلامة بدر الدين إلى صنعاء لمنعه من مواصلة نهج نجله. و بحجّة نيّة النظام إطلاق سراح المُعتقلين من أعضاء الحركة اشترط بقاء العلامة بدر الدين في صنعاء وعمد النظام إلى محاصرته هناك مدّة ستة أشهر، و في النهاية تمكّن العلامة الحوثي من العودة إلى صعدة دون إطلاق سراح السجناء أو توقيع العلامة على أيّ اتّفاق مع الحكومة.
ومن بين الإجراءات التي اتّخذها نظام علي عبد الله صالح بعد انتهاء الحرب الأولى إرسال الخطباء السلفيين إلى صعدة و القضاء على الشخصيات الزيدية الناشطة و إقالة الشيعة الزيدية من مناصبهم الحكومية. و بسبب الضغوط التي مارسها ضدّ الشيعة في صعدة راحت جموع الزيدية القاطنين في مناطق أخرى بالتوافد على صعدة لإسناد إخوانهم هناك و الوقوف معهم في محنتهم، و كان دخول تلك الأفواج الزيدية إلى صعدة سبباً وجيهاً لقيام الحرب الثانية بين الحركة و بين الحكومة47.
 
الحرب الثانية (من ١٣ مارس/ آذار إلى ٢٧ أبريل/نيسان ٢٠٠٥م)
اندلاع الحرب الثانية بين الحوثيين و الحكومة كان بمثابة تحدّ كبير لحركة أنصار الله فقد كان العلامة بدر الدين الحوثي هو زعيم الحركة بينما كان عبد الله عيضة الرزامي قائداً عسكرياً لجماعة أنصار الله48.
هذا و كانت منطقة (وادي نشور) في وسط محافظة صعدة المسرح الأصلي للقتال بين الجيش اليمني و أنصار الله في الحرب الثانية، و بعد اشتداد القتال و استشهاد عدد من أتباع أنصار الله و الخسائر الفادحة التي مُني بها الجيش اليمني قدّم علي عبد الله صالح عرضاً بالعفو مقابل إنهاء الحرب و الاقتتال، رفضته حركة أنصار الله لأنّه كان غير عادل و يتجاهل حقوق الشيعة تماماً. و بسبب فشل الجيش اليمني في الوصول إلى أهدافه أعلنت الحكومة اليمنية التي كانت البادئة بإشعال الحرب وقفاً لإطلاق النار من جانب واحد في أبريل/ نيسان (٢٠٠٥م)49.
 
الفترة بين الحرب الثانية و الثالثة
رغم الإعلان عن وقف الحرب رسمياً إلّا أنّ المناوشات المتقطعة استمرّت من أبريل/ نيسان إلى ديسمبر/كانون الأوّل (٢٠٠٥م) بينما واصلت الحكومة اليمنية ضغوطها و قيودها على الشيعة، و قامت قوّات الجيش بإجراءات واسعة لاعتقال عناصر حركة أنصار الله و أقامت نقاط تفتيش على الطرق الموصلة إلى مناطق ضحيان و مران في محافظة صعدة لتقييد حركة التردّد من و إلى تلك المناطق، و هكذا حوصرت المناطق التي يتواجد فيها عناصر أنصار الله، و مُنعت جميع المراسم الدينية و الشعائر الشيعية في محافظة صعدة قاطبة و مُنع تداول الكتب الدينية المقدسة مثل نهج البلاغة و الصحيفة السجادية و تمّت مصادرتها في صعدة و صنعاء.
وخلال تلك الفترة و رغم الضغوط التي مورست ضدّ الشيعة و يأس البعض منهم قام عبدالملك الحوثي بإعادة تنظيم قوّاته، و استطاع تثبيت الأوضاع و تعزيز معنويات مجاهديه ليهيّئ بذلك الأرضية لقيادة حركة أنصار الله في الحرب الثالثة بشكل عملي.
 
الحرب الثالثة (نوفمبر/ تشرين الثاني ٢٠٠٥ إلى يناير/كانون الثاني ٢٠٠٦م)
في نوفمبر/ تشرين الثاني (٢٠٠٥م) أشعلت الحكومة اليمنية مرة أخرى فتيل الحرب الثالثة بحجّة أسر الحوثيين لأحد جنودها، فقام الجيش اليمني بهجوم واسع شارك فيه (٣٠) ألف جنديّ على قواعد الشيعة الزيدية، كما عمدت الحكومة أيضاً إلى اعتقال المئات من الناشطين السياسيين و المثقّفين الزيديين في صعدة و بدعوى إعادة تطهير المحافظة قامت بهدم و تخريب المناطق السكنية.
في هذه الحرب (الثالثة) استخدم الجيش المدافع الثقيلة و شنّ هجمات عنيفة و شرسة على ريف (السليم) و (السيفي) و كذلك هاجم المناطق المحيطة بصعدة مثل (ساقين) و (المنجز) و (حيدان) حتى وصل القتال إلى مركز محافظة صعدة، إلّا أنّ صالح و لاعتبارات مُعيّنة تراجع مرّة أخرى و أعلن وقف إطلاق النار من جانب واحد. و اضطرت الحكومة إلى إنهاء القتال في بداية (٢٠٠٦م) و ذلك بسبب قُرب إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية و المجالس البلدية في سبتمبر/ أيلول و الحاجة إلى استتباب الأمن و الاستقرار في اليمن50، و قد جعلت هذه الحرب من عبدالملك الحوثي قائداً للحركة بلا منازع.
 
الفترة بين الحرب الثالثة و الرابعة
حصلت بعض المناوشات المتقطّعة خلال الفترة الواقعة بين الحرب الثالثة و الرابعة و بالتوازي مع ذلك كانت هناك مفاوضات قائمة بين الحكومة اليمنية و حركة أنصار الله إلّا أنّها لم تُسفر عن أيّ نتائج إيجابية. و أخيراً و بفضل الجهود الثنائية بين الطرفيْن للوصول إلى سلام دائم عاشت المنطقة في هدوء نسبيّ لفترة قصيرة، و لكن بعد فشل المفاوضات اندلعت للمرة الرابعة حرب شرسة في صعدة51.
 
الحرب الرابعة و اتّفاقية الدوحة (من يناير إلى حزيران ٢٠٠٧م)
اشتعلت الحرب الرابعة بين الحوثيين و الحكومة اليمنية في السابع و العشرين من يناير/ كانون الثاني (٢٠٠٧م) و ازدادت معها وتيرة فعاليات الخطباء السلفيين لتشجيع الشباب على قتال حركة أنصار الله، حتى وصل الأمر إلى الإفراج عن بعض عناصر تنظيم القاعدة من السجون اليمنية بشرط محاربتهم للشيعة.
قبل شروع الحرب الرابعة كانت حركة أنصار الله تستخدم نفس الأسلحة التي كانت في متناول القبائل اليمنية الأخرى، ولكن بعد نشوب الحرب الرابعة و انتقال نيران الحرب إلى خارج محافظة صعدة استطاعت الحركة الاستيلاء على بعض مخازن الأسلحة و العتاد التابعة للجيش اليمني و حصلت بذلك على الكثير من الأسلحة الخفيفة و الثقيلة ومنها العديد من صواريخ الكاتيوشا و مدافع الصواريخ و القاذفات المختلفة فقامت لأجل ذلك بتشكيل وحدة عسكرية باسم (وحدة المدفعية و الصواريخ)52. و مع اشتداد القتال انبرت دولة قطر للتوسّط بين الحكومة اليمنية و حركة أنصار الله فأذعن علي عبد الله صالح للمبادرة القطرية بعد أن أخذ جميع الأوضاع بنظر الاعتبار و تأكّد له فشله و يأسه في القضاء على أنصار الله.
وهكذا وضعت الحرب الرابعة أوزارها في السادس عشر من يونيو/حزيران (٢٠٠٧م) بعد دحر الجيش اليمني و طرده من مواضع الشيعة و قواعدهم الجبلية و قبول الحكومة اليمنية للوساطة القطرية. و في تلك الفترة و بعد دخول قطر كطرف من أجل الوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار أصدر عبد الملك الحوثي بياناً أعلن فيه قبوله بمضمون تلك الوساطة القطرية لإنهاء القتال بين الأطراف المتحاربة.
وتعهّد الطرفان –الحكومة اليمنية و حركة أنصار الله– في الاتّفاق الذي تضمّن ٩ بنود و وقّعاه بحضور الوسيط (قطر)، تعهّدا بوقف العمليات العسكرية، على أن‌تعلن الحكومة اليمنية عفواً عاماً عن أعضاء حركة أنصار الله٬ فتقرّر الإفراج عن الأسرى من كلا الجانبيْن. و كان ينبغي لحركة أنصار الله تسليم الأسلحة التي غنمتها من القوات الحكومية و إعادتها للجيش اليمني، و أن تتولّى الحكومة المركزية إدارة محافظة صعدة، لكن، لم يتمّ تنفيذ أيّاً من بنود الاتفاقية المذكورة سوى ما يخصّ الإفراج عن أسرى الحرب و لم تدخل بنودها الأخرى حيّز التنفيذ.
ومن الأمور الجديرة بالذكر خلال تلك الفترة اشتعال انتفاضة شعب الجنوب، فبعد وقوع الحرب بين أنصار الله و قوّات علي عبد الله صالح هبّ أهل الجنوب للمطالبة بحقوقهم المسلوبة ثانية و انطلقت انتفاضتهم في (٢٠٠٧م). و خلال الصراع الذي خاضه أهل الجنوب و الشمال اليمنيّ ضدّ الحكومة المركزية، اقتربت وجهات النظر و الرّؤى بين الحراك الجنوبي و أنصار الله بسبب ظلامتهم المشتركة في مقابل ديكتاتورية عبد الله صالح و ظلم النظام، و ازداد ذلك التقارب حتى توحّدت مواقفهم ضدّ الحكومة المركزية53.
 
الفترة بين الحرب الرابعة و الخامسة
اتّسمت الفترة الواقعة بين الحرب الرابعة و الخامسة بانتشار الجيش اليمني في جبال (مران) و محاربة أنصار الله و حصول بعض المناوشات المتقطّعة بينهما.
الحرب الخامسة (من مارس/ آذار إلى يوليو/تموز ٢٠٠٨م)
في مارس/آذار (٢٠٠٨م) هاجم الجيش اليمني أحد مواضع حركة أنصار الله بحجّة الانفجار الذي وقع في مسجد (بن سلمان) و الذي أدّى إلى مقتل و جرح أكثر من (٦٥) من المصلّين، و اتّهمت الحكومة جماعة أنصار الله بمسؤوليتها عن الانفجار إلّا أنّ الحركة رفضت كلّ تلك الاتّهامات و اعتبرتها ذريعة تريد الحكومة من خلالها خداع الرأي العامّ اليمني و التحريض على محاربة الشيعة. و خلال هجوم القوات اليمنية على الحركة بدأ فصل جديد من الصراع الذي أدّى إلى وصول نيران الحرب إلى منطقة (بني حشيش) – بالقرب من الضواحي الشمالية لصنعاء54. و كانت محافظة صعدة و منطقة (حرف سفيان) في الشرق و منطقة (بني حشيش) شمال صنعاء هي المسرح الرئيسي للحرب الدائرة. و أدّى اتّساع العمليات العسكرية و التحوّل النوعي في تعاطي حركة أنصار الله مع الوضع الراهن، أدّى إلى إدخال القلق و الرهبة في نفوس المسؤولين الحكومين في صنعاء، ممّا أجبر علي عبد الله صالح في الثالث عشر من يوليو/تموز على إنهاء الحرب و إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد في البلاد التي كانت على أعتاب إجراء الانتخابات الخاصة بمجلس النواب في اليمن و حاجة الحكومة في صنعاء إلى استتباب الأمن و الاستقرار في البلاد. و قد امتازت الحرب الخامسة ببعض الخصائص، منها:
أوّلاً: أصبحت الأساليب القتالية و الحربية لأنصار الله أكثر دقّة و ذكاء و على نطاق واسع و أكثر تكتيكاً (وإن كانت هذه الحرب أقلّ عنفاً بالمقايسة مع الحرب الرابعة).
ثانياً: امتدّ نطاق الحرب إلى أربع محافظات أخرى غير محافظة صعدة و لم‌تكن ضواحي العاصمة بمأمن من نيران أنصار الله.
ثالثاً: انقلبت موازين الصراع في هذه الحرب بحيث لم تَعُد القوات الشيعية محاصرة من قِبل الجيش اليمني بل كان هذا الأخير هو المُحاصَر من قِبل حركة أنصار الله.
رابعاً: طرحت في تلك الفترة مسألة نفوذ الحوثيين في الجيش اليمني، فقدعزت بعض المصادر الحكومية سبب الانتصارات التي حقّقتها جماعة أنصار الله في هذه الحرب إلى النشاطات الاستخباراتية للجماعة و نفوذها داخل المراكز العسكرية للجيش، و كان استدلال تلك المصادر يقوم على أنّ حركة أنصار الله لم تكن لتحقّق كلّ تلك الانتصارات في هذه الحرب لولا مشاعر السخط التي انتشرت في صفوف بعض قادة الجيش اليمني.
خامساً: تقلُّص دعم القبائل للحكومة اليمنية و وفاة الشيخ عبد الله الأحمر – شيخ مشايخ قبائل (حاشد) – الذي كان يُمثّل الشريك الأهمّ في حكومة صالح، حيث أدّى ذلك إلى ضعف الدعم القبلي في ميدان المعركة و الذي كان يحظى به صالح قبل ذلك.
 
الفترة بين الحرب الخامسة و السادسة
بعد انتهاء الحرب الخامسة و بالرغم من الجهود التي بُذلت من قِبل الحكومة و أنصار الله لحلّ الصراع بينهما عمد بعض المقرّبين من صالح إلى إيجاد فضاء سلبيّ أدّى إلى تزايد التوتّر، فإعلان الحكومة وقف النار من جانب واحد و سيطرة السخط و عدم الرّضا على كلّ من الحكومة و جماعة أنصار الله بسبب الوضع القائم بعد انتهاء الحرب الخامسة، كلّ ذلك حمل نُذُر وقوع حرب جديدة تلوح في الأفق؛ و هكذا توفّرت الذرائع للحكومة لإعلان حرب سادسة إثر اختطاف بعض الأجانب بطريقة غامضة.
 
الحرب السادسة (من أغسطس/ آب ٢٠٠٩ إلى يناير/ كانون الثاني ٢٠١٠م)
قبل نشوب الحرب السادسة بشهريْن تقريباً اختُطِف في محافظة صعدة (٩) أجانب كرهائن، ثمّ عُثِر على جُثثهم بعد فترة، فاتّهمت الحكومة اليمنية أبناء المحافظة المذكورة باختطاف أولئك الأجانب و قتلهم فهيّأت بذلك مقدّمات شروع الحرب السادسة مع الحوثيين.
في أغسطس/آب (٢٠٠٩م) أعلن الرئيس علي عبد الله صالح أنّ المقاتلين الشيعة لا يرغبون في استتباب الأمن و الاستقرار في البلاد؛ و هكذا انتهت الهدنة الهشّة و بدأت المناوشات التي استمرّت حوالي سنة، إلّا أنّ القدرة و الشجاعة اللتيْن أبداهما الحوثيون في الحرب الخامسة دفعت الحكومة إلى اتّباع سياسة الأرض المحروقة لتدمير البنية التحتية في المناطق التي يسكنها الشيعة و القضاء على جماعة أنصار الله بشكل كامل55.
فبدأت الحرب السادسة بتنسيق عسكري و سياسيّ و أمنيّ كامل بين الرياض و صنعاء، و اضطرّت السعودية في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني (٢٠٠٩م) إلى الدخول في النزاع مباشرة ضدّ أنصار الله بحجّة اجتياز بعض عناصرها للحدود السعودية و إحساسها بعجز الجيش اليمني عن تحقيق أهدافه في تلك الحرب. و كان من نتائج الحرب السادسة أن امتدّ لهيبها إلى المحافظات المركزية و تكبّد الجيش اليمني خسائر فادحة و قصف المناطق السكنية بشكل عشوائيّ56. و الحقيقة أنّ عجز الحكومة اليمنية عن مواجهة الحوثيين دفعها إلى الهجوم على القرى و الأرياف و قتل العديد من المدنيين بلا رحمة.
لقد كانت الحرب السادسة حرباً شاملة بكلّ ما تحمله هذه الكلمة من معنى، ففي المذابح التي ارتكبت بحق المدنيين بشكل عشوائيّ إشارة واضحة إلى تخبّط النظام و الضغوط النفسية التي كان يعانيها لفشله في تحقيق الانتصارات في تلك الحرب، و بالرّغم من امتلاك جيش النظام القدرة و الأسلحة و العتاد و الأفراد إلّا أنّه أخفق في تحقيق أيّ نصر في الحرب السادسة التي لم تسفر  إلّا عن مقتل المدنيين الأبرياء و تدمير البنية التحتية البسيطة في المناطق التي يسيطر عليها أنصار الله، كما راح العديد من الناس و القوات العسكرية ضحية تلك الحرب و اغتيل المئات من العلماء و النشطاء السياسيين و المثقفين المؤيّدين لحركة أنصار الله على يَد قوات الأمن الحكومية و زجّ بكثير منهم في السجون اليمنية.
لقد كانت وقائع الحرب السادسة شاهداً على القدرة العسكرية المتعاظمة للشيعة في مقابل هجمات الأعداء فقد استطاعوا إسقاط ثلاث طائرات حربية من طراز (سوخوي) و لمّا تبلغ الحرب منتصفها و إسقاط طائرة مروحية واحدة و قصف العشرات من الدبابات التابعة للجيش اليمني و السعودي.
وعندما بلغت المعركة أشدّها عرضت حركة أنصار الله في يناير/كانون الثاني (٢٠١٠م) وقف مشروط لإطلاق النار لكنّ الحكومة اليمنية رفضت العرض57. و في النهاية اضطرّ النظام اليمنيّ إلى التراجع و الانسحاب بسبب الضغوط الخارجية و فشل جيشه في القضاء على جماعة أنصار الله تماماً و دخول السعودية إلى الأراضي اليمنية بشكل غير مشروع، و انتهت المعركة في الثاني عشر من فبراير/شباط (٢٠١٠م) و خفّ التوتّر بصورة عامّة و أبدى الطرفان رغبتهما في الجلوس إلى طاولة المفاوضات. و خلال الفترة من فبراير/شباط إلى مارس/آذار (٢٠١٠م) وقّعت الحكومة اليمنية و جماعة أنصار اتفاقية تضمّنت النقاط التالية:
١- التزام الطرفين بوقف إطلاق النار و فتح الطرق و إبطال الإلغام المزروعة فيها.
٢- خروج مقاتلي أنصار الله من المناطق الجبلية و ترك مواضعهم التي كانوا فيها و الانسحاب من بعض المناطق الشمالية و عدم التدخّل في القضايا السياسية و الإدارية المحلية.
٣- إعادة الغنائم الحربية و التجهيزات العسكرية و غير العسكرية التي حصلت عليها جماعة أنصار الله إلى الدولة.
٤- الإفراج عن جميع العسكريين و غير العسكريين المسجونين لدى الطرفين.
٥- الالتزام بالدستور و النظام.
٦- تعهّد جماعة أنصار الله بعدم تكرار الهجمات ضدّ الأراضي السعودية.
 
بعد سريان وقف إطلاق النار تمّ التوقيع على وثيقة تتضمّن جدولاً زمنياً لتطبيق البنود المذكورة أعلاه، و تمّ كذلك تشكيل لجنة للإشراف على عملية نزع سلاح جماعة أنصار الله. و هكذا، و رغم كلّ الدمار و الخراب الذي سبّبته الحروب في صعدة تبيّن للجميع أنّ النظام اليمني لم يستطع القضاء على حركة أنصار الله حتى بعد استخدامه لكلّ قواته و جنوده58. و بشكل عامّ يمكن الإشارة إلى بعض الخصائص المشتركة التي تميّزت بها الحروب الست في صعدة:
١- تعزيز وضع جماعة أنصار الله يوماً بعد آخر كمّاً و نوعاً أكثر من السابق خلال فترة الحروب الستّ في صعدة و التي استمرّت من (٢٠٠٤) إلى (٢٠١٠م)، و استطاع مقاتلو الحركة الثبات و الصمود ببسالة خلال تلك الحروب.
٢- كان النظام اليمني هو البادئ بالحروب الستّ كلّها في صعدة، و خلافاً للإعلام الحكومي فإنّ حركة أنصار الله لم تدع يوماً إلى الانفصال أو الثورة أو التمرّد على الحكومة بل كان موقفها يتمثّل في الدفاع عن وجودها، و لطالما أعلن مسؤولوها أنّ مقاتليهم يحاربون للدفاع عن أنفسهم، و أنّهم لا يرغبون أبداً في الاستمرار بالقتال لولا أنّ الحكومة هي التي كانت تُشعل فتيل الحرب59.
٣- استطاع مقاتلو حركة أنصار الله اكتساب قوّة مضاعفة و القيام بالحروب غير النظامية و الاستعانة بالتكتيكات الحربية في حرب العصابات و ذلك بفضل الطبيعة الجبلية في صعدة.
٤- تمكّن مقاتلو الحركة خلال العمليات العسكرية الذكية في تلك الحروب الاستيلاء على الكثير من الغنائم العسكرية و التجهيزات من الجيش اليمني و السعودي (لا سيّما في الحرب السادسة) و كانت تبدو في كل حرب أكثر بأساً و قوة من الحرب التي سبقتها.
٥- التعتيم الإعلامي الشديد هو السمة المشتركة في الحروب الستّ في صعدة، فلم تقتصر الأخبار التي كان ينشرها النظام اليمني على الكذب و الافتراء على الشيعة بل كان يُغطي على جرائمه التي كان يرتكبها باستمرار.
٦- الحروب الستّ في صعدة فُرضت على الشيعة بدعم كامل من النظام السعودي و ضوء أخضر من الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي، فقد سعى الحكام في صنعاء إلى اتهام جماعة أنصار الله بالارتباط بتنظيم القاعدة لكسب المساندة و الدعم من الأميركيين و الدول الغربية و التنصّل من تبعات ذلك كما اتّهموا أتباع الحوثي بالإرهاب.
٧- الوهابيون السعوديون و البعثيون العراقيون و نظراً لنفوذهم القوي في النظام اليمني السابق بذلوا جهوداً كبيرة لإبقاء نيران الحرب في صعدة مشتعلة و مُستعرة.
٨- خلال فترة الحرب في صعدة لم يسلم المدنيون و لا القرى هناك من نيران الجيش اليمني فقد استشهد مئات الأطفال و النساء و الشيوخ بسبب القصف العشوائي للقوات اليمنية و السعودية (وخاصة في الحرب السادسة).
٩- في ميادين القتال كانت لجماعة أنصار الله اليد الطولى٬ إلّا أنّها مع ذلك سعت دوماً إلى السلام و وقف إطلاق النار و كان واضحاً في كلّ بياناتها و تصريحاتها أنّها ترغب في الحوار و السلام العادل.
١٠- لم يلتزم نظام علي عبد الله صالح بأيّ من تعهّداته في الحروب الستّ و لا أثناء الهدنة، ففي الحرب الأولى استطاع النظام السيطرة على الوضع و كسب المعركة باستخدام الخدع و الحيل و استغلال وساطة العلماء و إرسال القوات العسكرية في المروحية التي ادّعى أنّها تحمل العلماء، كما قام باعتقال جميع أعضاء لجنة الوساطة في الحربيْن الرابعة و الخامسة و زجّهم في السجن، بل و لم تلتزم الحكومة إطلاقاً باتّفاق الدوحة الذي وقّع عليه النظام اليمني و جماعة أنصار الله بوساطة قطرية. و في نهاية كلّ حرب من تلك الحروب كان الجيش اليمني يواصل قصفه و هجماته لبضعة أيام حتى بعد إعلان الهدنة.
١١- دأب النظام اليمني بعد انتهاء كلّ حرب على إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد ثمّ الحديث عن انتصاراته الوهمية، رغم أنّ النظام هو الذي كان يطلب وقف إطلاق النار و المصالحة مع أنصار الله في كلّ تلك الحروب الأمر الذي يدلّ على ضعفه و فشله أمام جماعة أنصار الله60.
 
انتهت الحرب و بقي التنظيم السياسي لحركة أنصار الله
أتاحت نهاية الحروب الستّ في صعدة في (٢٠١٠م) الفرصة لحركة أنصار الله للخروج من وضعها العسكري و السير باتجاه ترتيب أوضاعها السياسيّة، كما فتحت الصحوة الإسلامية (٢٠١١م) و انتفاضة الشعب اليمني آنذاك آفاقاً واسعاً أمام الحركة لأنّ النظام اليمني لم يَعُد يملك الوقت الكافي لتوجيه ضرباته إليها.
وخلال تلك المرحلة عمدت حركة أنصار الله إلى تقديم نفسها كقوّة سياسية مؤثّرة في اليمن فكان لا بدّ لها من إعداد المقدّمات اللازمة في داخلها و على صعيد المناخ السياسي للمجتمع اليمني. و لذلك وضعت مسألة التنظيم الداخلي لتشكيلاتها و تهيئة الأرضية السياسية و الاجتماعية لنشاطات الحركة على رأس أولويّاتها.
 
عام (٢٠١١م) و الصحوة الإسلامية
أسهمت موجة الصحوة الإسلامية في دفع الشعب اليمني للثورة ضدّ النظام الديكتاتوري اليمني، فبدأ انتفاضته في السابع و العشرين من يناير/كانون الثاني من نفس العام، و خرجت الجموع المنتفضة ضدّ حكومة علي عبد الله صالح إلى شوارع صنعاء مطالبة بتنحّيه عن الحكم.
وقُبيل الصحوة الإسلامية كانت الضغوط الحكومية قد وضعت حركة أنصارالله على هامش قراراتها و لم يكن لها أيّ تأثير سياسيّ أو اجتماعيّ يُذكَر؛ و لكن في خضم أحداث الصحوة الإسلامية أصبحت الحركة فعّالة إلى حدّ ما. و في فبراير/شباط (٢٠١١م) أعلن عبد الملك الحوثي تأييده لمطالب المُعترضين بصفته قائد حركة أنصار الله و دعا مؤيّدي الحركة و أتباعها إلى مشاركة الشعب اليمني انتفاضته. و مع مرور الوقت أصبح دور حركة أنصار الله في الصحوة الإسلامية أكثر أهمية من ذي‌قبل، و قُبيل فرار علي عبد الله صالح إلى السعودية كان الشعار الأوّل للحركة خلال حضورها في المظاهرات الشعبية هو إسقاط نظام صالح. في تلك الفترة أصدرت الحركة بياناً أعلنت فيه موقفها المناهض لحكومة صالح٬ و طالبت الأحزاب و التيارات اليمنية الأخرى الانضمام إلى الثورة الشعبية. لقد ندّدت الحركة بإجراءات صالح ضدّ المحتجين و استطاعت أن تخلق حالة من الانسجام و الوحدة بين فئات الشعب اليمني و لعب دور محوري في إسقاط النظام.
وفي أثناء ذلك أوقفت الحكومة السعودية مساندتها لنظام صالح و وجّهت دعمها إلى حزب الإصلاح. من يولو/تموز إلى ديسمبر/كانون الأوّل و خلال الفوضى التي عمّت البلاد، وقعت مناوشات متفرّقة بين الجماعات السلفية و القبائل الموالية للنظام و الميليشيات التابعة لحزب الإصلاح من جهة و بين جماعة أنصار الله من جهة أخرى، و في أثناء ذلك اجتمعت تلك الجماعات (الجماعات السلفية و القبائل الموالية للنظام و الميليشيات التابعة لحزب الإصلاح) و كان بينها اتفاق غير مكتوب لاستغلال الوضع الراهن من أجل القضاء على جماعة أنصار الله رغم اختلاف أفكارها وتوجّهاتها و وجود الكثير من التناقضات فيما بينها.
وفي خضمّ الاشتباكات و اشتدادها أصيب علي عبد الله صالح بحروق شديدة بسبب سقوط قذيفة على قصره في الثالث من يونيو/حزيران (٢٠١١م) ما اضطرّه في اليوم التالي إلى السفر إلى المملكة العربية السعودية لغرض العلاج، و أعقب خروجه احتفالات شعبية كبيرة ابتهاجاً و أملاً بانتهاء حقبة صالح في اليمن٬ رغم إسراع أنصار الديكتاتور صالح و المؤيّدين له إلى الإعلان عن أنّه سيعود إلى البلاد بعد تلقّيه العلاج و الشفاء61.
وأمّا علي عبد الله صالح فبعد عودته إلى اليمن في أيلول (٢٠١١م) وافق على إقامة حوار بين ممثّلي الحكومة و الأحزاب المعارضة بحضور ممثّلين عن دول مجلس التعاون الخليجي، إلّا أنّه عاد و رفض العرض الذي قدّمته دول مجلس التعاون و الذي تضمّن تنحّيه عن السلطة مقابل منحه الحصانة الدبلوماسية و إجراء انتخابات مبكّرة، و راح يفكّر في إشعال حرب داخلية لتأمين بقاء نظامه.
ومع تصاعد وتيرة الاحتجاجات وافق صالح في أواخر (٢٠١١م) على نقل السلطة و تسلّم نائبه عبد ربّه منصور هادي مقاليد الحكم مقابل حصوله على الحصانة القضائية وفقاً للعرض المقدّم من دول مجلس التعاون الخليجي. و هكذا أصبح عرض دول مجلس التعاون الخليجيّ الذي سُمي بـ(المبادرة الخليجية) بين (٢٠١١) و (٢٠١٣م) على رأس جدول أعمال الجماعات السياسية في اليمن. و بالاستناد إلى المبادرة المذكورة تقرّر مشاركة الأحزاب السياسية في مشروع الحوار الوطني و وضع دستور جديد خلال مرحلة انتقالية.
في الحادي و العشرين من فبراير/ شباط (٢٠١٢م) فاز عبدربّه منصور هادي في الانتخابات الرئاسية حيث كان المرشّح الوحيد فيها، و أصبح مسؤولاً عن إدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية62 إذ تلخّصت مهمّته في تهيئة الأرضية المناسبة لانتقال السلطة السياسية و إنجاح الحوار الوطني حتى عام (٢٠١٣م).
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ عملية تغيير السلطة بعد سقوط نظام صالح كانت صورية، فقد شاركت في الحكم بعد الثورة نفس الشخصيات التي كانت موجودة في عهد صالح بما فيها القوات الموالية له بل و كان لها حضور فعّال في الساحة السياسية في اليمن رغم تراجع قدرتها و تأثيرها نسبياً بالمقارنة مع ما كانت عليه في عهد صالح و ذلك بسبب الخلافات الداخلية63. و برزت بعد الثورة صراعات فكرية بين الشخصيات التي كانت معروفة و نافذة في اليمن قبل الثورة مثل أسرة آل‌الأحمر و أعضاء حزب الإصلاح بعد أن كانوا متّحدين في زمن علي عبد الله صالح، فبدأ كل طرف العمل ضدّ الطرف الآخر.
 و مع انتخاب عبد ربّه منصور هادي رئيساً للجمهورية تمّ تطبيق بنود اتفاقية دول مجلس التعاون الخليجي. و كما أشرنا فقد تعهّدت المبادرة الخليجية بتشكيل لجنة عامة للحوار الوطني، و بالفعل تشكّلت هذه اللجنة من الأحزاب و الجماعات المختلفة (ومنهم الانفصاليون في الجنوب – المعروفون بحراك الجنوب – و جماعة أنصار الله و السلفيون و جماعة الإخوان)، و تقرّر الوصول إلى توافق جامع و شامل يستند إلى الدستور و نظام حكومي جديد.
ورغم أنّ معظم نتائج الحوار الوطني كانت موضع اتّفاق و تأييد جميع الجماعات و الفرقاء إلّا أنّ الاتّفاق المذكور فقدَ أهميّته و فاعليّته بعد فترة وجيزة بسبب اختلاف المواقف64.
ويُذكَر أنّ تقسيم اليمن إلى أقاليم كان من بين المطالب التي تمخّضت عن الحوار الوطني و كان يمكن لهذا المشروع أن يؤمّن بعض المصالح للزيدية و للجنوبيين و لسائر الأحزاب و التيارات و القبائل، إلّا أنّ التقسيم المذكور لم يتّصف بالعدالة المطلوبة عند التطبيق و هو ما رفضته بعض الجماعات و منها جماعة أنصار الله. و تجدر الإشارة إلى أنّ جماعة أنصار الله كانت تؤيّد مبدأ التقسيم المذكور لكنّها لم‌توافق على أسلوب تطبيقه، كما كان من المقرّر كذلك المصادقة في الوقت نفسه على الدستور الجديد لليمن، لكنّ ذلك لم يحصل، و بعد وقوع الاضطرابات و الفوضى و الفساد في البلاد لم تتمكّن حكومة هادي من تأمين أبسط احتياجات الشعب اليمني، و هكذا، ظلّت المبادرة الخليجية حبراً على ورق ولم يتمّ إنجاز أيّ من البنود التي تضمّنتها على أرض الواقع65.
بعد انخراط حركة أنصار الله في جلسات الحوار الوطني أصبحت قادرة على المشاركة في اتّخاذ القرار الخاصّ بمستقبل اليمن و البتّ فيه، و اشترط أعضاء الحركة المشاركين في اللجنة العامة للحوار الوطني تطبيق بنود المبادرة الخليجية لدعمها و حمايتها. و ذاع صيت جماعة أنصار الله في كلّ أنحاء اليمن بسبب تأثيرها الفاعل و الجادّ في إسقاط نظام علي عبد الله صالح، و مع ذلك تمّ تجاهل الحركة في الحكومة الانتقالية تماماً و احتلّت الأحزاب المنافسة لها جميع الحقائب الوزارية، و بات مؤكّداً لجماعة أنصار الله أنّ الحكومة الجديدة لا تختلف كثيراً عن حكومة صالح و لذلك كانت ترفض عروض الائتلاف و الاتّحاد مع الأحزاب الأخرى. و بعد أن يئست الحركة من الحكومة الانتقالية ركّزت اهتمامها على الشعب كما في سابق عهدها و حرصت على كسب ودّ المجتمع اليمني فازدادت شعبيتها في أوساط الشعب.
كانت حكومة عبد ربّه منصور هادي ضعيفة لدرجة لم يكن لها أيّ نفوذ يُذكر٬ و في المقابل أصبحت جماعة أنصار الله من أكثر التيارات السياسية تأثيراً داخل حدود اليمن و لا سيّما المناطق الشمالية.
وبشكل عامّ يمكن القول أنّ الصحوة الإسلامية و الأحداث التي أعقبتها أتاحت فرصة جيّدة لحركة أنصار الله لإخراج نشاطاتها السياسية من الإطار المحليّ إلى المستوى العالمي لتصبح من أقوى الحركات السياسية و الاجتماعية في اليمن لقدرتها على التأثير بشكل فعّال في المجتمع اليمني و حصولها على دعمه و حمايته.
وفي السنوات التي تَلت الصحوة الإسلامية سعت حركة أنصار الله إلى إنشاء التشكيلات اللازمة داخل الحركة، فتمّ بالفعل إيجاد تلك التشكيلات بقيادة عبدالملك الحوثي و ذلك عَبر مجلسيْن رئيسييْن: المجلس الجهادي و المجلس السياسي برئاسة صالح الصمّاد. و من بين التشكيلات الأخرى التي أقامتها الحركة خلال السنوات الماضية يمكن الإشارة إلى القسم السياسي٬ و القسم التعليمي (برئاسة أبو كوثر) و مجلس خاصّ بالنساء و آخر بالشباب. كما استطاعت الحركة بناء عدد من المدارس لتدريس العلوم الدينية منها (دار البدر)66.
وفي المجال الإعلامي اجتازت حركة أنصار الله أشواطاً عدّة، فخلال الظروف التي مرّت بها الحكومة في السنوات الأولى من عمرها لم يكن في متناول الحركة و الشيعة عموماً في اليمن أيّ مركز للإذاعة سوى القسم العربي في الجمهورية الإسلامية، لكنّ الإعلام الشيعيّ تعاظم و تطوّر شيئاً فشيئاً. ففي أوّل عهدها كانت نشاطات حركة أنصار الله الإعلامية مقتصرة على مواقع الإنترنت و إيجاد صفحة في بعض المواقع الافتراضية، ثمّ تقرّر نشر بعض المطبوعات و درجها ضمن مهمات الشيعة في اليمن. و من بين الإعلام المكتوب الخاصّ بالحركة صحيفة (الأمّة) الناطق الرسمي باسم حزب الحقّ و كذلك صحيفة (البلاغ) و (الشورى).
وفي الوقت الحاضر تمتلك حركة أنصار الله شبكة تلفزيونية باسم (المسيرة) و هي الشبكة الرسمية الناطقة باسم الحركة إضافة إلى موقع إخباريّ. و هناك قاعدة البيانات (الوسط) الخبرية و التي تعدّ من المراكز المؤيّدة لأنصار الله، كما يوجد موقعان فعّالان على شبكة الإنترنت خاصّان بالزيدية و هما (مجالس آل محمّد) و (مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية).
ولحركة أنصار الله كذلك فعاليات كثيرة في مجال إنتاج البرامج الخاصة بالهواتف النّقالة، و من البرامج المعروفة للحركة برنامج (من هدى القرآن) و (قبسات قرآنية) و يضمّان مجموعة من دروس الشهيد حسين الحوثي، و برنامج آخر بعنوان (التيسير في التفسير) مُقتبس من آثار العلامة بدر الدين الحوثي، و كلّها من نتاجات حركة أنصار الله الإعلامية.
 
منهجية البحث
أسلوب البحث وصفي تحليلي بالاستناد إلى الوسائل المكتبية و اللقاءات و الروابط الإخبارية.
ويضمّ الفريق الإحصائي لهذا البحث باحثين كان لهم نشاطات علمية و بحثية في مجال دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في حماية و دعم الشعب اليمني، و أصحاب الرأي و الخبراء العاملين و المسؤولين المتقاعدين الذي شغلوا مختلف المناصب في وزارة الخارجية، و منظمة الثقافة و الاتصالات الإسلامية و سائر المؤسسات و المراكز الحكومية المتخصّصة بشؤون الجمهورية اليمنية و لها خلفية تنفيذية واسعة في نشاطاتها بشكل أو بآخر، و بعض الشخصيات الحائزة على شهادة الماجستير فما فوق.
ونظراً لمحدودية عدد المختصين في هذا المجال٬ تم تعريف مجموعة منهم مختصة بموضوع اليمن عبر أخذ عينات بأسلوب الكرات الثلجية (Snowballs) فتم تعريف عدد كبير من المختصّين٬ و لكن في نهاية المطاف اختير 15 منهم. في البدء استعرضنا قائمة بالخطوات التي قامت بها الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدعم الشعب اليمني عبر إلقاء نظرة على الوثائق و الحوار مع أهل الاختصاص، و في الخطوة الثانية وضعنا رابط اختصاصي يضمّ ثمانية من أهمّ الخبراء و المختصّين في شؤون اليمن.
 
نتائج البحث
من أجل بيان و توضيح دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دعم شعب اليمن و حمايته كان لا بدّ من الاستعانة بالمصادر و الكتب و الوثائق و المقالات و السوابق ذات الصلة و إجراء اللقاءات مع الكثير من الخبراء و المتخصّصين المذكورين، و تمّ اختيار (١٢) من أهمّ الخبراء في هذا المجال بواسطة الروابط الإخبارية و تمخض ذلك عن قائمة بأدوار الجمهورية الإسلامية في دعم اليمن. و ضمن تصنيف مختار قُسِّمت أدوار الجمهورية الإسلامية في دعم و حماية الشعب اليمني إلى عدّة مجالات سياسية و إنسانية و إعلامية و علمية و ثقافية و حقوقية و مذهبية و اقتصادية كما هو واضح أدناه:
 
الدور السياسي للجمهورية الإسلامية في إيران في دعم و حماية الشعب اليمني
 
1 كانت إيران أوّل دولة تعترف بالثورة اليمنية رسمياً و تتسلّم أوراق اعتماد سفيرها
2 الدفاع عن الشعب اليمني المظلوم في المحافل الدولية
3 طرح موضوع الیمن من قِبل وزارة الخارجية الإيرانية على هامش الاجتماعات مع الزعماء الأوروبيين
4 إعلان الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن دعمها السیاسي و المعنوي على لسان قائد الثورة الإسلامية المعظّم و كبار المسؤولين في الدولة
5 استقبال الوفد الرسمي للشعب اليمني إلى جانب سفير جمهورية اليمن و لقائهم مع قائد الثورة الإسلامية و رئيس الجمهورية
6 فتح مكتب رسميّ لحركة أنصار الله بالتزامن مع قبول أوراق اعتماد سفير اليمن
7 تعيين السفير الجديد للجمهورية الإسلامية في إيران في اليمن و السعي لإرساله إلى هناك
8 تحمّل التكاليف السیاسية و الاقتصادية لدعم الثورة الشعبية في اليمن
9 المشاورات المستمرّة مع سفراء الدول العربية و الغربية من أجل إيقاف العدوان السعودي
10 تسهیل الاتّصالات و طرق إرسال وفود الشعب اليمني إلى سورية و روسيا و العراق و باكستان، و مؤتمر السلام في (جنيف) و (أمستردام)
11 التوسّط بين اللاعبين الداخليين لتحقيق الوحدة و الانسجام
12 دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية لجبهة المقاومة كقضية فلسطين و الذي أدّى إلى تعاظم روح المقاومة عند اليمنيين
13 تعرية الصورة المهترئة للغرب و الأمريكان في أذهان الرأي العام و الدعم الشامل لثورة الشعب اليمني و رفع معنوياته
14 تثبيت أسس الثورة الشعبية في اليمن و حمايتها و القضاء على النظام الدكتاتوري العميل للسعودية
15 العمل على إفشال كلّ المساعي السعودية لتشكيل ائتلاف شامل للأقطار الإسلامية ضدّ لليمن
16 كفّ أيدي اللاعبين الأجانب (السعودية و الولايات المتحدة)عن المشهد السياسي في اليمن
17 تشجيع أعضاء جبهة المقاومة على مواصلة حمايتها للشعب اليمني
18 التفاوض مع بعض الدول كالصين و روسيا للحؤول دون مصادقة مجلس الأمن الدولي على القرارات الجائرة ضدّ الشعب اليمني
19 تفعيل نشاطات جميع مكاتب السفارات الإيرانية و استخدام كلّ طاقاتها من أجل تعريف القضية اليمنية و دعم الشعب اليمني
 
 
الدور الإنساني للجمهورية الإسلامية في إيران في دعم و حماية الشعب اليمني
 
 
1 إرسال سفينة للمساعدات الإنسانية في محاولة لكسر الحصار الشامل المفروض على الشعب اليمني
2 إرسال المساعدات الإنسانية الشعبية و الحكومية عن طريق جمعية الهلال الأحمر في الجمهورية الإسلامية الإيرانية و اليمن
3 إرسال المساعدات الدوائية و التجهيزات الطبية و الصحية لمواجهة فيروس كورونا و غيره
4 إحداث مركز لجمع المساعدات الشعبية و تشجيع المراكز و المنظمات الشعبية على دعم و حماية الشعب اليمني
 
الدور الإعلامي للجمهورية الإسلامية في إيران في دعم و حماية الشعب اليمني
 
 
1 تقديم الدعم الإعلامي في مختلف الشبكات و المحطات الإيرانية و بالعديد من اللغات الحية  
2 إقامة حملات شعبية مختلفة على شبكات التواصل الاجتماعي لأجل حماية الشعب اليمني المظلوم 
3 تكثيف النشاط الإعلامي لنشر التحوّلات و أخبار الحرب في اليمن و انتصارات اللجان الشعبية
4 إهداء الأفلام و المسلسلات الإيرانية التي تحمل موضوع المقاومة لعرضها على شبكات التلفزة اليمنية
5 بذل الجهود لإيصال صوت مُعاناة الشعب اليمني إلى أسماع الأحرار في العالم
 
 
الدور العلمي الثقافي للجمهورية الإسلامية في إيران في دعم و حماية الشعب اليمني
 
 
1 إعطاء المنح الدراسية للطلاب اليمنيين المتفوقين
2 دعم الآثار الفنية تحت عنوان دعم الشعب اليمني
3 القيام بالبحوث العلمية الخاصة بحماية و دعم الشعب اليمني
 
 
الدور الثقافي المذهبي للجمهورية الإسلامية في إيران في دعم و حماية الشعب اليمني
 
 
1 إقامة المسيرات و التجمعات الشعبية تعبيراً عن دعم الشعب اليمني
2 نشاطات المجمع العالمي لأهل البيت (عَليهم السّلام) لدعم الشعب اليمني
3 بیان مظلومیة الشعب اليمني على ألسنة خطباء صلاة الجمعة في إيران و التعريف بجرائم الائتلاف السعودي
4 إقامة المسابقات الثقافية و الفنية لحماية أطفال اليمن
5 السعي لخلق الوحدة و الانسجام بين المذهب الزيدي و سائر المذاهب الأخرى في اليمن
6 دعوة طلبة العلوم الدينية في اليمن و تدريبهم في الحوزات العلمية في إيران من أجل تعزيز الوعي الإسلامي لدى الشعب اليمني
7 التأسي بمعارف عاشوراء لتسليط الضوء على مقاومة الشعب اليمني في الأدب الديني و الشعر و التعزيات و غير ذلك
8 إقامة جلسات تخصّصية حول اليمن في المؤتمرات المهمّة مثل مؤتمر الوحدة الإسلامية و الصحوة الإسلامية و محبّي أهل البيت (عَليهم السّلام) و المؤتمر العالمي لمواجهة التيارات المتطرفة التكفيرية
9 الاستعانة بالطاقات النادرة للمرجعية الشيعية الشامخة من أجل استنهاض الناس و تعريفهم بالقضية اليمنية
10 إصدار مراجع الشيعة العظام الفتاوى الخاصة التي تجيز تقديم المبالغ الشرعية إلى شعب اليمن المؤمن
 
 
الدور الحقوقي للجمهورية الإسلامية في إيران في دعم و حماية الشعب اليمني
 
 
1 دعم الدعاوى الحقوقية الإنسانية للشعب اليمني في جميع المحافل الحقوقية
2 تقديم الاستشارات الحقوقية للمؤسسات الحقوقية و الإنسانية في اليمن  
 
 
الدور الإقتصادي للجمهورية الإسلامية في إيران في دعم و حماية الشعب اليمني
 
 
1 دعم و حماية العلاقات التجارية بين التجّار الإيرانيين و اليمنيين
2 تقديم الخدمات الاستشارية إلى التجار و أصحاب العمل اليمنيين
 
خلاصة البحث
كشفت الأزمة اليمنية عن ضرورة قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بلعب دور فعّال و استراتيجي في المنطقة، و في هذا السياق فإنّ الاستعانة بالآليات العملية الردعية يمكن أن تقفز بنا على المباغتة الاستراتيجية، كما أنّ فهم القضية اليمنية بشكل أفضل و وضع البرامج الصحيحة من شأنه أن يساعد إيران على النّجاح في هذه القضية.
ويرى بعض الخبراء بأنّ اليمن يعدّ جزءاً من الفضاء الجيوسياسي لجبهة المقاومة، فمضيق باب المندب يمتاز بالأهمية الاستراتيجية من الناحية الجيوسياسية، و البلد الذي يتمكن في ظروف الصراع و الحرب من السيطرة على عدّة مضائق بحرية إقليمية سيحظى بموقع أفضل في التوازن الاستراتيجي للقوة.
وقد بيّنت الأزمة في اليمن أنّ الولايات المتحدة – و بواسطة ذراعها السعودية – بدأت بتوسيع نطاق حربها بالوكالة في المنطقة، و كلما توسّعت الأزمات الأمنية في المناطق الجيوسياسية توفرت الأرضية للمواجهة بين اللاعبين حيث يسعى كلّ منهم إلى التأثير في معادلة القوى و السياسات الإقليمية.
 
التحدّيات التي تواجهها الجمهورية الإسلامية الإيرانية في حمايتها و دعمها للشعب اليمني
- الحصار الاقتصادي و السياسي
- عدم إمكان الوصول المباشر لإيران إلى اليمن
- غلق السفارة الإيرانية في صنعاء
- محاصرة و غلق الطرق الموصلة إلى اليمن
- غياب الدراسات البنيوية حول اليمن
- انتشار الفكر الوهابي المتطرّف في اليمن
- المشاكل الاقتصادية و الصحية الكثيرة التي تواجه اليمن
- قرارات مجلس الأمن الدولي المعادية لليمن
- الدّعم الشامل الذي تقدّمه الولايات المتحدة للسعودية و الإمارات في حربهما ضدّ اليمن
- الإعلام المُعادي الشديد للسعودية ضدّ إيران و اليمن
- ضعف المنظمات غير الحكومية (NGO) الإيرانية للتواصل مع المنظمات غير الحكومية اليمنية.
- عدم اتقان النّخبة و النشطاء السياسيين الإيرانيين للغة العربية
- النشاطات الثقافية التي تقوم بها الولايات المتحدة و الأوروبيون في اليمن
- السياسات الخفية لبريطانيا في اليمن
 
أخيراً، و لأجل أن تقوم الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدورها على أفضل وجه في دعم و حماية الشعب اليمني، نوصي باتّباع النقاط التالية:
تعزيز العلاقات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و غيرها بين المجتمع الإيراني و المجتمع اليمني
المساعدة على التعرّف على تاريخ الشعب اليمني و ثقافته باعتباره جزءاً من تاريخ العالم الإسلامي
إعداد و تدريب الخبراء في المجالات السياسية و الإعلامية الخاصة في اليمن
 
(الحاشية)
1- كریملو، 285 :١٩٩٥.
2- خواجه سروي و  شهركي، ٢٠١٢: 220.
3- صادقیان و أحمدیان، ٢٠٠٠: 254.
4- من أحاديث سماحة القائد في ٦٦٢٠١٧م.
5- من أحاديث سماحة القائد في ٢٥٥٢٠٢٠م.
6- كوشكي و نجابت، 75 :٢٠١٦.
7- ram, 2015: 19.
8- أمیر عبد اللهیان،٢٠١٣: 171.
9- كریملو، ٢٠١٤: 19.
10- صفوي، ٢٠١٤: 723.
11- rabi, 2015: 20.
12- Phillips, 2008: 89.
13- كریملو، ٢٠١٤: 197.
14- صفوی، ٢٠١٤: 693.
15- Aziz, 2011: 8.
16- خضیري، 139: 140.
17- ماكرو، 1987: 20.
18- Farah, 2002: 17.
19- شولز، ٢٠١٢: 239.
20- قادري، 2010 : 236.
21- العمري، 2011 : 16.
22- المسعودي، 1992: 70.
23- قادري، ٢٠٠٨: 212.
24- halliday, 2012: 18.
25- الشيخ حسیني، ٢٠١٥: 216.
26- بوش و احتشامي، ٢٠١١: 481.
27- كریملو، ٢٠١٤: 74.
28- صادقي و أحمدیان، ٢٠٠٠: 285.
29- شولز، ٢٠١٢: 67.
30- etheredge, 2011: 132.
31- فیروزآبادي و محسني، ٢٠١٢: 105.
32- سلام، 18 :2015.
33- فیروز كلائي،21 :٢٠١٥.
34- baracat, 2015 :3.
35- Boucek & Ottaway, 2010: 11.
36- حسيني، ٢٠١٥: 92.
37- الحجري، 2011: 388 – 390.
38- الدغشي ،2010: 110.
39- مجموعة من الباحثين، 2010: 22-23.
40- مجموعة من الباحثين، المصدر السابق: 163- 165.
41- Poutter ,2014: 222.224.
42- غريب ‌رضا، 22 :٢٠١٣.
43- صادقي و أحمديان، 264 :٢٠١٠.
44- غريب‌ رضا، 17 :٢٠١٣.
45- Burrowes, 2009: 164.
46- Boucek, 2010: 11.
47- الشيخ حسيني، ٢٠١٥: 137.
48- Tucker , 2010: 539.
49- B Salmoni & Wells, 2010: 137.
50- Boucek, 2010: 6.
51- B Salmoni & Wells, 2010: 142, 143.
52- Boucek, 2010: 7.
53- ستراكه و حيدر ،2010: 2-3.
54- Boucek, 2010: 53.
55-maslen, 2013: 189.
56- خليلي، ٢٠١٤: 119- 120.
57- زهرا سليمي، ٢٠٠٩: 55.
58- خليلي، ٢٠١٤: 119.
59- غريب ‌رضا، ٢٠١٣: 26.
60- غريب ‌رضا، ٢٠١٣: 26.
61- مكتب الإعلام الإسلامي، الحوزة العلمية في قم، 197:٢٠١١.
62- أمير عبد اللهيان، ٢٠١٣: 172.
63- مددي ،٢٠١٤: 15.
64- Gelvin, 2015: 100.
65- الشيخ حسيني، ٢٠١٥: 227- 229.
66- الحسيني، المصدر السابق: 98-102.
 
مصادر البحث
-  ­العمري، حسین بن عبد الله، (2011) یمانیات في التاریخ و الثقافة و السیاسة، دمشق: دارالفكر.
-  أمیر عبد اللهیان، حسین، (٢٠١٣). ناكارآمدی طرح خاورمیانه بزرگ در خیزش بیداری اسلامی، الطبعة الثانية، طهران، إصدارات و زارة الخارجية. 
- بوش، ریموند و احتشامی، أنوشیروان (٢٠٠١) سیاست خارجی كشورهای خاورمیانه، ترجمة رحمان قهرمان ­پور و مرتضی مساح، طهران، جامعة الإمام الصادق (عَليه السّلام).
-  خضیري أحمد، حسن، (٢٠١٢) دولت زیدیه در یمن، ترجمة أحمد بادكوبه هزاره، قم، منشورات أكاديمية الحوزة و الجامعة.
-  خواجه سروي، غلام رضا و شهركی، حامد، (٢٠١٢) انقلاب اسلامی ایران و  بیداری اسلامی در یمن با تأكید بر جنبش الحوثی، بحوث الثورة الإسلامية، السنة الأولى، العدد الأول.
-  دهقاني فیروزآبادي، السید جلال (٢٠١٢)، علل و عوامل بیداری اسلامی در خاورمیانه و  شمال آفریقا (مطالعه موردی تونس، مصر، لیبی و یمن)، مجلة (سیاست دفاعی)، العدد 80 .
-  شولز، رینهارد، (2000) نگاهي ­نو به تاریخ جهان، ترجمة أمیر بهرام عرب أحمدي، طهران، أكاديمية الثقافة و الفكر الإسلامي.
-  الشيخ حسيني، مختار (٢٠١٥)، جنبش انصار الله يمن، قم، المجمع العالمي لأهلالبيت (عَليهم السّلام).
-  صادقي­، حسین و أاحمدیان­، حسن، (٢٠٠٠)  دگرگونی جایگاه منطقه­ ای یمن: امكانات و چالش ها، مجلة (راهبرد) الفصلية، العدد 56.
-  صفوي، السید ­یحیی (٢٠١٤) جهان­ اسلام: شمال­ آفریقا­ و  جنوب­ غرب­ آسیا، طهران، منشورات أمیر كبیر.
-  فیروز كلائي، عبد الكریم، (٢٠١٥) تحلیلی بر مهمترین علل تهاجم نظامی ائتلاف تحت رهبری عربستان سعودی به یمن، البحوث الإقليمية، العدد 7، الربيع. 
-  قادري، ­حاتم ­(٢٠٠٨) ­پراكسین­ (تعاطی) ­اندیشه و  فعل سیاسی در خاورمیانه، طهران، مركز البحوث العلمية و الدراسات الاستراتيجية في الشرق الأوسط.
-  كریملو، داود، (٢٠١٤) كتاب سبز یمن، طهران، إصدارات و زارة الخارجية.
-  كوشكي، محمد صادق و  نجابت، روح الله، (٢٠١٦) أنصار الله در یمن، طهران، منشورات (معارف).
-  ماكرو، اریك ، (1987) الیمن و الغرب، حسین بن عبد الله العمري، دمشق، منشورات دار الفكر.
-  مصلي نجاد، عباس، (٢٠١٥) سياستگذاري راهبردي در مديريت بحران امنيتي يمن، مجلة (سیاست جهانی) الفصلية البحثية العلمية، الدورة الرابعة، العدد 3، الخريف.
-  سمیعي أصفهاني، علي رضا، محمدي عزيز آبادی، مهدي و نیكفر، جاسب، (٢٠١٥) ژئوپليتيك هويت و  تأثير آن بر راهبرد امنيتی ايران و  عربستان در بحران يمن، مجلة (جهان اسلام) الفصلية السياسية، السنة الخامسة، العدد 2، الصيف.
 
 
-   Abu Hilal, Firas ,( 2011) Iran and the Arab Revolutions: Positions and Repercussions, Arab Center for Research & Policy Studies, Doha, September .
-   Ali   aziz , Muhammad,(2011).religion and mysticism in early islam, new York:i.b.tauris.
-   Al-Qarawi, Hisham, (2011). The Yemeni Revolution: replacing Ali Abdullah Saleh, or replacing obsolete institutions? Arab Center for Research & Policy Studies, Doha, MAY .
-  Barak A. Salmoni, Bryce Loidolt, Madeleine Wells, (2010). Regime and Periphery in Northern Yemen The Huthi Phenomenon, Published by the RAND Corporation.
-  Bearcat, sultan,(2015).saudi arabia war in yemen;the moral questions ,Washington dc:brookings institution.
-  Bell, Wendell.(2003). Foundation of Futures Studies: History, Purposes, and Knowledge (Human Science for New Era), Transaction Publishers: London.
-  Bishop, Peter. (2007). "The current state of scenario development: an overview of techniques." foresight 9(1): 5-25.
-  Cordesman, Anthony,(2015).american,Saudi arabia and the strategic importance of yemen , Washington dc:center for strategic and international studies.
-  E. farah, Caesar,(2002).the sultan yemen ,new York :i.b.tauris.
-  Etheredge ,laura s,(2011).saudi arabia and yemen ,new York;rosen pup group.
-  Godet, M ,(2000). The Art of Scenarios and Strategic Planning:Tools and Pitfalls. Technological Forecasting and Social Change, 3-22.
-  Godet, M. (1994). From Anticipation to Action A handbook of strategic prospective. Paris: UNESCO Presses Universitaires de France.
-  Philips ,sarah,(2008). Yemen democracy experiment in regional perspective, new York: palgrave macmillan.
-  Rabi ,uzi,(2015). Yemen:revolution ,civial war and unification , new York:i.b.tauris.
-  Ram p ,(2015). yemen history and culture, new York:gbo.
-  Reza Abdi and Ali Basarati,( 2016) .A Critical Analysis of the Representation of Yemen Crisis in Ideologically-Loaded Newspaper Headlines, GEMA Online® Journal of Language Studies Volume 16 .
-  Salisbury, Peter,( 2015) . Yemen and the Saudi–Iranian ‘Cold War’,  Middle East and North Africa Programme , February 
-  Shelagh weir, (2007)A Tribal Order Politics and Law in the Mountains of Yemen, universit y of texas press Austin, First edition.
-  Terrill,w,andrw(2011).the conflicts in yamen and u.s. national security ,Carlisle:strategic studies institute.
-  Tonkin , Hannah,hunter ,jane(2015).state of crisis:explosive weapons in yeman ,London:aoav
-  Esfandiary, Dina and Tabatabai, Ariane( 2016). Yemen: an Opportunity for Iran – Saudi Dialogue?  THE Washington Quarterly Summer2016.
 
موقع : www.farsi.khamenei.ir


قراءة: 703