فصلنامه مطالعات سیاست خارجی تهران
 

حرب الولايات المتحدة بالوكالة في اليمن

الدكتور رضا داد درویش
أستاذ جامعي و باحث في الشؤون الأمريكية

ملخص 
بضوء أخضر من الولايات المتحدة شنّت العربية السعودية في 26 مارس/آذار 2015 م حرباً على اليمن عبر تحالف واسع شكّلته و ضمّ دولاً مثل الإمارات و الكويت و البحرين و قطر و السودان و مصر و الأردن و بدعم تسليحي و استخباراتي و سياسي شامل من الولايات المتحدة و حلفائها الغربيين. و بفضل هذا الدعم اللامحدود ما تزال شعلة الحرب متوقدة حتى اليوم. و قد أطلقت الأوساط الغربية و التحالف السعودي عدّة تسميات على هذه الحرب منها حرب بالوكالة بين السعودية و إيران. و في ضوء العوامل و الأهداف غير المعلنة و النتائج التي تمخّضت عنها الحرب على مدى ست سنوات فإنّ تسمية حروب أمريكا بالوكالة تنطبق بحقّ على هذه الحرب. لقددفعت الأطماع و الأوهام بما يسمّى التحالف السعودي الإماراتي إلى أن يأخذ على عاتقه مسؤولية تأمين الموارد البشرية و المالية لهذه الحرب المدمرة و ذلك على حساب تحويل اليمن إلى أرض محروقة و ارتكاب مجازر فظيعة بحق الشعب اليمني٬ و قد كان لهذه الحرب دور مهم في إنعاش الاقتصاد الأمريكي. تتناول هذه الورقة بالبحث و التحليل هذه القضايا من منظار السياسات الأمريكية في المنطقة عبر المعطيات المتاحة.

 

 


مقدّمة...
بدأت الحرب ضدّ اليمن تحت شعار (عاصفة الحزم Operation decisive storm) في السادس و العشرين من مارس/آذار من عام (٢٠١٥م) بشنّ السعودية غارات جويّة عدّة، كما شاركت في هذا الهجوم كلّ من السعودية و الإمارات و الكويت و البحرين و قطر و السودان و مصر و الأردن إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا، بشكل مباشر و غير مباشر، لكنّ الائتلاف المذكور لم يحقّق أهدافه حتى بعد مرور سنتيْن بل على العكس فقد ظهرت بعض الخلافات بين كلّ من السعودية و قطر تبع ذلك فرض حصار مطبق على الأخيرة ممّا تسبّب في إيجاد الصّدع و الانشقاق داخل صفوف الائتلاف المذكور.
وبعد مرور ما يقارب ست سنوات على شنّ الحرب خرج مُعظم الحلفاء من ذلك الائتلاف السعوديّ باستثناء الإمارات و الولايات المتحدة و بريطانيا، و تحوّلت إمارة (أبو ظبي) من حليف قديم للسعودية إلى منافس شديد لها في جنوب اليمن.
ويروق للأعضاء الأصليون في الائتلاف و وسائل الإعلام التابعة لهم تسمية الحرب على اليمن بمسمّيات شتّى مثل الحرب بين عناصر الحوثي و الحكومة المركزية أو حرب الائتلاف العربي ضدّ أنصارالله أو الحرب بالوكالة بين إيران و السعودية، أو كما يحلو للبعض تسميتها أيضاً بـ(الحرب بين السنّة و الشيعة)، إلّا أنّ الواقع يشير إلى خلاف ذلك فبالنظر إلى المسار التاريخيّ للقضايا الإقليمية و السياسة التي تتّبعها الولايات المتحدة في المنطقة فبإمكاننا الاستدلال على أنّ الحرب على اليمن تُعدّ إحدى الحروب الأميركية بالوكالة و التي تبنّتها السعودية و الإمارات العربية ضدّ الشعب اليمنيّ، أمّا الكشف عن تفاصيل هذا الموضوع فيتطلّب إلقاء نظرة شاملة على تاريخ الدول الرئيسة المشاركة في الحرب و أهدافها و طبيعة سياساتها.

حرب السعودية ضدّ اليمن
الصراع بين السعودية و اليمن ليس وليد اليوم بل هو قديم٬ فقد تعرّض اليمن و الشعب اليمنيّ في التاريخ الحديث إلى الكثير من الاعتداءات و الهجمات من قِبل حكّام السعودية و منها حرب السعودية على اليمن في عام (١٩٣٤م) حيث تسبّبت القلاقل والاضطرابات التي كانت سائدة في اليمن في استيلاء السعودية على ثلاث محافظات في شمال اليمن هي (نجران) و (جيزان) و (عسير) وضمّها إلى أراضيها – و هي المحافظات التي تجاور مناطق تواجد الحوثيين –؛ كما شنّت السعودية هجمات أخرى عام (٢٠١٠م) لكنّها لم تحقّق أيّ هدف.
هذا، و قد تركّزت سياسة الحكّام في السعودية منذ بدء إنشاء هذه الدولة في عام (1930م) على إيجاد الفُرقة و الانقسام بين الحكومة المركزية في اليمن من جهة و بين مختلف القبائل الشيعية و السنيّة من أجل تحقيق هدفها في الإبقاء على حالة التوتّر و الاضطراب في ذلك البلد وتوظيفها لصالح تحقيق أطماعها حيث يعتقد حكّام السعودية أنّ اليمن يُعتبر جزءاً لا يتجزّأ من أرض الحجاز أو على الأقلّ ضيعة من ضياعها.
وما تزال حرب السعودية ضدّ اليمن مستمرة منذ عام (٢٠١٥م) حتى يومنا هذا. لقد ثار الشعب اليمنيّ عام (٢٠١١م) ضدّ حكم الرئيس على عبدالله صالح ضمن موجة الصحوة الإسلامية التي اجتاحت العالم العربي. و بسبب تعرّضه لإصابات بليغة إثر انفجار قنبلة لم يَعُد صالح قادراً على الحكم بعد أن حكم اليمن طيلة ثلاثين عاماً فأسند القيادة إلى نائبه عبدربّه منصور هادي سنة (٢٠١٢م) بوساطة بعض الدول العربية. و خلال فترة حكمه التي استمرّت ثلاث سنوات لم‌يتمكّن عبدربّه من تطبيق معاهدة انتقال السلطة من صالح، كما أنّ فشل حكومة هادي شكّل عاملاً إضافياً لإثارة بعض القبائل و الجماعات ضدّ الحكومة المركزية مرّة أخرى مثل جماعة أنصارالله. و استمرّت التظاهرات الشعبية برعاية مشتركة بين أنصارالله و علي عبدالله صالح فأدّت في أوائل عام (2٠١٥م) إلى إزاحة عبدربّه منصور هادي عن السلطة و فرض الإقامة الجبرية عليه في العاصمة اليمنية صنعاء، لكنّه تمكّن في نهاية المطاف من الفرار من مقرّ إقامته إلى عاصمة اليمن الجنوبي (عدن) و تشكيل حكومة مؤقّتة هناك تحت حماية السعودية، بينما استطاعت قوات صالح و الحوثيين معاً الاستيلاء على أجزاء كبيرة من أرض اليمن التي تضمّ حوالي ٧٠٪ من سكّانها، و ظلّت الأجزاء الجنوبية من اليمن و عاصمتها (عدن) تحت سيطرة القوات الموالية لمنصور هادي و سائر الجماعات و القبائل في تلك المنطقة. و في ظلّ هذه الأوضاع المضطربة اجتاحت السعودية اليمن الشمالي تحت قيادة الائتلاف العربيّ دعماً عبدربّه منصور هادي.
لقد قدّمت السعودية – باعتبارها رأس الائتلاف العربيّ – الكثير من التبريرات التي دفعتها إلى اجتياح اليمن، فحكّام السعودية الذين يعتبرون أنفسهم قادة شبه الجزيرة العربية و دولها ذيول لها، و من هذا المنطلق يتعاطون مع التحوّلات السياسية و العسكرية في تلك الدول على أنّها تمسّ أمن السعودية و مصالحها ولذلك يريدون من قادة و شعوب تلك البلدان الاعتراف لها بهذا الدور. و على هذا الأساس صرّح سعود الفيصل (وزير خارجية السعودية) عام (٢٠١١م) بأنّ موضوع اليمن لا يمثّل سياسة خارجية للسعودية بل قضية أمن قومي ترتبط بسائر القضايا الأخرى الاستخبارية والأمنية والقومية و الاتفاقيات غير الرسمية1.
هذا و تدّعي السعودية أنّ اجتياحها لليمن إنّما كان للحدّ من نفوذ جماعة أنصارالله، مبررة ذلك بأنّ هذه الجماعة المذكورة متأثرة بأيديولوجية الثورة الإسلامية في إيران، و لإثبات مزاعمها هذه فإنّها تستند إلى تصريحات قادة الجماعة التي يؤكّدون فيها دوماً على شعارات (البراءة من المشركين) و (يوم القدس) و (ضرورة محاربة الاستكبار و الكيان الصهيونيّ)2. كما تدّعي السعودية و حلفاؤها بأنّ إيران هي التي الداعم الرئيسي لجماعة أنصارالله و حزب الله و تمدّهما بالسلاح و التدريب و السفن الحربية و المصادر المالية و غير ذلك3 و أنّ وصول أنصارالله إلى السلطة في اليمن يصبّ في مصلحة إيران و بالضدّ من الصراع الاستراتيجي الدائر بين السعودية وإيران على الصعيد الإقليمي.
ومن حيث أنّ الشعب اليمني شعب مسلم وأصيل فلا غرابة في أن يتأثّر بشعاراته السياسية بالتعاليم الدينية و الثورة الإسلامية، لكنّ الحقيقة هي أنّ ثورته بين عامي ٢٠١١ و ٢٠١٤ ضدّ الدكتاتورية التي استمرّت (٣٠) عاماً كانت مدعومة مالياً من قِبل الاتفاقيات غير الرسمية التي صرّح بها وزير الخارجية السعوديّ و البلدان الغربية. و لم تكن الثورة الفتية للشعب اليمني الفقير ضدّ الاستبداد لتشكّل في أفضل حالاتها تهديداً لبلد مثل السعودية التي تعتمد على دعم البلدان الغربية التي تزوّدها بأحدث الأسلحة المتطوّرة. ومن جهة ثانية اتّسع نطاق محاور التصريحات لقادة المقاومة اليمنية ضدّ الهيمنة الأميركية و حلفائها الإقليميين بعد الحرب السعوديّة الأميركيّة. الأمر الواضح بالنسبة لخبراء الاستراتيجيا في العالَم أنّ قوات أنصارالله لا تمارس دوراً بالوكالة لإيران مطلقاً بل ما تمليه عليه مصالحها، على سبيل المثال فإنّ إيران عارضت احتلال قوات أنصارالله في صنعاء وحاولت ثنيها عن قرارها لكنّ الجماعة في النهاية نفّذت ما كانت تريد4.
لقد دأبت المحافل السعودية و الصهيونية على مستوى العالم و المنطقة دائماً على إظهار الحرب السعوديّة على اليمن بأنّها حرب ضدّ النفوذ الإيراني ٬ على حين لا يمكن الاستدلال بأيّ منطق في كون النتائج السلبية لهذه الحرب تصبّ في صالح إيران في تنافسها مع السعودية. من الواضح أنّ دور إيران في اليمن لا يعدو عن تقديم الدعم الاستشاري و على أدنى مستوى، و من ناحية أخرى٬ حتى انتصار جماعة أنصارالله و وصولها إلى السلطة في اليمن ليس له أيّ تأثير استراتيجيّ في تغيير النظام و الأمن الإقليمي  الذي يزعم هؤلاء أنّ إيران تنافسه، بل و حتى تعاظم قوّة أنصارالله في اليمن لا يشكّل تهديداً لأميركا و مصالحها في المنطقة. «إذا أوقفت الولايات المتحدة مساعداتها العسكرية للسعودية في حربها ضدّ الحوثيين و سائر الجماعات الشعبية في اليمن٬ فلن تتعرّض المصالح الأمريكية للتهديد من قبل الشعب اليمني٬ بل وستنهار الحاضنة المناسبة التي ساعدت حرب اليمن على توفيرها لنشاطات تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة المدعومة من قبل الائتلاف السعودي  الإماراتي»5.
لكن، بما أنّ جَني الأرباح يُعتبر ركناً رئيساً في السياسة الخارجية الأميركية لذا فإنّه في ظلّ هذه السياسة يشكّل بيع الأسلحة للسعودية و دعمها مصدر ربح كبير.
وعليه، لا بدّ من الاعتراف بأنّ الادّعاءات الخدّاعة التي يظهرها الائتلاف السعوديّ في اجتياحه لليمن تخفي وراءها عوامل و أهداف أخرى حقيقية يفضحها تاريخ الحروب التي شنّتها السعودية و تدخّلاتها في شؤون المنطقة بحماية و دعم من الغرب، فالخلفية التاريخية للتدخّلات السعودية في شؤون جيرانها قديمة و واضحة للجميع6، لكن هذه المرّة لم يدّخر الأمير الشابّ الذي ينتظر جلوسه على العرش أيّ جهد للانقضاض على اليمن و التدخّل في شؤونه بشكل سافر، فقد كان يأمل كقدوته صدام حسين أن ينهي الحرب في اليمن في غضون أسبوعين وذلك من خلال دعم الولايات المتحدة و صمت سائر الدول الكبرى على تدخّله و أنّه بذلك سيثبّت قَدميْه في مركز القرار في السعودية في المستقبل القريب و يلعب دور الشرطي في المنطقة نيابة عن الولايات المتحدة و يبرهن ولاءه للبيت الأبيض.
بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام (١٩٧٩م) لم تتوقف محاولات الحكام في السعودية و مجموعات الضغط الصهيونية في واشنطن  الرامية إلى ترسيخ الدور السعودي كقوة وكيلة عن الولايات المتحدة في مواجهة إيران في منطقة غرب آسيا، و قد مثّل هذا الدور السعودي ضرورة استراتيجية ملحّة. كما دأب أصحاب القرار في البيت الأبيض على الدّوام في إطار سياسة الضغط و الاحتواء المتبعة مع إيران على استخدام النظام السعودي لمواجهة إيران، فكان الدور الذي لعبته السعودية هذه المرّة هو إشعال حرب بالوكالة في اليمن تحت شعار مواجهة النفوذ الإيرانيّ، و يبدو أنّ هذا الأمر جاء لتطييب خاطر النظام السعوديّ بعد الاتفاقية النووية التي عُقدت مع إيران و استمرّ مع سياسة الحدّ الأقصى للضغوط التي تتبعها واشنطن على إيران. «إنّ استمرار الحرب ضدّ جماعة أنصارالله يأتي في ظلّ القضاء على وكلاء إيران في المنطقة»7 لكن، و بسبب إحاطة البيت الأبيض بطموحات النظام السعودي في هذا المجال و اتّباعه لهذه السياسة في مراحل مختلفة و دعمه لسائر اللاعبين في المنطقة من أمثال صدام حسين و قطر و الإمارات إلّا أنّ الولايات المتحدة تتنصّل من الاعتراف بذلك رسمياً و تطرح قضايا أخرى لتسويغ مبرراتها، لكنّها في نهاية المطاف أسندت هذا الدور إلى السعودية و لو بشكل ضمنيّ وتحميل الأخيرة وشعوب المنطقة التكاليف المالية و الإنسانية الباهظة.
لكنّ النظام السعودي يجهل معرفة الولايات المتحدة بولعه ذاك، و لهذا لم‌يتّبع الرئيس الأميركي ترامب نهج أسلافه من الرؤساء السابقين في المحافظة على الظواهر البروتوكولية فسمّى السعوديين صراحة بالبقرة الحلوب و قال بأنّ عليهم تمويل حضور قواته في السعودية و المنطقة عموماً8.
إنّ المشكلة الرئيسية للنظام السعودي هي منظومته الفكرية و مقاربته الخاطئة للمنطقة، فقد ارتضى لنفسه دور التابع الذي يدور في فلك الولايات المتحدة القوة العظمى وهو بدوره يطالب الآخرين بلعب نفس الدور التابع إزاء السعودية. هذا في الوقت الذي تحاول فيه شعوب المنطقة و لا سيّما إيران إظهار قدراتها و قوّتها إلى جانب قدرات جيرانها في المنطقة لمواجهة هيمنة سائر القوى الدولية٬ والعمل على دعم الاستقلال و القدرات المتنامية للمؤمنين بهذه المقاربة. إنّ هذه التجربة الغنية ناجمة عن العلاقات القائمة بين إيران و تركيا منذ (٤٠٠) سنة و التي ظلّت ثابتة رغم جميع العوائق و المشكلات التي تكتنفها و أثمرت من خلال ازدهار مصالح البلديْن خلافاً لجيرانهما الضعفاء و الخاضعين لسلطة القوى الأخرى.
وإزاء هذه المقاربة «راح حكام السعودية بفكرهم الساذج و ابتعادهم عن المواصفات الحالية للنظام الديمقراطي يقتسمون العوائد النفطية الهائلة مع قادة نظام الهيمنة والرأسمال وإطلاق أيديهم لنهب منابع الثروة للشعب السعودي بل و إشراكهم في التدخّل في شؤون العالم الإسلامي، ليحظى النظام السعودي في مقابل ذلك بالحماية الكاملة للدول الاستكبارية لاستمراره و لكي تتقاطر الأسلحة بمختلف أنواعها على السعودية والمنطقة. و بالاعتماد على هذه الحماية و التسليح المتواصل يظنّ حكّام السعودية بقدرتهم و أحقيّتهم في زعامة العالم العربي بل و العالم الإسلامي على حدّ قولهم ليتسنّى لهم ارتكاب الجرائم و الانتهاكات»9. كما يجد حكام السعودية في ضعف جيرانهم و تخلفّهم علامة على قوتهم و اقتدارهم، و لهذا سمحت السعودية لنفسها بإسكات أصوات شعوب شبه الجزيرة المطالبة بالحرية والاستقلال فلجأت إلى أسلوب الاجتياح لقمع تلك الشعوب ولتحافظ على بقاء الأنظمة العميلة لها كما فعلت في البحرين و اليمن. إذا كانت السعودية تسعى إلى تحقيق العزّة و الشموخ  عليها تغيير موقفها و نظرتها إزاء جيرانها و إلّا فستهبط مكانتها لأدنى من مجرّد بقرة حلوب كما هو شأنها الآن.
أمّا الإمارات المتحدة فهي تفتقد حتى للأسباب الأدنوية التي تسوقها السعودية فحضورها في اليمن ضمن الائتلاف المذكور جاء في الأغلب انطلاقاً من منظور المطامع والتنافس مع السعودية في تسجيل النقاط و لعب دور بالوكالة أكبر بالنيابة عن الولايات المتحدة و إسرائيل. كما تسعى الإمارات أيضاً إلى تقطيع أوصال اليمن إلى دويلات صغيرة تابعة لها، فيما يحاول زعماء الدول العربية الأخرى المشاركة في الائتلاف الحصول على بعض الامتيازات المالية من جانب السعودية و الإمارات لتكديس ثرواتهم الشخصية في البنوك الدولية.
تقوم الدول الغربية و على رأسها الولايات المتحدة بدعم السعودية في حربها ضدّ اليمن مدفوعة برغبة جامحة و الأسباب في ذلك واضحة لا لبس فيها، فعلى رأس الأولويات التي تسعى إليها الدول الغربية الداعمة للسعودية إضعاف الدول الإسلامية و تشتيتها و فتح باب بيع الأسلحة إلى السعودية و الإمارات على مصراعيه، حيث استطاعت إدارة أوباما خلال ثماني سنوات تأمين المنابع المالية  اللازمة لازدهار الاقتصاد الأمريكي عبر بيع الأسلحة إلى السعودية بمبلغ (١١١) مليار دولار. ثمّ جاء ترامب إلى الرياض رغم دعواته المعارضة للسعودية خلال حملاته لخوض الانتخابات الرئاسية لعام (٢٠١٦م) وبعد وصوله إلى البيت الأبيض و تلقّيه مبالغ طائلة من قِبل الحكّام السعوديين. و في أثناء زيارته تلك استطاع ترامب عقد صفقات مع السعودية بمبلغ (٤٠٠) مليار دولار٬ خُصّص منها مبلغ (١٢٠) مليار دولار لشراء الأسلحة، و قد استُعملت تلك الأسلحة التي باعتها أميركا و بعض الدول الغربية للسعودية في القصف العشوائيّ للمدارس في اليمن و كذلك المستشفيات و معامل تحلية مياه الشرب و الأسواق و حفلات الزفاف و العزاء في هذا البلد10.

حرب أمريكا بالوكالة
جاءت مباركة أميركا لحرب السعودية في اليمن ضدّ الثورة الفتية هناك بأمر رسميّ من أوباما تحت شعار ضمان الحماية اللوجستية و المعلوماتية للعمليات العسكرية، و قد أعلن أوباما آنذاك عن تشكيل مركز للتخطيط المشترك مع السعودية للتنسيق بين القوى العسكرية و الاستخباراتية لكلا البلديْن11. و من بين الأبعاد الأصلية للحماية الأميركية و التي تجلّت منذ الأيام الأولى لحرب السعودية بالوكالة الدور المؤثّر لهذه الأخيرة في المصادقة على القرار رقم (٢٢١٦) الصادر عن مجلس الأمن الدولي و القاضي بالمحاصرة الكاملة للشعب اليمني من جهة، و وضع القيود الصارمة على مختلف المؤسسات المتخصصة في المجلس فيما يتعلّق بأداء واجباتها القانونية و الإنسانية تجاه الشعب اليمني الأعزل و الفقير من جهة أخرى.
وقد كان دعم إدارة أوباما للحرب السعودية على اليمن – كما صرّح المحلّلون – بمثابة تطييب لخاطر الحكّام السعوديين في مقابل الاتفاق النووي المعقود مع إيران12. و أمّا إدارة ترامب فقد بيّنت أسبابها في حماية النظام السعودي و حربه ضدّ اليمن بأنّها لأجل المصالح المادية في بيع الأسلحة و تخفيف الخسائر العسكرية للسعودية٬ و محاربة الإرهاب فضلاً عن تصديها للنفوذ الإيراني13 و درء هجمات الحوثيين على السفن السعودية14. ولكن، برأي بعض المحلّلين الأميركيين٬ جميع تلك الأسباب لا علاقة لها أبداً بالأمن القومي الأميركيّ (s.s.Pompeo,2019) يُضاف إلى ذلك و بحسب رأي السيدة (كلينتون) كما جاء في التلكس السري (٢٠٠٩) في وزارة الخارجية الأميركية٬ كتاب ترامب الصادر في (٢٠١٥م) و تصريحاته أثناء الانتخابات الرئاسية عام (٢٠١٦م) التي اعتبر فيها المملكة العربية السعودية أكبر داعم مالي و مؤسّس الإرهاب في العالم.
إنّ حماية ترامب للسعودية في حربها ضدّ اليمن لا تقتصر على الدعم الاستخباراتي و اللوجستي فقط، فاستمرار الحرب بسبب المقاومة الباسلة لشعب اليمن، أجبر المخطّطين لهذه الحرب بشكل أو بآخر على إشراك بعض القوات الأميركية على نحو مباشر في تلك الحرب. و قد صرّحت صحيفة (نيويورك تايمز) في تقرير لها في عددها الصادر في الثالث من مايو عام (٢٠١٨م) بمشاركة القوات الأميركية الخاصة في حرب السعودية ضدّ اليمن بالفعل. و ورد في التقرير المذكور: تموضع عدد من قوات القبعات الخضر الأميركيين على الحدود السعودية اليمنية حيث أوكلت إليها مهمّة مساعدة القوات السعودية في تحديد بعض مخازن الصواريخ الحوثية و تدميرها داخل الأراضي اليمنية. و على الصعيد نفسه كانت شركة (ريتون Raytheon) و مقرّها في ولاية ماساتشوستس الأميركية من أكبر الشركات المجهّزة للسلاح في حرب اليمن15 فقد بلغت صادرتها من الصواريخ و المعدات العسكرية إلى السعودية عام (٢٠١٩م) أكثر من «٢٩» مليار دولار. في الوقت الحاضر توسّعت العمليات العسكرية للقوات الخاصة الأميركية وشملت بالإضافة إلى تحديد الأهداف المطلوبة لتدميرها بواسطة المقاتلات السعودية و الإماراتية٬ اغتيال بعض الشخصيات المهمّة و القادة الحوثيين و رؤساء القبائل اليمنية المعارضة لحرب الائتلاف السعوديّ.
لكنّ الحرب التي قالها عنها الخبراء الأميركان و السعوديون بأنّها لن تستمرّ أكثر من عشرين يوماً امتدت لأكثر من خمسة أعوام، و هي حرب أدّت إلى وقوع أفجع الحوادث الإنسانية و التاريخية في اليمن الأمر الذي زاد من وتيرة الاعتراضات العامة على المستوى العالمي ضدّ مرتكبي تلك الانتهاكات و الفجائع بل و انضمّ إلى تلك الاعتراضات أيضاً بعض أعضاء الكونغرس الأميركيّ.
في نوفمبر من عام (٢٠١٨م) قدّم السناتور الأميركيّ الديمقراطيّ (برني ساندرز) أحد المرشحين للرئاسة الأميركية وبعض  زملائه مشروع قرار طالبوا فيه إنهاء الدعم الأميركي للسعودية في حربها ضدّ اليمن، لكنّ المشروع لم يحظ بالمصادقة بسبب الأغلبية الجمهورية المؤيّدة للرئيس الأميركيّ في مجلس الشيوخ، ثمّ قُدّم مشروع مشابه في مارس/آذار من عام (٢٠١٩م) في مجلس النواب ، كما صوّت مجلس الشيوخ الأميركيّ على مشروع قرار آخر يطالب بوقف الولايات المتحدة دعمها العسكري للائتلاف السعودي في حرب اليمن، فنال (٥٤) رأياً موافقاً في مقابل (٤٦) رأياً معارضاً. كما صادق مجلس النواب على المشروع المذكور ونال (٢٤٨) رأياً موافقاً من مجموع (٤٣٥) رأياً، إلّا أنّ المشروع أحبط بسبب استخدام ترامب الفيتو ضدّه16، و بذلك لم تنجح المساعي الإنسانية المحدودة لأعضاء الكونغرس المعارضين للدعم الأميركي للائتلاف في حربه ضدّ اليمن هذا البلد المنكوب و الفقير، و إيقاف الحرب بالوكالة بكلّ أهدافها و أبعادها.
إنّ السيطرة على مصادر الطاقة في المنطقة و التحكّم بها تُعدّ جزءاً من الأهداف التي تسعى إليها أميركا لغرض الحفاظ على استقرار الدولار و دعمه في الاقتصاد العالمي، و من المسلّم به أنّ احتياطيات مصادر النفط و الغاز في المنطقة تُعتبر عاملاً مهمّاً في دعم سعر الدولار على مستوى الاقتصاد العالمي (McMaken,2020:1) كما أنّ البترودولار في المنطقة تُعدّ إحدى الحلول المقترحة و السريعة لتنمية الاقتصاد الأميركي و خلق فرص العمل و تخفيض معدل تضخّم الديون الأميركية، و لهذا نلاحظ قيام دول المنطقة بالاستثمار داخل الولايات المتحدة – بشكل مباشر أو غير مباشر – و شراء الأسلحة الفاخرة التي لا تستفيد منها بالشكل المطلوب17.
هذا و يُعتبر ضمان الأمن و الاستقرار من المبادئ الأساسية في الأنظمة الليبرالية الديمقراطية، ممّا يتوجّب في بعض الأحيان التضحية بالقيَم الإنسانية لأجل ذلك، و حتى في حال القبول بهذا المبدأ فإنّه لا يمكن إيجاد سبب واحد لاعتبار جماعة أنصارالله أو الشعب اليمني تهديداً لتلك المجتمعات التي تدّعي الديمقراطية. و يرى بعض أصحاب الرأي في الغرب أنّ الجماعة الحوثية لا تُعتبر تهديداً للمصالح آلأميركية بأيّ شكل من الأشكال لأنّها تحارب تنظيم القاعدة و سائر الجماعات التكفيرية في اليمن، و أنّ القوات التي تسخّرها السعودية لمحاربة الحوثيين وبدلاً من المبدأ المذكور جعلت من مبدأ تحقيق المصلحة ركناً أساسيّاً في سياستها الخارجية و الأساس الذي تقوم عليه الحرب الأمريكية بالوكالة والمتمثّل في الإبقاء على القلاقل و عدم الاستقرار في المنطقة (Kendall,2017).
وقد توصّل قادة الحرب الأميركية في فيتنام إلى نتيجة مفادها أنّ مجتمعاتهم لا تمتلك القدرة و الاستعداد على توفير المصادر الإنسانية لأيّ حرب بريّة أو بهدف احتلال بعض الأقطار و لا سيّما في الحروب الطويلة و الاستنزافية، و أنّ استمرار سياسة التحكّم و التدخّل في شؤون الدول الأخرى يتطلّب أمريْن اثنيْن: ١) امتلاك القوة الجوية و الصاروخية لغرض تدمير البنية التحتية للبلد المُستَهدَف؛ ٢) استخدام قوات أو مرتزقة تحارب بالوكالة عن الدول التي تريد الاحتلال و استمرار الحرب18. و تمتلك السعودية و بعض الدول العربية الكثير من المصادر المالية و تحكمها أيديولوجية متطرّفة و مثل هذه الدول مولعة بالخيالات و الأوهام و لهذا فهي تُعتبر أنسب خيار لاستغلاله في الغرض المذكور، و مثل هذه الدول يمكنها أن‌تفي بالغرض المطلوب و بالشكل المطلوب خصوصاً و أنّها دول تملك تتمتّع بالثروات النفطية الهائلة و أموال البترودولار ومعروفة ببذخها و سخائها بالنسبة إلى المسؤولين الأميركيين، إلى جانب توظيف الأيديولوجية الوهابية المتطرفة من أجل اجتذاب الشباب العرب و غير العرب لخدمة السياسة التوسعية للولايات المتحدة في المنطقة و العالم أجمع (أنظر: Nutter,2000) 19.
وبحسب الثقافة الاستراتيجية و الدفاعية للولايات المتحدة فإنّ أيّ بلد أو جماعة تدعم سياستها الخارجية يتمّ وضعها على لائحة الدول و الجماعات الديمقراطية أو كزبائن مُفضّلين بالنسبة إليها، و وفقاً لتلك الثقافة أيضاً فإنّ الإرهاب يُعدّ مخالفاً للديمقراطية، و أمّا تعريف مفهوم الإرهاب في الثقافة المذكورة فبسيط للغاية و هو: «كلّ بلد أو جماعة تسعى إلى التحرّر من الديمقراطية الليبرالية الحديثة لأميركا توضع في لائحة الإرهاب»20، و على هذا الأساس فإنّ أسماء الدول و الجماعات المُدرجة على لائحة الإرهاب الأميركية عادة ما تتغيّر و تتبدّل من وقت إلى آخر. و في الوقت الحاضر يحاول زعماء الحرب الأميركيون و من يحذو حذوهم في المنطقة وضع جماعة أنصارالله كذلك على لائحة الإرهاب التي صمّمتها الولايات المتحدة، على حين أنّ هذه الجماعة – و خلافاً للجماعات الأخرى التي تدعمها السعودية – لم تُهدّد أيّ مصالح أميركية في المنطقة سواء على مستوى الإعلام المضادّ للإرهاب و الإرهابيين أو استمرار تدفق الطاقة إلى الأسواق العالمية21؛ بل و خلافاً كذلك لِما يدّعيه المُحاربون للإرهاب فإنّ جماعة أنصارالله في اليمن تُعدّ من الجماعات القوية و الفاعلة في محاربتها لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب و تنظيم داعش في وقت معاً.
وبناءً على ما تقدّم، فلا غرابة أن يستمرّ عدم الاستقرار و الاضطرابات في منطقة غرب آسيا و التي بدأت منذ عقود، و هو ما نراه أيضاً في العراق و سورية و ليبيا و اليمن و سائر المناطق في غرب آسيا و كلّ ذلك يحدث على يَد وكلاء الولايات المتحدة مثل السعودية و الإمارات و تنظيم داعش و كلّ الجماعات و القوى التكفيرية، و لا شكّ في أنّ النتائج التي ترتّبت على  تلك الأعمال كانت و ما تزال وخيمة على جميع الصُعُد و أنّ إصلاحها يحتاج إلى سنين طويلة قد تستغرق عقود كاملة إضافة إلى الكثير من الأموال الطائلة و المصادر الإنسانية و المادية الهائلة. و من أهمّ تلك النتائج التي تعرّضت لها المنطقة:

التخصيصات العسكرية للسعودية
بلغت قيمة مشتريات الأسلحة التي اشترتها السعودية في حربها على اليمن خلال السنوات الأربع الماضية فقط أكثر من (١٠٠) مليار دولار22 كما أنّها تشتري أسلحة من الولايات المتحدة سنوياً بما يقارب من (٢٥) مليار دولار، و تقدّر تكلفة السعودية وحدها في هذه الحرب المفتعلة شهرياً أكثر من ملياري دولار. و تُعتبر السعودية و الإمارات المتحدة من أكبر الزبائن المولعين بالشركات المصنّعة للأسلحة في أميركا و الدول الغربية حيث تقدّر الميزانية العسكرية لكلتيهما حوالي (٧٠) مليار دولار في السنة و تحتلّان المرتبة الثالثة عالمياً في هذا المجال بعد الولايات المتحدة و الصين (Raytheon,2020) و ميزانية السعودية وحدها هي (٥٠) مليار دولار( Bisaccio,Dec 9,2019). و تُعدّ شركة (ريتون) من بين الشركات المصدّرة للأسلحة إلى السعودية و الإمارات في تلك الحرب، و مع بدء اعتراضات الناشطين المدنيين في أميركا على الحرب و دعم هذه الأخيرة للائتلاف السعودي قامت شركة (ريتون) بإنشاء مصنع للقنابل الذكية في الرياض بصورة مشتركة مع السعودية كإجراء لزيادة حرية العمل. و تُستخدم القنابل التي تنتجهآ الشركة المذكورة في ذلك المصنع يومياً في الحرب ضدّ اليمن، و بهذا فإنّ تلك الشركة لم تقلّل من حجم تعاونها مع الائتلاف السعودي بل ساهمت في توسيع نطاق القمع و العدوان ضدّ الشعب اليمنيّ.
ويُذكَر أنّ الميزانية العسكرية للسعودية زادت حتى عن ميزانية التربية و التعليم و الصحة منذ بداية عدوانها و تدخّلها العسكري في اليمن. و بالاستناد إلى إحصائية المؤسسة العالمية المختصة بالميزانيات العسكرية فإنّ التكاليف العسكرية للسعودية بين عام (٢٠١٦) و (٢٠٢٠م) بلغت (٢٧٣) مليار دولار و يشير هذا العدد إلى أنّ السعودية تنفق ما مقداره (٩/٢٠) في المأة من ميزانتها على السلاح و التكاليف العسكرية و في مقابل ذلك لا تزيد ميزانيتها في قطاع التربية والتعليم عن (٧/٢٠) في المأة و (٢٠٢) مليار دولار (أي ٤/١٥) في المأة على القطاع الصحيّ فقط. و مع وجود النفقات الباهظة للجيشين السعودي و الإماراتي و رغم استخدامهما للسلاح الحديث و المدمّر إلى جانب الاستعانة بالمستشارين الأجانب و القوات المرتزقة في الحرب إلّا أنّ كلّ ذلك لم يَعُد عليهما بأيّ فائدة أو نتيجة إيجابية.
يُضاف إلى ذلك فإنّ الحرب على اليمن أصبحت حرب استنزاف تستهلك كلّ طاقات الائتلاف و كذلك القوات الداخلية و الخارجية إلى جانب انهيار معنويات الأفراد الذين لم يعد لديهم أيّ مبرّر لاستمرار هذه الحرب كما كانوا في الأيام الأولى لبدئها. و في مقابل ذلك فإنّ الجيش اليمني و قواته الشعبية لهم اليد العليا في جميع المجالات الحربية على الأرض و في الجو و البحر بفضل ذكائهم و شجاعتهم الفذّة و إبداعاتهم التي ليس لها نظير، و من المزيّات التي امتاز بها الشعب اليمنيّ على الائتلاف السعوديّ حضور القبائل التي تُعارض وجود المحتلّين السعوديين و الإماراتيين و تواجدها في المناطق الصحراوية الشاسعة و في مختلف نقاط البلاد كشمال اليمن و الأنحاء المجاورة و سيطرة أنصارالله على الحدود الشمالية الشرقية لليمن و معظم النقاط الأخرى في البلاد بحيث يمكن تصوّر المستقبل القاتم و الهالك للمُعتدين.
وبالإضافة إلى التكاليف الباهظة لقوات المرتزقة و المعدّات و التجهيزات الغالية الثمن فإنّ استمرار الحرب يكلّف الائتلاف خسائر فادحة بسبب الهجمات الصاروخية للحوثيين على القواعد العسكرية و المصافي و مخازن البترول و الموانئ و الكثير من المؤسسات المدنية و البنى التحتية في المملكة العربيّة السعودية، و قدأدّت تلك الضربات العنيفة على اقتصاد النفط في دول العدوان و مؤسساته إلى إيجاد الخلافات و الصراعات بين الأمراء و السخط الشعبيّ المستمرّ داخل تلك البلدان على عجز الحكّام و فشلهم. و ممّا لا شكّ فيه أنّ استمرار حرب الاستنزاف الهدّامة في اليمن تصبّ في مصلحة الولايات المتحدة و الغرب من أجل ابتلاع الثروات الموجودة في بلد البقرة الحلوب، و قد تجلّى ذلك بوضوح مع شيوع فيروس كورونا في العالم و الذي أدّى إلى انهيار الاقتصاد العالمي بشكل مرعب و انخفاض الطلب العالمي على الطاقة ممّا تسبّب بأضرار كبيرة للسعودية و الإمارات بشكل خاص ولا سيّما مايتعلّق منها بالعجز في الميزانية و الانحدار نحو الإفلاس الاقتصادي المحتوم.
إنّ مواصلة الحرب الاستنزافية و الفضائع الإنسانية التي خلّفتها تلك الحرب كشفت النقاب عن جوهر الطبيعة غير الإنسانية للوهابيين و الحكّام في السعودية و الإمارات و مدى خضوعهم و إذعانهم للصهيونية المعادية للإسلام و الإنسانية، كما أدّى هذا الوضع إلى ازدياد الكراهية لدى المسلمين في العالم ضدّ حكّام هذيْن البلديْن، فضلاً عن أنّ تلك الحرب المُكلفة في اليمن غيّرت المعايير الاستراتيجية في المنطقة لصالح شعوبها و الظهور الواضح و الصريح لبعض الجماعات كجماعة أنصارالله لتلعب دورها الفعال بينما لم يحصل القائمون على تلك الحرب – و لا سيّما آل سعود و المتحالفين معهم - سوى العواقب السيئة و العكسية.

تعزيز الجماعات الإرهابية
تشكّل تنظيم القاعدة في شبة جزيرة العرب عام (١٩٩١م) و قد قدّم الائتلاف السعودي الأميركيّ بشنّه الحرب ضدّ اليمن أكبر خدمة لذلك التنظيم في اليمن. فقبل نشوب الحرب على اليمن كان تنظيم القاعدة يتعرّض لضغط كبير بسبب صراعه مع القوات اليمنية و خصوصاً جماعة أنصارالله، لكن، و بعد العدوان السعودي على اليمن وجد مساحة أكبر لتنفيذ عملياته داخل اليمن فقد تمكّن التنظيم المذكور في 31 مارس/آذار (2015م) من الاستيلاء على سجن في مدينة (المكلا) في مركز محافظة حضرموت و ذلك بعد مرو ستة أيام على بدء العدوان السعودي على اليمن، و استطاع التنظيم خلال ذلك تحرير ما يقارب (٣٠٠) من عناصره في السجن المذكور و كان معظم الفارّين ممّن نفّذوا العديد من العمليات المسلحة لصالح تنظيم القاعدة، كما استغلّ التنظيم الظروف المواتية آنذاك و حالة عدم الاستقرار بسبب الحرب لاجتذاب بعض الأفراد و انخراطهم في التنظيم ثمّ تدريبهم على العمليات المختلفة.
والمعروف أنّ تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب تشرف عليه المؤسسات الاستخباراتية في السعودية و الدول الغربية شأنه في ذلك شأن سائر فروع التنظيم الأخرى. و قد أدّت الحرب إلى تعطيل سفارات جميع الدول في اليمن و تقييد النشاطات العسكرية و الاستخباراتية، و في مثل هذا الجوّ المشحون و المضطرب أصبح تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب أحد أكبر المتحالفين مع السعودية ضدّ جماعة أنصارالله لامتلاكه دوافع قوية في مُعاداتها. و صرّح بعض المحللين الأميركيين قائلاً: «إنّ دعم الولايات المتحدة للائتلاف السعودي و الإماراتي في حربه ضدّ اليمن لايصبّ في مصلحة أيّ من البلديْن، فهذان البلدان يحاربان الإرهاب في اليمن-  بزعمهما - بشكل نظريّ لكنّهما في الواقع يدعمان الجماعات الإرهابية كتنظيم القاعدة و داعش اللذين كانت لهما جولات و صولات كثيرة في اليمن حتى الآن، فالائتلاف المذكور يستعين بهذه التنظيمات في حربه ضدّ الحوثيين» و يرى أولئك المحللون أنّ أفضل وسيلة لمواجهة الإرهاب في اليمن هي الضغط على السعودية للدخول في عملية سلام مباشرة (Gjoza&Friedman,2019:4) لأنّ إطالة هذه الحرب سيكون في مصلحة تنظيم القاعدة على المدى البعيد.
هذا و قد بذل الائتلاف السعودي الإماراتي كلّ جهوده و وضع البرامج المطلوبة لإعداد الجماعات التكفيرية وتجهيزها وتسليحها لغرض الاستخدام الوظيفي لها في الحرب اليمنية الهدّامة و مع ذلك لم يصل إلى أهدافه المنشودة. إنّ الإصرار على هذه السياسة قصيرة النظر يمكن أن يهيّئ الأرضية بعد انتهاء الحرب لنفوذ الجماعات الإرهابية كتنظيم القاعدة و داعش إلى دول الائتلاف أيضاً و الترويج لآرائها و أفكارها المتخلّفة في العالم الإسلامي. و هذه الحرب بالوكالة ليس فيها من منتصر أبداً كما هو شأن الحروب المشابهة في الماضي، و مع هذا يمكن القول بأنّ الرابح الحقيقيّ الوحيد فيها هي الجماعات المتطرفة من أمثال القاعدة و داعش.

تقسيم اليمن
اتّحد شطرا اليمن الجنوبي و الشمالي عام (١٩٩٠م) لكنّ شعب الجنوب بدأ بالاعتراض على تلك الوحدة منذ عام (١٩٩٤م) فتمخّضت عن ذلك جماعة مطالبة بالانفصال عام (٢٠٠٧م) و ظلّ النزاع بين الشطرين (الشمالي و الجنوبي) قائماً خلال تلك الفترة و كان يتطوّر أحياناً إلى مناوشات عسكرية بينهما. في عام (٢٠١٧م) اتّحدت القوى المطالبة بالانفصال مع الحكومة المستقيلة و دخلت في حرب مع الحوثيين مشكّلين بذلك المجلس الانتقالي في الجنوب ثمّ انخرطت الإمارات العربية مع السعودية في الحرب اليمنية و بدأت بدعم المجلس المذكور مالياً و سياسياً لتحقيق أهدافها القديمة و تستحوذ على هذا الإرث الاستعماري. و عقدت الأطراف المذكورة في أغسطس/آب عام (٢٠١٩م) معاهدة سلام مع قوات عبدربّه منصور هادي و بدأت في الوقت الحاضر بالمطالبة بالحكم الذاتي٬ و يقع المقرّ الرئيس للانفصاليين في العاصمة الجنوبية (عدن) كما أنّ جزءاً كبيراً من القسم الجنوبي يدعم الحكومة المستقيلة لعبدربّه فيما يعارض بعضه الآخر الائتلاف العربي الأميركيّ.
وقد حدثت الكثير من الصدامات الدموية بين قوات الحكومة المستقيلة في اليمن و بين القوات المؤيّدة للمشروع الانتقاليّ و لا سيّما في مدينة (أبين) و قتل خلالها (١٦) شخصاً من كلا الطرفين و جرح العديد. أمّا الإمارات فهي تدعم المجلس الانتقالي الجنوبي23 الذي يُطالب بانفصال الجنوب و تقسيم البلاد إلى شطر شمالي و آخر جنوبيّ، بينما تساند السعودية الحكومة المستقيلة الفارة إلى الجنوب برئاسة عبدربّه، و قد أدّى اختلاف زوايا النظر إلى اليمن عند كل من الإمارات و السعودية إلى تعقيد القضايا في ذلك البلد أكثر ممّا كانت عليه في السابق، على سبيل المثال قامت القوات الانفصالية في جنوب اليمن في صيف العام الماضي بالسيطرة على مدينة (عدن) و قُتل جرّاء ذلك (٤٠) شخصاً و جرح أكثر من (٢٥٠) آخرين من القوات الموالية لعبدربّه بينما فرّ الكثير من سكّان تلك المدينة لينضمّوا إلى قوافل المهجّرين و المشرّدين.
وبعد إعلان الحكم الذاتي في المحافظات الجنوبية من قِبل قوات المجلس الانتقالي في الجنوب (المدعوم من قِبل الإمارات) أصبحت تلك البقعة من الأرض ساحة للاقتتال بين القوات الحكومية الموالية للسعودية و الإمارات، ممّا كشف عن حقيقة المصالح المتعارضة بين الرياض و أبوظبي و لا سيّما في المناطق الساحلية المحاذية لبحر العرب شرق محافظة (المهرة) وصولاً إلى غرب (باب المندب). و يشير هذا الوضع إلى أنّه ما من خيار آخر سوى استخدام السلاح و الاقتتال بين الإخوة و أنّ الداعمين في الداخل و الخارج لا يملكون السيطرة الكاملة على قوّاتهم أو أنّهم لايسعون إلى خلق استقرار أدنوي في المناطق التي احتلّوها.
وقد حدثت تلك المواجهات بعد يوم واحد فقط على الاتفاقية المعقودة بين القوات المذكورة بمساع سعودية إلّا أنّ الأطراف المدعومة من قِبل الإمارات نقضت تلك الاتفاقية لأنّ الهدف الذي تصبو إليه الإمارات هو القضاء على حزب الإصلاح ذي التوجّه الإخواني و إبعاده عن كلّ المعادلات السياسية، في الوقت الذي تسعى فيه السعودية إلى استغلال قوات هذا الحزب ضدّ أنصارالله خلافاً لنواياها الحقيقية.
يتغلغل النفوذ الإماراتي إلى اليمن عبر القوات الانفصالية في الجنوب و الدّعم النسبي لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب كالحركة الانفصالية في الجنوب24 التي تؤمن بضرورة انفصال الجنوب25.
ومهما يكن من أمر فإنّ ازدياد نفوذ الإمارات في اليمن يعني بالضرورة إضعاف النفوذ السعودي، و مثل هذا الوضع لا يصبّ أبداً في مصلحة السعودية التي طالما اعتبرت اليمن حديقتها الخلفية و تبذل غاية جهدها للحفاظ على هذا الوضع. يُضاف إلى ذلك إنّ القبائل اليمنية غالباً ما تميل إلى الاستقلالية في العمل و التحرّر من سيطرة أيّ حكومة مركزية أو خارجية «فالرغبة في الحكم الذاتي السياسي بعيداً عن السلطة المركزية تُعدّ من المبادئ الأصلية للنظام القبيلي في اليمن كما أنّه ينطوي على مفهوم العزّة أيضاً»26 و لا ريب في أنّ النتيجة الطبيعية لهذه المقاربات تدلّ على سعي السعودية و الإمارات إلى تأزيم الوضع و استمراره في اليمن من خلال قيامهما بتلك الألعاب التنافسية27. يُضاف إلى هذا فإنّ جميع مساعي السلام باءت بالفشل بسبب عدم التزام الائتلاف المذكور بأيّ منها28.

السلاح البايولوجي
لقد أدّى قصف الائتلاف السعودي الأميركيّ المتواصل «إلى تدمير (٥٠٪) من المستشفيات في اليمن بينما يصعب العثور على أيّ دواء أو إمكانات طبية و صحيّة في ما تبقّى من المستشفيات»29. قبل الحرب كان اليمن يستورد ما يقرب من (٩٠٪) من المواد الغذائية التي يحتاجها، لكن و في ظلّ ظروف الحصار الشامل التي فرضتها عليه قوّات الائتلاف فإنّه لا يستطع استيراد أكثر من (٢٠٪) فاضطرّ الشعب إلى طبخ أوراق الأشجار لسدّ رمقه، كما قلّت نسبة المساعدات التي كانت المنظمات الدولية تقدّمها إلى اليمن كبرنامج الغذاء العالمي و ذلك بسبب الحصار المفروض من قِبل الائتلاف السعودي فزاد ذلك في ارتفاع نسبة المجاعة في اليمن.
ومع هذا ليست هناك أيّ إحصائيّات دقيقة عن الخسائر الإنسانية بسبب المجاعة، لكن و وفق بعض الإحصائيات المتعلقة بعام (٢٠١٨م) فإنّ ما يقارب من (٨٥) ألف طفل يمني فقدوا حياتهم إمّا بسبب الجوع أو سوء التغذية، كما جاء في تقرير آخر أنّ ما يُعادل طفلاً واحداً يموت كلّ (١٠) دقائق بسبب المجاعة. في الوقت الذي يعاني فيه الشعب اليمني من بعض الأمراض المعدية كالكوليرا و الدفتيريا و حمّى الضنك و أنفلونزا الخنازير30 زاد فيروس كورونا الوضع الصحي والعلاجي سوءاً بعد انتشاره في جنوب البلاد.
هذا و قد عمد الائتلاف السعودي الأميركيّ إلى تدمير و تخريب جميع البنى التحتية الحيوية في اليمن كأنابيب نقل المياه و القنوات و الآبار المائية المستخدمة في الزراعة و كذلك المستشفيات و المدارس و الأسواق العامّة، و هذا النمط من القصف و التدمير يشير إلى أنّ استراتيجية الائتلاف المذكور هو خلق وترويج الكوارث الطبيعية عبر شحّ المواد الغذائية و الدوائية في اليمن. و على هذا الأساس يستدلّ بعض المحلّلون على أنّ الائتلاف يستغلّ هذا الوضع في اليمن كسلاح بيولوجيّ جديد ضدّ الشعب اليمنيّ و الذي لا تقلّ أضراره و مصائبه عن تلك التي يسببها السلاح البيولوجي التقليديّ المعروف بل و ربما كان أبشع و أفضع منه.
إنّ الائتلاف السعودي الأميركي «يستعمل المياه كسلاح ضدّ الشعب اليمني»31 ويرتكب أربع جرائم رئيسية ضدّ اليمنيين ممّا جعلهم في حالة من المجاعة الشاملة تقريباً. «ويستخدم الائتلاف السعودي الأميركي عملية المجاعة المفروضة على اليمن كسلاح ضدّ الشعب اليمنيّ»32 بحيث يُعاني أكثر من نصف الشعب اليمني (٣٠ مليون نسمة) من المجاعة. و بسبب العواقب الوخيمة التي خلّفتها الحرب اليمنية أعلنت المنظمة الدولية أنّ هذه الحرب هي من أفضع الحروب الإنسانية في العالم و أنّ أكثر ضحاياها هم من الأطفال و النساء و المسنّين بسبب المجاعة و أنّهم أكثر عدداً من القتلى الذين سقطوا في الحرب.

الفضائع الإنسانية
كان اليمن واحداً من الأقطار الفقيرة في الكثير من النواحي حتى قبل بدء عدوان الائتلاف السعودي، و ذلك بالاستناد إلى المعايير الدولية. «فاليمن على صعيد التنمية البشرية يحتلّ المرتبة (١٥٣) و على صعيد الفقر المدقع فإنّه يقع في المرتبة (١٤٧) و من الناحية التعليمية يحتلّ المرتبة (١٧٢)»33، و بعد مرور أكثر من خمس سنوات على تدمير البنى التحتية الحيوية كالمستشفيات و المدارس و القنوات الزراعية و الجسور و الطرق و صوامع الحبوب و سائر الاحتياجات الأولية أصبح اليمن من أفقر الدول في المنطقة و أكثرها تأخّراً؛ و أمّا ضحايا الفقر و الأمراض المعدية كالكوليرا و الدفتيريا و سوء التغذية فهي أكثر من عدد القتلى في الحرب.
وبالاستناد إلى الإحصائية التي قدّمتها المنظمة الدولية فإنّ ما يقارب (٦٠) في المأة من أصل (١٤٠٠٠٠) طفل تقلّ أعمارهم عن خمس سنوات كانوا ضحية هذه الحرب و ماتوا جميعهم بسبب عدم حصولهم على الغذاء أو سوء التغذية. و في السنوات الثلاث الأولى لنشوب الحرب فَقَدَ أكثر (٨٥) ألف طفل حياتهم، و كان معدّل موت الأطفال تحت سنّ الخامسة (٥٣) طفل من كلّ ألف طفل عام (٢٠١٣م) و ارتفع ذلك الرقم عام (٢٠١٦م) ليصل إلى حوالي (٨/٥٦) من كلّ ألف طفل»34. و وفق تقرير منظمة إنقاذ الطفل التي تتّخذ من بريطانيا مقرّاً لها «فإنّ ما يقارب من (٨٥) ألف طفل يمني فقدوا حياتهم منذ بداية الحرب التي شنّها الائتلاف السعوديّ الأميركيّ على اليمن؛ و عليه، يكون مجموع الخسائر البشرية بين عام (٢٠١٥م) و (٢٠١٩م) من (١٠٠٠٠٠) إلى (١٢٠٠٠٠) شخص»35.
هذه الحقائق المريرة و الفضائع الإنسانية التي يتعرّض لها شعب اليمن منذ أكثر من خمس سنوات والمتمثّلة في أبشع قصف بالقنابل و الصواريخ الأميركية و بعض الدول الأوروبية من جهة ، و الحصار الشامل برّاً و بحراً و جوّاً الذي فرضه الائتلاف السعودي الإماراتي و قوات البحرية الأميركية من جهة أخرى، يبدو أنّ كلّ ذلك ليس مفهوماً من قِبل العالَم بَعد. لقد حصدت هذه الحرب حتى الآن أرواح أكثر من (٢٥٠) ألف شخص في اليمن أغلبهم من الأطفال و النساء و الشيوخ بسبب شحّ المواد الغذائية و الدوائية و ما شابه ذلك.
لقد أدّى الحصار التام الذي تفرضه السعودية على اليمن بفضل الدعم العسكري و السياسي الأميركي برّاً و بحراً و جوّاً إلى تزايد المجاعة في كلّ أنحاء اليمن، و بالاستناد إلى آخر الإحصائيات فإنّ أكثر من (١٥) مليون شخص من أصل (٣٠) مليوناً و هم سكّان اليمن يُعانون من القحط و المجاعة و قلّة المواد الغذائية و الدواء، ممّا جعل اليمن يعيش أسوأ كارثة إنسانية في العصر الحديث و أحد أكثر البلدان تعرّضاً لأكبر المجاعات الثلاث المعروفة في العالم خلال العقدين الماضيين. و خلال عام (٢٠١٥م) فقط تعرّض اليمن لخسائر اقتصادية و في البنية التحتية تُقدّر بأكثر من (١٥) مليار دولار، و على مدى السنوات الأربع الأولى للحرب تعرّضت أكثر من (٢٥٠٠) مدرسة للقصف أو الاحتلال من قبل القوات العسكرية.
ووفق للتقديرات المختلفة فقد تمّ تدمير ثلثي الاقتصاد اليمني بسبب الحرب أو الحصار و لم تَعُد الصناعات النفطية و الغازية في اليمن قادرة على توفير الاحتياجات الداخلية، كما تعرّض البنك المركزي في هذا البلد إلى الشلل التامّ، و اختفت تماماً التأسيسات الطبية و الصحية و الماء و الطاقة و النقل.
وبالاستناد إلى الإحصائيات العالمية فقد دُمّر حتى نهاية عام (٢٠١٨م) أكثر من نصف البنى التحتية و لا سيّما المتعلّقة منها بالماء و الكهرباء، و كذلك (٤٠) في المأة من البنى التحتية الصحية و التعليمية و أكثر من (٣٠) في المأة من خطوط المواصلات. و يعيش أكثر من (٨٠) في المأة من الشعب اليمني في فقر مدقع - على حين لم يكن ذلك الرقم عام (٢٠١٥م) أكثر من (٣٠) في المأة – كما أنّ أكثر (١٩) مليون نسمة في اليمن محرومون من الشروط الصحية و قد تعرّض أكثر من (٣/١) مليون شخص حتى عام (٢٠١٧م) لمختلف الأمراض و الأوبئة، هذا إلى جانب انتشار سائر الأمراض الأخرى في البلاد كالدفتيريا و غيرها. يُضاف إلى ذلك حرمان (٢٠) في المأة من الأطفال من الذهاب إلى المدارس لمختلف الأسباب منها تدمير (٢٥٠٠) مدرسة حتى الآن»36.
في الوقت الحاضر فإنّ ما يقارب من (٢٤) مليون نسمة من أصل (٣٠) مليون نسمة من سكّان اليمن بحاجة ماسّة إلى المساعدات الإنسانية و (٢٠) مليون شخص بحاجة إلى الطعام اليوميّ، و يعيش (١٠) ملايين شخص الآن في مجاعة لا تُطاق، و (١٨) مليون شخص لا يملكون ماءً للشرب، و أكثر من (٦/٣) مليون شخص هم الآن مشرّدون يعيشون في العراء داخل بلدهم»37، و أكثر من (٥٦) ألف شخص يمني فقدوا حياتهم خلال الغارات الجوية للائتلاف.
وفي آخر مذكّراته التي نشرتها صحيفة (واشنطن بوست) ذكر جمال خاشقجي – الصحفي و النّاقد السعودي المعروف – أنّ ابن سلمان هو المسؤول عن القتل الجماعي في اليمن و أنّه لا بدّ أن يدفع يوماً ما ثمن تلك الجرائم البشعة38.
وذكر تقرير للأمم المتحدة أنّ المجاعة في اليمن تحوّلت إلى أكبر كارثة إنسانية على مستوى العالم، فالخسائر البشرية غير المباشرة للحرب التي شنّتها السعودية و تدمير البنية التحتية الحيوية في البلاد تُعدّ بحقّ مصداقاً لجرائم الحرب المذكورة في لائحة محكمة الجنايات الدولية و هي تنضوي تحت عنوان الجريمة ضدّ السلام و ضدّ الإنسانية و جرائم الحرب و الاعتداء، و تُعتبر السعودية المسؤول الأوّل عن تلك الجرائم. و بالاستناد إلى الإحصائيات العالمية فإنّه إذا استمرّت حرب اليمن أكثر من هذا ستزداد نسبة الخسائر البشرية المباشرة و غير المباشرة بشكل تصاعديّ، و إذا بقيت هذه الحرب مستمرّة حتى عام (٢٠٢٢م) مثلاً فإنّ العدد الحقيقيّ للقتلى سيصبح (٣٣١) ألف شخص في حين أنّ العدد الحالي للقتلى هو (٢٥٠) ألف شخص، أمّا إذا استمرّت الحرب قائمة حتى عام (٢٠٣٠م) فسيتجاوز عدد القتلى عندئذ (٨/١) مليون شخص منهم (٥/١) مليون طفل يمني.
وفي ظلّ هذه الأوضاع الإنسانية الوخيمة ما زالت إدارة ترامب تفرض الحصار الشامل على اليمن بمختلف الحجج و المعاذير لمنع وصول المساعدات و الإمدادات الإنسانية و منظمة الصحة العالمية. و يرى المنتقدون لهذه السياسة أنّ سياسات البيت الأبيض هذه إنّما تستند إلى دوافع سياسية بحتة، فالشعب اليمني الذي يعاني من مختلف أنواع الأمراض المعدية كحمّى الضنك و الملاريا و الكوليرا و الدفتيريا لن‌ينجو من مصيدة فيروس كورونا في المستقبل القريب، فاليمن لا يملك سوى (٥٠٠) جهازاً للأوكسجين و (٧٠٠) سرير للعناية المركّزة و اسطوانة أوكسجين واحدة لأكثر من مليونين و نصف المليون مريض شهرياً، و لم تستطع منظمة الصحة العالمية سوى إرسال (٦٧٠٠) علبة اختبار فيروس كورونا إلى اليمن٬ و حتى هذه العُلب فإنّها تأخّرت كثيراً في الوصول بسبب القيود و الحصار الشامل المفروض على هذا البلد. و تشير التقارير الواردة إلى أنّ نصف سكّان اليمن سيُصابون بفيروس كورونا و أنّ أكثر من (٤٠) ألفاً منهم سيفقد حياته بسبب الفيروس.
ووفق التقارير الرسمية فقد شوهدت أوّل حالة للإصابة بفيروس كورونا في محافظة (مأرب) كما أعلنت جامعة (جون هوبكينز) أنّه تمّ تشخيص (٨٥) حالة كورونا في اليمن حتى الآن و أنّ (١٢) شخصاً فقدوا حياتهم بسبب ذلك. و يُذكَر أنّ فيروس كورونا بدأ بالانتشار من مرفأ (عدن) ثمّ ميناء الحديدة و صنعاء و أنّه مستمرّ بالانتشار إلى سائر المناطق الأخرى في اليمن39. و صرّحت (ليز غراندي Lise Grande) – مندوبة منظمة الصحة العالمية – أنّ عدد الضحايا بسبب الابتلاء بفيروس كورونا سيكون أعلى بكثير من عدد القتلى في الحرب اليمنية و ضحايا الأمراض و المجاعة خلال السنوات الخمس الماضية. و أضافت (غراندي) قائلة: «تبلغ نسبة الوفيات في اليمن بسبب فيروس كورونا (٢٠) في المأة على حين كان يجب أن لا يزيد هذا الرقم عن المعدّل العالمي و هو (٧) في المأة. و بالاستناد إلى آخر الإحصائيات فإنّ (٤٦٩) شخصاً في اليمن مصابون بفيروس كورونا في الوقت الحاضر و أنّ (١١١) شخصاً ماتوا بهذا الفيروس». و أكّدت (غراندي) أنّ ما يتعرّض له اليمن الآن يُعدّ أسوأ سيناريو يمكن توقّعه.

خلاصة البحث:
يحرص المسؤولون و وسائل الإعلام في الغرب على وصف الحرب الدائرة في اليمن بأنّها حرب داخلية ليغطّوا بذلك على الدور المفضوح الذي تلعبه الولايات المتحدة و بعض الدول و المحافل الصناعية و المراكز العسكرية في ذلك البلد، إلّا أنّ جميع الشعوب باتت متأكّدة اليوم بأنّ الحرب الابتدائية التي وقعت بين مختلف الجماعات في اليمن تعرّضت لتدخّل الائتلاف العربي الأميركيّ في أوائل عام (٢٠١٥م) و لم تَعُد حرباً داخلية منذ ذلك الحين بل أصبحت مقدّرات الحرب و مقاليدها بأيدي الدول التي أقحمت نفسها فيها. و تُعتبر الولايات المتحدة اليوم أحد الأطراف الأصلية المشاركة في حرب اليمن و لولا الدّعم الذي تقدّمه في المجال العسكري و السياسي لَما استطاعت السعودية و الإمارات الاستمرار في مواصلة الحرب أبداً (Therealnews.com,may 6,2020). يُضاف إلى ذلك فقد صرّح المهاجمون في بداية دخولهم إلى اليمن أنّ هدفهم الرئيس هو إعادة عبدربّه منصور هادي إلى السلطة و إبقاء أنصارالله في منطقة (صعدة).
على المسؤولين في السعودية أن يعلموا أنّ الحرب في اليمن ستستمرّ ما داموا مُصرّين على تحقيق مصالحهم و مصالح حماتهم و الدّاعمين لهم، و أنّ إطالة أمد هذه الحرب تعني تزايد الفضائع الإنسانية و الكوارث، لكن، و في نهاية المطاف فإنّ ذلك سيؤدّي بالتأكيد إلى انتهاء تلك الحرب و تعاظم قوّة الجماعات المعارضة لتدخّل السعودية و عدوانها على اليمن، و ستبقى تلك الحوادث وصمة عار في جبين الحكّام السعوديين و ربّما عمد حماتهم اليوم في نهاية الأمر إلى محاكمتهم كمُجرمي حرب لينالوا جزاءهم العادل.
لقد أفرزت حرب السنوات الخمسة في اليمن الكثير من النقاط المهمّة التي تتعارض مع الأهداف الإعلامية لمُسبّبي تلك الحرب و المنظّرين لها:
النقطة الأولى: مرّ أكثر من ست سنوات على نشوب الحرب في اليمن من دون أن يتمكّن الائتلاف من تحقيق أهدافه، و بدلاً من ذلك فقد فرض التدخّل الخارجيّ لبعض الأقطار حرباً استنزافية على اليمن لم تؤدّ سوى إلى القتل الجماعي الفضيع و التدمير و المجاعة التي لم يشهدها اليمن عبر تاريخه. و قد بدا السبب الرئيس لاستمرار تلك الحرب واضحاً للجميع، فلولا الدعم الكامل الذي تقدّمه الولايات المتحدة و حلفاؤها الغربيون للسعودية في المجال السياسي و التسليحيّ و الدّعم الاستخباراتي و تعطيل قرارات المؤسسات و المنظمات الدولية بالفيتو و اعتماد الضغط بأنواعه لانتهت الحرب في اليمن سريعاً.
النقطة الثانية: على الرّغم من امتلاك السعودية و الإمارات للجيوش الجرّارة و الأسلحة الحديثة و المتقدّمة و الميزانية العسكرية الهائلة فإنّهما لم تتمكّنا من الصمود في مقابل القوات الشعبية و لا سيّما جماعة أنصارالله التي لا تمتلك سوى أبسط أنواع الأسلحة، في الوقت الذي تتمتّع فيه السعودية و الإمارات بأقصى الدّعم و الحماية اللذيْن يقدّمهما لهما أعضاء الائتلاف المذكور – و خصوصاً الدول الغربية - في المجال العسكري و السياسي و اللوجستي و استخدام قوات المرتزقة من جميع أنحاء العالم.
النقطة الثالثة: لا شكّ في أنّ العواقب السيئة التي ستخلّفها حرب اليمن و تأثيراتها السلبية على شبه جزيرة العرب و لا سيّما على الحكّام ما بعد الملك سلمان بن عبدالعزيز و اللقب الذي اختصّوه لأنفسهم و هو (خادم الحرمين الشريفين) لاشكّ في أنّ تلك العواقب ستبقى طول الدهر و ستكون نتائجها وخيمة عليهم. كما أنّ ارتكاب مختلف الجرائم الإنسانية البشعة و التعاون مع عدو الإسلام و المسلمين ضدّ الأقطار الإسلامية و دعم الجماعات الإرهابية، ثمّ حماية أعضاء الائتلاف القصير الأمد للسعودية بسبب استمرار الحرب أكثر ممّا كان متوقّعاً و الاندحار المؤكّد لكلّ تلك القوات في الحرب، كلّ ذلك من شأنه أن يُضعف مكانة السعودية في الداخل و المنطقة و العالم الإسلامي على حدّ سواء.
النقطة الرابعة: ستكون الظروف بعد انتهاء الحرب اليمنية مناسبة لملاحقة المجرمين و مُرتكبي جرائم الحرب ضدّ الإنسانية و ظلمهم للشعب اليمني و إهدارهم حقوق الدول المجاورة بسبب الخلافات و النزاعات الخاصة بترسيم الحدود؛ و عندئذ لن يرَ الحماة الغربيون أيّ فائدة أو منفعة تضطرّهم إلى البقاء إلى جانب البقرة الحلوب أو حمايتها.
النقطة الخامسة: لم تعد حرب السعودية بالوكالة تتّصف بأيّ شرعية كما في السابق حتى لدى مُشعليها و لدى شعوب العالم أجمع، و خصوصاً أنّ دعم حماة السعودية في حربها و الانتهاكات اللاإنسانية أصبح ضعيفاً أكثر من السابق باعتباره خطأ استراتيجياً مسلّماً به. لقد تعرّضت هذه الحرب إلى فشل ذريع وفق كلّ المعايير، و هذا الوضع المتأزّم لن يسلب السعودية صفتها كشرطيّ وهمي للولايات المتحدة في المنطقة و على مستوى الدول العربية، بل سيوفّر الظروف الملائمة لتقسيم هذا البلد و إضعاف دوره في العالم الإسلامي بحسب السيناريوهات الموضوعة مسبقاً لهذا النظام بسبب ارتفاع الأصوات المعارضة في الداخل.
وبالاستناد إلى الوضع الحالي و الحرب في اليمن و الظروف الدولية فإنّ على الحكّام في السعودية أن يفكّروا في إيجاد حلّ مثالي للخروج من هذا المستنقع الذي حفروه و حفظ ماء وجههم، لأنّ استمرار الحرب في اليمن و الإصرار على قتل المسلمين و التنكيل بهم و تشجيع المؤسسات العسكرية و الصناعية في الغرب على تحويل اليمن إلى أرض محروقة، كلّ ذلك لن يؤدّي سوى إلى الانتقاص من المكانة الحقيقية للسعودية و منزلتها في العالم الإسلامي و لدى سائر الشعوب الأخرى في العالم، و هذا يتطلّب تغيير استراتيجيتها الحالية إزاء جيرانها و التصرّف على أساس مبدإ الاحترام المتبادل و الحفاظ على استقلال بلدانهم و سيادتهم و العلاقات المستقبلية مع تلك البلدان.

(الحاشية)
1- Hill and Nonneman, 2018:10.
2- Cordesman, 2015: 4-5.
3- أنظر: Sharp, 2018: 9.
4- Kendall, Oct,2019.
5- Gjoza&Friedman,2019:2.
6-. على سبيل المثال الدعم الشامل للسعودية و من كان يدور في فلكها و الدول الغربية لنظام صدام حسين ضدّ الثورة الإسلامية الفتيّة في إيران على مدى ثماني سنوات من الحرب المفروضة على إيران.
7- Kenneth & at.al,2020:19.
8- أنظر: Kenneth & at.al,2020:21.
9- بدون عنوان، ٢٠١٥م.
10- Pulizercenter.org.
11- Sharp, 2018: 12.
12- Kareen & Missy, Mae 20,2018.
13-. تشير الدول الغربية كما تروّج وسائل إعلامها إلى أنّ الحرب في اليمن هي حرب بين إيران و السعودية، إلّا أنّ هذه الحقيقية التاريخية تُكرّر نفسها مرّة أخرى، و كان ينبغي للحكّام في المنطقة أن يتعلموا خلال العقود الماضية هذا الدرس. فعندما اجتاح نظام صدام إيران قبل حوالي أربعين عاماً كان هؤلاء الحكّام و معهم بعض الأنظمة الأخرى و على رأسهم السعودية يعتبرون أنّ تلك الحرب بمثابة حرب بين العرب و الفرس فقدّموا له كلّ الحماية و الدّعم المطلوب من مال و سلاح و عتاد من أجل الإبقاء على نظامه، فلم يمض وقت طويل حتى أعطت الولايات المتحدة الضوء الأخضر لصدام لاجتياح الكويت و ضرب السعودية بالصواريخ في عقر دارها.
14- . اضطربت عملية تزويد الأسواق العالمية بالطاقة لفترة قصيرة خلال فترة الحرب على اليمن و ذلك بسبب التهديد الذي أحدثته الصواريخ اليمنية. و كان ذلك ناجماً عن ردود الفعل اليمنية على قصف المناطق السكنية و مقتل (١٤) مدنياً من اليمنيين خلال القصف الجوي السعودي. و كان يمكن لتلك الحملات الصاروخية أن تتوقّف إذا ما كفّت السعودية عن هجماتها ضدّ المدنيين في اليمن و لم تتكرّر (Gjoza&Friedman,2019:4).
15- . تُعتبر هذه الشركة أكبر ثاني شركة متعهّدة في الولايات المتحدة، و كان وزير الدفاع الأميركي الحالي يترأس هذه الشركة قبل أن يصبح وزيراً للدفاع.
16- . تمّ إعداد سبعة مشاريع قوانين مشابهة في الكونغرس حتى الآن تناول أربعة منها منع بيع السلاح للأطراف المتنازعة في الحرب الدائرة في اليمن.
17- . لم يوضع رمز العمليات الخاصّة بالتجهيزات العسكرية في متناول الزبائن و بعد تحديد أهداف كلّ عملية يتمّ الكشف عن الرمز المذكور لعملائها المعروفين أو زبائها الخاصّين. و عند الضرورة يتمّ تعطيل ذلك الرمز تماماً عن بُعد أو بالسيطرة على شبكة إدارة البرامج الأميركية و لا يُكشف للأمراء الطالبين للحرب أبداً.
18- أنظر: تشالرز، 1392.
19- . في الفصل الرابع عشر من كتابه المسمّى (الاقتصاد السياسي و الإجراء السريّ) الموجود في وكالة المخابرت الأميركية المركزية، بيّن المؤلف دور الدعم المالي للسعودية لمُعارضي الثورة في نيكاراغوا (الكونترا) و كذلك منظمة (الساندنيستا). 
20- McMaken,2020:3.
21- أنظر: Gjoza&Friedman,2019.
22- Guzansky & Heistein, Mar,2019.
23- . Southern Transitional Council(STC).
24- . the separatist Southern Movement (also known as al-Hirak)
25- محسني و أحمدیان، 1397:18 نقلاً عن،Alistair, 2010: 6.
26- محسني و أحمدیان ،1397:34 نقلاً عن ،Phillips, 2010: 5.
27- Trtworld, May 2020.
28- . على سبيل المثال وقف إطلاق النار لمدّة أسبوعين و الذي كان من المُقرّر أن‌يبدأ في الثامن من نيسان/أبريل، إلّا أنّه تمّ الإعلان رسمياً عن نقض هذه الهدنة في العاشر من نيسان.
29- Therealnews.com,may 6,2020.
30- . Dengue fever and Swine flu.
31- Moyer & Et al,2019:14.
32- Raytheon,2020.
33- Moyer & Et al,2019:6.
34- Moyer & Et al,2019:21.
35- Robbin,2020:1.
36- Moyer & Et al,2019:14-15.
37- Raytheon,2020.
38- Al-monitor,2019:2.
39- Robbin,2020:1.
المصادر:
الفارسية
-هرمان، تشالرز، (٢٠١٣م)، سیاستگذاری خارجی و  پافشاری بر خطا،علي رضا طیب، طهران: مؤسسة (أبرار) الثقافية للدراسات و البحوث الدولية المعاصرة.
-محسني، سجاد و أحمدیان مهدي، (شتاء عام ٢٠١٨م)، سناریوهای فرجام جنگ یمن و پیامدهای آن بر نفوذ عربستان، مجلة (سیاست دفاعي)، السنة السابعة و العشرين، العدد (105).
-بدون اسم، (آذار ٢٠١٩م)، ارزیابی پیامدهای چهار سال جنگ علیه یمن و  چشمانداز آن، مركز البحوث الستراتيجية في رئاسة الجمهورية.
-بدون اسم، (٢٠١٥م)، نه پیامد جبران ناپذیر جنگ یمن برای آلسعود، موقع (بصیرت)، رقم التقرير (277462).
الإنجليزية
Robbin Joshua, ( May 15,2020), The Media Line - https://themedialine.org - Yemen Could be on its Way to Being Next Coronavirus Hotspot 
Al-monitor, (2019), Trump critics rethink US policy toward Saudi, https://www.al-monitor.com/pulse/fa/contents/articles/originals/2019/07/new-us-policy-saudi-arabia-trump-mbs-iran.html 
Bisaccio, Derek, (Dec 19,2019), Saudi Arabia cuts Defense Budget. Defense& Security Monitor, www.dsm.forecastinternational.com
Butter, John Jacob, (2000), The CIA’s Black Ops: Covert Action, Foreign Policy and Democracy,
Cordesman, Anthony. (2015). “American, Saudi Arabia and the Strategic Importance of Yemen”, Washington DC: Center for Strategic and International Studies.
Gjoza, Enea & Friedman, Benjamin H. (Jan, 2019), End U.S. Military Support for The 
Guzansky, yoel& Heistein, Ari, (Mar 25, 2018), Saudi Arabia's War in Yemen Has Been a Disaster, The National Interest, 
Hill, Ginny & Gerd, Nonneman(2018), Protests and regional diplomacy, Middle East and North Africa Programme, Chathamhouse. https://nationalinterest.org/feature/saudi-arabias-war-yemen-has-been-disaster-25064.
Kareen Fahim and Missy Ryan, (Mar 20, 2018) U.S. is Resisting Calls to End Its Support for Saudi-led Coalition in Yemen’s War, Washington Post.
Katzman, Kenneth, Thomas, Clayton and McInnis, Kathleen,(Jan 6, 2020),U.S- Iran  Conflict and Implications for U.S Policy, Congressional Research Service, http://crsreports.congress.gov, R45795 
Kendall, Elisabeth, (Oct, 2019), “Iran’s Fingerprints in Yemen: Real or Imagined?” Atlantic Council,www.atlanticcouncil.org/images/Irans_Fingerprints_in_Yemen_web_1019.pdf.
Mcmaken, Ryan, (2020), How The US Wages War to Prop Up the Dollar, mises.org/power-market/how-us-wages-war-prop-dollar.
Moyer, Jonathan D & Bohl, David & Hanna, Taylor & Mapes, Brendan R. & Rafa, Mickey, (2019), ASSESSING THE IMPACT OF CONFLICT ON HUMAN DEVELOPMENT IN YEMEN. 
Pulitzercenter.org, (2018), Yemens Dirty war, https://pulitzercenter.org/projects/yemens-dirty-war
Raytheon,(May 21, 2020), Raytheon: The Local Connection to the War in Yemen, https://www.youtube.com/watch?v=9ITdUV1rJP8
Secretary of State Michael Pompeo,(2019), “Certification under Section 1290 of the John S. McCain National Defense Authorization Act for Fiscal Year 2019 (DIV. A, P.L.115-232) Related to Military Assistance for Saudi Arabia and the United Arab Emirates,”  https://www.young.senate.gov/imo/media/doc/Yemen%20Certification%20Unclassified.pdf
Sharp, Jeremy. M. (2018), Yemen: Civil War and Regional Intervention, Congressional Research Service. 
Therealnews.com, (may 6, 2020)
Trtworld, (may, 2020), Why are Saudi and the uae competing in southern yemen? https://www.trtworld.com/magazine/why-are-saudi-and-the-uae-competing-in-southern-yemen-36281

 


قراءة: 487